ينبغي لواشنطن أن تتعهد باحترام حكم محكمة العدل الدولية مهما كان

بلومبرغ: يجب على أمريكا الالتزام بسيادة القانون في الداخل كما في الخارج

بلومبرغ: يجب على أمريكا الالتزام بسيادة القانون في الداخل كما في الخارج


 قال الرئيس الأمريكي جو بايدن قبل بضعة أيام: «يجب احترام سيادة القانون، ولا ينبغي أن نسمح لأي شخص بهدمها. إن الأمر بهذه البساطة».
كان بايدن يشير إلى إدانة سلفه بـ 34 تهمة – وهو حكم يشمئز منه دونالد ترامب ومناصروه كي يقبلوا به. لكن بحسب الكاتب في شبكة «بلومبرغ» أندرياس كلوث، أمكن أن يتحدث بايدن عن القانون الدولي، الذي يواجه التهديد الأعظم بالانهيار منذ شكلت الولايات المتحدة معالمه الحديثة بعد الحرب العالمية الثانية. وإذا حدث ذلك فإن الولايات المتحدة وحليفتها إسرائيل ستتحملان قدراً كبيراً من اللوم.

اسم معبّر
في هذا الأسبوع، أقر مجلس النواب الأمريكي مشروع قانون مكافحة المحكمة غير الشرعية. يقول عنوان المشروع كل شيء. يستهدف المشروع المحكمة الجنائية الدولية في لاهاي، ويهدد بفرض عقوبات على أي من موظفيها الذين يحققون مع مواطني الولايات المتحدة أو إسرائيل. كان المقصود من ذلك إطلاق رد فعل سلبي على طلب المدعي العام للمحكمة الجنائية الدولية إصدار أوامر اعتقال ليس فقط ضد 3 من قادة حماس، ولكن أيضاً ضد اثنين من قادة إسرائيل، من ضمنهما رئيس الوزراء بنيامين نتانياهو.
وزعم المدعي العام من بين أمور أخرى أن الحكومة الإسرائيلية استخدمت المجاعة الجماعية سلاحاً حربياً، وهو يعد جريمة حرب. مع ذلك، كان إعلانه رمزياً إلى حد كبير. سيتعين على قضاة المحكمة أولاً الموافقة على طلبه. وحتى في تلك الحالة، ستتجاهل الولايات المتحدة وإسرائيل أوامر الاعتقال، لأنهما لم توقعا على نظام روما الأساسي الذي أنشأ المحكمة الجنائية الدولية.

مسرحيات سياسية
قد يكون قانون مكافحة المحكمة غير الشرعية الذي لا يحظى بأي فرصة في مجلس الشيوخ مسرحية سياسية. إنه أيضاً المشهد الأخير في دراما ملتوية حول علاقة أمريكا المتقطعة مع المحكمة الجنائية الدولية، ومع القانون الدولي بشكل عام. ساعدت أمريكا في صياغة نظام روما الأساسي في التسعينات ثم انسحبت منه. وفي عهد إدارة ترامب، فرضت واشنطن عقوبات على قاض ومحامٍ في المحكمة. وفي الآونة الأخيرة، بدأت إدارة بايدن، بدعم من الحزبين الجمهوري والديمقراطي، التعاون بشكل انتقائي مع المحكمة الجنائية الدولية لمحاسبة الرئيس الروسي فلاديمير بوتين على جرائم حرب في أوكرانيا. والآن انقلبت الولايات المتحدة مرة أخرى ضد المحكمة.
وتتكشف مسرحيات منفصلة لكن مشابهة في أماكن أخرى من لاهاي، في محكمة العدل الدولية، وهي المحكمة التي تستطيع جميع الدول الأعضاء في الأمم المتحدة مقاضاة الدول الأخرى أمامها. وفي قضية أثارت غضب معظم الإسرائيليين وغيرهم، اتهمت جنوب أفريقيا إسرائيل بارتكاب جرائم إبادة جماعية في قطاع غزة.

