انطلاق قمة سامينا 2025 في دبي

انطلاق قمة سامينا 2025 في دبي


افتتح معالي الشيخ نهيان بن مبارك آل نهيان، وزير التسامح والتعايش، أمس بدبي أعمال قمة قادة مجلس سامينا 2025 برعاية الهيئة العامة لتنظيم قطاع الاتصالات والحكومة الرقمية في دولة الإمارات، وبمشاركة واسعة من صناع السياسات، والهيئات التنظيمية الإقليمية، وشركات التكنولوجيا، ومُمكّني النظم الرقمية من مختلف أنحاء العالم. وقال معاليه في كلمته الافتتاحية : إنه لشرف وسرور كبير أن أشارك مرة أخرى في قمة قادة مجلس سامينا للاتصالات، هذا الحدث البارز الذي يقف في طليعة الجهود الرامية إلى رسم معالم المستقبل الرقمي والاقتصادي لمنطقتنا.
وأعرب معاليه عن بالغ امتنانه لمجلس سامينا على الدعوة الكريمة، مثمنًا التزام المجلس المستمر بتحقيق رؤية مشتركة تقوم على بناء مستقبل رقمي ممكن، شامل، ومستدام مشيرا غلى أن التحولات الرقمية في منطقتنا، ولا سيما في دولة الإمارات العربية المتحدة، لم تعد مجرد طموح، بل أصبحت واقعًا حيًّا ملموسًا.
ونوه إلى أن صاحب السمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان رئيس الدولة "حفظه الله" جعل من الابتكار الرقمي أولوية وطنية لتعزيز التنويع الاقتصادي، ورفاه المجتمع، والقدرة التنافسية على الصعيد العالمي موضحا: “بفضل توجيهات سموه ودعمه، انتهجنا نهجًا استباقيًا من خلال تأسيس مؤسسات تدعم التكيف مع التطورات التكنولوجية المتسارعة، مثل إنشاء أول وزارة للذكاء الاصطناعي في العالم، ووضع مبادئ توجيهية أخلاقية للذكاء الاصطناعي، وتعزيز التعليم التقني وبناء القدرات من الفصول الدراسية إلى غرف مجالس الإدارة”.
وأشار إلى أن دولة الإمارات اليوم تُعد من الدول الرائدة عالميًا في تنمية الاقتصاد الرقمي، وهي ماضية في هذا المسار مستنيرة برؤية تقوم على التقدم المستدام، والابتكار في السياسات، والنمو الشامل.
وتابع معاليه: “إن التوسع السريع في شبكات الجيل الخامس، والبنية التحتية السحابية، والتطور المذهل في مجال الذكاء الاصطناعي، يعيد رسم حدود الممكن على مستوى الأفراد والصناعات والحكومات”. مشيرًا إلى أن هذا التطور يحدث في ظل بيئة عالمية معقدة وسريعة التغير، حيث شهدنا مؤخرًا إجراءات تجارية جديدة، كأنظمة التعرفة الجمركية التي فرضتها بعض القوى الاقتصادية الكبرى، والتي تؤكد الترابط العميق بين التجارة والتكنولوجيا والجيوسياسة.
ونوّه معاليه إلى أن مثل هذه السياسات تُلقي بظلالها على سلاسل الإمداد، وتزيد من التكاليف على الأسواق الناشئة، وقد تُبطئ وتيرة التحول الرقمي العالمي الذي نسعى جميعًا إلى تسريعه، مضيفًا: “لكن، في كل اضطراب تكمن فرصة. ويجب على منطقة سامينا أن تستجيب بمرونة وعزيمة من خلال تعزيز منظومات الابتكار المحلية، وبناء بنية تحتية مرنة، وتأسيس شراكات جديدة تؤمّن لنا مكانة راسخة في النظام الرقمي العالمي المستقبلي”.
وأكد معاليه أن الذكاء الاصطناعي سيكون القوة الأهم في هذه المرحلة، إذ يعيد تشكيل قطاعات كالرعاية الصحية والتعليم والتمويل والزراعة، ويخلق نماذج أعمال جديدة، ويمنحنا رؤى دقيقة حول احتياجات الإنسان وسلوكياته.
كما نوه إلى أن الذكاء الاصطناعي، على الرغم من فوائده الجمة، يطرح تحديات كبرى على صعيد الحوكمة، أبرزها القضايا الأخلاقية المرتبطة باستخدامه، وحماية الخصوصية، والأمن السيبراني، وتحولات سوق العمل.
واعتبر معاليه أنه علينا كمنطقة أن نواصل أخذ زمام المبادرة في ترسيخ مبدأ المسؤولية والثقة في صميم استراتيجياتنا للذكاء الاصطناعي. ويجب أن نسعى جاهدين لتعظيم الفوائد من هذه التقنيات، مع ضمان الشمولية، والتصدي للتحديات الأخلاقية، وتحقيق السلامة والاستدامة لافتا إلى أن شعار هذا العام — “التحول الذكي والمستدام للاقتصادات الرقمية” — يعكس توقيتًا بالغ الأهمية، حيث إن النجاح في العصر الرقمي لا يُقاس بسرعة تبني التكنولوجيا فقط، بل بحكمة استخدامها وتطبيقها.
