تركيا المحاصرة بالعقوبات تلجأ إلى سيول لإنقاذ دبابات «ألتاي»

تركيا المحاصرة بالعقوبات تلجأ إلى سيول لإنقاذ دبابات «ألتاي»


كشف الكاتب التركي بوراك بكديل أن تركيا لجأت إلى كوريا الجنوبية في مُحاولة للالتفاف على التهديد الأوروبي الذي ألقى بظلاله على صناعات أنقرة العسكرية، وتحديداً برنامج دبابات ألتاي التي زعم الرئيس التركي رجب طيب أردوغان تصنيعها في تركيا، مؤكداً في تصريحات سابقة، أنها ستكون جاهزة بحلول 2020. وقال بكديل، في مقال بموقع «ديفينس نيوز»، إن مسؤولي المُشتريات العسكرية الأتراك يتفاوضون مع شركة كورية جنوبية لإعادة العمل ببرنامج إنتاج أول دبابة قتال رئيسية محلية من الجيل الجديد في البلاد.

وقال أحد مسؤولي المشتريات للموقع: «واجه هذا البرنامج تأخيرات كبيرة بسبب الفشل في الحصول على المُكوّنات المهمة مثل المُحرك، وناقل الحركة، والتدريع»، مضيفاً «لست في وضع يسمح لي بتحديد تاريخ بداية الإنتاج التسلسلي. كل ما أعرفه هو أننا نُحاول جاهدين المضي قدماً».

في 2019، قال إيثم سانجاك، أحد المساهمين الرئيسيين في شركة «بي ام سي ديفينس كومباني» BMC Defense Company التركية، والعضو البارز في حزب العدالة والتنمية أن دبابة “ألتاي” ستدخل الخدمة في غضون 24 شهراً، بعد ضمها إلى الجيش التركي بقرار من الرئيس رجب طيب أردوغان. ويبدو أن سانجاك كان متفائلاً للغاية، إذ أن برنامج الإستثمار الرئاسي لـ 2021، الذي صدر في وقت سابق هذا الشهر، لم يذكر حتى “ألتاي” أوموعد وضعها في الخدمة.  

ووفق مصدر مطلع على برنامج «التأي»، أجرت «بي ام سي» BMC محادثات مع شركة “هيونداي روتم” Hyundai Rotem الكورية الجنوبية لحلّ مشاكل التكنولوجيا الأجنبية الضرورية لدبابة “ألتاي”، والتي غالباً ما يُصوّرها المسؤولون الأتراك على أنها دبابة تركية محلية بالكامل. ويُذكر أنه سبق للشركة الكورية الجنوبية بناء أنظمة النقل العام، ونظام عبور البوسفور في إسطنبول وأنقرة وأضنة، بالإضافة إلى أنظمة السكك الحديدية الخفيفة في إسطنبول، وإزمير.

وقال المصدر للموقع: “نأمل أن تؤدي محادثاتنا في النهاية إلى حلّ مشاكل حزمة الطاقة، المحرك وناقل الحركة، التي سنستخدمها في دورة الإنتاج التسلسلي. ربما نتحدث عن شهرين آخرين من المحادثات قبل أن نعرف إلى أين نتجه”. وأضاف أن BMC تُجري محادثات غير مباشرة، عبر Hyundai Rotem، مع شركتين متخصصتين في التكنولوجيا الدفاعية الكورية الجنوبية، صانع المحركات “دوسان” Doosan و “اس اند تي دايناميكس” S&T Dynamics، التي تُنتج ناقل حركة أوتوماتيكي. وقال: “ستعمل حزمة الطاقة من Doosan و S & T على تشغيل دبابة ألتاي، إذا تمكنا من تسوية الخلافات ومشاكل الترخيص”.

وكانت تركيا تأمل تشغيل دبابة «ألتاي» بمحرّك MTU الألماني، وناقل الحركة RENK ، لكن المُحادثات مع الشركات الألمانية على مدار العامين الماضيين فشلت بعد حظر الأسلحة الفيديرالي على تركيا. وتعد ألمانيا من الدول الأوروبية التي قلصت الصادرات العسكرية إلى تركيا بسبب مشاركة الأخيرة في الحرب الأهلية السورية. وهناك مشكلة مماثلة في نظام التدريع في “ألتاي”، وكانت تركيا تأمل الحصول عليها من فرنسا، لكن التوتر السياسي الأخير بين البلدين بسبب التنقيب عن النفط والغاز قبالة قبرص، أحبط صفقة محتملة. وقال مصدر مطلع على برنامج “ألتاي” إن الدرع سينتج محلياً في إطار شراكة بين القطاعين العام والخاص.

برنامج تسعيني
ويعود تاريخ برنامج «ألتاي» إلى منتصف التسعينيات، ولم تمنح الحكومة التركية عقد بناء الدبابة بمليارات الدولارات لشركة BMC، إلا في نوفمبر (تشرين الثاني) 2018، بعد منافسة مع شركة Otokar، التي أنتجت بالفعل أربعة نماذج أولى من الدبابة، بموجب عقد حكومي.
ويتضمّن العقد مع BMC إنتاج دفعة أولى من 250 دبابة، ودعم لوجستي لها، وإنشاء مركز لتكنولوجيا أنظمة الدبابات وتشغيله. وفي جزء من العقد، ستتولى BMC تصميم وتطوير وإنتاج دبابة مزوّدة بوحدة تحكم آلية لإطلاق النار.
كما ينصّ العقد على أن أول دبابة “ألتاي” ستكون جاهزة في غضون 18 شهراً.
وانتقدت أحزاب المعارضة في البرلمان الحكومة بسبب التأخير، لكن مسؤولي المشتريات يقولون إن بند الـ 18 شهراً سيُطبّق بعد بداية إنتاج الوحدة الأولى.
وينقسم برنامج “ألتاي” إلى قسمين: T1 و T2. يُغطي T1 الوحدات الـ 250 الأولى، بينما يتضمّن T2 النسخة المطوّرة من الدبابات. وتُخطّط تركيا لإنتاج ألف دبابة، تليها نسخة مطوّرة تُشغل آلياً.
 
جدل سياسي
وأثارت الصفقة جدلاً سياسياً، خاصةً بعد أن أجّرت حكومة أردوغان لشركة BMC مصنع دبابات وأبراج مملوكة للجيش على ضفاف بحر مرمرة، مجاناً لمدة 25 عاماً، من منطلق “رفض محاباة الأقارب”، ذلك أن سانجاك، المُساهم في BMC عضو بارز في حزب العدالة والتنمية الموالي لأردوغان في ذلك الوقت.
وشكّك أوزغور إكسي، محلّل مستقلّ في السياسات الدفاعية، في تخصيص مصنع على البحر لإنتاج الدبابات. وقال: “في حالة الحرب، يُمكن أن يكون مصنع ألتاي هدفاً سهلاً لنيران العدو. كان من الممكن تخطيط هذا البرنامج بشكل أفضل بكثير من وجهة نظر استراتيجية”.
ومع ذلك، أضاف إكسي أن “هناك إصرار سياسي على فرض دبابة ألتاي في الجيش. عاجلاً أم آجلاً، سيبدأ الإنتاج”.