صحف عالمية: هل تستفيد الصين من الحادثة بعد تأجيل زيارة بلينكن إلى بكين ؟

انتقادات لبايدن بسبب «المنطاد الصيني».. و«الحلم الأوروبي» لأوكرانيا ما زال بعيدًا

انتقادات لبايدن بسبب «المنطاد الصيني».. و«الحلم الأوروبي» لأوكرانيا ما زال بعيدًا


تصدرت واقعة اختراق “المنطاد الصيني” المجال الجوي الأمريكي، عناوين أبرز الصحف العالمية والتي أثارت تساؤلًا حول قدرة الدفاعات الجوية الأمريكية على التعامل مع مثل هذه الحوادث “السهلة”، الأمر الذي جلب أيضًا انتقادات واسعة للبيت الأبيض بسبب تعامله مع الأزمة.
ووسط أزمة دبلوماسية فورية، تناولت الصحف تقارير تكشف مدى استفادة الصين من إرجاء زيارة كانت مقررة إلى بكين من قبل وزير الخارجية الأمريكي، والتي خلصت إلى أن الوقت يمنح بكين الآن القدرة على التفاوض حول “ 3 قضايا رئيسة” قبل عقد أي اجتماعات مستقبلية مع واشنطن.
على صعيد آخر، ناقشت الصحف مخرجات القمة الأوروبية في كييف، وسط تقارير تفيد بأن “الحلم الأوروبي” لأوكرانيا ما زال بعيد المنال بسبب قضايا الفساد الأخيرة، فضلًا عن تصعيد التوترات مع روسيا التي لا تزال تسيطر على أراض شرق وجنوب أوكرانيا.

«المنطاد الصيني”
 يثير غضب الأمريكيين
وسط تساؤلات واسعة حول ضعف الدفاعات الجوية لما يزعم أنه الجيش الأقوى في العالم، تساءلت صحيفة “وول ستريت جورنال” حول ما إذا كان “المنطاد الصيني” الذي اخترق المجال الجوي الأمريكي ويحلق منذ الأربعاء، سيؤدي إلى تعقيد جهود إعادة العلاقات بين بكين وواشنطن؟.
وعلى الرغم من السبب المعلن من الجانب الصيني بأن المنطاد مخصص لرصد بيانات الطقس، تسببت الواقعة في أزمة دبلوماسية على الفور، حيث أعلنت وزارة الخارجية الأمريكية أن البيت الأبيض أرجأ، إلى أجل غير مسمى، زيارة وزير الخارجية، أنتوني بلينكن، إلى بكين بزعم أن “السيادة الأمريكية تم انتهاكها بمنطاد كان يتسكع فوق البلاد».
ونقلت الصحيفة عن مسؤولين أمريكيين بارزين قولهم، إن المنطاد كان يتسكع فوق مونتانا بعد أن عبر في وقت سابق جزر ألوشيان في ألاسكا وكندا، مشيرين إلى أن الجيش أطلق الطائرات النفاثة لإسقاطه، لكنه تراجع عن الخطوة بسبب مخاوف من خطر تناثر الحطام على الناس والممتلكات.
وأبلغ مسؤول دفاعي أمريكي الصحيفة أن المنطاد كان يحلق على ارتفاع 60 ألف قدم، مشيرًا إلى أنه من المتوقع أن ينجرف المنطاد فوق الولايات المتحدة لبضعة أيام أخرى، زاعمًا أنه “يحمل عددًا متزايدًا من معدات المراقبة”، دون ذكر مزيد من التفاصيل.
وقال المسؤول الذي طلب عدم نشر اسمه إن الإدارة تُؤمن “بالدبلوماسية من أجل إدارة مسؤولة للعلاقة الثنائية الأكثر تعقيدًا بين واشنطن وبكين”، مضيفًا: “نحن ملتزمون بالحفاظ على خطوط مفتوحة مع جمهورية الصين الشعبية في جميع الأوقات، حتى في ظل الحادثة الأخيرة.»
وعلى النقيض، رأت “وول ستريت جورنال” أنه من المرجح أن يؤدي وجود المنطاد الصيني إلى تعقيد الجهود التي تبذلها كل من إدارة الرئيس الأمريكي جو بايدن، والحكومة الصينية لمحاولة إعادة العلاقات إلى مسارها الصحيح. وأشارت إلى أن الحادثة تعد أحد “أكثر مناورات جمع المعلومات الاستخباراتية الصينية عدوانية خلال السنوات الأخيرة».
وصرحت مصادر في وزارة الدفاع الأمريكية (البنتاغون) بأن واشنطن تحتفظ بترسانة تضم 150 صاروخًا باليستيًا مسلحًا نوويًا عابرًا للقارات في قاعدة “مالمستورم” الجوية في مونتانا. وعن تأجيل زيارة بلينكن إلى بكين، قالت الصحيفة إن دبلوماسيين أمريكيين مخضرمين انتقدوا قرار البيت الأبيض في هذا الشأن.
في المقابل، انتقدت تقارير صينية المزاعم الأمريكية بشأن “منطاد التجسس” المزعوم، قائلة إن واشنطن تعمدت “افتعال أزمة مبالغ فيها وخيالية” لن تؤدي إلا لزيادة توتر العلاقات الثنائية.
في غضون ذلك، أثارت الحادثة غضب الوسط السياسي والعسكري الأمريكي بشكل كبير، وسط اتهامات لإدارة بايدن بـ”الجبن والتردد” في مواجهة التداعيات الجيوسياسية التي يمثلها المنطاد الصيني على الأمن القومي للبلاد.
وانتقد بعض المشرّعين الجمهوريين بايدن لسماحه للمنطاد بالتحليق لأيام فوق الولايات المتحدة، وعدم اتخاذ إجراءات أكثر صرامة ضد الصين. وقال مسؤولو البيت الأبيض إن مثل هذه المناطيد ظهرت فوق الأراضي الأمريكية من قبل، بما في ذلك أثناء إدارة ترامب.
ونقلت مجلة “نيوزويك” الأمريكية عن محللين عسكريين قولهم: “من الواضح أن هناك ترددًا في البيت الأبيض بشأن ما يجب القيام به، والأمريكيون لا يريدون مناطيد التجسس الصينية فوق قواعدهم النووية، لذلك سيتعيّن على إدارة بايدن التفكير في كيفية التعامل مع الأزمة الآن لطمأنة الناس.»
وأضافوا: “ربما تحاول بكين إرسال إشارة إلى واشنطن مفادها أنه بينما نريد تحسين العلاقات، فإن بكين مستعدة أيضًا للمنافسة المستمرة، باستخدام أي وسيلة ضرورية، لذلك، لجأت الصين لسياسية المناطيد التي لا تشكل خطرًا كبيرًا على الناس.»
وتابع المحللون: “ما يزعجنا هو أن الجيش الصيني يرسل هذا المنطاد في الوقت الذي يخطط فيه بلينكن لزيارة بكين، وهذا يشير إلى نقص التنسيق، وهو أمر مخيف أيضًا».
وأشارت المجلة إلى أنه في حين أن هناك منطادًا يتأرجح حاليًا فوق الولايات المتحدة، قالت كندا، في وقت سابق أمس، إنها كانت تتعقب “حادثة مماثلة”، مما يفتح الباب لاحتمال رؤية المزيد من المناطيد خلال الأيام المقبلة.

