رئيس الدولة يصل بلغراد في زيارة عمل.. والرئيس الصربي في مقدمة مستقبليه
في منتداه الافتراضي الثالث للإسلام السياسي
(تريندز) يفتح حواراً حول ظاهرة الإسلاموية ويحلل خطابها ويستشرف مستقبلها
• الدكتور محمد العلي: (تريندز) يتابع دوره في تفنيد الظاهرة التزاماً بتعزيز قيم السلام والتسامح
• خبراء دوليون يؤكدون:
• الحاجة ملحّة لحوار بين الأكاديميا العربية والغربية لفهم أفضل وأعمق لظاهرة الإسلاموية
• جماعات الإسلام السياسي تتلون وتتحين الفرص للعودة بأفكارها
أكد خبراء وأكاديميون متخصصون في حركات الإسلام السياسي أن هناك حاجة ملحة لإجراء حوار بين الأكاديميا العربية والغربية لفهم ظاهرة الإسلاموية، مشيرين إلى أن ظاهرة الإسلام السياسي أسالت الكثير من الحبر إلا أنها لم تُفهم بعد، ولم تُسبر أغوارها بالشكل الكافي حتى الآن، وذلك نظرًا لتأثير تيار متعاطف مع الإسلاموية يسود الأكاديميا الغربية، وتيار مؤدلج يسود نظيرتها العربية، وتيارات أخرى بين التيارين تسود بقية الأكاديميا في العالم.
وأكد 10 خبراء عرب وأجانب من عدة دول في مداخلات لهم في المنتدى الافتراضي الثالث للإسلام السياسي الذي نظمه مركز تريندز للبحوث والاستشارات على مدى يومين متتاليين، أن الإسلاموية شكلت عبر التاريخ تحديًا للسلام والوئام، مشددين على ضرورة فهم أيديولوجيتها والعمل على كشف اللثام عن خفايا خطابها وكشف مخططاتها التي تستهدف الأوطان والإنسان.
وحذر الخبراء من أن حركات الإسلام السياسي معتادة على التلون وتحيُّن الفرص للعودة بأفكارها بعد الانتكاسات التي تعرضت لها وفشلها في الحكم في المراحل التاريخية كافة.
واشتمل المنتدى على ندوتين رئيسيتين، الأولى بعنوان "الأكاديميا العربية ورؤيتها للإسلاموية" والثانية بعنوان "رؤية الأكاديميا غير العربية للإسلاموية.
رؤى وأفكار مبتكرة
وأكد الدكتور محمد عبدالله العلي الرئيس التنفيذي لمركز تريندز في كلمة افتتح بها أعمال المنتدى إن تنظيم المنتدى يأتي انطلاقًا من حرص "تريندز" على أداء دوره في متابعة حركات الإسلام السياسي وتحليل خطابها واستشراف مستقبلها، والتزامًا منه بتعزيز قيم السلام والتسامح والوئام من خلال تحليل الأيديولوجيات والأفكار ذات الطبيعة المتطرفة وتفنيدها، سواء في العالم العربي أو خارجه.
وبين أن هذا المنتدى الذي ينظمه "تريندز" سنويًا بات منصة تجمع المتخصصين في مجال الإسلام السياسي، لتدارس وبحث وتنسيق الرؤى تجاه مختلف القضايا التي تتعلق بهذا المجال، مشيرًا إلى أن المنتدى يكتسب زخمًا وترحيبًا يتسع عامًا تلو الآخر، وهو ما يشجع على المضي قدمًا في مواصلته وترسيخه.
وأوضح العلي أنه رغم الاهتمام الكبير بظاهرة الإسلام السياسي، إلا أنها لم تُفهم بعد بالشكل الكافي؛ بسبب تأثير تيار متعاطف مع الإسلاموية يسود الأكاديميا الغربية، وتيار مؤدلج يسود الأكاديميا العربية، وتيارات أخرى بين التيارين تسود بقية الأكاديميا في العالم.
وأضاف أن المنتدى يهدف إلى إجراء حوار بين هذه الأكاديميا حول ظاهرة الإسلام السياسي، وذلك من أجل الوصول إلى منطلقات يُتفق عليها لفهم أفضل لتلك الظاهرة وتفكيك خطابها وتحليل سلوكها والبت في الجدليات المثارة حولها منذ الكتابات الأولى عنها في الربع الثاني من القرن الماضي.
