فيروس كورونا مرّ من هنا:

بين إيطاليا وأوروبا، الأعلام تحترق...!

بين إيطاليا وأوروبا، الأعلام تحترق...!

-- لا يجب إساءة تقدير المعاداة الصامتة للأوربة، التي انتشرت في مختلف الفئات الاجتماعية
-- تكشف الظاهرة عن مشاعر معادية لأوروبا تتجلى بقوة أكبر في هذه الأسابيع المأساوية
-- أشعل الإيطاليون، المقربون من أقصى اليمين، النار في الأعلام الأوروبية
-- لم يشعر الإيطاليون بالمساعدة، خاصةً أن شهادات التضامن وصلت من الصين وروسيا وحتى ألبانيا
-- هناك خطر كبير من أن تتسع الجبهة المعادية لأوروبا في ألمانيا، وهي أخطر من الشعبوية الإيطالية


     في الوقت الذي تنكّس فيه جميع بلديات إيطاليا الأعلام الوطنية حدادا على أكثر من 13 ألف من ضحايا فيروس كورونا، فإن الصور المنشورة على شبكة الإنترنت الإيطالية لحرق الأعلام الأوروبية تسبّب صدمة –من مفارقات اللحظة -يمكن أن وصفها بالـ “فيروسية».
   «يظهر الاتحاد الأوروبي نفسه كما كان دائمًا: وكر مُرابين، تهمّهم فقط أموالنا.
 لا يوجد تضامن أوروبي، إنهم بارعون فقط في طعننا في الظهر... لننهي هذا الكابوس... نحن الإيطاليون، # لننقذ أنفسنا بأنفسنا».
   الظاهرة، بالتأكيد، لمتطرفين معزولين، ولكنها تكشف عن مشاعر معادية لأوروبا لئن كانت منتشرة دائمًا في المجتمع الإيطالـــي، فإنها تتجلى بقوة أكبر في هـــــذه الأســـابيع المأساوية من الطوارئ الصحية.
  فقد اختار بعض رؤساء البلديات، المقربين من حزبين سياديين، الرابطة وفراتلي دي ايطاليا، التخلي عن عرض العلم الأوروبي الأزرق وبنجومه الصفراء، وهي حركة طالبت بها رئيسة فراتلي دي إيطاليا (أقصى اليمين) جورجينا ميلوني، الصاعدة في استطلاعات الرأي.
 

  
وما يفسر هذه الظاهرة، هو الحاجة القوية لأوروبا، وللتآزر والتضامن بين الدول الصديقة، والذي لم تتبعه بعد استجابة متماسكة في حجم أعظم أزمة اقتصادية واجتماعية وصحية منذ نهاية الحرب العالمية الثانية...
 بل هي أزمة أكبر بكثير، حيث إنه لم يتوقف أي شيء تمامًا، حتى أثناء الحرب، ولم يتم أبدًا حجز أكثر من 3.9 مليار شخص... إنه انفجار التحضر والعولمة. لم يشعر الإيطاليون، مواطنو دولة مؤسّسة، وكانوا على الدوام أكثر انتماء لأوروبا من الشعوب الأخرى، لم يشعروا بالحماية والمساعدة في هذه الأوقات الصعبة، خاصةً أن شهادات التضامن وصلت من الصين وروسيا وحتى ألبانيا.

