ترامب 2025.. تجديد رؤية «أمريكا أولًا» وتأثيراتها على الداخل والخارج

ترامب 2025.. تجديد رؤية «أمريكا أولًا» وتأثيراتها على الداخل والخارج


بات واضحًا مع فوز دونالد ترامب في الانتخابات الرئاسية الأمريكية لعام 2024، أن الولايات المتحدة ستدخل مرحلة جديدة من السياسات الداخلية والخارجية التي تتمحور حول رؤية «أمريكا أولًا» التي تبناها ترامب خلال فترته الأولى (2017-2021).
وتثار تساؤلات متعلقة بالقرارات التي سيتخذها في حال توليه الرئاسة مجددًا في يناير-كانون الثاني 2025، وتتمثل هذه القرارات في إعادة هيكلة السياسة الأمريكية بشكل يتناسب مع مواقفه السابقة التي تركز على تقليص التدخلات الخارجية، وتعزيز المصالح الاقتصادية الداخلية، بالإضافة لتقوية التحالفات التقليدية للولايات المتحدة.

السياسات الداخلية.. الهجرة أولاً
يُعد ملف الهجرة من أولويات ترامب في حال عودته إلى البيت الأبيض.
وطوال رئاسته الأولى، جعل ترامب مسألة الحد من الهجرة غير الشرعية من أهم محاور سياساته، فقد سعى إلى بناء الجدار الحدودي مع المكسيك، وفرض قيود صارمة على دخول اللاجئين والمهاجرين من بعض البلدان.
ومن المتوقع أن يعيد ترامب تركيز جهوده على هذه السياسات. وطبقًا لصحيفة «واشنطن بوست»، سيواجه ترامب تحديات في تنفيذ هذه السياسات بشكل كامل، لكن من المحتمل أن يسعى لتمويل مشروع الجدار عبر صفقات مع أعضاء الحزب الجمهوري.
ويُتوقع أن يعيد فرض بعض القوانين الخاصة بالهجرة التي قد تضمن فحصًا أكثر تشددًا للمهاجرين، خصوصًا من الدول التي تعدها الإدارة الأمريكية ذات صلات بالإرهاب أو الهجرة غير الشرعية.
بالإضافة إلى ذلك، قد يوسع ترامب من سلطاته في إدارة الحدود عبر تعزيز استخدام التكنولوجيا وتوسيع فرق التفتيش.

الملف الاقتصادي
من المتوقع أن يركز ترامب بشكل مكثف على الاقتصاد الأمريكي في ولايته الثانية، إذ سيركز على خفض الضرائب، خاصة على الشركات الكبرى، وهو ما ينسجم مع سياسته السابقة التي شجعت على خفض الضرائب بهدف تحفيز النمو الاقتصادي.
في تقرير سابق لوكالة «بلومبرغ» توقع محللون أن يعزز ترامب «إصلاحات الضرائب» التي بدأها في ولايته الأولى..
 وقد يسعى إلى تقليص الضرائب على الأفراد والشركات في الولايات المتحدة لتشجيع إعادة استثمار الأموال داخل البلاد.
وذكر المحللون أن ترامب سيظل ملتزمًا بسياسة «إعادة تصنيع أمريكا»، من خلال دفع الشركات الكبرى للعودة إلى الولايات المتحدة واستثمار المزيد في الصناعة المحلية.
هذا بالإضافة إلى محاولة تقليص القيود التنظيمية التي فرضتها إدارة الرئيس السابق باراك أوباما، بما في ذلك القوانين البيئية التي عدّها ترامب عائقًا أمام النمو الاقتصادي.

السياسة الإعلامية
من القضايا المثيرة للجدل خلال فترة ولاية ترامب الأولى كانت علاقته بالإعلام، فقد هاجم وسائل الإعلام التي انتقدته بشدة.
ويُتوقع أن يتبنى ترامب سياسة أكثر تشددًا تجاه وسائل الإعلام، خصوصًا تلك التي يعدها «غير موالية» له.
وتقول صحيفة «نيويورك تايمز»، إن ترامب قد يسعى إلى فرض مزيد من القيود على الإعلام من خلال قوانين جديدة قد تستهدف منصات وسائل التواصل الاجتماعي أو حتى الصحف الكبرى مثل «واشنطن بوست» و»نيويورك تايمز».
هذه السياسات قد تواجه معارضة قانونية شديدة نظرًا إلى حماية حرية التعبير بموجب التعديل الأول للدستور الأمريكي، ولكن من المتوقع أن يحاول ترامب تقليص تأثير الإعلام في الانتخابات والسياسة الأمريكية.

السياسات الخارجية.. أوكرانيا
خلال حملته الانتخابية في 2024، أبدى ترامب مرارًا وتكرارًا مواقف تتسم بالانتقاد لحجم التورط الأمريكي في النزاع الأوكراني، وقد أعلن رغبته في «إنهاء الحرب بسرعة».
وتوعّد ترامب بالسعي إلى لتقليل الدعم العسكري لأوكرانيا، والدفع نحو التفاوض مع روسيا للوصول إلى تسوية.
ويرى معهد «كارنيغي» أن ترامب قد يميل إلى تبني سياسة أكثر مرونة تجاه روسيا، عبر تقديم تنازلات أو التوسط من أجل وقف القتال.
ويرى محللون أن ترامب قد يعمل على تقليص الدعم العسكري لأوكرانيا، ما قد يثير ردود فعل متباينة في أوروبا والولايات المتحدة.
الشرق الأوسط
في الشرق الأوسط، تشير الترجيحات إلى أن يعود ترامب إلى تعزيز العلاقات مع حلفائه التقليديين في المنطقة.
ويرجح المحلل السياسي حسن الخالدي أن يواصل الرئيس ترامب دعمه القوي لإسرائيل في حال تصاعد النزاع في غزة، وأن يدعو المجتمع الدولي إلى الوقوف إلى جانب إسرائيل في الدفاع عن نفسها ضد الهجمات الصاروخية التي تتعرض لها من غزة واليمن.
وقال الخالدي لـ»إرم نيوز» إن «ترامب سيتخذ موقفًا مغايرًا تمامًا من سلفه الديمقراطي جو بايدن، وقد يعيد تعزيز إرسال شحنات الأسلحة إلى إسرائيل ولا يبالي بأي انتقادات دولية أو حقوقية».
وبشأن سوريا، يرى الخالدي أن «ترامب يرى في ذلك فرصة لتغيير السياسة الأمريكية تجاه دمشق، خاصة إذا كانت أثبتت الحكومة الجديدة في دمشق أنها تتبع سياسات مواتية للغرب».
ورغم ذلك، يعتقد المحلل السياسي أن الرئيس الأمريكي سيكون حذرًا بشأن رفع العقوبات بسرعة، إذ سيحتاج إلى التأكد من أن الحكومة الجديدة في سوريا مستقرة وتلتزم بتعهدات إعادة الإعمار واحترام حقوق الإنسان.
وبخصوص إيران، أشار الخالدي إلى أن واشنطن ستواصل  فرض العقوبات الاقتصادية على إيران عبر سياسة «الضغط الأقصى» التي كان قد بدأها في ولايته الأولى.
وقد يشهد الشرق الأوسط تقليصًا للوجود العسكري الأمريكي في العراق وسوريا، وهو ما يعكس التوجه العام لترامب في تقليص التدخلات الأمريكية في الحروب الخارجية، بحسب المحلل السياسي.