الجدل حول مصدر الفيروس سيستمر لفترة طويلة

بعد مقاومة كوفيد-19، الصين تحارب موجة الانتقاد...!

بعد مقاومة كوفيد-19، الصين تحارب موجة الانتقاد...!

-- أولوية الصين هي التأكيد على أن أسلوب إدارتها كان أعلى بكثير من نظام الديمقراطيات الغربية
-- يبدو أن تململاً يسود في قمة السلطة الصينية، ولا شك أنه مصحوب بنقاشات داخلية ساخنة
--  في مواجهة الوباء الحالي، يتم بين بكين وواشنطن أحيانًا إظهار الرغبة في المساعدة المتبادلة


في الصين، يرافق تخفيف حدة وباء فيروس كورونا تصلّب السلطات. ويبدو أن مناخا من عدم الثقة والتبرّم يسود في قمة السلطة الصينية، ولا شك أنه مصحوب بنقاشات داخلية ساخنة.
وجاءت معلومة نادرة عن تململ عنيف محتمل داخل القيادة الصينية من الإعلان في 7 أبريل أن لجنة تأديبية للحزب الشيوعي ضد رن تشى تشيانغ بدأت تحقيقا.
 وهو ملياردير ينتمي إلى فئة الأمراء الحمر ، أبناء كبار الشخصيات في عهد ماو تسي تونغ.
على غرار 170 ألف مسؤول في الحزب، حضر مؤتمراً عبر الفيديو في 23 فبراير حيث شرح شي جين بينغ الإدارة الجيــــدة لازمـــــة فيـــــروس كورونا في الصين.
وعلى الإنترنت، تجرأ رن تشى تشيانغ ان يكتب عن الرجل الأول في الحزب، ولكن دون تسميته: لم أر إمبراطورًا يظهر حِلْيَته الجديدة، ولكن مهرجًا يخلع ملابسه مع الاستمرار في الادعاء بأنه كان الإمبراطور .
الأمر المثير للدهشة هو أن رن تشي تشيانغ يعتبر مقرّبا من نائب الرئيس وانغ تشي شان، وهو حليف مهم لـ شي جين بينغ.

 بعيدًا عن الارتباك المحتمل على رأس السلطة، سُمح للمدن الصينية الكبرى بالخروج من الحجر الصحي منذ منتصف أبريل: واستعادت شنغهاي أو تشنغدو أو كانتون إيقاعًا شبه طبيعي للحياة. حتى في ووهان، المدينة التي ظهر فيها فيروس كورونا في ديسمبر، تم رفع قيود الحركة إلى حد كبير.
في المقابل، لا تزال بكين تراقب عن كثب الطائرات القليلة -معظمها لشركات صينية -القادمة من الخارج والتي لا يمكنها الهبوط هناك، ويتم تحويلها إلى مطارات المدن الأخرى، خاصة شيان أو تشونغتشينغ، بحيث يخضع المسافرون طيلة أربعة عشر يومًا للحجر الصحي في غرفة بفندق، وحتى الذين يتمتعون بوضع دبلوماسي يخضعون لهذا الاجراء.
 
الإدارة الصينية هي الأفضل
في العاصمة، يبرر الخوف من موجة ثانية من فيروس كورونا الحفاظ على العديد من الاحتياطات. خاصة أن القيادة العليا للحزب الشيوعي تقيم وسط المدينة. وبالتالي، تظل لجان الأحياء نشطة، ويواصل أعضاؤها التحقق من درجة حرارة كل مقيم يغادر منزله بالإضافة إلى رمز الاستجابة السريعة الذي يجب أن يحتويه هاتفه للإشارة إلى حالته الصحية. وقد تكثفت هذه الضوابط منذ ان ُسمح للعديد من الأشخاص بالخروج معًا من نفس الشقة، وعودة الأطفال تدريجياً إلى المدرسة. ويتم تنظيم مراقبة سكان بكين من قبل المستوى البلدي للحزب، والذي يبدو أنه فرض سيطرة أكثر صرامة من أي وقت مضى على الإدارة. ويلاحظ سفراء الدول الغربية ذلك عندما تستدعيهم وزارة الخارجية لإخبارهم أن الانتقادات الموجهة في بلادهم ضد الإدارة الصينية لـ كوفيد-19  غير مقبولة تمامًا .
ويبدو أن تشدّدا للسلطات الصينية قد ترسّخ، ولكن ليس من السهل تحليله. ويقدم المتخصص في الشؤون الصينية جان فرانسوا دي ميغليو، الذي يرأس معهد أبحاث مركز آسيا، تفسيرًا: هل دار نقاش في هرم السلطة في الصين؟ أم هو تقسيم أدوار؟ في كل الاحوال، هناك قلق جليّ، قد يتشكلن لدينا انطباع بأن السلطات الصينية تحاول إخفاء أنها مرتبكة، وهذا يتسبب في مراجعات داخل فريق القيادة وفي البلد، ويتسبب أيضا في تململ داخل المجتمع الدولي .