وأشار إلى أنه من أجل تحقيق هذه الأهداف يجمع مركز تريندز للبحوث والاستشارات خلال هذا المنتدى مجموعة من المتخصصين في هذا المجال من أجل إجراء حوار حول هذه القضية، والخروج بمجموعة من النتائج والتوصيات التي يمكن أن تسهم في زيادة الوعي والإدراك الأكاديمي بطبيعة هذه الظاهرة وحقيقتها.
وأعرب الدكتور محمد العلي عن ثقته في أن هذه الكوكبة البحثية المشاركة قادرة على طرح رؤى وأفكار وتوصيات مبتكرة ترسم ملامح الطريق نحو تحقيق الهدف الذي ننشده من أعمال هذا المنتدى.
الأكاديميا العربية ورؤيتها للإسلاموية
وقد استُهلّت أعمال اليوم الأول بكلمة ترحيبية لصقر الشريف نائب مدير إدارة الاتصال الحكومي، ثم عُقدت الندوة الأولى بعنوان: الأكاديميا العربية ورؤيتها للإسلاموية"، وأدارها الدكتور خليفة مبارك الظاهري، المدير التنفيذي لمنتدى أبوظبي للسلم، حيث أوضح أهمية المنتدى في إماطة اللثام عن ظاهرة الإسلاموية، معربًا عن أمله في أن يقدم المشاركون من الخبراء والمتخصصين عبر حواراتهم مخرجات وتوصيات تسهم في زيادة الوعي والإدراك بطبيعة هذه الظاهرة وخطورتها على المجتمعات العربية والغربية. وثمّن جهود "تريندز" في هذا المجال، مشيرًا إلى أن المنتدى يعد ترجمة لاستراتيجية المركز وتوجهاته وعالمية رسالته، وقال إن مركز تريندز بات من أهم المراكز البحثية التي تُعنى بتحليل اتجاهات تيارات الإسلام السياسي إقليميًا وعالميًا، بل أصبح مرجعًا في هذا الشأن.
تحليل الخطابات وتفنيدها
بدورها أوضحت الأستاذة عائشة الرميثي رئيس قطاع البحث العلمي بمركز تريندز في مداخلة لها كيف يرى المركز وباحثوه جماعات الإسلام السياسي، مشيرة إلى أن تريندز يبذل جهدًا كبيرًا في تحليل النصوص والخطابات التأسيسية للإسلاموية، وفي القلب منها جماعة الإخوان المسلمين. وبينت أن النصوص والخطابات التأسيسية للإسلاموية تكشف عن احتكار منتسبيها للحقيقة والدين، وعزلتهم الشعورية عن المجتمع، وسيادة مبدأ التكفير المسوِّغ للعنف لديهم، وغياب مفهوم المواطنة والوطنية. وأشارت إلى أن هناك مشكلة بشأن دراسات التطرف والإرهاب وعلاقة الإسلاموية بهما، حيث يستثني بعض الباحثين جماعة الإخوان المسلمين من هذه الدراسات؛ بدعوى أنها جماعة سلمية، موضحة أن هؤلاء الباحثين يميلون إلى قصر تناولهم على دراسة العنف الجسدي أكثر من العنف الفكري أو الرمزي الذي يشكل المرحلة الأولية الضرورية لأي عنف جسدي لاحق. واستغربت عائشة الرميثي كيف تدعي فئات كثيرة من مجتمع الجامعات ومراكز البحوث الغربية على وجه الخصوص، اختلاف "الإخوان" عن بقية الجماعات المتطرفة ووصفها بالمعتدلة، كما استغربت أيضًا اعتقاد هؤلاء الباحثين إمكانية أن ينخرط "الإخوان" في عملية ديمقراطية حقيقية أو أن يحترموا الحد الأدنى من معايير العيش المشترك معًا بسلام إن وصلت للحكم.
