مع انطلاق الحملة:

بلعيد يتبرأ من الدستور المعروض على الاستفتاء...!

بلعيد يتبرأ من الدستور المعروض على الاستفتاء...!

- اتحاد الشغل يترك لمنظوريه حرية الاختيار
- أحزاب تعلن مقاطعتها للاستفتاء وأخرى تدعو للتصويت بلا
- الهيئة الاستشارية: دستور لا يمت بصلة إلى الدستور الذي قدمناه للرئيس وينذر بمفاجآت غير حميدة
- مخاوف من أن يؤدي الدستور الجديد لإلغاء الطابع المدني للدولة ونشر التطرّف والانغلاق
- حركة الشعب وأحزاب قومية اخرى تقرر التصويت بـ (نعم) على مشروع الدستور

 
 
انطلقت أمس الأحد حملة الاستفتاء على مشروع الدستور الجديد في تونس لتتواصل إلى غاية 21 يوليو الجاري حسب الرزنامة التي وضعتها الهيئة العليا المستقلة للانتخابات. وينقسم المشاركون إلى 24 حزبًا سياسيًا و110 أشخاصا طبيعيين و27 جمعية ومنظمة. هذا وتوافق فترة الصمت الانتخابي الأحد 24 يوليو وتمتد إلى حد غلق آخر مكتب اقتراع فيما توافق فترة الصمت الانتخابي خارج تونس يوم 22 يوليو إلى حد غلق آخر مكتب اقتراع، ويجرى الاقتراع بالنسبة للتونسيين بالخارج أيام السبت والاحد والاثنين 23 و24 و25 يوليو الجاري ويتم التصريح بالنتائج الاولية للاستفتاء في أجل أقصاه يوم 28 يوليو.

الأب الروحي يتبرأ
انطلاق، تزامن مع ما يشبه القنبلة السياسية حيث كشف رئيس الهيئة الوطنية الاستشارية من أجل جمهورية جديدة الصادق بلعيد، إن نص الدستور الصادر عن رئاسة الجمهورية ينطوي على مخاطر ومطبات جسيمة.
وأوضح بلعيد في حوار أجراه مع جريدة الصباح في عددها الصادر أمس الاحد، أن نص الدستور المعروض للاستفتاء لا يمت بصلة لنص الدستور الذي أعدته الهيئة وتم تقديمه للرئيس قيس سعيد.  

وشدد بلعيد على أن التحويرات الجزئية والطفيفة مقبولة عموما “لكن الأمر يختلف كليا في صورة إدخال تحويرات جذرية في الأصل وفي روح النص الذي قدمناه».
وقال الصادق بلعيد، إنه من مسؤوليته التنديد بما اعتبره مخاطر ومطبات جسيمة تضمنها نص الدستور الصادر عن رئاسة الجمهورية منها طمر وتشويه الهوية التونسية. ورجوع مريب إلى الفصل 80 من دستور 2014 حول الخطر الداهم يضمن من خلاله رئيس الدولة صلاحيات واسعة في ظروف يقررها بمفرده ما من شأنه التمهيد لنظام دكتاتوري مشين، الى جانب انتفاء المسؤولية السياسية لرئيس الجمهورية.

كما أشار بلعيد خلال الحوار، إلى أن نص الدستور تضمن نظاما جهويا وإقليميا مريبا ومبهما وغامضا ينذر بمفاجآت غير حميدة مستقبلا، إلى جانب تنظيم وصفه بالمنقوص والجائر للمحكمة الدستورية وصلاحيتها كحصر أعضائها في سلك القضاة من خلال نظام تعيين يقضي من استقلاليتها، وغياب البعد الاقتصادي والاجتماعي والثقافي والبيئي من المشروع المطروح رسميا.
وقال بلعيد “بصفتي الرئيس المنسـق للهيئة الوطنية الاستشارية، وبعد التشاور مع صديقي الأستاذ أمين محفوظ، وموافقته، أصرح بكل أسف وبالوعي الكامل للمسؤولية إزاء الشعب التونسي صاحب القرار الأخير في هذا المجال، ان الهيئة بريئة تماما من المشروع الذي طرحه رئيس الجمهورية للاستفتاء الوطني».

دعوة للمراجعة
من جانبه، طالب أستاذ القانون الدستوري أمين محفوظ وعضو الهيئة الوطنيّة الاستشاريّة من أجل جمهوريّة جديدة، الرئيس قيس سعيّد بمراجعة مشروع الدستور الصادر بتاريخ 30 يونيو 2022.
واشار محفوظ الى النقاط الاساسية من الدستور التي تحتاج الى المراجعة، وهي ما اسماه “سلطة رئيس الجمهورية” وتركيبة المحكمة الدستورية والبرلمان، ومراجعة الفصل 55 المتعلق بالحريات العامة.