ولتأكيد فعاليتها، أعلنت الحكومة الصينية أنها قامت بعملية انتصرت فيها  ضد كوفيد-19، ولا تقبل بأن يتم تذكيرها بأنها انتظرت أكثر من شهر قبل أن تبدأ التعبئة ضد المرض، ولا أنها بدأت بإسكات الأطباء الذين أطلقوا الانذار في ووهان. ان أولوية النظام هي التأكيد على أن أسلوب إدارته، وخاصة في المجال الصحي، كانت أعلى بكثير من نظام الديمقراطيات الغربية.
 
أرضية دبلوماسية زلقة
وتتنزّل المقالات المنشورة على الموقع الإلكتروني للسفارة الصينية في فرنسا في هذا المنطق. ومن غير المؤكد أنها ستحقق الهدف المنشود في بكين. أحدث هذه المقالات، نُشر في 12 أبريل، ولا شك انه حظي بتأييد في بكين حيث يبدو أن التعليمات لتأكيد تفوق الحوكمة على الطريقة الصينية تهيمن حاليًا. فتحت عنوان استعادة الحقائق المشوهة -ملاحظات دبلوماسي صيني في باريس ، يسأل هذا النص: ما الذي فعله الأوروبيون والأمريكيون خلال الشهرين التاليين للإعلام الأول عن كوفيد 19؟ من طرف الصين ؟ . ويجيب: لقد أعلنوا أنه مجرد إنفلونزا، وأنه لا داعي للقلق، وأن الفيروس يصيب الصُّفر فقط، وأن خطر رؤيته ينتشر في بلادهم ضعيفة جدا . كما تمت كتابة تأكيدات أخرى مربكة ايضا: لقد رأينا سياسيين ... يسرقون الإمدادات الطبية ويعيدون بيعها إلى القطاع الخاص، معدات تم شراؤها بالمال العام، من اجل تحقيق ثرائهم الشخصي. وهجر طاقم التمريض في المستشفيات مواقع عملهم بين عشية وضحاها، في هروب جماعي، تاركين المقيمين يموتون من الجوع والمرض .

ويعتبر لو شاي، السفير الصيني لدى فرنسا، والفرنكفوني بامتياز، مؤلف هذه الكتابات. وبرز في يناير 2019 في منصبه السابق في كندا، باستنكاره الأنانية الغربية  ومنطق التفوق الأبيض  عندما تم القبض على المديرة المالية لمجموعة هواوي الصينية في فانكوفر في أعقاب شبهة تحيّل للشركة. وعندما غادر أوتاوا إلى باريس، رحبت العديد من وسائل الإعلام الكندية بمغادرته.
في كل الاحوال، فإن ما تم كتابته على الموقع الإلكتروني للسفارة في باريس، أدى إلى استدعاء لو شاي في 14 أبريل من قبل جان إيف لودريان، وزير الخارجية الفرنسي. منذ عام 1964، أقامت فرنسا والصين علاقات دبلوماسية، ولم يسبق أن كان سفيرا للصين موضوعًا لمثل هذه الخطوة، التي أعلنت عنها الوزارة بكل وضوح ودون تحفظ. وفي نهاية هذا الاجتماع، نشر جان إيف لو دريان بيانًا صحفيًا قال فيه بإيجاز: أوضحت رفضي لبعض التعليقات الأخيرة لسفير جمهورية الصين الشعبية في فرنسا . في اليوم التالي، وفي بكين، تحدث المتحدث باسم وزارة الخارجية الصينية، عن سوء فهم  ورفض أي تعليق سلبي على الطريقة التي تواجه بها فرنسا وباء  فيروس كورونا. بينما في باريس، أوضحت السفارة الصينية، في المقالة التي تم تجريمها، أن التصريحات المتعلقة بـ المستشفيات تأتي من تقارير صحفية عن دول أوروبية أخرى ولا تتعلق بفرنسا .

بالإضافة إلى ذلك، في 16 أبريل، خلال مقابلة مع الفايننشال تايمز، قدر إيمانويل ماكرون أننا لا نعرف كيف ظهر فيروس كورونا في الصين . وأضاف: دعونا لا نكون ساذجين بحيث نقول إن الصين كانت أفضل منا، سيتعين عليها الإجابة على الأسئلة الصعبة بعد الأزمة . على ار ام سي، علّق السفير لو شاي بحذر على هذه التصريحات، قائلاً: لا أعتقد أن إيمانويل ماكرون ينوي اتهام الصين، هذا يعني فقط أن النظامين الفرنسي والصيني مختلفان وأنه لا يمكن إجراء مقارنة . الحوار الفرنسي -الصيني صامت الآن.
 
