رئيس الدولة ونائباه يهنئون المحتفلين بعيد الميلاد في دولة الإمارات والعالم
مجلة «سبكتيتور«: خيارات بوتين للتصعيد تبقى محدودة
تردّد الغرب بتسليح أوكرانيا يكشف عيباً في ترسانته
رأى مارك غاليوتي، مؤرخ ومؤلف كتب عدة عن روسيا، أنّ الحكومة الأوكرانية بارعة في التفاوض مع الحكومات الغربية. وكتب في مجلة “سبكتيتور” البريطانية أنّ القائد العام للقوات الأوكرانية المسلحة الجنرال فاليري زالوجني قال إن على الغرب أن يوفر 300 دبابة للجيش الأوكراني في حال أراد شن هجوم مضاد ناجح. هذا موقف تفاوضي بالطبع.
كانت حكومة الرئيس فولوديمير زيلينسكي فعالة جداً في إدارة الحلفاء الغربيين: التملق والمطالبة وجعلهم يشعرون بالذنب لأنهم وفروا أكثر مما كانوا ينوون. سيحصل زالوجني على دبابات أكثر، إن لم يكن 300، بعدما تم إكراه برلين على رفع اعتراضاتها. هل يقترح تردد ألمانيا الأساسي تصوراً متغيراً للحرب؟ لقد كشف بالتأكيد الطبيعة المحدودة لترسانات القوى الأوروبية حسب غاليوتي.
سبب الجدل
أوضح الكاتب في “ٍسبكتيتور” أن دول حلف شمال الأطلسي (ناتو) كانت تزود أوكرانيا أساساً بالدبابات. في أبريل (نيسان)، قاد التشيك الأوروبيين عبر إرسال دبابات تي-72 السوفياتية المحدثة وتبعتها غالبية دول حلف وارسو السابق. كان ذلك منطقياً بما أن الأوكرانيين كانوا على دراية بهذه النماذج. الجدل الآن هو حول إمدادات المركبات الغربية الأكثر تقدماً. بدا قرار بريطانيا إرسال 14 دبابة من طراز تشالنجر-2 هادفاً إلى المساعدة على دفع برلين المترددة كي ترسل المزيد من دباباتها الخاصة من طراز ليوبارد-2، أو على الأقل، أن ترفع اعتراضاتها على إرسال دول أخرى تلك الدبابات مثل بولندا وفنلندا وإسبانيا والدنمارك وهولندا.
ميزتها
تعد دبابات ليوبارد تصميماً قادراً للغاية وهي الأوسع استخداماً في أوروبا. هي مسلحة بمدفع رئيسي من عيار 120 ملليمتراً وقادرة على التحرك بسرعة تفوق 60 كيلومتراً في الساعة بالرغم من امتلاكها درعاً جيداً. دخلت هذه الدبابات الخدمة سنة 1979، لكنها لا تزال نظاماً جدياً على الجبهات بسبب خضوعها لبرنامج منتظم من التحديثات وقادراً على الاحتفاظ بموقع قوّة مع جميع نظيراتها الروسية باستثناء الأحدث. لكن موسكو لغاية اليوم غير راغبة بالمخاطرة بأحدث دباباتها، تي-14 أرماتا. اقترحت وزارة الدفاع البريطانية أن سبب ذلك هو أنه “من غير المرجح أن يثق القادة بالمركبة في القتال.” لا تزال أرماتا عرضة للخلل. لقد تعطلت إحداها خلال المرة الأولى على ظهورها في استعراض وسط الساحة الحمراء.
عوضاً عن ذلك، يضطر الجيش الروسي إلى استنفاد مخزوناته وتزويد جنود الاحتياط المعبئين بمعدات سوفياتية مستهلكة ونصف صدئة. في هذه الأثناء، تنشر أوكرانيا تجهيزاتها المتزايدة من القرن الواحد والعشرين، مع أن تركيبتها متنوعة وشبه عشوائية إلى درجة أنها تجعل خبيراً في اللوجستيات يبكي. على سبيل المثال، بينما تملك دبابات تشالنجر أسلحة من عيار 120 ملليمتراً، تستخدم الدبابات الأوكرانية السوفياتية الصنع أسلحة من عيار 125 ملليمتراً.