فشل الإسلام السياسي في دورته الحضارية الراهنة
من جانبه قال الدكتور أُنس الطريقي أستاذ الحضارة الحديثة بالجامعة التونسية في مداخلة حملت عنوان "قراءة في قيمة المفاهيم ما بعد الحداثة في التكهّن بمستقبل الإسلام السياسي"، شدد فيها على أن الإسلام السياسي لن يكفّ عن الوجود، وربما هو الآن في دورة جديدة، من مساره التاريخي، في وضع التقيّة الذي يلي فشله في العادة، وهو في انتظار فرصة تاريخية جديدة، وأوضح أن التصورات الدينية الإسلامية، والأوضاع السياسية التي أنجبت الإسلام السياسي هي نفسها في معظم دول المنطقة. وقال إن الإسلام السياسي يعاني في مستوى الطرحين السياسي والديني، مشكلات نظرية عميقة، تجعله انحرافًا معطِّلا لبناء الدولة وتجديد الدين معًا، كما أن الأكاديميا العربية تقول بفشل الإسلام السياسي في دورته الحضارية الراهنة، وتتكهن بزوال هذه الظاهرة على الأمد البعيد إن لم يكن على الأمد القريب، وتطرق إلى ثلاثة مفاهيم باعتبارها مسارات ممكنة للإسلام السياسي بعد الربيع العربي. وهي مفاهيم إسلاموية ارتدادية أو ماضوية، وإسلاموية جديدة، وإسلاموية دون هوية، موضحا أن الدراسات تتحدث عن تحوُّل متوقع للإسلام السياسي إلى إسلاموية فارغة وفاقدة للأساسات النظرية الأصلية للإسلام السياسي.
مقاربات نظرية متعددة المشارب
بدوره أوضح الأستاذ منتصر حمادة الباحث المغربي المتخصص في الحركات الإسلامية في مداخلة له أن مقاربة الإسلاموية تتطلب مقاربات نظرية متعددة المشارب العلمية، أو تتطلب فكرًا مركبًا بتعبير المفكر الفرنسي إدغار موران، وأنه كلما تعددت معالم هذه القراءة المركبة، اقتربنا من مقام الظَّفَر بتفسير مثالي أو نموذجي، مبينًا أنه بالرغم من التراكم الكمي الذي تحقق في المنطقة العربية بخصوص الإصدارات التي تتناول الإسلاموية، ومرور المنطقة العربية بعدة أحداث مفصلية كان بعضها مرتبطًا بحضور لمحددات الإسلاموية، فلايزال التراكم النوعي في هذه الإصدارات متواضعًا ، مشيرًا إلى أن السياقات الزمنية كانت سببًا في انخراط الأكاديميا العربية في الاشتغال البحثي على الإسلاموية، ومن ذلك على سبيل المثال سياقات أحداث 11 سبتمبر 2001، وأحداث يناير 2011 في المنطقة العربية. وأوضح أن قراءة الظاهرة الإسلاموية من منظور فلسفي لا علاقة له إجمالًا بالقراءة المؤسَّسة على علم النفس ولكن تبقى الأقلام التونسية في مقدمة الأسماء التي تخصصت في الموضوع.
رؤية الأكاديميا غير العربية للإسلاموية
وقد ناقش المنتدى في يومه الثاني "رؤية الأكاديميا غير العربية للإسلاموية"، وأكدت الباحثة رهف الخزرجي نائب مدير إدارة النشر العلمي في بديتها أن مركز "تريندز" يسعى دائمًا لأن يكون هناك حوار حول ظاهرة الإسلام السياسي من أجل زيادة الوعي بهذه الظاهرة والخطر الذي تشكّله على المجتمعات العربية والغربية.
وقالت إنه من الأهمية بمكان تفكيك بعض الأفكار النمطية التي باتت تسود كثيرًا من الدراسات الغربية التي تتناول ظاهرة الإسلام السياسي، والتي تبرر أحيانا سلوكيات تلك الحركات، وطرحت سؤلًا حول سبب تعاطف شرائح كثيرة من الباحثين الغربيين مع الإسلام السياسي برغم خطورته الواضحة على المجتمعات والدول الوطنية؟
تعاطف غربي
بدوره قال مدير الندوة لورينزو فيدينو، الخبير في شؤون التطرف بجامعة جورج واشنطن الأمريكية إن تنامي اهتمام الأكاديميا الأمريكية بالشرق الأوسط، كان منذ السبعينيات، وأصبحت الأفكار الواردة في كتاب "الاستشراق" لإدوارد سعيد الصادر عام 1978، محل اهتمام كبير، مشيرًا إلى أنه منذ ذلك الحين، تبنى جزء كبير من الأوساط الأكاديمية الغربية وجهات نظر تعاطفت مع الأيديولوجيات ذات الميول بما في ذلك الإسلاموية. وذكر أن صورة الإخوان المسلمين والجماعات المماثلة في الغرب تراوحت بين الإيجابية وبين التقليل من أهمية عملها أو تبريره من خلال تصويره على أنه ردود أفعال مفهومة على السياسات الغربية غير العادلة، موضحًا أن هناك عاملين إضافيين أسهما في التعاطف الواسع مع الإسلاموية في الغرب؛ هما تمويل المؤسسات الأكاديمية من قبل رعاة شرق أوسطيين، وتولي عدد متزايد من الإسلاميين مناصب أكاديمية.