وانتقد أمين محفوظ، الأخطاء اللغوية التي جاء في نسخة مشروع الدستور التي صدرت بالرائد الرسمي للجمهورية التونسية، معتبرا في تصريح إذاعي أمس الاحد، أن الأخطاء اللغوية وتكرار عدة أبواب يمس من هيبة الدولة ومن هيبة الرائد الرسمي، وكشف أن هذه الأخطاء لا يمكن أن تُراجع أو أن يتم إصلاحها إلا بتعديل الدستور بعد 25 يوليو، مؤكدا أنه صُدم من نسخة مشروع الدستور المنشورة.
وأكد أستاذ القانون الدستوري، أن نسخة مشروع الدستور التي صدرت بالرائد الرسمي، رفعت وألغت كل رقابة على رئيس الجمهورية، وتضمنت ضربا تاما للنظام الديمقراطي على العديد من المستويات.

واعتبر محفوظ ان باب “الوظيفة التشريعية” يؤكد ان الرئيس قيس سعيد ماض في تطبيق مشروعه الخاص المتعلق بالبناء القاعدي.
وتابع أن الرئيس بالتغييرات التي أدخلها على النسخة التي قدموها له، لم يفكر في كيف ستكون الأمور وهو خارج الحكم خاصة على مستوى الحقوق والحريات.
وتجدر الإشارة إلى أنّ أمين محفوظ سبق أن علّق على مشروع الدستور بمشاركة اغنية أغاثا على حسابه على حسابه فيسبوك تقول كلماتها “آغاتا لا تكذبي عليّ... إنّه ليس ابني’’، في إشارة إلى تبرّئه من النسخة المنشورة بالرائد الرسمي.

مشاركة محدودة
إلى جانب هذه الرجة، انطلقت الحملة ايضا وسط مقاطعة سياسية واسعة من أغلب الأحزاب الممثلة في البرلمان المجمدة أعماله ومن خارجه وغياب العديد من المنظمات الوطنية الوازنة على غرار اتحاد الاعراف واتحاد المزارعين والرابطة التونسية للدفاع عن حقوق الانسان وعمادة المحامين.
في حين أكد الأمين العام لاتحاد الشغل نور الدين الطبوبي، أن اتحاد الشغل فوض لكل العمال والنقابيين حرية الاختيار والإقبال على يوم الاستفتاء وهو الموقف النهائي للهيئة الإدارية الوطنية الذي سيصدر في بيان يتضمن القراءة النقدية لمشروع الدستور.
وأشار الطبوبي، إلى وجود عديد الهنات في مشروع الدستور ومنها تكلس السلطة في يد واحدة، وغياب ذكر مدنية الدولة، وغياب التوازن بين السلط.

الاستفتاء المنتظر تنظيمه يوم 25 يوليو القادم هو من أهم النقاط في خارطة الطريق التي أعلن عنها الرئيس التونسي في 13 ديسمبر 2021 ضمن جملة من القرارات في إطار تدابير استثنائية، تتضمن إطلاق استشارة الكترونية تفضي الى القيام بإصلاحات دستورية تعرض على الاستفتاء في25 يوليو الجاري وتنظيم انتخابات تشريعية سابقة لأوانها في 17 ديسمبر القادم، وفق قانون انتخابي جديد.
ويسعى قيس سعيد من الاستفتاء الى بناء شرعية قانونية جديدة على المستويين المحلي والدولي، لاستكمال المسار الذي أطلقه في 25 يوليو من العام الماضي، وألغى فيه السلطة التشريعية وجمع كل السلط بيده، “كخطوة ضرورية لمعالجة أزمة سياسية واقتصادية واجتماعية حادة كانت تمر بها البلاد”، حسب تقدير الرئيس.

أحزاب تقاطع
ومنذ الاعلان عن تنقيح الدستور عرف هذا المشروع معارضة كبرى من قبل الأطراف الرافضة لمسار 25 يوليو والذي يصفونه بالانقلاب على الدستور، وجندت العديد من الأطراف السياسية قواها للدعاية السلبية لهذا المشروع، لتتوسع جبهة المعارضة وتضم أطرافا مختلفة بل متناقضة يجمعها فقط رفضها لمشروع الرئيس، ولكنها لم تتوحد في كيان تنظيمي واحد.

