بـ800 ألف جندي.. وثيقة سرية تكشف استعداد برلين لصراع محتمل مع موسكو
كشفت وثيقة سرية أن ألمانيا، منذ 2022، انخرطت في سباق محموم لإعادة بناء قدراتها العسكرية والبنية التحتية الحيوية؛ استعدادًا لأي مواجهة محتملة مع موسكو، وسط مؤشرات متزايدة على أن الصدام قد يسبق جاهزية أوروبا نفسها.
وبحسب “وول ستريت جورنال”، فإن مجموعة من كبار الضباط الألمان، بعد الغزو الروسي الشامل لأوكرانيا، وضعوا وثيقة سرية تعرف باسم «OPLAN DEU»، تتضمن خطة نقل ما يصل إلى 800 ألف جندي من ألمانيا وحلفاء الناتو نحو جبهات محتملة، مع تحديد مسارات مفصلة للموانئ والأنهار والسكك الحديدية والطرق، لضمان تدفق الإمدادات وحماية القوات أثناء التحرك.ويرى المحللون أن هذه الخطة كشفت عن تحول ألماني نحو نهج “كل المجتمع”، حيث لم يعد الجيش وحده يتحمل مسؤولية الحرب، بل تمتد الإستراتيجية لتشمل المدنيين، والبنية التحتية، والقطاع الخاص، والسلطات المحلية؛ في محاولة لتهيئة البلاد لمواجهة أي تهديد، رغم هشاشة البنية التحتية بعد عقود من الاستقرار الأوروبي وغياب الاستثمارات اللازمة.
كما أن العمليات الميدانية، مثل: مناورة “العاصفة الحمراء برافو” التي أجرتها السلطات الألمانية في هامبورغ، أبرزت تحديات التطبيق الواقعي للخطة، حيث واجهت القوات اضطرابات مفاجِئة، وحركة مرور مدنية، وحتى محتجين وهميين؛ ما أظهر صعوبة التنسيق بين الجيش والسلطات المدنية، خصوصًا في ظل قوانين وقيود صيغت في زمن السلم، مثل قيود استخدام الطائرات من دون طيار فوق المناطق المأهولة.
ويعتقد مراقبون أن البنية التحتية الألمانية نفسها تمثل تحديًا كبيرًا؛ خصوصًا أن الطرق السريعة والجسور والموانئ، رغم أنها كانت مصممة في زمن الحرب الباردة لتكون مزدوجة الاستخدام، فإنّها أصبحت الآن بحاجة إلى صيانة عاجلة، مع تقديرات بإنفاق نحو 166 مليار يورو بحلول 2029 لتحديث السكك الحديدية والموانئ والطرق الرئيسية، بما يشمل تعزيز قدرة النقل العسكري وتجنب نقاط الاختناق الإستراتيجية، كما أن بعض الحوادث البسيطة، مثل: اصطدام السفن بالسكك الحديدية في شمال ألمانيا، أظهرت مدى هشاشة سلاسل الإمداد وحركية القوات؛ ما جعل الأوامر والتنسيق معقدة بشكل غير متوقع.
وحذر الخبراء من أن التهديدات لا تقتصر على البنية التحتية فحسب، بل تشمل أيضًا خطر التجسس والتخريب والهجمات الإلكترونية، التي قد تعطل العمليات اللوجستية في اللحظات الحرجة؛ فالوثيقة الألمانية كشفت أن أي صراع محتمل لن يُحسم بعدد الجنود أو حجم الأسلحة فقط، بل بقدرة البلاد على إدارة شبكة لوجستية معقدة، وضمان انسياب القوات والإمدادات، والتحرك بسرعة ومرونة في مواجهة أي تهديد.
وإلى جانب ذلك، كشفت الخطة عن ضغوط زمنية هائلة؛ إذ أشارت التقديرات الألمانية إلى استعداد روسيا الكامل للهجوم على حلف الناتو بحلول عام 2029، لكن سلسلة من حوادث التجسس، والتخريب، ودخول الطائرات الأجنبية للأجواء الأوروبية، توحي بأن الصدام قد يحدث قبل أن تكون أوروبا مستعدة بالكامل؛ ما يزيد حدة السباق لإعادة تأهيل الجيش والبنية التحتية.
وكشفت مصادر أن الهدف النهائي من هذه الخطة ليس تحصين ألمانيا أو الناتو فحسب، بل أيضًا ردع موسكو من خلال إرسال رسالة واضحة بأن أي هجوم على أوروبا لن ينجح، وبالتالي، يمكن للخطة أن تقلل احتمالية الحرب قبل اندلاعها، بحسب كبار المسؤولين الألمان.