بين «كماشة الحرب» وإرث السوفييت.. مركزية القيادة «تفتك» بالجيش الأوكراني

بين «كماشة الحرب» وإرث السوفييت.. مركزية القيادة «تفتك» بالجيش الأوكراني


رأى تقرير لصحيفة وول ستريت جورنال الأمريكية أن الجيش الأوكراني بات عالقاً في عقلية القيادة السوفيتية الصارمة، ما يفاقم الخسائر البشرية ويضعف الروح المعنوية في صفوف القوات والمجتمع.
 وأوضح أنه في العام الأول من الحرب الروسية الأوكرانية، نجحت القوات الأوكرانية في التفوق على الجيش الروسي عبر المبادرة الميدانية والابتكار، إلا أن السنوات اللاحقة شهدت عودة إلى نمط مركزي في اتخاذ القرار.
وقال التقرير إن هذا النمط يتجاهل أحياناً الواقع الميداني، ويعتمد على أوامر هجومية متكررة رغم قلة فرص النجاح، الأمر الذي أدى إلى خسائر غير ضرورية في الأرواح.
ونقلت الصحيفة عن ضباط وجنود أوكرانيين شكواهم من أن القيادة العليا تعاقب المبادرات الفردية وترفض السماح بالانسحابات التكتيكية لإنقاذ الأرواح، وهو ما يترك الوحدات في مواقع مهددة بالحصار أو التدمير.
ولجأ بعض القادة الميدانيين إلى اتخاذ قرارات مستقلة لتجنب الكارثة، لكنهم واجهوا لاحقاً تحقيقات بتهم التخلي عن المواقع، بحسب الصحيفة.
وأشار التقرير إلى أن هذه المركزية المفرطة تضر أوكرانيا أكثر من روسيا، إذ إن الأخيرة قادرة على تعويض خسائرها البشرية بسهولة أكبر، بينما يواجه الجيش الأوكراني صعوبة متزايدة في التجنيد، خاصة مع تراجع حماسة التطوع منذ 2022 وانتشار قصص عن تدريب ضعيف وإرسال مجندين غير مؤهلين مباشرة إلى الجبهات.
ورأت الصحيفة أن هذه الأزمة تعكس الصراع الأوسع داخل أوكرانيا بين إرث الدولة السوفيتية ومساعي التحول إلى نمط غربي ديمقراطي. 
وقالت إنه رغم جهود إدخال عقيدة «القيادة بالمهمة» المستوحاة من حلف شمال الأطلسي «الناتو»، التي تمنح القادة الميدانيين حرية تحديد أسلوب تنفيذ الأوامر، ما زال التطبيق محدوداً، وغالباً ما يتدخل الجنرالات مباشرة في تفاصيل المعارك، ما يؤدي إلى قرارات متأخرة أو غير مناسبة.
واستشهد التقرير بمعركة باخموت كنموذج لاستنزاف القوات في مواجهات طويلة رغم وضوح الحاجة للانسحاب، وهو ما منح قائد القوات البرية آنذاك، الجنرال أولكسندر سيرسكي، لقب «الجزار» في أوساط الجنود. 
ورغم الإعلان لاحقاً عن إصلاحات لتحسين التدريب واستخدام الطائرات المسيرة، يرى كثير من الضباط أن المشكلة أعمق من الأشخاص وأنها تكمن في الثقافة المؤسسية للجيش.
وفي ظل استمرار روسيا في تحقيق تقدم محدود لكنه ثابت، حذرت وول ستريت جورنال من أن بقاء الجيش الأوكراني أسير ذهنية القيادة السوفيتية قد يعرّض قدرته الدفاعية للخطر، خاصة إذا ترافق مع إنهاك الدعم الغربي وتآكل المعنويات الداخلية.