رئيس الدولة ورئيس أوزبكستان يبحثان علاقات البلدين وعدداً من القضايا الإقليمية والدولية
بضربة واحدة...روسيا تبعد الغرب عن القوقاز
الصفقات الرابحة مئة في المئة ليست واردة في تفكير خبراء العلاقات الدولية الغربيين، ومع ذلك، يقول الباحث جوزف آدم إيرلي في مقال بموقع مجلة “ناشيونال إنترست” الأمريكية، أن هذا الوصف ينطبق على توقيع الرئيس الأذري إلهام علييف ورئيس الوزراء الأرميني نيكول باشينيان والرئيس الروسي فلاديمير بوتين، على الهدنة في إقليم ناغورنو-قره باغ بعد ستة أسابيع من الحرب الدامية.
وفي نجاح باهر لقوتها العسكرية والناعمة، نجحت روسيا بضربة واحدة في إبعاد الغرب، وتأكيد نفسها على أنها صانع الملوك الذي لا غنى عنه في المنطقة.
هزيمة لأمريكا
ويمثل الاتفاق هزيمة استراتيجية للولايات المتحدة. وبعدما رعت روسيا اتفاق الهدنة وحدها، فإنها همشت بالكامل مجموعة مينسك، التي كانت تضم روسيا، وفرنسا، والولايات المتحدة، وسبق لها أن تعاملت مع النزاع. وذهبت جهود وزير الخارجية الأمريكي مايك بومبيو لحل النزاع أدراج الرياح، وكشفت تراجع النفوذ الأمريكي في المنطقة.
ومن بين أكثر بنود الاتفاق إثارة للقلق، هي تلك التي تتيح انتشاراً عسكرياً روسياً في أذربيجان. إذ أنه بموجب الاتفاق، فإن قرابة ألفي جندي روسي، يعملون كقوة سلام، سينتشرون في الأراضي الأذرية.
لا سابقة جيدة
وسبق لروسيا من طريق نزاعات على السلطة، أن تمكنت من تأمين وجود عسكري لها في منطقة ترانسنيستريا بمولودوفا، وفي منطقة دونباس بأوكرانيا، وفي منطقتي أذربيجان وأوسيتيا الجنوبية بجورجيا. ولذلك، قال أحد وزراء الدفاع الأذريين السابقين: “لا أعرف كيف سينتهي الأمر هذه المرة، لأنه ما من سابقة جيدة لقوات حفظ السلام الروسية في القوقاز».وبينما حدد اتفاق الهدنة مدة الوجود العسكري الروسي بخمسة أعوام، فإنه مع هذا الانتشار، الذي يوازي انتشاراً عسكرياً سابقاً في أرمينيا، فإن قلة يعتقدون أن الكرملين لديه أية خطط للمغادرة لاحقاً.
تحرير أوروبا الاعتماد من روسيا
وهذا أمر تجد الولايات المتحدة نفسها معنية به، لأن أذربيجان، تشكل ضرورة من أجل تحرير أوروبا من الاعتماد على روسيا في استيراد 40 في المئة من احتياجاتها من الغاز و30 في المئة من احتياجاتها من النفط الخام.وتعتبر هذه القبضة الخانقة على إمدادات الطاقة إلى دول أعضاء في حلف شمال الأطلسي، هي بمثابة سيف ديموقليس مسلطاً على الحلف.وكانت أذربيجان تعتبر الوعد بتحرير الغرب من ابتزاز روسيا في مجال الطاقة. واكتمل أنبوب للنفط يربط جورجيا وتركيا عام 2006. ومن المقرر استكمال أنبوب للغاز يمتد حتى إيطاليا في وقت لاحق من الشهر الجاري. ومع وجود هذه البنى التحتية، يمكن أوروبا الاعتماد على امدادات النفط والغاز من تركمانستان وكازاخستان الغنيتين بموارد الطاقة عبر بحر قزوين إنطلاقاً من باكو.
الانخراط في القوقاز
ومن أجل حماية مصالحها ومصالح حلفائها الأوروبيين، يتعين على الولايات المتحدة معاودة الانخراط في القوقاز. ومن أجل فعل ذلك، يجب على إدارة الرئيس المقبل جو بايدن أن تراجع أين أخطأت الإدارات السابقة في الأعوام العشرين الأخيرة.ولا تحتاج مواجهة النفوذ الروسي لجوء واشنطن إلى وجود عسكري. فالروس لا يأتون بالأموال إلى الطاولة، بل على العكس فإنهم يمارسون السلطة من خلال حرمان الآخرين من الاستثمار.وفي الواقع، بدأت روسيا بممارسة التضييق الاقتصادي لضمان الامتثال لها. ففي 17 ديسمبر -كانون الأول، حظرت موسكو استيراد البندورة الأذرية ثاني انتاج تصدره أذربيجان، بزعم القلق على إجراءات السلامة. ومن أجل إضعاف القبضة الروسية، يجب على الولايات المتحدة التركيز على التجارة والاستثمار.
ولا يزال الوقت متاحاً أمام الولايات المتحدة لضمان موقعها في المنطقة. وهذا الأمر لا يتحقق بانتشار عسكري على الأرض. وبدلاً من ذلك، يمكن لأمريكا أن تثبت أن طريق الحرية والأمن، قد يكون أحياناً اقتصادياً صافياً.