صحف عالمية: فشل ردع إدارة بايدن لروسيا يجب ألا يتكرر في تايوان

انقسام ألماني بشأن «ليوبارد».. وتحذير روسي شديد لأمريكا

انقسام ألماني بشأن «ليوبارد».. وتحذير روسي شديد لأمريكا


سلطت أبرز الصحف العالمية الصادرة أمس الخميس، الضوء على إعلان برلين رسميا تزويد كييف بدبابات “ليوبارد”، وسط تقارير تتحدث عن ردود فعل متباينة من قبل الشعب الألماني، إذ كان ثمَّة بعض المؤيدين للخطوة، بينما عارض عدد أكبر القرار بسبب تداعياته التصعيدية مع روسيا. وردّا على قرار واشنطن تزويد أوكرانيا بدبابات “أبرامز”، كشفت تقارير أخرى أن روسيا وجهت “تحذيرًا شديد اللهجة” إلى الولايات المتحدة بعدما أجرت مناورة عسكرية بسفينة حربية محملة بصواريخ فرط صوتية على بعد بضعة كيلومترات فقط من السواحل الأمريكية.
كما تناولت الصحف أزمة تايوان بالتأكيد على أن الإدارة الأمريكية بحاجة إلى إستراتيجية جديدة وعاجلة لردع “الغزو الصيني” الذي تدعي واشنطن وقوعه خلال سنوات قليلة، مشيرةً إلى أن فشل ردع إدارة بايدن، لروسيا قبل غزو أوكرانيا يجب ألا يتكرر في أزمة تايوان.

انقسام ألماني
ذكرت صحيفة “الغارديان” البريطانية أن قرار المستشار، أولاف شولتس، بشأن الموافقة على إرسال دبابات “ليوبارد 2” إلى أوكرانيا، قد أثار الانقسامات في الشارع الألماني بشكل كبير، إذ تباينت الآراء بين مؤيد ومعارض للخطوة، خوفا من تداعيات القرار.
وأجرت الصحيفة البريطانية مقابلات مع بعض المواطنين الألمان خلال جولة أمام السفارة الروسية ببرلين، إذ أعرب أحد الأشخاص عن “إحباطه” جراء قرار شولتس، وتداعياته، قائلا إنه كان يفضل موقف المستشار “المتردد».
وأضاف المواطن (73 عاما): “أعتقد أن التردد كان أمرا محببا. القرار صائب، لكن كان من الصواب أكثر، قضاء بعض الوقت للتفكير في تداعياته».
وفي موقف أكثر تشددا، قالت مواطنة أخرى للصحيفة: “علينا أن نتذكر أننا خسرنا الحرب العالمية الثانية للروس. وإذا قررت روسيا مواصلة هذا الصراع (في أوكرانيا)، فيجب على الأقل ألا تكون ألمانيا منخرطة فيه».

وقالت الصحيفة إنه بالرغم من أن قرار شولتس، قد أشعل “المنعطف التاريخي” بين ألمانيا وروسيا (الاتحاد السوفيتي آنذاك)، إلا أنه تغلب على تردد برلين “التاريخي أيضًا” فيما يتعلق بالأمور العسكرية والاقتصادية مع موسكو.
في المقابل، قالت الصحيفة إن نهج شولتس، الغامض المقيد لا يعكس موقف الشعب الألماني، خاصة بين الفئة العمرية 64 عاما، ونقلت عن مواطن يدعى كارل لودفيج (63 عاما)، قوله: “أعتقد أن ما فعله شولتس، كان مدروسا جيدا من الناحية السياسية».
وأبلغ جان كلاس بيرندز، وهو مؤرخ ألماني، أن المواقف من حرب أوكرانيا قد كشفت عن فجوة في الأجيال بين الألمان الأصغر سنا، الذين يدعمون العمل العسكري السريع “المتهور”، و”جيل طفرة السلام” الذي ما زال وجهة نظره هي تجنب التصعيد مع روسيا الذي قد يجلب “ردا نوويا».
ونقلت الصحيفة أيضًا عن عضوة الحزب اليساري الألماني، سارا واغنكنخت، وهي أكبر منتقدي قرار شولتس الأخير، قولها إن إمداد أوكرانيا بأسلحة أثقل من أي وقت مضى “سيخلق دوامة تصعيدية ستجر ألمانيا في النهاية إلى حرب شاملة مألوفة مع روسيا”، ووصفت القرار بـ”الجنون الذي يمكن أن ينتهي بكارثة».

