رئيس الدولة يتلقى دعوة للمشاركة في القمة الخليجية التي تستضيفها البحرين
انقلاب يغير المشهد.. الغابون تحتفي بماكرون بعد سقوط «بونغو»
توقف الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون، بعد عودته من قمة مجموعة العشرين في جوهانسبرغ، في العاصمة الغابونية ليبرفيل، حيث حظي باستقبال حار، على النقيض من المشاعر المناهضة لفرنسا التي انتشرت في جميع أنحاء القارة الإفريقية. وصافح ماكرون نظيره الغابوني، برايس أوليغي نغيما، وتعانقا، ثم توجَّها إلى حفل العشاء الرسمي الذي أقيم في القصر الرئاسي في ليبرفيل يوم الأحد. ووصف الرئيس الفرنسي الدولتين بأنهما “بَلدان صديقان”، في حين قال الرئيس الغابوني إنهما “شقيقان».واستقبل الضابط العسكري السابق، الذي أصبح رئيسًا للدولة، نظيره الفرنسي بملابس مدنية، وليس بزيه الأحمر الرسمي.وعاد الرئيس الفرنسي من قمة مجموعة العشرين في جنوب إفريقيا، وقبل مغادرته في اليوم التالي إلى أنغولا لحضور القمة بين الاتحاد الأوروبي والاتحاد الإفريقي، حرص على القيام بهذه الزيارة القصيرة إلى الغابون.
وشهدت الزيارة استقباله من طرف حشد صغير بحفاوة عسكرية، مرددين اسمه وراقصين رقصة “اللينغوالا” التقليدية.
ومثّل الاستقبال الحار الذي أبدته السلطات الغابونية الجديدة لماكرون صورة مغايرة للمشاعر المعادية تجاه فرنسا في أنحاء القارة.
وكانت آخر زيارة للرئيس ماكرون إلى ليبرفيل، في مارس- آذار 2023، في ظل ظروف مختلفة. في ذلك الوقت، كان الرئيس الغابوني علي بونغو أونديمبا، الذي تولى السلطة عام 2009 عقب وفاة والده عمر، يسعى لولاية أخرى لإطالة أمد هذه “السلالة الجمهورية” رغم ضعف شعبيته.وقد أبدى قصر الإليزيه رفضه لهذه الخطة سرًّا، لكن ما يتذكره الشعب الغابوني هو صور الرئيس الفرنسي إلى جانب علي بونغو، الذي يبدو أنه كان مؤيدًا لولاية أخرى مدتها سبع سنوات رغم ضغوط هيكل السلطة العائلي القائم منذ عام 1967 وتدهور حالته الصحية إثر سكتة دماغية عام 2018.
وبعد ستة أشهر من تلك الرحلة، في الـ30 من أغسطس- آب 2023، مساء يوم انتخابات رئاسية أخرى وصفت بأنها “مزورة” من قبل النظام، عُزل علي بونغو على يد رئيس حرسه الرئاسي، برايس أوليغي نغيما.
نقطة تحول
وأعلن ماكرون من القصر الرئاسي أن “يوم الـ30 من أغسطس آب 2023 كان نقطة تحول في التاريخ السياسي للغابون”، مقدمًا برايس أوليغي نغيما كـ”قدوة».
وقد صرّح ماكرون مرارًا بأنه “يفضل المؤسسات القوية على القادة الكاريزماتيين، ويؤمن بأن الانقلابات العسكرية لن تُمثّل أبدًا انتقالات ديمقراطية».
لكن ماكرون أكد أن “فرنسا دعمت عملية الانتقال منذ البداية”، مذكّرًا بأن القائد العسكري قد أوفى بالتزاماته تجاه الشعب الغابوني والمجتمع الدولي.وانتُخب برايس أوليغي نغيما، رابع رئيس للغابون منذ استقلالها عام 1960، محققًا في الـ12 من أبريل- نيسان نسبة 94.98 في المئة من الأصوات، في انتخابات لم يُلاحظ فيها المراقبون الدوليون أي مخالفات كبيرة، ولكنه كان مهّد للحكم بعد أن قضى على جميع منافسيه السياسيين البارزين باستخدام تشريعات مناسبة.
واستغلّ أوليغي نغيما ارتياح الشعب الغابوني لطي صفحة عشيرة بونغو، فأقرّ دستورًا جديدًا يمنحه سلطات واسعة؛ ما أثار مخاوف البعض من ميله إلى الاستبداد. فرنسا لم تذهب للبلد “لإعطاء دروس”، كما علّق أحد الدبلوماسيين. فبالنسبة لباريس، انتهى زمن إلقاء المحاضرات عن الديمقراطية والدبلوماسية بقوة السلاح.واستُقبل قائد انقلاب ليبرفيل في فرنسا أربع مرات منذ عام 2023. ويشير مقربون من السلطة في الإليزيه إلى أن الهدف هو دعم انتقال ناجح في أقل من عامين بعد الانقلاب، على عكس بعض الأنظمة التي لا ترغب في التخلي عن السلطة”، في إشارة إلى المجالس العسكرية في منطقة الساحل التي سيطرت على النيجر ومالي وبوركينا فاسو، مُلغيةً بذلك النفوذ والوجود الفرنسي.
منافسة الصين
في الغابون، تُبقي فرنسا حضورها هادئًا، إذ يُعاد هيكلة معسكر ديغول السابق، الذي نشرت منه باريس جنودها للتدخل، ولا سيما في جمهورية إفريقيا الوسطى في أوائل القرن الحادي والعشرين.
وفي “الغابون الجديدة”، كما وصفها إيمانويل ماكرون، تسعى فرنسا إلى الحفاظ على نفوذها الاقتصادي، فقد تزامنت زيارة الرئيس مع مهمة قام بها وفد كبير من اتحاد الأعمال الفرنسي (ميديف)، ضمّ نحو ستين مشاركًا. وتُقرّ منظمة أصحاب العمل بأن “الغابون تمر بوضع مالي وميزاني حساس”. وليست الشركات الفرنسية وحدها من يتنافس على النفوذ. ويوضح المصدر نفسه: “فرنسا هي المورد الرئيسي للغابون بحصة سوقية تبلغ 25 في المئة، لكن الصين، التي تستحوذ على ثلث صادرات الغابون، تتفوق عليها».