تدخلات تركيا وروسيا في الأزمة الليبية تُعقد جهود السلام

تدخلات تركيا وروسيا في الأزمة الليبية تُعقد جهود السلام

اعتبر الكاتب البريطاني في الشؤون الديبلوماسية باتريك وينتور أن قيمة الالتزام بالتعهدات في اجتماع “برلين 2” الافتراضي حول ليبيا، مرهون بالتزام القوى الخارجية، بما في ذلك تدخل روسيا وتركيا الذي يُمكن أن يعرقل جهود تشكيل حكومة وحدة وطنية مؤقتة، تمهيداً لإنهاء الصراع الذي استمر سنوات بين حكومة الوفاق، وقوات المشير خليفة حفتر.
«وأشار وينتور، في تقرير في صحيفة “ذا غارديان” البريطانية، إلى أن الصراع الليبي يتعدّى الصراع الداخلي طويل الأمد على السلطة، ليكون جزءاً من “نزاع جيوسياسي” أوسع بين القوى الخارجية، خاصة تركيا التي تدعم حكومة “الوفاق” في العاصمة طرابلس، وروسيا التي تقف مع قوات حفتر في شرق البلاد، في وقت يتزايد فيه تأثير السياسة الخارجية الحازمة على الدول بدءاً من شرق المتوسط إلى أذربيجان.
التزام تركي تجاه “الوفاق»
قبل اجتماع برلين، ضاعف الرئيس التركي رجب طيب أردوغان التزامه العسكري والسياسي تجاه حكومة “الوفاق”، ما يُقلّل فرص انسحاب القوات التركية من الأراضي الليبية. في الوقت ذاته، يتحرّك مرتزقة “فاغنر” المدعمون من روسيا لتعزيز مواقعهم العسكرية في الشرق الليبي.
ووعد أردوغان، في اجتماع وزاري رفيع المستوى بين حكومة الوفاق والحكومة التركية في اسطنبول الأحد الماضي، بتوسيع الاستثمار في ليبيا.
وفي نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي، وقعت تركيا مع الوفاق، اتفاقية للتنقيب عن النفط تتعارض مع حقوق اليونان وقبرص في شرق البحر المتوسط.
وتوسطت ألمانيا، التي استضافت الاجتماع الافتراضي، أيضاً بين تركيا واليونان، ومنعت الاتحاد الأوروبي حتى الآن من فرض عقوبات على تركيا لإرسالها سفن استكشاف مدعومة عسكرياً إلى المياه اليونانية والقبرصية.
كما عُرض على تركيا إجراء محادثات حول اتحاد جمركي حديث مع الاتحاد الأوروبي إذا وافقت على الوساطة حول حقوق التنقيب.
ونظراً للقدرات العسكرية المتدنية لحكومة الوفاق، فإن أردوغان هو الشريك الرئيسي في العلاقة، ويُمكنه استخدام الاتفاقية مع الوفاق، وسيلة ضغط في المحادثات مع الاتحاد الأوروبي.
وأشار حلفاؤه في اجتماع اسطنبول إلى أنه يرغب في أن يُعيد رئيس الوزراء الليبي فائز السراج النظر في خطّته للاستقالة في نهاية الشهر الجاري، الخطوة التي يبدو أنها أشعلت فتيل معركة على السلطة في غرب ليبيا، الذي تُسيطر عليه الوفاق.
ألمانيا...الوسيط “النزيه»
وفي الاجتماع الافتراضي، قال الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش: “هناك فرصة نادرة لإحراز تقدم حقيقي”، مضيفاً أن “على جميع الأطراف الخارجية ذات النفوذ أن تضع السلام في سلم الأولويات».
في يناير (كانون الثاني) الماضي، استضافت برلين اجتماعاً حول ليبيا، لتُصبح “الوسيط النزيه” في هذه الخلافات المتصاعدة، فيما تسعى لتشكيل حكومة وحدة وطنية جديدة قبل الانتخابات الوطنية المقترحة.
وتبني برلين آمالها على محادثات سياسية وعسكرية واقتصادية بين شرق ليبيا وغربها عُقدت في الأشهر الماضية في مصر، وسويسرا، والمغرب.
وبموجب الخطة، سيتشكل مجلس رئاسي مؤقت جديد من ثلاثة أعضاء، ينتمون لثلاث مناطق في ليبيا، برقة، وفزان، وطرابلس. وعُقدت محادثات لتحديد أعضاء المجلس، ومؤسسات رئيسية أخرى مثل البنك المركزي، في المغرب في نهاية الأسبوع.
كما وعدت الولايات المتحدة، التي غالباً ما تُتهم بإهمال ليبيا، لصالح تركيا وروسيا، بنشر “ترسانتها الديبلوماسية” الكاملة للتوسّط في السلام.
وتزعم ألمانيا أن الآمال التي تعقدها على الاتفاقات الموقّعة في برلين، أصبحت “أكثر منطقية”، بعد فشل الجنرال خليفة حفتر في السيطرة على طرابلس.
ومنذ ذلك الحين، حاول عقيلة صالح رئيس البرلمان في شرق ليبيا، استغلال تحوّل حفتر العسكري لتعزيز نفوذه، ولعب دوراً بارزاً في المحادثات مع حكومة الوفاق في طرابلس.
تتمحور معظم الخلافات بين الأطراف الليبية حول التوصّل إلى إجماع على توزيع عادل لعائدات النفط في جميع أنحاء البلاد، إذ يتعيّن على شرق ليبيا، أين يقع العدد الأكبر من حقول النفط الكبيرة، إرسال عائدات النفط عبر مؤسسة النفط الوطنية الليبية إلى البنك المركزي لتوزيعها في جميع أنحاء البلاد، ليُنفق جزء كبير منها على رواتب القطاع العام.