انتفاضة العراق...ٍولغز تماسكها وديمومتها

انتفاضة العراق...ٍولغز تماسكها وديمومتها

تدخل الانتفاضة في العراق شهرها الرابع، وسط مواجهة جيوسياسية أوسع على أرضه بين الولايات المتحدة وإيران، بعد أن صبت حركات احتجاج محلية سابقة غضبها على إخفاقات محددة، مثل عجز الحكومة عن تأمين المياه، والكهرباء، والوقود، ناهيك عن توفير فرص اقتصادية. وإلى ذلك، مالت تلك الاحتجاجات نحو انقسامات طائفية، بعد أن حشدت مجموعات منظمة أنصارها لحماية قوى معارضة للحكومة في حينه. ولكن، لاتزال الاحتجاجات المستعرة في معظم أنحاء جنوب البلاد غير طائفية في نبرتها ورسالتها. وهو ما تراه حفصة حلاوة، الباحثة غير المقيمة لدى معهد الشرق الأوسط، والمستشارة المستقلة التي تعمل على أهداف سياسية واجتماعية واقتصادية وتنموية عبر الشرق الأوسط وشمال أفريقيا والقرن الأفريقي. وتلفت حلاوة لمحاولات سابقة للتعاون مع المنتفضين، مثل محاولة رجل الدين الشيعي البارز مقتدى الصدر، وأخرى حاولت قمعهم وقادتها ميليشيات شيعية شبه عسكرية تعرف باسم الحشد الشعبي، سعت لتفريق المنتفضين عبر التسلل بين المحتجين.

مواقف غامضة .. وفي مقابل ذلك، ناصرت القيادة الدينية في النجف، بقيادة علي السيستاني، المنتفضين رغم أن ذلك لا يعد خروجاَ كبيراً عن مواقف سياسية من احتجاجات سابقة، على مر السنين.
كما تشير الكاتبة لغموض موقف أطراف أخرى نافذة في الجنوب، مثل قادة العشائر، والحكومة المحلية، والتي يبدو أنها تتحرك وفق أحداث تجري على الأرض، وتلتزم هذه الأطراف الهدوء بدرجة كبيرة، لكن من أجل الحفاظ على نفوذ راكمته تدريجياً على المستوى المحلي، مع الاعتراف في الوقت نفسه بمشاركة أبنائهم في الانتفاضة.
ومن جانبها، تبقى الانتفاضة راسخة في رفضها للنظام السياسي، وجميع أفراد النخبة السياسية، بما فيها شبكة واسعة من الساسة، والأحزاب السياسية، والقوات الأمنية، والميليشيات، وشخصيات دينية تشكل نظام المحاصصة السياسية.

عنف متواصل .. ووفقاً للكاتبة، واجه المنتفضون عنفاً متواصلاً خلّف حسب تقديرات رسمية، ما يزيد عن 600 قتيل وعشرات آلاف الجرحى.  واتسعت رقعة الاحتجاجات واستمرت عدة أسابيع في مدن كبرى عبر الجنوب العراقي، ما أدى لتشتيت التركيز بعيداً عن بغداد، فضلاً عن بناء حركة انتفاضة متماسكة أكثر ديمومة.  وحسب الكاتبة، يواصل المنتفضون دعوتهم لإجراء انتخابات جديدة، ويؤيدون قانوناً انتخابياً حوَّل نظاماً تمثيلاً نسبياً واسع النطاق إلى نظام ترشيح فردي كامل. ويعتقد المنتفضون أن بهذا التغيير في النظام الانتخابي، مقروناً بمجلس أعلى انتخابي شكل حديثاً، يمكن كسر احتكار الأحزاب الحالية للسلطة، وتوفير نظام أكثر تمثيلاً.

ووصل العراق اليوم إلى طريق مسدود تتحول فيه السلطة يومياً ما بين الشارع والمنطقة الخضراء في بغداد التي توجد فيها معظم الدوائر السياسية للحكومة والبرلمان.

حركة شابة .. وتصف الكاتبة الانتفاضة العراقية بأنها حركة شابة، تقل أعمار معظم أفرادها عن 25 عاماً. ويشكل هؤلاء القسم الأكبر من الانتفاضة التي ينضم إليها كبار السن بين الحين والآخر، وهم عائلات الذين قتلوا أو الذين يواصلون الاحتجاج، أو من العراقيين الراغبين في زيارة مراكز الانتفاضة.  إلى ذلك، يسهل تجاهل مطالب المحتجين ووصفها بالدعوة لنيل حقوق اقتصادية، وهي وسيلة شائعة لتحليل حركات اجتماعية. ولكن من خلال تقارير صدرت تباعاً عن التنمية البشرية في المنطقة العربية، مثل الذي أصدره عن برنامج الأمم المتحدة للتنمية، تلفت الكاتبة إلى أنها اكتسبت فكرة عما يحرك الحشود عبر المنطقة.  وكما في سائر في الشرق الأوسط، بلغ معدل البطالة بين شباب العراق أعلى مستوياته، وجعلت ظروف فرضها اقتصاد ما بعد الحرب الحياة غير محتملة عند الكثير من العراقيين. إلى جانب استمرار دورات العنف التي شهدها العراق بعد 2003، والتي فرضت عبئاً كبيراً على السلطة.  وبالنسبة لمراهقين وشبان لم يعايشوا شيئاً غير النزاع والتمزق المتزايد بين المجتمعات، فإن ما فُرض عليهم سبب شعوراً بصدمة جماعية تفجرت اليوم في صورة غضب عارم وحزن عميق.

نقاش
ونتيجة لتلك العوامل مجتمعة، لم يفاجئ المنتفضون النخبة السياسية وحسب، بل فاجأوا أنفسهم. فقد تطور طلب التغيير وتشكيل حكومة أكفاء، وإقرار نظام سياسي جديد يخضع للمساءلة وللتمثيل الشعبي، إلى نقاش حول هوية العراق. وتشير الكاتبة إلى أن هذا النقاش، يدور حول هوية عراقية تغلفها عقيدة غير طائفية، ما يشكل خطراً حقيقياَ على نهج سلطة مقسمة ومتوازنة وفق نظام سياسي أقر بعد 2003.

Daftar Situs Ladangtoto Link Gampang Menang Malam ini Slot Gacor Starlight Princess Slot