ونجد في هذه القوى السياسية ما يسمى بجبهة الخلاص الوطني (احزاب ومنظمات وشخصيات سياسية) المعارضة للمسار بأكمله وللاستفتاء كجزء رئيسي منه، إلى جانب تنسيقية الاحزاب الديمقراطية التي تضم أحزاب التيار الديمقراطي والتكتل والجمهوري والتي انضمت إلى حزب العمال والقطب لتشكل حملة وطنية لمقاطعة الاستفتاء.
وفي هذا السياق عبّر حزب القطب عن رفضه لمشروع ‘’دستور الجمهورية الجديدة’’، معتبرا أنه يكرس الاستبداد، وأكد في بيان له أنه سيقاطع الاستفتاء حول هذا المشروع، معتبرا أن مشروع الدستور الجديد فيه “تراجع” عن العديد من المكاسب الواردة في دستور 2014 “رغم نقائصه”، وارتداد واضح على المسار الديموقراطي.

وأشار إلى أن مشروع الدستور اعتمد “مصطلحات غير واضحة وفضفاضة تحتمل تأويلات عديدة وتضرب الحريات في جوهرها”، فضلا عن كونه “حذف التنصيص على مدنية الدولة وأضاف فصولا جديدة تعود بنا إلى نقاشات هووية جوفاء تستنزف مجانا القوى الحية للبلاد وتشرع لأسلمة الدولة ومقاصد الشريعة”، وفق نص البيان.
هذه الأحزاب، فضلت عدم المشاركة في الاستفتاء لأنها تعتبر ان كل المسار الذي أفضى إلى هذه الخطوة غير قانوني وأن مجرد المشاركة فيه ولو بالرفض والإجابة ب “لا” حول مشروع الدستور، هي تأكيد على مشروعيته، والاحزاب المقاطعة للاستفتاء والممثلة في البرلمان المجمد هي أحزاب حركة النهضة وقلب تونس وائتلاف الكرامة والتيار الديمقراطي والدستوري الحر وتحيا تونس ومشروع تونس وحزب البديل وحزب الرحمة.

... وأخرى تشارك وتصوّت بلا
في المقابل، اختارت أحزاب مثل آفاق تونس والاتحاد الشعبي الجمهوري المشاركة في الحملة الانتخابية للاستفتاء لتعزيز عدد الرافضين رسميا لمشروع الدستور.
وقد اعتبر حزب آفاق تونس، أن مسودة الدستور المعروضة للاستفتاء “امتداد طبيعي ومنتظر للمسار الاحادي والإقصائي والتسلّطي الذي يعتمده الرئيس قيس سعيد”، مؤكدا في بيان صادر عن مجلسه الوطني، ان “المسودّة تؤسس لنظام رئاسوي على مقاس سعيّد وترتد بتونس إلى زمن الحكم الفردي وثقافة الشخصنة».

وحذّر مما اعتبره “مضامين ظلامية للمسودة” مشددا على انها “ستؤدي إلى إلغاء الطابع المدني للدولة ونشر التطرّف والانغلاق وتغيير الهوية الحضارية للشعب التونسي” وعلى أنه “ستنتج عن تمريرها أزمات شاملة وتدمير ما تبقى من الدولة وتعميق معاناة المواطنين في حياتهم اليومية».
ائتلاف صمود، دعا إلى التصويت بـ ‘’لا’’ على نص مشروع الدستور المعروض على الاستفتاء. وبيّن منسق الائتلاف حسام الحامي الذي سيشارك في الحملة الاستفتاء قرر دعوة المواطنين إلى التصويت بـ ‘’لا’’ على نص مشروع الدستور على خلفية ما اعتبره اختلالا بين السلط، وتركيزا لحكم رئاسوي سلطوي حسب تعبيره.

يشار الى ان قائمة الأحزاب ال 24 المشاركة، اقتصرت على أحزاب صغرى وحديثة التأسيس اغلبها كانت أعلنت مساندتها لمسار 25 يوليو، ولم تتضمن القائمة الاحزاب البرلمانية والفائزة في انتخابات 2019 باستثناء حركة الشعب–حركة قومية ناصرية-مساندة لقيس سعيد، والتي أعلنت ان مجلسها الوطني قرر التصويت بـ “نعم” على مشروع الدستور وفق الصيغة التي ورد عليها بالرائد الرسمي.
وأضافت الحركة في بلاغ صادر عنها، ان المجلس “قرر أيضا دعوة التونسيين الى المشاركة بكثافة في الاستفتاء والتصويت بـ “نعم” انتصارا لدولة الشعب».
أما بقية الاحزاب المشاركة في حملة الاستفتاء فهي من خارج الائتلاف الحاكم السابق ومحيط حركة النهضة وحلفائها وغير ممثلة في البرلمان ومن بينها بالخصوص حركة تونس الى الامام والتيار الشعبي والتحالف من أجل تونس وحزب الحشد الشعبي وحزب الخضر للتقدم والشعب يريد.