مناهج أوروبية
من جانبها تطرقت الدكتورة رجاء سكراني أستاذة الحضارة الإسلامية- جامعة بون الألمانية إلى وجود منهجين في الأكاديميا الأوروبية حول الإسلاموية، مشيرة إلى أن المدرسة الفرنسية أولت الموضوع اهتمامًا خاصًا له بُعْدٌ أمني أيضًا، وبذلت جهودًا كبيرة لفهم الظاهرة، موضحة أن الباحثين الفرنسيين لديهم خطاب واضح، وقد أثروا في باحثين أوروبيين آخرين.
وذكرت سكراني أن الرؤية في ألمانيا تختلف نوعًا ما، حيث يركز الباحثون على أسباب التعاطف مع الإسلامويين، كما تركز الدراسات حول فهم أصول الإرهاب والأصولية وسيكولوجية الأفكار الإسلاموية، متحدثة عما يسمونه الجيل الثالث المختلف في طريقة فهمه للإسلام، ويرون أن الإرهاب ظاهرة دولية، وذكرت أن الدراسات الألمانية حول الظاهرة متعددة، وقد مهدت لمناقشات وانفتاح على الظاهرة لدراستها وتحليلها.
أمريكا الجنوبية: قلة اهتمام بالظاهرة
أما الدكتورة سليفي توسيج، الخبيرة بالإسلام السياسي في أمريكا الجنوبية فقد أوضحت أن معظم المسلمين في أمريكا الجنوبية هم ممن تحولوا من ديانات أخرى، وأن الباحثين هناك لا يولون ظاهرة الإسلاموية اهتمامًا كبيرًا، لكن هناك من تناولها كبُعد سياسي وكمناقشة لطبيعة الظاهرة.
وأوضحت أن هناك تباينًا في العمل الأكاديمي، وليس له أثر على الإسلاميين، عكس الجوانب الأمنية، حيث يتم التركيز على قضية الإرهاب.
وبينت أن معظم الكتابات حول الإسلاموية في أمريكا الجنوبية تتناول جوانب اجتماعية ككبار الشخصيات التي اعتنقت الإسلام، وخلصت إلى أن المشهد الأكاديمي العام لظاهرة الإسلام السياسي في أمريكا اللاتينية لا يهتم كثيرًا بهذه الظاهرة.
اختطاف الإسلام
من جانبه شدد لروهان غوناراتنا، أستاذ الدراسات الأمنية في جامعة نانيانغ التكنولوجية، سنغافورة، على أن جميع الأديان استُخدمت وأُسيء استخدامها لتحقيق أغراض سياسية وشخصية ضيقة، مشيرًا إلى التهديد المتنامي من قبل مجموعة من الكيانات ذات التطرف الأيديولوجي، والحركات العرقية السياسية والحركات السياسية والدينية.
وقال إن قوة الدين العاطفية يمكن أن تحشد أتباعه وتقودهم إلى القتل والموت ونشر أيديولوجياتهم بالقوة، وقال إنه تم اختطاف الإسلام مثل الأديان الأخرى، من قبل حركات وتنظيمات لنشر أيديولوجياتها بقوة وعدائية موضحًا أن الإسلاموية شكلت عبر التاريخ تحديًا للسلام والوئام؛ ما يستدعي فهم أيديولوجيتها من خلال كلمات أتباعها لمواجهة مخاطرها. مشددًا على أهمية الخبرات السابقة والدروس المستفادة في أن تقدم للحكومات والشركاء نموذجًا للتخفيف من تهديد الإسلام السياسي.