وأوضح أن هذا الشعار يدعونا إلى تعزيز منظومات الابتكار الشاملة والمستدامة، وبناء رأس المال البشري إلى جانب البنية التحتية التقنية، وضمان أن التقدم الرقمي يعزز التماسك المجتمعي ويوسع نطاق الفرص الاقتصادية ويحمي البيئة.
وشدد معاليه على أن جوهر التحول الذكي يكمن في مبدأ أساسي وبسيط، هو أن تخدم التكنولوجيا الإنسان لا العكس موضحا أن منطقة سامينا تتمتع بإمكانات فريدة تؤهلها لقيادة هذا التحول، لما تزخر به من شباب متمرس رقميًا، وحكومات ذات رؤى استشرافية، ومنظومات حيوية لريادة الأعمال والاستثمار والابتكار.
وقال معاليه: “علينا أن نستثمر في المهارات المستقبلية، ونعزز التعاون الرقمي العابر للحدود، ونسعى إلى توحيد الأطر التنظيمية بما يُسرّع من وتيرة الاستثمار والابتكار، وندعم الشركات الناشئة والصغيرة والمتوسطة لخلق القيمة الرقمية”.
وختم معاليه كلمته بالتأكيد على أن الثورة الرقمية لن تتوقف، ولا التحديات التي نواجهها ستتراجع، لكن من خلال الشراكة بين الحكومات والقطاع الخاص والمجتمع، وبالحكمة والمسؤولية والالتزام المشترك بالاستدامة، يمكننا أن نحول الاضطراب إلى فرصة، ونبني مستقبلًا رقميًا ينهض بالجميع.
وأكد معاليه التزام دولة الإمارات العربية المتحدة الكامل بلعب دور محوري في هذا المسار، داعيًا الجميع إلى توحيد الجهود والتفكير والابتكار والإلهام، من أجل بناء عالم رقمي أكثر ذكاءً وأمانًا وازدهارًا لأجيال المستقبل متمنبا أن تكون مناقشات اليوم مصدر إلهام وتعاون وطموح متجدد.
من جانبه أشاد بوكار با، الرئيس التنفيذي لمجلس سامينا للاتصالات، في تصريح لوكالة انباء الإمارات / وام /على هامش المؤتمر بدور الإمارات من خلال هيئة تنظيم الاتصالات والحكومة الرقمية في دعم التحول الرقمي المستدام، كما هنأ دولة قطر على رئاستها المرتقبة لمؤتمر المندوبين المفوضين للاتحاد الدولي للاتصالات PP-26 في الدوحة، مؤكدًا أهمية تناغم الجهود العالمية لتحقيق أهداف التنمية المستدامة.
وقال ان عدد غير المتصلين بالإنترنت عالميًا بلغ 2.6 مليار شخص، مشددًا على أن هذا الرقم يعكس “فجوة إنسانية”، تستدعي استجابة شاملة تقوم على الشمول الرقمي والعدالة في الوصول، وليس مجرد ربط تقني.
ونوه إلى إن التحول الرقمي لم يعد مسألة تقنية فقط، بل هو مشروع استراتيجي يتطلب إصلاحات تنظيمية، واستثمارات في البنية التحتية، ونماذج عمل مرنة تخدم المناطق الريفية والمنخفضة الدخل، داعيًا إلى تعاون أعمق بين الحكومات وشركات التكنولوجيا.
وذكرأن مجلس سامينا يسعى إلى تعزيز التعاون بين السياسات والتنظيم والتقنية، مشددًا على أهمية الدبلوماسية السيبرانية لمواجهة التحديات المتزايدة، ومشيرًا إلى أن الإمارات تعد من أكثر الدول تقدمًا في تبني شبكات الجيل الخامس.
وأوضح أن استثمارات المنطقة في هذا المجال تُقدّر بمليارات الدولارات، داعيًا إلى شراكات دولية تضمن استدامة سلسلة القيمة الرقمية.
وشهدت القمة في ختام أعمالها انعقاد القمة العالمية التاسعة لكفاءة الطاقة في قطاع الاتصالات، التي شددت على أهمية التصميم الأخضر والابتكار الواعي بالمناخ، وضرورة تنسيق الجهود لبناء منظومات رقمية شاملة ومرنة، تخدم المجتمعات وتدعم النمو الاقتصادي المستدام.
كما شهدت القمة توقيع مذكرة تفاهم بين مجلس سامينا وجمعية النطاق العريض العالمية WBBA، كما شاركت جهات دولية بارزة في الجلسات الرئيسية، منها الاتحاد الدولي للاتصالات، وزارة الاتصالات الرقمية بجنوب إفريقيا، والمنظمة الرقمية DCO.