مخاوف من اسلمة الدولة
في الاثناء، يواصل أساتذة القانون الدستوري الادلاء بدلوهم في مشروع زرع انقساما حدا بين النخب التونسية. وفي هذا السياق، أفاد أستاذ القانون العام، عياض بن عاشور، بأنّ الدستور الجديد هو دستور السذاجة ومكتوب بروح ماء الورد، وفق تعبيره، معتبرا أن هذا الدستور الجديد هو دستور رئاسوي ويمهد للاستبداد، وفق قوله.
وبيّن بن عاشور أن دستور 2022 لم يكترث بالمسائل الاقتصادية والاجتماعية، مبرزا أن جميع السلط تقريبا تعود لرئيس الجمهورية وهو المهيمن على دواليب الدولة، وهذا يخالف المبادئ الدستورية المبدئية.

وأبرز بن عاشور في تصريح اذاعي، أن منظومة 25 يوليو هي انقلاب على الدستور وكل ما يبنى على هذا الانقلاب باطلا، حسب قوله.
من جانبه، قال أستاذ القانون الدستوري ورئيس معهد تونس للسياسة، معلقا على نص مشروع الدستور: “هو دستور متخلف يُعيدنا إلى الوراء”، ونبّه بالقول “كأننا نؤسس إلى دولة إسلامية”، مشيرا إلى أنّ الفصل 5 من الدستور المقترح سوف يُسْتَعمل للحدّ من الحُرّية، لأنه لا يمكن فهم الفصول المتعلقة بالحُرّية، إلا بالعودة إلى الفصل 5 حسب مقاصد الاسلام الحنيف”، وفق قوله.
واضاف أنّ الدستور يفتقر لأيّ توازن يُمّكن من مُحاسبة الرئيس، فهو رئيس غير مسؤول، رغم أنّهُ يتمتع بكل الصلاحيات، فهناك اختلال كبير بين السلطات وهناك في بعض الأحيان دمج بين السلطات، التي أصبحت وظائف، وفق قوله.

وكشف الناشط السياسي حاتم المليكي أنّ توطئة مشروع الدستور الذي سيعرض على الاستفتاء مشابهة تماما لتوطئة الدستور الإيراني الذي يصوّر إيران على أنّها دولة ارتقت إلى الثورة الإسلامية، مشيرا الى أن فلسفة نص مشروع الدستور تتماشى مع التمهيد إلى دولة دينية.
وأوضح حاتم المليكي، أنّ مدنية الدولة أٌلغيت وعند إلغائها تصبح الدولة دينية وهذا ما يؤكده الدستور في فصوله عند القول إن الدولة تعمل على تحقيق مقاصد الشريعة الإسلامية،

ويمكن إلغاء باب الحقوق والحريات إذا اختلفوا مع مقاصد الشريعة والأخلاق العامة، وهذا ما يأخذنا إلى دولة دينية تحكمها هيئة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، حسب تصريحه.
وفسر المليكي، أن ما يسمى بالسلطة التشريعية لم يعد لديها معنى كبير نظرا لعدم تمكنها من مراقبة العمل الحكومي وسحب الثقة منها،
 مشيرا إلى أن المخاطر في الدستور متعدّدة، ومن الفصول التي ستدخل حيّز النفاذ هي الفصول المتعلقة بالرئيس.
   ويرى مراقبون، انه رغم احجام قوى سياسية ومدنية كبرى على الانخراط في مشروع الرئيس وتوسع حجم المعارضة للاستفتاء كجزء رئيسي من هذا المشروع، فإن الرئيس التونسي ماض في المسار الذي اختاره، معولا على شرعية شعبية اكتسبها خلال الانتخابات السابقة.

Daftar Situs Ladangtoto Link Gampang Menang Malam ini Slot Gacor Starlight Princess Slot
https://ejournal.unperba.ac.id/pages/uploads/sv388/ https://ejournal.unperba.ac.id/pages/uploads/ladangtoto/ https://poltekkespangkalpinang.ac.id/public/assets/scatter-hitam/ https://poltekkespangkalpinang.ac.id/public/assets/blog/sv388/ https://poltekkespangkalpinang.ac.id/public/uploads/depo-5k/ https://smpn9prob.sch.id/content/luckybet89/