وقال عضو آخر بالحزب: “ الرئيس الروسي لن يسلم أبدًا بالهزيمة، إنه كبير في السن بالنسبة لذلك. إنه يفضل شن حرب نووية.” ووفقا لتقرير “الغارديان”، قال أحد السياسيين من “حزب البديل” اليميني المتطرف في خطاب أمام أنصاره إن الخطوة “متهورة للغاية”، واصفا شولتس، بأنه “غير مؤهل لاتخاذ قرارات حاسمة».
وقال بيتر بيسترون، أمام حشد من أنصار الحزب: “الدبابات الألمانية ضد روسيا في أوكرانيا؟. لقد جرب أجدادك ذلك وماذا كانت النتيجة؟ معاناة مؤسفة، قتل الملايين من كلا الجانبين، وفي النهاية، الدبابات الروسية وصلت إلى هنا في برلين».

ووفقًا لـ”الغارديان”، أظهرت نتائج استطلاعات للرأي نشرت قبل أسبوعين أن غالبية الألمان يعارضون إرسال دبابات قتالية إلى أوكرانيا. ولكن استطلاعات أخرى نشرت في وقت سابق من الأسبوع الجاري - قبل إعلان الأربعاء- خلصت إلى حدوث تحول، إذ أيد 44% من المشاركين إرسال دبابات “ليوبارد” إلى كييف، مقابل معارضة 45%.
 تحذير روسي شديد
اعتبرت صحيفة “التايمز” البريطانية أن المناورات العسكرية التي أجرتها روسيا في المحيط الأطلسي نحو السواحل الأمريكية، بمثابة تحذير شديد اللهجة ردا على قرار التسليم المحتمل لدبابات “أبرامز” إلى أوكرانيا.

ووصفت الصحيفة المناورات الروسية بأنها “استعراض للقوة”، وذلك بعدما نفذتها سفينة حربية محملة بصواريخ “زيركون” التي تفوق سرعة الصوت، لاختبار قدراتها الهجومية في الجزء الغربي من المحيط الأطلسي، وذلك بعد أن حذرت روسيا حلف شمال الأطلسي (الناتو) من إمداد أوكرانيا بالمزيد من الأسلحة.
ووفقًا للجيش الروسي، يبلغ مدى صواريخ “زيركون”، التي وصفها الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، بأنها “لا تقهر”، 560 ميلًا (نحو 902 كيلومتر)، كما إنه يمكنها السفر بسرعة تزيد 9 أضعاف عن سرعة الصوت.

ونقلت الصحيفة عن محللين عسكرين قولهم، إن الجمع بين السرعة والقدرة على المناورة والارتفاع يجعل من الصعب تعقب الصواريخ واعتراضها.
وقالت الصحيفة إن الموقع الدقيق للفرقاطة الروسية، “الأدميرال جورشكوف” لم يتم الإعلان عنه بشكل دقيق، لكن أفادت تقارير بأن السفينة الحربية “قد تحولت أخيرا نحو ساحل الولايات المتحدة في عرض استفزازي للقوة من قبل الجيش الروسي.»

وقالت وزارة الدفاع الروسية إن صواريخ “زيركون” قد تم اختبارها عن طريق محاكاة الكمبيوتر وإنها “دمرت” هدفا على بعد أكثر من 500 ميل (804 كيلومترات). ووفقا للصحيفة، لا يعتقد أن السفينة الروسية أطلقت أي صواريخ، لكن مقاطع فيديو نشرتها وسائل إعلام روسية أظهرت الطاقم في حالة استعداد لإطلاق الصواريخ. ولم تؤكد وزارة الدفاع الروسية هذه التقارير.

وفي أزمة أخرى، بين القوتين العظميين، طلب نواب جمهوريون إدارة الرئيس الأمريكي جو بايدن، تحديد ما إذا كانت روسيا تمتثل لمعاهدة “نيو ستارت” النووية بين البلدين، إذ يثير رفض روسيا إجراء محادثات بشأن المعاهدة وسط الحرب في أوكرانيا مخاوف بشأن الحد من التسلح في المستقبل.
وقالت صحيفة “فاينانشيال تايمز” البريطانية إن رؤساء لجان القوات المسلحة والشؤون الخارجية والاستخبارات في مجلس النواب الأمريكي قد حثوا الإدارة على ضرورة اتخاذ قرار بحلول الـ31 من الشهر الجاري.

ووفقًا لرسالة حصلت عليها “فاينانشيال تايمز”، فقد ضغط النواب الجمهوريون على كل من وزير الخارجية أنتوني بلينكن، ووزير الدفاع لويد أوستن، ومديرة المخابرات الوطنية أفريل هينز، للتحقق من امتثال روسيا للمعاهدة النووية.
وأشارت الصحيفة إلى أن قلق الكونغرس ناتج عن قرار روسيا العام الماضي بتعليق عمليات تفتيش “نيو ستارت” ورفضها اللاحق للمشاركة في المشاورات المطلوبة بموجب المعاهدة لدعم تنفيذها. وقالت إن الخطوة تأتي أيضًا وسط مخاوف من أن بوتين، قد يستخدم سلاحا نوويا تكتيكيا في أوكرانيا، فضلًا عن تزايد القلق بشأن ترسانة الصين النووية التي تتوسع بسرعة.