إذاً أين أهمية
دبابات ليوبارد؟
حسب غاليوتي، تكمن أهمية هذه الدبابات في قدرتها على توفير إمكانات الهجوم السريع والمحمي الذي قد يسمح لأوكرانيا تحقيق تقدم حتى ضد معارضة روسية قاسية. خلال اختراقهم المذهل في سبتمبر (أيلول) على جبهة خاركيف عندما استرجعوا 12 ألف كيلومتر مربع في أقل من شهر، كان الأوكرانيون يمضون قدماً في ناقلات جند مدرعة وخفيفة وحتى في شاحنات مدنية. كان ذلك ممكناً لأن الروس كانوا منتشرين بشكل ضعيف وغير مدعومين في الغالب. أشاد مراقب عسكري بريطاني بـ”الروح المقاتلة” للأوكرانيين لكنه لاحظ أيضاً أنه “لو كان الروس أكثر عدداً، وأكثر استعداداً ورغبة بالوقوف والقتال، لأمكن أن تكون الخسائر الأوكرانية مرعبة” لأنهم افتقروا للمدرعات المناسبة.
خطة كييف...
ومخاطر النشوة
من المرجح أن تكون المرحلة التالية من الحرب صراع استنزاف شاقاً. هنا يأتي دور الدبابات. لا تزال هي الأسلحة الفضلى لكسر الخطوط في الهجوم الحتمي خلال فصل الربيع. تعتقد كييف أنه إذا تمكنت من بناء لواء من الدبابات الغربية الحديثة وعربات المشاة القتالية فستتمتع برأس حربة قادر على اختراق الدفاعات الروسية وفرض تهديد خطير على الممر الاستراتيجي البري نحو القرم. بالطبع ثمة مخاطر وفق غاليوتي.
يعود تحفظ برلين جزئياً إلى الخوف مما قد تفعله موسكو مع رمزية الحرب الخاطفة التي قادتها الدبابات الألمانية خلال الحرب العالمية الثانية. لكن على المستوى العملي، إن خيارات بوتين للتصعيد، مثل موجة جديدة من التعبئة أو نشر مجندين أو استخدام للأسلحة النووية مع أنه غير مرجح، تبقى محدودة وتأتي جميعها مع أكلاف سياسية خطيرة. إن ما يبعث على القلق بالمثل تجاوز أوكرانيا الحدود.
في حديث إلى الكاتب، شعر أحد محللي البنتاغون بالقلق “من أن يصبح الأوكرانيون مفرطي الثقة ويشعروا بأنّهم يحتاجون لتقديم إثبات لنا بأنّنا قمنا باستثمار جيد”. قد ينتهي بهم الأمر عند تكبد خسائر خطيرة تجبرهم على التوقف لتعزيز قوتهم خلال هذا الصيف الذي سيمثل موسماً مهماً جداً للحملات الانتخابية. وأضاف المحلل أن “ثمة شيئاً حيال الدبابة يجعل الناس يشعرون بأنهم لا يقهرون».
ملكة الميدان
والمشاعر المتناقضة
أشار غاليوتي إلى وجود نوع من عبادة للدبابة بالتوازي مع نقاش دائم بشأن ما إذا كان الزمن على وشك تخطيها. لقد فقدت روسيا خلال هجومها الأول على كييف في فبراير (شباط) ومارس (آذار) نحو 700 دبابة، خصوصاً بفعل صواريخ جافلين الأمريكية وأن-لو البريطانية. لكن خسائر روسيا الثقيلة كانت نتيجة أخطاء تكتيكية كبيرة ونقص في دعم مناسب من المشاة عوضاً عن أن يكون الأمر ناتجاً عن انتهاء عصر الدبابات كما اقترح البعض. بالفعل، تم التخلي عن نصف الدبابات التي خسرها الروس إما بسبب أضرار المعارك أحياناً، وفي أغلب الأحيان بسبب التعطل أو نفاد الوقود.