الحار والبارد
العلاقة مع الولايات المتحدة بالتأكيد ليست أقل تعقيدا. ورث التشكيك في غياب الاحتياطات الصحية من جانب الصين في واشنطن، الصراع الاقتصادي والتجاري الذي بدأ قبل نحو عامين بين البلدين. وفي مواجهة الوباء الحالي، يتم أحيانًا إظهار الرغبة في المساعدة المتبادلة.
وقال مايك بومبيو، وزير الخارجية الأمريكي، إن الصين والولايات المتحدة أكدتا التزامهما بإنهاء الوباء واستعادة الصحة والرخاء العالميين . وبالمثل، أعلن يانغ جي تشي، مستشار شي جين بينغ الخاص للسياسة الخارجية، أن بكين مستعدة لمواصلة تبادل معلوماتها وخبرتها  في إدارة الوباء مع الولايات المتحدة.
ولكن من الواضح أنه مع اقتراب الانتخابات الرئاسية الأمريكية في نوفمبر المقبل، فإن أحد أهداف دونالد ترامب هو اتهام الصين بالفشل في وقف انتشار الوباء في الوقت المناسب. لذلك قررت الولايات المتحدة تعليق مساهمتها المالية لمنظمة الصحة العالمية –وهذه الاخيرة في عيني دونالد ترامب متواطئة مع الصين. ودفع هذا الانسحاب الصين إلى الإعلان في 23 أبريل عن نيتها التبرع بـ 30 مليون دولار لمنظمة الصحة العالمية -بالإضافة إلى 20 مليون دولار قدمتها في مارس. لكن هذه المبالغ لا تزال بعيدة عن 450 مليون دولار التي تدفعها الولايات المتحدة كل عام للمنظمة.
من جهة أخرى، تشتبه إدارة ترامب وقناة فوكس نيوز بشكل صريح في أن مختبر معهد ووهان للفيروسات، والذي يضم جراثيم شديدة الإمراض، قد تسبب عن طريق الخطأ في حدوث وباء كورونا فيروس الحالي. وربما جراء هروب خفّاش كانت تمارس عليه تجارب.
 
الأصل لا يزال مجهولا
تم انشاء المختبر المعني في ووهان عام 2013. وهو نسخة طبق الأصل للمختبر الذي تم افتتاحه عام 1999 من قبل جاك شيراك في منطقة جيرلاند في ليون. كانت هناك صداقة شخصية بين آلان ميريو وشي جين بينغ منذ التسعينات، عندما كان الرجل الأول في الصين اليوم، حاكمًا لمقاطعة فوجيان وكان مدير المختبر الفرنسي يبحث عن مكان في الصين لإنشاء أول مركز أبحاث. الذي سيرى أخيراً النور في شنغهاي.
إن كون كوفيد-19 يأتي من مختبر ووهان ليس فرضية موثوقة  وفقًا لإدارة مختبر ميريو في فرنسا، اين يشار إلى عدم المشاركة في إدارة هذا المعهد الصيني منذ عدة سنوات. ولكن في ووهان، شدد الباحثون الصينيون العاملون في هذا المختبر، ولا سيما على التلفزيون الوطني الصيني، على مدى صرامة معايير الأمن العلمي داخل هذا المختبر.
وفي العديد من الصحف الصينية، قال يوان زيمينغ، مدير معهد ووهان لعلم الفيروسات، نحن نعرف بالضبط نوع الأبحاث على الفيروسات التي تتم في معهدنا وكيف يقوم المعهد بمعالجة العينات. وكما نقول منذ فترة طويلة، لا يمكن أن يأتي هذا الفيروس منا. لدينا نظام إدارة صارم، وهناك لوائح بحثية وأشياء من هذا القبيل، لذلك نحن على يقين تام من ذلك . أما بالنسبة للفرضية التي بموجبها ان الفيروس تم إنشاؤه بشكل مصطنع، فإن يوان زيمينغ يشدد على عدم وجود دليل في هذا الاتجاه، ويؤكد: لن أعتقد أبدًا أن للبشرية من المعرفة الكافية لإعادة إنشاء مثل هذا الفيروس .
من المرجّح جدًا أن يستمر الجدل حول أصل كوفيد-19 لفترة طويلة. وفي الوقت الحاضر، يمضي القادة الصينيون، بطريقتهم الخاصة، لترتيب الأمور: تم اعتقال أربعة عشر قائدًا للحركة المؤيدة للديمقراطية من قبل شرطة هونغ كونغ في 18 أبريل. ومن بينهم، المحامي مارتن لي الذي صاغ الدستور المحلي، وجيمي لاي، مسؤول الإعلام.
وقد اتُهمت هذه الشخصيات الأربعة عشر بأنها دعمت وشاركت العام الماضي في مظاهرات معادية لسيطرة بكين على المنطقة. ولم تحدث هذه الموجة من الاعتقالات بين يوليو ونوفمبر، في ذروة النزاع. ولكن في شهر أبريل هذا، بينما تهتم هونغ كونغ مثل بقية العالم بدرجة أولى بإدارة الوباء، قرر الحزب الشيوعي الصيني بوضوح المرور الى القمع.

 
 
 

Daftar Situs Ladangtoto Link Gampang Menang Malam ini Slot Gacor Starlight Princess Slot