وطلب المشرعون الجمهوريون - مايك روجرز ومايكل ماكول ومايكل تيرنر - من الإدارة تقييم ما إذا كان موقف روسيا هو “عدم الامتثال أو انتهاك مادي للمعاهدة».
وقالوا، وفقاً للصحيفة البريطانية، فإن الإجراءات والتصريحات الروسية التي تهاجم واشنطن لدعمها أوكرانيا تثير “مخاوف خطيرة” حول عدم امتثال موسكو للمعاهدة.
وفي مقابلة مع الصحيفة، قال روجرز، رئيس لجنة القوات المسلحة: “تحاول روسيا استخدام نيو ستارت لتخويف الولايات المتحدة والدول الأخرى من تقديم المساعدات العسكرية لأوكرانيا».
وكانت موسكو وواشنطن اتفقتا عام 2021 على تمديد المعاهدة لمدة 5 سنوات، والتي تقصر كلا البلدين على 1550 سلاحا نوويا إستراتيجيا منتشرا.

مهمة لإنقاذ تايوان
رأت مجلة “فورين آفيرز” الأمريكية أن إدارة بايدن، بحاجة إلى إستراتيجية جديدة وعاجلة لردع “الغزو الصيني” الذي تدعي واشنطن وقوعه خلال سنوات قليلة، وخاصة بعدما أعلن الرئيس الصيني، شي جين بينغ، صراحة في تشرين الأول/أكتوبر التزامه التام بإعادة التوحيد مع الجزيرة.
وأشارت المجلة إلى أنه منذ بدء الحرب في أوكرانيا، أكد عدد متزايد من المسؤولين الأمريكيين الضرورة الملحة لردع العمل العسكري الصيني المزعوم ضد تايوان، إذ حذر وزير الخارجية الأمريكي من أن بكين قد تنوي السيطرة على الجزيرة “في إطار جدول زمني أسرع بكثير” مما كان يُعتقد سابقًا.
وقالت المجلة إنه على الرغم من هذه التحذيرات، لم تكرس الإدارة الأمريكية – خاصة بعدما تعهد بايدن بالدفاع عن تايبيه ضد أي عمل عسكري - اهتمامًا كافيًا للنهج الحالي للردع الذي يتزايد بشكل ملحوظ من قبل بكين.

وذكرت المجلة أنه منذ سنوات، كانت تايوان تستعد لحرب تقليدية مع الصين حصلت بموجبها على معدات عسكرية ضخمة من الولايات المتحدة، مثل دبابات “أبرامز” وطائرات “إف -16”، مشيرة إلى أن تايبيه، في المقابل، لا تستطيع أن تضاهي الصين خلال مواجهة عسكرية مباشرة.
وأضافت أنه منذ إعلان بايدن، بشأن الدفاع عن تايوان، لم تتخذ الإدارة الأمريكية حتى الآن الخطوات الكافية واللازمة لوضع الموارد العسكرية في مكانها الصحيح وزيادة قدرتها على إعادة إمداد تلك الموارد تحسبا لسيناريو عسكري مع الصين.

وقالت إن “الغزو الصيني” لتايوان لن يشبه الصراع في أوكرانيا، إذ تمكنت واشنطن وحلفاؤها الغربيون من فرض عقوبات اقتصادية وتزويد كييف بأسلحة قوية بشكل متزايد على مدى عدة أشهر.
وأضافت أنه إذا قامت واشنطن بالدفاع عن تايبيه دون تخطيط كافٍ، فقد تكون النتيجة “كارثية حقّا».
وتابعت أنه مع احتمال نشوب “صراع مدمر تاريخيا” يلوح في الأفق، فإن ضمان الردع الفعال هو التحدي الأكثر أهمية للأمن القومي للولايات المتحدة في آسيا، والأكثر إلحاحًا إلى حد بعيد.

وأوضحت المجلة أنه نظرًا للتهديد المتزايد بالغزو، فإن ردع الصين سيتطلب نهجا استباقيا بشكل كبير، قائلة إن الإستراتيجية تبدأ من تايوان التي يجب أن تعيد تصميم الطريقة التي يتم بها تنظيم وتسليح ونشر قواتها حتى تتمكن من حرمان بكين من تحقيق انتصار سريع.
وأضافت أنه في الوقت نفسه، تحتاج واشنطن إلى تطوير سياستها الخاصة، وذلك بهدف التأكيد أن “الدعم العسكري المباشر متاح لتايوان الآن وأنه سيتم تعزيزه إذا حدث غزو». وحذرت المجلة أيضًا من أن “فشل ردع إدارة بايدن، لروسيا قبل غزو أوكرانيا يجب ألا يتكرر في أزمة تايوان».