باريس تسعى لمواجهة النفوذ التركي في ليبيا

 باريس تسعى لمواجهة النفوذ التركي في ليبيا


شرح الصحافي الفرنسي المتخصّص في الشأن الافريقي باسكال آيرولت أن فرنسا تسعى إلى استعادة المبادرة في ليبيا من خلال تجاوز خلافاتها مع الشركاء الأوروبيين حول الملف الليبي، وقطع الطريق أمام تمدّد النفوذ التركي هناك. وقال آيرولت، في تقرير لصحيفة “لوبينيون” الفرنسية، إنّ باريس تحاول اليوم إنهاء خلافاتها مع ألمانيا وإيطاليا حول النهج الذي سيتم اتخاذه في ليبيا، حيث يصل بول سولير، مستشار الرئيس إيمانويل ماكرون حول الملف الليبي، إلى روما للقاء السلطات المسؤولة عن هذا الملف. ونقل التقرير عن سولير إنّ “فرنسا ترغب في إيجاد تعاون مع إيطاليا للتأثير على أسواق إعادة الإعمار في ليبيا، وبالتالي مواجهة التأثيرات الروسية والتركية».

مبالغة في تقدير النفوذ
لكن بالنسبة لغسان سلامة، المبعوث الخاص السابق للأمم المتحدة إلى ليبيا، فإن “فرنسا وإيطاليا ودولاً أوروبية أخرى بالغت في تقدير نفوذها في ليبيا”، حيث أضاف أنه “بينما كان إيمانويل ماكرون وماتيو سالفيني يجاهدان في هذا الإطار، كان الروس والأتراك وآخرون يعززون حضورهم على الأرض. وانخرطت روسيا مع قوات برقة، وتركيا مع قوات طرابلس، ونجحتا في وقف إطلاق النار، واليوم هناك معضلة أمام الأوروبيين الذين يسعون لاستعادة موطئ قدم في البلاد».

نقطة تحوّل
واعتبر التقرير أنّ “تشكيل الحكومة في 10 مارس (آذار) الماضي، هو نقطة تحول بعد 10 سنوات من الأزمة السياسية والعسكرية، حيث استعادت البلاد أخيراً ما يشبه الوحدة على الرغم من أن المعسكر الغربي الذي تهيمن عليه جماعة الإخوان المسلمين والمعسكر الشرقي تحت سيطرة المشير خليفة حفتر، لا يزالان في وضع تنافسي».

دور ايطالي أيضاً
وأشار سلامة إلى الدور الذي تسعى إيطاليا إلى لعبه اليوم في ليبيا، بينما تنوي المؤسسة الوطنية للنفط تنويع شراكاتها، في وقت توفر فيه الشركة الإيطالية الكبرى إيني 52% من الإنتاج، ويقوم مهندسون من المؤسسة الوطنية للنفط بعمل كبير في الحفاظ على الإنتاج على الرغم من وجود الكثير من التسريبات على خطوط الأنابيب».
إلى ذلك، تسعى فرنسا إلى إيجاد موقع لها من خلال دفعها رسميًا الليبيين نحو الالتزام بالجدول الانتخابي، في وقت تتمسّك فيه الولايات المتحدة بدور أكبر.
ونقل التقرير عن جليل حرشاوي، الباحث المتخصص في ليبيا ضمن المبادرة العالمية لمكافحة شبكة الجريمة المنظمة العابرة للحدود، قوله إن “واشنطن مصممة، وتريد وصف ليبيا بأنها نجاح للربيع العربي من خلال إحياء تاريخ إيجابي وديموقراطي وليبرالي، بينما لا تريد روسيا هذه الرمزية».
إعادة الإعمار
وأضاف التقرير أنّ “المسألة الأخرى هي إعادة إعمار السوق ومنح امتيازات النفط والغاز، حيث زار كلاوديو ديسكالزي، رئيس شركة النفط الإيطالية العملاقة “إيني” ليبيا، في أواخر مارس (آذار) ثم أوائل أبريل (نيسان). وتسعى “إيني”، التي تأسّست منذ عام 1959، إلى الاستمرار في لعب دور رئيسي في إنتاج النفط والغاز بفضل مشاريع التنمية البحرية الجديدة».

امتيازات جديدة
ووفقًا لـ «Africa Confidential»، من المقرر أن يتوجه رئيس شركة “توتال” باتريك بوياني إلى طرابلس في 20 أبريل (نيسان) للقاء السلطات الجديدة والحصول على امتيازات جديدة.
وتأتي هذه الزيارة في الوقت الذي استقبل فيه الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون، في 23 مارس (آذار) في باريس، رئيس المجلس الرئاسي الليبي محمد المنفي، وقدّم له دعمه الكامل. لكن المنافسة ستكون شرسة، والروس والأتراك يعتزمون الحصول على حصة جيدة من الكعكة كما هو الحال في البنية التحتية. ويقول حرشاوي إن “الإغـــــــراء الأول هو الحصول على عقود مدفوعـــــــة بالكامـل من الحكومة الليبية. لكن هذا غير مستدام بالنظر إلى الموارد المالية للبلاد. ثانيًا، ينبغي على بعض مقدّمي الخدمات تقديم ترتيبات القروض الخاصة بهم إلى السلطات». وتقدّر قيمة سوق إعادة الإعمار بعشرات المليارات من الدولارات على مدى السنوات العشر المقبلة.