نوع من الدستور العالمي
علاوة على ذلك، ليست محكمة العدل الدولية سوى واحدة من ملاحق الأمم المتحدة. فميثاقها الذي صاغ جزء كبير منه حقوقيون أمريكيون في أربعينات القرن العشرين يمثل من الناحية النظرية نوعاً من الدستور العالمي، في حين أن مجلس الأمن التابع لها يشبه إلى حد كبير هيئة تشريعية عالمية، مع امتياز إصدار قرارات ملزمة يمكن إنفاذها بالقوة العسكرية.
مع ذلك، ينظر الإسرائيليون بشكل متزايد إلى نظام الأمم المتحدة برمته على أنه «الأداة المركزية لاختطاف وإفساد ‘القانون‘ الدولي ومبادئ ‘حقوق الإنسان‘ العالمية في خدمة الحرب ومعاداة السامية»..
 كما جاء في تقرير لمركز القدس للشؤون العامة. وقام جلعاد إردان الذي ينهي فترة ولايته سفيراً إسرائيلياً لدى الأمم المتحدة بتمزيق ميثاقها بشكل واضح، خلال خطاب ألقاه مؤخراً، ويعتقد أنه يجب وقف تمويل المؤسسة بأكملها.
أضاف الكاتب أن من السهل الاستهزاء بمجلس الأمن أو ازدراءه. خمسة من أعضائه الخمسة عشر دائمو العضوية ويتمتعون بحق النقض، ومن بينهم «القوى العظمى» الثلاث: الصين وروسيا والولايات المتحدة. على نحو متزايد، وبخاصة منذ 7 أكتوبر (تشرين الأول)، تستخدم الصين وروسيا حق النقض ضد أي شيء تقترحه الولايات المتحدة، والعكس صحيح؛ أو باستخدام الامتناع عن التصويت، هي تسمح فقط بتمرير القرارات الأكثر ضعفاً.

البديل غير سار
مرة أخرى، هل تعتبر الهيئات التشريعية والقضائية المحلية نموذجاً مثالياً لاتخاذ القرار العقلاني وغير المتحيز؟ في نهاية المطاف، إن المأزق هو نفسه الذي يواجه ترامب أو أي شخص آخر: لا يمكنك احترام القانون إلا فقط عندما تتفق معه.
والساحة الدولية هي بالضرورة أكثر فوضوية من أي جمعية أو وطنية، لأن للدول ذات السيادة مصالح ووجهات نظر عالمية متضاربة. لذلك، لا يمكن السخرية من الأمم المتحدة إلا إذا كان المرء مستعداً أيضاً للدعوة إلى إنشاء حكومة عالمية وشرح كيف يمكن اختيارها من دون حرب.
يتعين على الأمريكيين تحديداً أن يسألوا أنفسهم عن البديل للنظام القانوني الذي جعلته القيادة الأمريكية في مرحلة ما بعد الحرب ممكناً. فعندما يتآكل احترام القانون داخل الدول أو في ما بينها، تكون النتيجة دائماً الفوضى وهو ما يعني عادة في السياسة العالمية المزيد من الحروب.

نصيحة سفير أمريكي بارز
سأل الكاتب السفير الأمريكي المتجول السابق لقضايا جرائم الحرب ديفيد شيفر الذي قاد الفريق الأمريكي في التفاوض على نظام روما الأساسي خلال التسعينات وكتب مسوداته المبكرة عما يجب أن تفعله الولايات المتحدة وإسرائيل.
قال شيفر إنه يجب أن تتوقف كلتاهما عن تشويه سمعة المحكمة الجنائية الدولية. ويجب على القضاء الإسرائيلي أن يبدأ تحقيقاته الخاصة في مزاعم المدعي العام. وبطبيعة الحال، يريد شيفر أيضاً أن تنضم الولايات المتحدة إلى نظام روما الأساسي، ولهذا السبب طلب منه الرئيس السابق بيل كلينتون أن يتفاوض بشأنه. وبهذه الطريقة، سيكون لواشنطن أيضاً نفوذ داخل المحكمة وربما حتى قاضٍ. وينطبق المنطق نفسه على محكمة العدل الدولية.

صيت النفاق يطاردها
يتعين على الولايات المتحدة أن تتعهد باحترام الحكم مهما كان. لا يمكنها تحمل عدم القيام بذلك. أينما ذهب شيفر وغيره من الدبلوماسيين الأمريكيين، تكون الشكوى الأولى التي يسمعونها أن لدى واشنطن معايير مزدوجة: معايير لنفسها وحلفائها، وأخرى لجميع الآخرين. يقوض تصور النفاق القوة الناعمة للولايات المتحدة ونفوذها العالمي، مما يعيق واشنطن في تنافسها مع بكين وموسكو.
سنة 2024، سيتم اختبار التزام أمريكا بسيادة القانون في الداخل كما في الخارج. والمبدأ الذي ينبغي أن يسود هو أن كل شخص بريء حتى تثبت إدانته، لكن لا أحد، ولا حتى رئيس سابق، ولا أي دولة، ولا حتى قوة عظمى، فوق القانون.

Daftar Situs Ladangtoto Link Gampang Menang Malam ini Slot Gacor Starlight Princess Slot