مفهوم متنازَع عليه
واختُتمت أعمال المنتدى في يومه الثاني بمداخلة لجيليان كينيدي المحاضرة في السياسة والعلاقات الدولية بجامعة ساوث هامبتون البريطانية، حيث تناولت رؤية الأكاديميين غير العرب للإسلام مشيرة إلى أن الإسلاموية كانت في الماضي مفهومًا متنازعًا عليه، داخليًا بين الحركة الإسلامية، وخارجيًا بين اللاعبين السياسيين غير العرب الرئيسيين الذين استخدموا المفهوم كمحور لأغراض بلاغية وسياسية. وقالت هناك العديد من الاختلافات داخل الحركات الإسلامية؛ ما يقودنا - بوصفنا أكاديميين غير عرب - للبحث عن طريقة دقيقة للتعامل مع موضوع الإسلاموية.
وبينت أن بعض الحركات الإسلاموية قد يتم تصنيفها باعتبارها حركات غير عنيفة، مثل حزب النهضة في تونس، إلا أنهم لايزالون يحملون وجهات نظر غير ديمقراطية حول دور المرأة في المجتمع وحقوق المواطنة لغير المسلمين في الدول ذات الأغلبية المسلمة، في ظل الرؤى الإسلامية التي تتطور بشكل مثير.
• خبراء دوليون يؤكدون:
• الحاجة ملحّة لحوار بين الأكاديميا العربية والغربية لفهم أفضل وأعمق لظاهرة الإسلاموية
• جماعات الإسلام السياسي تتلون وتتحين الفرص للعودة بأفكارها
أكد خبراء وأكاديميون متخصصون في حركات الإسلام السياسي أن هناك حاجة ملحة لإجراء حوار بين الأكاديميا العربية والغربية لفهم ظاهرة الإسلاموية، مشيرين إلى أن ظاهرة الإسلام السياسي أسالت الكثير من الحبر إلا أنها لم تُفهم بعد، ولم تُسبر أغوارها بالشكل الكافي حتى الآن، وذلك نظرًا لتأثير تيار متعاطف مع الإسلاموية يسود الأكاديميا الغربية، وتيار مؤدلج يسود نظيرتها العربية، وتيارات أخرى بين التيارين تسود بقية الأكاديميا في العالم.
وأكد 10 خبراء عرب وأجانب من عدة دول في مداخلات لهم في المنتدى الافتراضي الثالث للإسلام السياسي الذي نظمه مركز تريندز للبحوث والاستشارات على مدى يومين متتاليين، أن الإسلاموية شكلت عبر التاريخ تحديًا للسلام والوئام، مشددين على ضرورة فهم أيديولوجيتها والعمل على كشف اللثام عن خفايا خطابها وكشف مخططاتها التي تستهدف الأوطان والإنسان.
وحذر الخبراء من أن حركات الإسلام السياسي معتادة على التلون وتحيُّن الفرص للعودة بأفكارها بعد الانتكاسات التي تعرضت لها وفشلها في الحكم في المراحل التاريخية كافة.
واشتمل المنتدى على ندوتين رئيسيتين، الأولى بعنوان "الأكاديميا العربية ورؤيتها للإسلاموية" والثانية بعنوان "رؤية الأكاديميا غير العربية للإسلاموية.
رؤى وأفكار مبتكرة
وأكد الدكتور محمد عبدالله العلي الرئيس التنفيذي لمركز تريندز في كلمة افتتح بها أعمال المنتدى إن تنظيم المنتدى يأتي انطلاقًا من حرص "تريندز" على أداء دوره في متابعة حركات الإسلام السياسي وتحليل خطابها واستشراف مستقبلها، والتزامًا منه بتعزيز قيم السلام والتسامح والوئام من خلال تحليل الأيديولوجيات والأفكار ذات الطبيعة المتطرفة وتفنيدها، سواء في العالم العربي أو خارجه.
وبين أن هذا المنتدى الذي ينظمه "تريندز" سنويًا بات منصة تجمع المتخصصين في مجال الإسلام السياسي، لتدارس وبحث وتنسيق الرؤى تجاه مختلف القضايا التي تتعلق بهذا المجال، مشيرًا إلى أن المنتدى يكتسب زخمًا وترحيبًا يتسع عامًا تلو الآخر، وهو ما يشجع على المضي قدمًا في مواصلته وترسيخه.
وأوضح العلي أنه رغم الاهتمام الكبير بظاهرة الإسلام السياسي، إلا أنها لم تُفهم بعد بالشكل الكافي؛ بسبب تأثير تيار متعاطف مع الإسلاموية يسود الأكاديميا الغربية، وتيار مؤدلج يسود الأكاديميا العربية، وتيارات أخرى بين التيارين تسود بقية الأكاديميا في العالم.