أعمال معزولة ولكنها رمزية
   أفعال معزولة لا يمكن خلطها مع المواقف السياسية للحكومة وأغلبية المواطنين. وهي رياضة شائعة بين المتطرفين لاستهداف مجموعات عامة بعبارات قوية. ففي لندن، أضرم أنصار البريكسيت النار في الراية الأوروبية، وفي المظاهرات الباريسية، “السترات الصفراء” أيضًا. وجميعها افعال تذكّرنا بالإهانات التي تلحق العلم الأمريكي في ظروف الصراع: أحداث متفرقة، ولكنها مناسبة بشكل مثالي للانتشار الإعلامي.
   في المقابل، لا يجب التقليل او سوء تقدير المعاداة الصامتة للأوربة، ذاك العداء الذي انتشر في مختلف الفئات الاجتماعية، عداء عززته العديد من الشعارات والأخبار الزائفة التي يستخدمها القادة الشعبويون في الوقت المناسب لتعزيز دعايتهم.
   إلى الهدف العام (أوروبا، زوجة الأب الأنانية في المخيال الجمعي) انضافت وقائع محرجة، حتى في أعين المتحمسين المؤيدين لأوروبا: الحذر الأولي من البنك المركزي الأوروبي، الخطأ الدولي للرئيسة كريستين لاغارد التي بدت وكأنها تتحدث عن “انتشار” من كوكب آخر، وفشل القمة الأوروبية الأخيرة، ومقاومة أنجيلا ميركل لفرضية “السندات الكورونية” أو “السندات الأوروبية”، وتدخل مؤسف من قبل أورسولا فون دير لين (“سندات اليورو ليست سوى شعار”) تصريح لا يليق من جانب رئيسة مفوضية كان المطلوب منها الوقوف فوق الأحزاب.
   إن الغضب الواضح للرئيس ماكرون ورئيس الوزراء الإيطالي كونتي، له في الوقت الحالي، تأثير معاكس يعزز المواقف السيادية والمتشككة في أوروبا، أي بمعنى: كنا على حق، نحن لا نتعامل مع أوروبا هذه، من الأفضل التصرف بمفردنا.
   يجب أن نضيف بأنّ رمز هذه الأعلام الأوروبية المحترقة قد أظهر أيضًا موجة من الانتقادات ضد ألمانيا شارك فيها محررون وسياسيون من ذوي القناعات الأوروبية.
   وفي هذا التصادم بين المشاعر والدعاية، يجب أن نحلل العلاقة بين السبب والنتيجة، بين مختلف الحركات السيادية الأوروبية، التي يحركها العداء نفسه  تجاه بروكسل، ولكنها لا تتضامن فيما بينها بأي شكل من الأشكال. إن حذر أنجيلا ميركل –”مدام نين”، كما لقّبها ساركوزي -هو أيضًا نتيجة للقوة المتزايدة للتيار السيادي الألماني، عبر التكييف المناهض لأوروبا من حزب البديل من أجل المانيا، الحركة اليمينية المتطرفة التي خلقت دعاة في الجامعة بين الأكاديميين والاقتصاديين.
خطر توسيع الجبهة المعادية لأوروبا
   اذن، هناك خطر كبير من أن تتسع الجبهة المعادية لأوروبا في ألمانيا، وفي جوانب معينة هي أكثر خطورة من الشعبوية الإيطالية. وقد سبق الشعور بالتهديد، عام 2015، عندما قررت أنجيلا ميركل ذاك الاستقبال المدوي لما يقرب من مليون لاجئ سوري، وهي حركة املتها الرغبة في استعادة صورة دولة منفتحة ومتسامحة ومتضامنة، بعد الإدارة الكارثية للأزمة اليونانية (شيء صغير مقارنة بطوارئ كوفيد 19، والتي لم نستخلص منها بعد أي عبرة او درس.)
   يجب أن نعتبر أن الألمان، بحكم طبيعتهم، وبسبب التاريخ الحديث، حساسون لأقل ترنّح لاقتصادهم... انهم أصلا مرتعبون من أزمة السيارات وعلامات الركود في أواخر عام 2019...    وماذا سنقول اليوم ؟وقد قررت الحكومة أن تضع جانباً طوطم توازن الميزانية حتى تتمكن من مساعدة العائلات والصناعات! إن أنجيلا ميركل في نهاية ولايتها، ولن تسعى للحصول على ولاية أخرى، وأملنا أن تبقى في التاريخ باعتبارها السيدة التي أنقذت أوروبا، وتبنّت شعار توماس مان (أريد ألمانيا أوروبية وليس أوروبا الألمانية) ولا سيما القائدة التي ساهمت في دفنه.    ولكن، لماذا إذن “النّين” اللحظة؟ ينسى الكثيرون السيرة الذاتية، والتكوين السياسي والثقافي للشرق الشيوعي، والحالة الذهنية لـ “موتي” الكبيرة، الأم الخائفة التي تدير الدولة مثل “ربة منزل شوابية” بحكمة (قالت أنجيلا) ، إنه حذر تعوّد على تقييم الخيارات قبل اتخاذ المبادرة، وبناء حلول وسط شاقة، واتخاذ القرار في النهاية، وفي بعض الأحيان مناقضة ومفاجئة للجميع. فضلا على انها ليست المرة الأولى: لهذا يثق شعبها بها ... لقد أظهرت ذلك في الأسابيع الأخيرة، بانتظارها أكثر من اللازم، قبل أن تقتنع بأن الوباء سيؤثر فعلا على ألمانيا.
   الأمل في إطفاء الحريق... سيكون ذلك أفضل من النفخ على الجمر... واليوم، أكثر من أي وقت مضى، أصبحت أوروبا بين يديها.   

 

Daftar Situs Ladangtoto Link Gampang Menang Malam ini Slot Gacor Starlight Princess Slot