الرئيس المنتهية ولايته يواجه عمدة وارسو الليبرالي

بولندا: اختبار حاسم لحزب القانون والعدالة المحافظ...!

بولندا: اختبار حاسم لحزب القانون والعدالة المحافظ...!

-- تضع استطلاعات الرأي اليوم المعارض على قدم المساواة مع منافسه في حالة الجولة الثانية
-- يراهن الرئيس أندريه دودا على نجاح السياسة الاجتماعية للحكومة
-- هل سيكون فيروس كورونا أفضل حليف لمرشح المعارضة؟
--  سعى ترزاسكوفسكي إلى تعبئة سكان المدن الكبرى والمتوسطة، ويبقى الريف مدينا للقانون والعدالة
-- يرى التقدميون في رافال، الفارس القادر على إنقاذ بولندا من الثورة المحافظة التي أطلقها الحزب الحاكم


   هل أصبح فيروس كورونا أفضل حليف لرافال ترزاسكوفسكي؟ في أوائل مايو، كان الرئيس البولندي المنتهية ولايته أندريه دودا في طريق مفتوح لكسب ولاية ثانية.
 يتمتع المحافظ المتطرف بصورة جيدة، مدفوعة بسجل مشرف في التعاطي مع الأزمة الصحية والصحة الاقتصادية الجيدة للبلاد.حتى أن البعض تنبأ بانتصار في الجولة الأولى. لكن الاقتراع، الذي كان مقررا أصلا في 10 مايو، تم تأجيله بسبب الوباء الذي هدد السير السلس للانتخابات وقسّم الطبقة السياسية، ليجري الاقتراع اليوم الأحد. وفي الاثناء تمت إعادة خلط الأوراق.   اغتنمت المعارضة فرصة التأجيل لتغيير مرشحها. نائب رئيس البرلمان، مالجورزاتا كيداوا-بلونسكا، التي لم تحلق في استطلاعات الرأي، فسحت المجال لرئيس بلدية وارسو الشعبي، رافال ترزاسكوفسكي، الذي حقق انتصارا باهرا في أكتوبر 2018.
  الزعيم الجديد للمنصة المدنية، حزب ليبرالي ومؤيـــــد لأوروبا، جمـــــع في أقـــل من أسبوع أكثر بكثير من مئـــة ألف توقيــع مطلوب لتقديم ترشحه.
 وقرار تعيينه زاده على الفور ما قدره 20 نقطة في استطلاعات الرأي، بما يضعه اليوم على قدم المساواة مع منافسه في حالة الجولة الثانية.

مدينون لحزب
العدالة والقانون
  منذئذ، انعكس منحنى الاستطلاعات وتقلص الفارق بين المتنافسين الرئيسيين: يتمتع أندريه دودا الآن 42 بالمئة فقط من نوايا التصويت مقابل 28 فاصل 14 بالمئة لرافال ترزاسكوفسكي. وإذا كان فوز الرئيس المنتهية ولايته في الجولة الأولى واردا، فان مباراة صعبة تنتظر الأفضل حظا السابق في الجولة الثانية، مع ترحيل أصوات أكثر إيجابية إلى المعارض (المقرر إجراؤها في 12 يوليو).
  يراهن أندريه دودا على نجاح السياسة الاجتماعية للحكومة. ويستفيد الآن من برنامج الإعانة الأسرية المسمى “500 +” الموجه للعائلات منذ الطفل الأول، كما تم رفع الحد الأدنى للأجور، ويتمتع الشباب بإعفاء من ضريبة الدخل حتى سن 26 سنة. إن الأكثر حرمانًا، والذين يعيشون في المناطق الريفية، مدينون للحزب الحكومي، حزب القانون والعدالة بزعامة ياروسلاف كازينسكي، نتيجة الزيادة المسجلة في قدرتهم الشرائية.