وأضاف أن المنتدى يهدف إلى إجراء حوار بين هذه الأكاديميا حول ظاهرة الإسلام السياسي، وذلك من أجل الوصول إلى منطلقات يُتفق عليها لفهم أفضل لتلك الظاهرة وتفكيك خطابها وتحليل سلوكها والبت في الجدليات المثارة حولها منذ الكتابات الأولى عنها في الربع الثاني من القرن الماضي.
وأشار إلى أنه من أجل تحقيق هذه الأهداف يجمع مركز تريندز للبحوث والاستشارات خلال هذا المنتدى مجموعة من المتخصصين في هذا المجال من أجل إجراء حوار حول هذه القضية، والخروج بمجموعة من النتائج والتوصيات التي يمكن أن تسهم في زيادة الوعي والإدراك الأكاديمي بطبيعة هذه الظاهرة وحقيقتها.
وأعرب الدكتور محمد العلي عن ثقته في أن هذه الكوكبة البحثية المشاركة قادرة على طرح رؤى وأفكار وتوصيات مبتكرة ترسم ملامح الطريق نحو تحقيق الهدف الذي ننشده من أعمال هذا المنتدى.
الأكاديميا العربية ورؤيتها للإسلاموية
وقد استُهلّت أعمال اليوم الأول بكلمة ترحيبية لصقر الشريف نائب مدير إدارة الاتصال الحكومي، ثم عُقدت الندوة الأولى بعنوان: الأكاديميا العربية ورؤيتها للإسلاموية"، وأدارها الدكتور خليفة مبارك الظاهري، المدير التنفيذي لمنتدى أبوظبي للسلم، حيث أوضح أهمية المنتدى في إماطة اللثام عن ظاهرة الإسلاموية، معربًا عن أمله في أن يقدم المشاركون من الخبراء والمتخصصين عبر حواراتهم مخرجات وتوصيات تسهم في زيادة الوعي والإدراك بطبيعة هذه الظاهرة وخطورتها على المجتمعات العربية والغربية. وثمّن جهود "تريندز" في هذا المجال، مشيرًا إلى أن المنتدى يعد ترجمة لاستراتيجية المركز وتوجهاته وعالمية رسالته، وقال إن مركز تريندز بات من أهم المراكز البحثية التي تُعنى بتحليل اتجاهات تيارات الإسلام السياسي إقليميًا وعالميًا، بل أصبح مرجعًا في هذا الشأن.
تحليل الخطابات وتفنيدها
بدورها أوضحت الأستاذة عائشة الرميثي رئيس قطاع البحث العلمي بمركز تريندز في مداخلة لها كيف يرى المركز وباحثوه جماعات الإسلام السياسي، مشيرة إلى أن تريندز يبذل جهدًا كبيرًا في تحليل النصوص والخطابات التأسيسية للإسلاموية، وفي القلب منها جماعة الإخوان المسلمين. وبينت أن النصوص والخطابات التأسيسية للإسلاموية تكشف عن احتكار منتسبيها للحقيقة والدين، وعزلتهم الشعورية عن المجتمع، وسيادة مبدأ التكفير المسوِّغ للعنف لديهم، وغياب مفهوم المواطنة والوطنية. وأشارت إلى أن هناك مشكلة بشأن دراسات التطرف والإرهاب وعلاقة الإسلاموية بهما، حيث يستثني بعض الباحثين جماعة الإخوان المسلمين من هذه الدراسات؛ بدعوى أنها جماعة سلمية، موضحة أن هؤلاء الباحثين يميلون إلى قصر تناولهم على دراسة العنف الجسدي أكثر من العنف الفكري أو الرمزي الذي يشكل المرحلة الأولية الضرورية لأي عنف جسدي لاحق. واستغربت عائشة الرميثي كيف تدعي فئات كثيرة من مجتمع الجامعات ومراكز البحوث الغربية على وجه الخصوص، اختلاف "الإخوان" عن بقية الجماعات المتطرفة ووصفها بالمعتدلة، كما استغربت أيضًا اعتقاد هؤلاء الباحثين إمكانية أن ينخرط "الإخوان" في عملية ديمقراطية حقيقية أو أن يحترموا الحد الأدنى من معايير العيش المشترك معًا بسلام إن وصلت للحكم.
