لا يزال يُنظر إلى واشنطن بوصفها أقدر شريك أمني

تراجع النفوذ.. الاستراتيجية الأمريكية المتحولة في العراق

تراجع النفوذ.. الاستراتيجية الأمريكية المتحولة في العراق

أضاعت الولايات المتحدة فرصة ثمينة لاستخدام نفوذها في العراق لتشجيع حكومته على تطبيق إصلاحات يطالب بها المنتفضون العراقيون منذ أكثر من ستة أشهر، وصد إيران.
ويعزى ذلك في رأي إليزابيث دينت، الباحثة غير المقيمة في برنامج محاربة الإرهاب والتطرف لدى معهد الشرق الأوسط، لسببين، أولهما تراجع النشاط الديبلوماسي في العراق منذ بداية عهد الرئيس دونالد ترامب، فضلاً عن سلسلة من الأنشطة التصعيدية ضد إيران، ومنها اغتيال جنرال إيراني بارز ومعه قائد ميليشيا عراقية في بغداد، في بداية يناير(كانون الثاني) لماضي.

وترى دينت أن على الإدارة الأمريكية تعديل استراتيجيتها لضامن سلامة ما تبقى من قواتها في العراق، وتحقيق طموحاتها السياسية في ذلك البلد.  ففيما تراجع النفوذ الأمريكي في العراق، لا يزال يُنظر إلى واشنطن بوصفها أقدر شريك أمني، وقادرة على ممارسة النفوذ من خلال ضغط اقتصادي، مثل العقوبات.
ومن هنا، ترى كاتبة المقال أن على الولايات المتحدة استخدام كل ما تبقى لها من نفوذ ديبلوماسي وعسكري في العراق لدفع حكومته الحالية على تشريع إصلاحات واسعة النطاق، تماشياً مع مطالب المنتفضين، في تناقض مباشر مع محاولات إيرانية تضييق الخناق على الإصلاحات الحكومية.
وخرج العراقيون ضد حكومتهم منذ أكتوبر(تشرين الأول) الماضي، مطالبين بإنهاء الفساد، وتوفير فرص عمل، والاستثمار في البنية التحتية، والخدمات العامة، وتحقيق آمال بحياة أفضل.

ومنذ بداية الاحتجاجات، قُتل حوالي 600 منتفض، معظمهم على يد ميلشيات تدعمها إيران، ويشاع أنها تورطت أيضاً عمليات خطف وضرب، والأسوأ منه اعتقال كل من يشارك في تنظيم الاحتجاجات. وقادت الاحتجاجات لاستقالة رئيس الوزراء عادل عبد المهدي في نوفمبر(تشرين الثاني) الماضي، الذي لا يزال يحكم بشكل مؤقت، في انتظار تسمية رئيس وزراء جديد.  وانسحب آخر مرشح للمنصب، محمد توفيق علاوي، في بداية الشهر الجاري، بعد فشله في تشكيل حكومة ضمن المدة الدستورية المحددة بـ30 يوماً. وانصب غضب المنتفضين على تنظيمات مدعومة إيرانياً، وعلى قادة سياسيين يخضعون للنفوذ الإيراني.

لكن بعد اغتيال سليماني، ومهدي المهندس، في 3 يناير( كانون الثاني)، واجهت الولايات المتحدة رد فعل عنيف، واحتجاجات حاشدة، وتصويت البرلمان على إنهاء الوجود العسكري في العراق، وسط ضغط واسع النطاق من قوميين عراقيين سئموا اتخاذ بلدهم ساحة معركة.
وترى الكاتبة أن إضعاف إدارة ترامب للوجود العسكري والنفوذ الأمريكي في العراق، كانت له عواقب وخيمة على سياساتها الخارجية والدفاعية، وزاد خطر تعرض الجنود الأمريكيين لإصابات هناك. كما أصبح للتصعيد الأمريكي ضد إيران أولوية على السياسات الأمريكية في العراق، ومن بينها هزيمة دائمة لداعش وفلوله، ودعم استقرار عراق موحد وديمقراطي، والمساعدة في بناء مؤسسات وقدرات ليدير العراق شؤونه.

ومن شأن الوضع السياسي المضطرب، مترافقاً مع تراجع الوجود الديبلوماسي الأمريكي، بما فيه إغلاق القنصلية في البصرة، وتخفيض عدد العاملين في السفارة الأمريكية في بغداد، أن يهدد بتعطيل سنوات من الاستثمار في إعادة الإعمار، والاستقرار.  كما خلفت الاستراتيجية الأمريكية بيئة أكثر خطورة لما تبقى من القوات الأمريكية، بعد أن قُتل في العراق، في الأشهر الثلاثة الماضية وحدها، خمسة أمريكيين وبريطاني.

وبعدما هدد الرئيس الأمريكي دونالد ترامب بفرض عقوبات على العراق، وطالب بسداد كلفة بناء قواعد عسكرية، تقول الكاتبة إنه بحث مع الرئيس العراقي برهم صالح، بدافوس في مطلع العام الجاري، مسألة سحب عدد من الجنود الأمريكيين من العراق مبدياً استعداده للرحيل عن هذا البلد بشكل غير محرج للولايات المتحدة.
إلى ذلك، تشدد الكاتبة على وجوب تعديل الاستراتيجية الأمريكية في العراق، التي كانت تركز بوضوح على محاربة إيران، إذا كانت الولايات المتحدة حريصة على تحقيق أي من تطلعاتها السياسية، أو ضمان سلامة ما تبقى من عامليها هناك.

ولتحقيق تلك التطلعات، ترى الكاتبة أن على الولايات المتحدة أن تعيد تركيز استراتيجيتها على محاربة إيران باستخدام ما تبقى لها من قوة ناعمة، وقوة ديبلوماسية وعسكرية، ونفوذ، وبالتعاون مع قوى غربية أخرى، لمناشدة الحكومة العراقية لتشريع تعديلات يطالب بها المنتفضون.
ولتحقيق تلك الغاية تستطيع الولايات المتحدة اتباع نفس الطريقة التي عملت عليها مع منظمات دولية للحد من أساليب التعذيب، وتعزيز إصلاحات ضمن النظام القضائي العراقي.

Daftar Situs Ladangtoto Link Gampang Menang Malam ini Slot Gacor Starlight Princess Slot