المثلية أيديولوجية
   صنع رافال ترزاسكوفسكي اسمه عام 2019، عندما نفذ ميثاقًا لحماية حقوق المثليين بشتى أصنافهم في وارسو، وقدم دروسًا في التربية الجنسية في المدارس. ومنذئذ، وهو هدف رئيسي للإعلام العمومي، الذي يتهمه بـ “التحرش الجنسي بالأطفال”، وهو موضوع عائداته السياسية كبيرة في بولندا الكاثوليكية.
  وفي تراجع في استطلاعات الراي منذ ان أنهى رفع الحجر الصحي هيمنته الإعلامية، صرح أندريه دودا في اجتماع إن “المثليين ليسوا بشرًا، إنها أيديولوجية”، والتي يعتبرها “أسوأ من الشيوعية «.
  ولم يتردد المرشح المقرب من الكنيسة، خلال الحملة، في إعادة تأكيد كل الشر الذي يعتقده في أيديولوجية المثليين، التي تنتصب كتهديد ضد قيم الأسرة: “خلال الحقبة الشيوعية بأكملها، تم فرض الإيديولوجية الشيوعية على الأطفال... وكانت البلشـــفية. واليـــــوم يحاولـــون غرس أيديولوجية جديدة فيهم، إنها نوع من البلشفية الجديدة”، شدد أندريه دودا.
   أخيرًا، استغل زيارة في اللحظة الأخيرة إلى واشنطن لتأمين دعم الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، ويمكنه أن يعلن للبولنديين الأطلنطيين أن الولايات المتحدة ستقدم قوات إضافية ضد التهديد الروسي.

سلطة مضادة
  بدلاً من ذلك، سعى رافال ترزاسكوفسكي إلى تعبئة سكان المدن الكبرى والمتوسطة. وللحاق بالركب، جاب البلاد في جميع الاتجاهات، حيث زار ما يصل إلى خمس بلديات في اليوم.
  المرشـــــح، الشــــــــاب، الودود، والحريص على أن يبقى معتدلًا في نبرته، يعد ببناء بولندا “التي لا تسيء إلى أي شخص” ولعب دور حقيقي كسلطة مضادة، باستخدام حق النقض والمبادرة التشريعية الممنوحة لرئيس الجمهورية.
   إن وصول خصم على رأس الدولة سيحبط حركة “حزب العدالة والقانون’’ في اعتداءاته المتكررة على استقلالية القضاء والإعلام.

ممثل لفترة قصيرة
   فرصوفي أصيل، ابن عازف بيانو وحفيد لغوي، كان ترزاسكوفسكي في مناسبتين وزيرا عام 2010، الشؤون الرقمية ثم الشؤون الأوروبية، نائب في البرلمان الأوروبي والديات. دكتوراه في العلوم السياسية، درس في باريس وأكسفورد. وبالنسبة للمسة الفنية، مارس وهو طفل التمثيل لفترة قصيرة.   وللمسة التقليدية، هو متزوج وأب لطفلين وكاثوليكي ممارس لشعائره. ومنذ أن أصبح مرشحًا، قاد ترزاسكوفسكي حملة ديناميكية جمعت حشودًا من الناس يلوحون بالأعلام البولندية والأوروبية... علامة على شعبيته.

بالنسبة إلى سكان
 الريف، يجسد النخبة
  بالنسبة إلى التقدميين، هو الفارس الأبيض القادر على إنقاذ بولندا من الثورة المحافظة التي أطلقها حزب القانون والعدالة عام 2015. ويقول صديق طفولته الممثل ميشال زبروفسكي عنه أنه “لا يستهويه المال بل المعرفة والثقافة”. إن إتقانه للغات الأجنبية (يتحدث الإنجليزية والفرنسية والروسية والإيطالية والإسبانية) أكسبه مقالات متوهجة تمدحه.
   ولكن بالنسبة للناخبين المحافظين والريفيين، فهو يجسد النخبة المتعالية والمنفصلة عن الناس.
 وتثير تجربته الدولية نظريات المؤامرة: بالنسبة لنائب حزب القانون والعدالة اركاديوز مالكشيك، فان ترزاسكوفسكي هو “رجل يمثل المصالح الأجنبية “في بولندا”، تحت إمرة برلين وبروكسل والملياردير جورج سوروس.
 والأسوأ، أن المرشح الليبرالي، إذا نجح، سيستخدم المال العام للتعويض عن الخسائر التي تكبدها اليهود البولنديون خلال الحرب العالمية الثانية، وفق “تي في بي”، التلفزيون العام البولندي، الأداة الدعائية لحزب القانون والعدالة، الذي رفع رافال ترزاسكوفسكي قضية ضده.
   ولئن يسمح لنفسه بمهاجمة الرئيس دودا من وقت لآخر، يدعو رافال ترزاسكوفسكي خلال اجتماعاته للتسامح والسلام: “يجب علينا إعادة بناء العلاقات بين البولنديين... لندع هؤلاء السياسيين يتجادلون ويتخاصمون، ولنعتني بأهم شيء: الحوار “. ووعد في رسالة إلى ناخبي حزب القانون والعدالة: “أنا لست عدوكم”... ليس مؤكدا أنهم سمعوه.