فشل الإسلام السياسي في دورته الحضارية الراهنة
من جانبه قال الدكتور أُنس الطريقي أستاذ الحضارة الحديثة بالجامعة التونسية في مداخلة حملت عنوان "قراءة في قيمة المفاهيم ما بعد الحداثة في التكهّن بمستقبل الإسلام السياسي"، شدد فيها على أن الإسلام السياسي لن يكفّ عن الوجود، وربما هو الآن في دورة جديدة، من مساره التاريخي، في وضع التقيّة الذي يلي فشله في العادة، وهو في انتظار فرصة تاريخية جديدة، وأوضح أن التصورات الدينية الإسلامية، والأوضاع السياسية التي أنجبت الإسلام السياسي هي نفسها في معظم دول المنطقة. وقال إن الإسلام السياسي يعاني في مستوى الطرحين السياسي والديني، مشكلات نظرية عميقة، تجعله انحرافًا معطِّلا لبناء الدولة وتجديد الدين معًا، كما أن الأكاديميا العربية تقول بفشل الإسلام السياسي في دورته الحضارية الراهنة، وتتكهن بزوال هذه الظاهرة على الأمد البعيد إن لم يكن على الأمد القريب، وتطرق إلى ثلاثة مفاهيم باعتبارها مسارات ممكنة للإسلام السياسي بعد الربيع العربي. وهي مفاهيم إسلاموية ارتدادية أو ماضوية، وإسلاموية جديدة، وإسلاموية دون هوية، موضحا أن الدراسات تتحدث عن تحوُّل متوقع للإسلام السياسي إلى إسلاموية فارغة وفاقدة للأساسات النظرية الأصلية للإسلام السياسي.
مقاربات نظرية متعددة المشارب
بدوره أوضح الأستاذ منتصر حمادة الباحث المغربي المتخصص في الحركات الإسلامية في مداخلة له أن مقاربة الإسلاموية تتطلب مقاربات نظرية متعددة المشارب العلمية، أو تتطلب فكرًا مركبًا بتعبير المفكر الفرنسي إدغار موران، وأنه كلما تعددت معالم هذه القراءة المركبة، اقتربنا من مقام الظَّفَر بتفسير مثالي أو نموذجي، مبينًا أنه بالرغم من التراكم الكمي الذي تحقق في المنطقة العربية بخصوص الإصدارات التي تتناول الإسلاموية، ومرور المنطقة العربية بعدة أحداث مفصلية كان بعضها مرتبطًا بحضور لمحددات الإسلاموية، فلايزال التراكم النوعي في هذه الإصدارات متواضعًا ، مشيرًا إلى أن السياقات الزمنية كانت سببًا في انخراط الأكاديميا العربية في الاشتغال البحثي على الإسلاموية، ومن ذلك على سبيل المثال سياقات أحداث 11 سبتمبر 2001، وأحداث يناير 2011 في المنطقة العربية. وأوضح أن قراءة الظاهرة الإسلاموية من منظور فلسفي لا علاقة له إجمالًا بالقراءة المؤسَّسة على علم النفس ولكن تبقى الأقلام التونسية في مقدمة الأسماء التي تخصصت في الموضوع.
رؤية الأكاديميا غير العربية للإسلاموية
وقد ناقش المنتدى في يومه الثاني "رؤية الأكاديميا غير العربية للإسلاموية"، وأكدت الباحثة رهف الخزرجي نائب مدير إدارة النشر العلمي في بديتها أن مركز "تريندز" يسعى دائمًا لأن يكون هناك حوار حول ظاهرة الإسلام السياسي من أجل زيادة الوعي بهذه الظاهرة والخطر الذي تشكّله على المجتمعات العربية والغربية.