هل تستفيد
 الصين من الحادثة؟
في سياق متصل، تساءلت صحيفة “واشنطن بوست” الأمريكية حول الاستفادة التي تعود على الصين في الوقت الحالي بعد تأجيل زيارة بلينكن إلى بكين، وقالت إن الخطوة تتيح للزعيم، شي جين بينغ، تحديد 3 قضايا رئيسة كشرط لعقد أي اجتماعات مستقبلية مع بلينكن أو غيره من المسؤولين الأمريكيين.
وأوضحت أن “تحديد الخطوط الحمراء” للصين سيكون محور أي اجتماعات مستقبلية مع الأمريكيين. وقالت إن الهدف من أي اجتماع مستقبلي سيكون تحديد سياسة جديدة للعقود القليلة المقبلة، حيث ستكون واشنطن ملزمة بموجبها باحترام المصالح الأساسية للصين؛ بما في ذلك مطالبها بشأن تايوان، وبحر الصين الجنوبي، وهونغ كونع وشينجيانغ، وقضايا حقوق الإنسان.
وفيما يتعلق بالقضية الثانية، قالت الصحيفة إن التأكيد على “عودة الصين للمسرح العالمي” سيكون محور أي اجتماع مستقبلي بين واشنطن وبكين، وذلك بعد ما يقرب من 3 سنوات من سياسة “صفر كوفيد” الصارمة التي اتبعتها الصين لاحتواء فيروس كورونا، التي أصابت الاقتصاد بالشلل.
وأضافت أن تحسين العلاقات مع الولايات المتحدة هو وسيلة لإظهار أن الصين منفتحة مرة أخرى على الأعمال التجارية، وأشارت إلى أنه كان من المتوقع أن يلتقي بلينكن مع شي، الأمر الذي كان سيجعله أول وزير خارجية أمريكي يلتقي بالزعيم الصيني منذ سنوات، بعد تجاهل مايك بومبيو في 2018.
وتابعت الصحيفة أن القضية الثالثة والأكثر أهمية ستكون “وقف الرحلات الاستفزازية إلى تايوان”، حيث دعا مسؤولون صينيون، الأسبوع الماضي، إلى وقف خطط رئيس مجلس النواب، كيفين مكارثي، لزيارة تايوان في وقت لاحق من العام الجاري.
وترى الصين أن مثل هذه الزيارات تمثل انتهاكًا للاتفاقيات بين واشنطن وبكين التي قالت الولايات المتحدة بموجبها إنها لن تدعم استقلال تايوان، وتأتي زيارة مكارثي المزعومة بعد زيارة رئيسة مجلس النواب السابقة، نانسي بيلوسي، في أغسطس، التي أعقبتها أيام من التدريبات العسكرية الصينية المحيطة في الجزيرة.
وأشارت إلى أن التوقعات بشأن توقف المسار الهبوطي للعلاقات بين الولايات المتحدة والصين خلال زيارة بلينكن كانت منخفضة للغاية، حيث كانت لدى البلدين دائمًا أهداف مختلفة جوهريًا للاجتماع رفيع المستوى.
وقالت “واشنطن بوست” إنه حتى قبل الإعلان عن تأجيل الزيارة التي كانت مقررة، بعد غدٍ الإثنين، أشار المسؤولون الصينيون إلى موقف واشنطن المتشدد تجاه بكين، مستشهدين بضوابط التصدير التي تستهدف التكنولوجيا الصينية، وتوسيع نطاق الوصول العسكري الأمريكي إلى الفلبين وزيارة مكارثي المزمعة إلى تايوان.