في الحقيقة، تشبه ملكة الميدان شخصاً مزاجياً مغروراً. تتطلب الدبابات كميات هائلة من الوقود، حيث تشتهر أبرامز أم-1 الأمريكية المتعطشة للوقود باجتيازها 0.8 أميال مقابل كل غالون، كما تحتاج لصيانة دورية مكثفة. يتطلب ذلك دعماً لوجستياً هائلاً. كان هذا تبرير واشنطن الأساسي لعدم عرضها بعضاً من دبابات أبرامز على أوكرانيا. لكن على الأقل، يمتلك الأمريكيون أسطول دبابات جدياً مع أكثر من 2500 دبابة من طراز أبرامز أم-1 و3700 في المخازن.
سبب إثارة المتاعب
إن أحد أسباب إثارة طلب أوكرانيا للمتاعب هو درجة سماح الدول الأوروبية الأطلسية بتلاشي أساطيل دباباتها منذ نهاية الحرب الباردة والحرب على الإرهاب. لماذا الإبقاء على جاهزية هذه المركبات للتحرك حين بدا أن المهمات المستقبلية محدودة في جبال وصحارٍ بعيدة ضد متمردين مسلحين بأسلحة خفيفية؟ لم تذهب دبابات تشالنجر إلى أفغانستان لأن الميدان لا يناسب الدبابات. ورفعت دبابات لوكليرك الأعلام الفرنسية في مهام حفظ سلام في كوسوفو ولبنان لكنها لم تظهر خلال تدخلات فرنسا العديدة في أفريقيا. في 2011، باع الهولنديون أسطول دباباتهم بالكامل كإجراء لخفض التكاليف قبل أن يكونوا أفكاراً أخرى بعد ضم القرم.
خريطة انتشار الدبابات
تملك بريطانيا 227 دبابة عاملة وفرنسا 222 وألمانيا 213. ولديها في المخازن 152 و184 و99 على التوالي، لكن إعادة تفعيلها ليست مهمة صغيرة. حسب رئيس شركة راينميتال لتصنيع الأسلحة، لن تكون الدبابات الألمانية المجددة جاهزة قبل 2024. على النقيض من ذلك، كان لبولندا، قبل بدء إرسال الدبابات إلى أوكرانيا، نحو 1000 دبابة من بينها 249 ليوبارد-2.
تستطيع بولندا أن تكون كريمة لأنها تتخلص تدريجياً من دبابات ليوبارد وهي تقدمت بطلب لشراء 250 أبرامز و1000 دبابة بلاك بانثر الكورية الجنوبية. ولدى اليونان وإسبانيا وتركيا دبابات ليوبارد أكثر من ألمانيا نفسها. وبينما تمتلك إيطاليا 125 دبابة عاملة من طراز أرييتي، يعود ذلك جزئياً إلى كونها قد اختارت قوة كبيرة من مركبات سنتوروس ذات العجلات الأخف وزناً وتحمل مع ذلك مدفعاً رئيسياً لتدمير الدبابات.
في هذه الأثناء، سيحتاج الروس إلى عقد على الأقل لإعادة تشكيل قواتهم المسلحة بعد الضربات المكثفة التي يتعرضون لها في أوكرانيا. ومن غير المرجح أن يكون بوتين قد فكر جدياً بمحاربة الناتو مباشرة. مع ذلك، وبفعل سنوات من الإهمال، تخلى قادة الحلف الأوروبيون عن مسؤولياتهم. تماماً كما أن حاملة الطائرات البريطانية الجديدة والمثيرة للإعجاب تفتقر إلى المقاتلات التي تكملها.