بوسطن غلوب: من مصلحة العالم بقاء الاتفاق النووي ميتاً
لفت الكاتب السياسي في صحيفة “بوسطن غلوب” جيف جاكوبي إلى حجم الاعتراض الكبير الذي واجهه الاتفاق النووي في الكونغرس الأمريكي حين وقع عليه الرئيس الأسبق باراك أوباما سنة 2015. لم يحل أوباما الاتفاق إلى مجلس الشيوخ للمصادقة عليه كمعاهدة دولية. لو فعل ذلك لكان رفضه المجلس. عارض معظم السيناتورات، بمن فيهم الديموقراطي تشاك شومر الذي بات اليوم زعيماً للغالبية الديموقراطية، الاتفاق المعروف باسم خطة العمل الشاملة المشتركة. وعبّر الجمهور الأمريكي عن استيائه منه أيضاً. وجد استطلاع رأي لمركز بيو أن 20% فقط من المستطلعين دعموا الاتفاق أو وثقوا بأن إيران ستلتزم شروطه.
منذ البداية تقريباً، انتهكت إيران العديد من القيود التي فرضها الاتفاق و-أو القرارات الصادرة عن مجلس الأمن والمرتبطة به. لقد أخفت معلومات عن المفتشين الدوليين واختبرت صاروخاً بالستياً قادراً على حمل رؤوس نووية كما أعلنت أنها لن تقبل بأي قيود على تطوير برنامجها الصاروخي. صور أوباما الاتفاق على أنه سيشجع إيران على “التوافق مع العالم” لكن ذلك لم يكن حتى قريباً من التحقق. تدخلت إيران في الحرب الأهلية السورية وسلحت الحوثيين في اليمن واحتجزت سفينتين للبحرية الأمريكية وأهانت طاقميهما كما كررت دعوتها للقضاء على إسرائيل وواصلت دعم المجموعات الإرهابية. بالرغم من هذا السجل، خاض جو بايدن حملته الرئاسية بناء على تعهد بإعادة إحياء اتفاق أوباما النووي الذي انسحبت منه الولايات المتحدة في ولاية الرئيس السابق دونالد ترامب. طوال أشهر، كانت إدارة بايدن تتفاوض في فيينا للتوقيع على اتفاق مع إيران – واقترحت تقارير برزت خلال الأسابيع الأخيرة أن العودة إلى الاتفاق كانت وشيكة. لكنها لم تعد كذلك.
كشفت صحيفة وول ستريت جورنال الأمريكية مؤخراً أن روسيا التي كانت لاعباً أساسياً في محادثات فيينا اشترطت تأسيس ثغرة في العقوبات الاقتصادية المفروضة عليها بسبب غزوها غير الشرعي لأوكرانيا، من أجل مواصلة دعم الاتفاق الجديد. تطالب روسيا بضمانة مكتوبة كي يتم إعفاء تجارتها مع إيران من العقوبات في حال تمت إعادة إحياء الاتفاق النووي. لكن ذلك سيقوض الضغط المالي الدولي المفروض على روسيا بما يعزز قدرتها على تدمير أوكرانيا حسب جاكوبي. هذا تنازل ترفض إدارة بايدن تقديمه حتى للتوصل إلى الاتفاق. في هذه الأثناء، أصدرت إيران تذكيراً حديثاً بأنها ملتزمة نشر الإرهاب والعنف في الشرق الأوسط.
في الثالث عشر من الشهر الحالي، أطلقت إيران وابلاً من الصواريخ عبر حدودها إلى شمال العراق مستهدفة جوار منشأة القنصلية الأمريكية في أربيل. كان ذلك فعل تمرد مقصوداً تجسد في انتهاك السيادة العراقية والاعتداء على الولايات المتحدة. ولاحظ سيث فرانتزمان في صحيفة جيروزاليم بوست أن القنصلية لم تكن في مركز المدينة، وهذا يعني أنه كان ينبغي استهداف القنصلية بالضبط. وكتب فرانتزمان: “هذا هجوم إيراني على الولايات المتحدة في العراق”. سرعان ما تبنت إيران مسؤولية الهجوم وقال الحرس الثوري المصنف على لائحة وزارة الخارجية للتنظيمات الإرهابية إن الهجوم هو رسالة إلى إسرائيل.
طرأت جميع هذه التطورات بينما كان المشاركون في مفاوضات فيينا يحذرون من أن الاتفاق الجديد الذي يتم الإعداد له سيكون بمثابة استسلام من الولايات المتحدة. وفقاً للمسؤول السابق في وزارة الخارجية غابريال نورونها، وافقت إدارة بايدن “على رفع العقوبات عن بعض أسوأ الإرهابيين وممارسي التعذيب في النظام” بمن فيهم قائد الحرس الثوري خلال تفجير مقر المارينز في بيروت سنة 1983. بسبب عدم القدرة على غض الطرف عن هذه التنازلات، اختار ثلاثة أعضاء في الفريق الأمريكي المفاوض الانسحاب، بحسب ما كتبه نورونها على تويتر. أضاف جاكوبي أن الرد في مبنى الكابيتول على هذه التطورات تمثل في موجة معارضة متصاعدة لاتفاق جديد مع إيران. في 10 مارس، كتب نواب من الحزبين رسالة إلى البيت الأبيض ضمنوها لائحة طويلة من المخاوف والأسئلة بشأن الاتفاق الجديد المقترح. كانت الخلاصة لطيفة لكن قاطعة: “من الصعب تصور دعم لاتفاق على غرار ما تتم مناقشته علناً».