«الحلم الأوروبي”
 لأوكرانيا ما زال بعيدًا
ذكرت صحيفة “نيويورك تايمز” الأمريكية أنه بالرغم من التضامن الذي أظهره قادة الاتحاد الأوروبي لأوكرانيا، أمس، وتعهدهم بتقديم المزيد من المساعدات العسكرية والمالية، إلا أن النقاش حول عضوية كييف للتكتل لم يكن مريحًا بالنسبة للرئيس، فولوديمير زيلينسكي.
وكان قادة الاتحاد الأوروبي قد التقوا في العاصمة الأوكرانية، أمس، بزيلينسكي وقدموا “احتضانًا رمزيًا” لأوكرانيا التي مزقتها الحرب مع روسيا، لكنهم لم يمنحوه جائزة كبرى يتوق إليها؛ أي تسريع عضوية بلاده في التكتل.
وأشارت الصحيفة إلى أن القمة تأتي في الوقت الذي تفرض فيه القوات الروسية خناقًا مشددًا على مدينة باخموت الشرقية، التي أعلن زيلينسكي أنه لن يتخلى عنها كما طالبته واشنطن الأمر الذي أثار مخاوف الحاضرين بشأن استنزاف القوات الأوكرانية “بلا داع».
وقالت إن قادة الاتحاد الأوروبي ظلوا في موقف حذر بشأن تسريع عملية انضمام أوكرانيا للتكتل، وذلك بسبب الكشف الأخير عن الفساد الذي طال الطبقة السياسية بكييف ومؤسساتها الديمقراطية في زمن الحرب.
وأضافت أن أوكرانيا لم تكن جديرة بالثقة قبل الحرب للانضمام إلى الاتحاد الأوروبي، لكن الغزو الروسي دفع التكتل إلى ترشيح كييف رسميًا، وأوضحت أن الانتقال من هذه الخطوة إلى العضوية الرسمية قد يستغرق سنوات عديدة.
ورأت أن قمة، أمس، كشفت عن عملية التوازن التي ينشدها الاتحاد الأوروبي، حيث يريد القادة تطهير البلاد من الفساد، ودفع أوكرانيا نحو معايير بروكسل لمكافحة الفساد وضمان الديمقراطية الليبرالية، دون تقديم وعود ملموسة بشأن العضوية.
ووفقًا لتقرير الصحيفة، كانت مشكلة الفساد في أوكرانيا، على وجه الخصوص، مصدر قلق للقادة، حيث أجرت الحكومة الأوكرانية، الأسبوع الماضي، سلسلة من المداهمات لمكافحة الفساد، استهدف بعضها شخصيات قوية متحالفة مع زيلينسكي، حيث أرادت كييف التودد مع بروكسل بأنها تأخذ القضية على محمل الجد.
وذكرأن زيلينسكي وإدارته يأملان في أن يؤدي الانضمام إلى الاتحاد الأوروبي لفتح المزيد من المساعدات وكذلك التجارة الحرة لإعادة بناء البلاد، وتوفير ما يشبه الدرع ضد روسيا، لكن العضوية تتطلب تلبية معايير التكتل لإصلاح الاقتصاد، وكبح الفساد والدين العام، وضمان انتخابات تنافسية ونزيهة، والحفاظ على استقلالية المحاكم ووسائل الإعلام، فضلًا عن تغيير القوانين واللوائح.
وبحسب الصحيفة، فإن قادة الاتحاد الأوروبي لم يتطرقوا أيضًا لتسريع عملية انضمام أوكرانيا بسبب مخاوفهم من تصعيد التوترات مع روسيا بشكل أكبر، حيث لا تزال موسكو تسيطر على مساحات شاسعة من شرق وجنوب أوكرانيا، وتضخ موارد هائلة لـ”هجوم كبير” متجدد للسيطرة على منطقة دونباس الشرقية.