بلومبرغ: 2020 عام الإخفاقات الإيرانية على كل الجبهات

بلومبرغ: 2020 عام الإخفاقات الإيرانية على كل الجبهات


لاحظ الكاتب بوبي غوش في مقال نشره في موقع بلومبرغ الأمريكي، أنه منذ ذروة الحرب مع العراق في أواسط الثمانينات، لم يمر عام بهذا السوء على إيران. وبالنسبة إلى الإيرانيين العاديين، جلب هذا العام الوباء والموت والجوع على نطاق لم يختبره إلا قلة. وبالنسبة إلى حكامهم الدينيين، تسبب هذا العام بسلسلة من الإحراجات والانتكاسات، في الداخل والخارج، كان أبرزها خسارة رمزين كبيرين للنظام.وبدأ العام بالنسبة إلى المرشد الأعلى علي خامنئي بمقتل قاسم سليماني قائد “فيلق القدس” في “الحرس الثوري” المصنف على لوائح الإرهاب الأمريكية، وذلك بواسطة طائرة بلا طيار استهدفت موكبه في بغداد في 3 يناير -كانون الثاني الماضي. وكان برفقته نائب رئيس هيئة الحشد الشعبي العراقي أبو مهدي المهندس.
وكانت الضربة موفقة جداً، إذ إن سليماني أدار ميليشيات ومجموعات إرهابية استخدمتها إيران لارتكاب عمليات قتل جماعي في أنحاء الشرق الأوسط. وذرف خامنئي الدمع خلال تشييع سليماني، بينما تعهد القادة البارزون في النظام بالانتقام.

مقتل سليماني
وبعد مضي 11 شهراً، لم يتم الثأر لمقتل سليماني بينما صدر تهديدان جديدة بالانتقام، لكن هذه المرة لاغتيال أبرز عالم إيراني في الأسلحة النووية محسن فخري زاده. وإمعاناً في إهانة النظام، قتل فخري زاده في ضواحي طهران، بما يفترض أنها عملية إسرائيلية.
وشكّل اسقاط طائرة ركاب أوكرانية بعيد إقلاعها من طهران في 8 يناير -كانون الثاني، نذيراً لمآسٍ جديدة. وكما جرت العادة، نفى النظام أول الأمر أن يكون صاروخ إيراني قد أسقطها، إلا أن لم يعد ممكناً الاستمرار بالكذب. ومرت مسألة مقتل 176 شخصاً كانوا على متنها دون عقاب.
وتكرر السيناريو عندما تفشى وباء كورونا. ولجأ المسؤولون إلى الإنكار والتشويش، حتى في وقت كان فيه معدل الوفيات، الأسوأ في المنطقة. وفي الوقت الذي أقفلت السلطات الحدود والمدن، كان النظام الصحي قد انهار فعلاً. وعمد النظام بعد ذلك إلى توجيه اللوم إلى العقوبات الأمريكية تارة، وإلى التأكيد أنه لا يحتاج إلى مساعدة خارجية تارة أخرى. وبينما طلب النظام مساعدة بخمسة مليارات دولار من صندوق النقد لمواجهة الفقر، لم يكن يواجه أية صعوبة في تمويل الحرس الثوري ونشاطاته التخريبية.

تدخلات خارجية
وإذا كانت الأمور بهذا السوء على الجبهة الداخلية، فإنها لم تكن أفضل في الخارج.
وواجهت استراتيجية إيران القائمة على التدخل بواسطة وكلاء في شؤون الدول المجاورة، تحديات صعبة، زادت تفاقمها خسارة سليماني، الذي كان المنفذ الرئيسي لهذه الاستراتيجية. وبعدما تقدمت روسيا وتركيا إيران، كلاعبين أساسيين في الحرب الأهلية السورية، فإن طهران وقفت عاجزة أمام الغارات الإسرائيلية المتكررة على الحرس الثوري وطرق إمداداته في سوريا. ووضع المأزق السياسي المستمر في لبنان-والتفجير المدمر في مرفأ بيروت- حزب الله حليف إيران، في موقف دفاعي.
وفي العراق، واجهت الأحزاب المدعومة من إيران استياءً شعبياً واسع النطاق، ولم تسفر هجمات الميليشيات الشيعية على المحتجين، سوى عن تعميق الانزعاج من التدخل الإيراني.
ويبدو رئيس الوزراء العراقي مصطفى الكاظمي أقل ارتهاناً لإيران من أسلافه، وإذا ما نجح في الدفع نحو إصلاح القانون الانتخابي، فإن الانتخابات التي ستجري الصيف المقبل، قد تسفر عن تقليل نفوذ الطائفية في الشؤون العراقية، وتالياً النفوذ الإيراني.
وبعدما بدا أن أمام إيران فرصة للحصول على أسلحة حديثة عقب انتهاء الحظر الذي كانت تفرضه الأمم المتحدة على تصدير السلاح إلى طهران، حالت العقوبات الأمريكية المتواصلة  دون ذلك.
إن نتائج الانتخابات الرئاسية الأمريكية، جعلت النظام الإيراني يتفاءل بعام 2021، وخصوصاً أن الرئيس المنتخب جو بايدن قد أظهر رغبة في إعادة الولايات المتحدة إلى الاتفاق النووي. وبناء على هذا الاحتمال صاغت الحكومة الإيرانية مشروع موازنة للعام المقبل أخذت فيها بعين الاعتبار العودة إلى المستويات السابقة من صادرات النفط.

المفاوضات النووية
لكن التفاؤل الإيراني لا يبدو في محله. إذ أنه بعد أسابيع من الانتخابات، بدأت إدارة بايدن تراوغ في ما يتعلق بالعودة إلى الاتفاق النووي، ولمحت إلى أن الرفع السريع للعقوبات التي فرضها ترامب ليس مطروحاً على الطاولة. ولهذا السبب، قال خامنئي، إنه كي تكون هناك مفاوضات، يتعين على الولايات المتحدة العودة إلى مرحلة ما قبل الانسحاب من الاتفاق.
وهكذا، تصل إيران إلى نهاية 2020، وهي تلتفت إلى الوراء بغضب وإحباط، وتنتظر بصبر العام المقبل. وعلاوة على الوباء، فإن الحدث الذي سيشكل العام 2021، هو الانتخابات الرئاسية في يونيو -حزيران المقبل. وفوز المتشددين المتوقع سيقوي مشاعر العداء للغرب ويكبح الديبلوماسية. وبعد عام من الإخفاقات على كل الجبهات، سيلجأ النظام إلى المصدر الوحيد لشرعيته، وهو العداء العميق لأمريكا الذي يؤمن البقاء لخامنئي ونظامه.