وقالت إنه من الأهمية بمكان تفكيك بعض الأفكار النمطية التي باتت تسود كثيرًا من الدراسات الغربية التي تتناول ظاهرة الإسلام السياسي، والتي تبرر أحيانا سلوكيات تلك الحركات، وطرحت سؤلًا حول سبب تعاطف شرائح كثيرة من الباحثين الغربيين مع الإسلام السياسي برغم خطورته الواضحة على المجتمعات والدول الوطنية؟
تعاطف غربي
بدوره قال مدير الندوة لورينزو فيدينو، الخبير في شؤون التطرف بجامعة جورج واشنطن الأمريكية إن تنامي اهتمام الأكاديميا الأمريكية بالشرق الأوسط، كان منذ السبعينيات، وأصبحت الأفكار الواردة في كتاب "الاستشراق" لإدوارد سعيد الصادر عام 1978، محل اهتمام كبير، مشيرًا إلى أنه منذ ذلك الحين، تبنى جزء كبير من الأوساط الأكاديمية الغربية وجهات نظر تعاطفت مع الأيديولوجيات ذات الميول بما في ذلك الإسلاموية. وذكر أن صورة الإخوان المسلمين والجماعات المماثلة في الغرب تراوحت بين الإيجابية وبين التقليل من أهمية عملها أو تبريره من خلال تصويره على أنه ردود أفعال مفهومة على السياسات الغربية غير العادلة، موضحًا أن هناك عاملين إضافيين أسهما في التعاطف الواسع مع الإسلاموية في الغرب؛ هما تمويل المؤسسات الأكاديمية من قبل رعاة شرق أوسطيين، وتولي عدد متزايد من الإسلاميين مناصب أكاديمية.
مناهج أوروبية
من جانبها تطرقت الدكتورة رجاء سكراني أستاذة الحضارة الإسلامية- جامعة بون الألمانية إلى وجود منهجين في الأكاديميا الأوروبية حول الإسلاموية، مشيرة إلى أن المدرسة الفرنسية أولت الموضوع اهتمامًا خاصًا له بُعْدٌ أمني أيضًا، وبذلت جهودًا كبيرة لفهم الظاهرة، موضحة أن الباحثين الفرنسيين لديهم خطاب واضح، وقد أثروا في باحثين أوروبيين آخرين.
وذكرت سكراني أن الرؤية في ألمانيا تختلف نوعًا ما، حيث يركز الباحثون على أسباب التعاطف مع الإسلامويين، كما تركز الدراسات حول فهم أصول الإرهاب والأصولية وسيكولوجية الأفكار الإسلاموية، متحدثة عما يسمونه الجيل الثالث المختلف في طريقة فهمه للإسلام، ويرون أن الإرهاب ظاهرة دولية، وذكرت أن الدراسات الألمانية حول الظاهرة متعددة، وقد مهدت لمناقشات وانفتاح على الظاهرة لدراستها وتحليلها.
أمريكا الجنوبية: قلة اهتمام بالظاهرة
أما الدكتورة سليفي توسيج، الخبيرة بالإسلام السياسي في أمريكا الجنوبية فقد أوضحت أن معظم المسلمين في أمريكا الجنوبية هم ممن تحولوا من ديانات أخرى، وأن الباحثين هناك لا يولون ظاهرة الإسلاموية اهتمامًا كبيرًا، لكن هناك من تناولها كبُعد سياسي وكمناقشة لطبيعة الظاهرة.
وأوضحت أن هناك تباينًا في العمل الأكاديمي، وليس له أثر على الإسلاميين، عكس الجوانب الأمنية، حيث يتم التركيز على قضية الإرهاب.
وبينت أن معظم الكتابات حول الإسلاموية في أمريكا الجنوبية تتناول جوانب اجتماعية ككبار الشخصيات التي اعتنقت الإسلام، وخلصت إلى أن المشهد الأكاديمي العام لظاهرة الإسلام السياسي في أمريكا اللاتينية لا يهتم كثيرًا بهذه الظاهرة.
اختطاف الإسلام
من جانبه شدد لروهان غوناراتنا، أستاذ الدراسات الأمنية في جامعة نانيانغ التكنولوجية، سنغافورة، على أن جميع الأديان استُخدمت وأُسيء استخدامها لتحقيق أغراض سياسية وشخصية ضيقة، مشيرًا إلى التهديد المتنامي من قبل مجموعة من الكيانات ذات التطرف الأيديولوجي، والحركات العرقية السياسية والحركات السياسية والدينية.
وقال إن قوة الدين العاطفية يمكن أن تحشد أتباعه وتقودهم إلى القتل والموت ونشر أيديولوجياتهم بالقوة، وقال إنه تم اختطاف الإسلام مثل الأديان الأخرى، من قبل حركات وتنظيمات لنشر أيديولوجياتها بقوة وعدائية موضحًا أن الإسلاموية شكلت عبر التاريخ تحديًا للسلام والوئام؛ ما يستدعي فهم أيديولوجيتها من خلال كلمات أتباعها لمواجهة مخاطرها. مشددًا على أهمية الخبرات السابقة والدروس المستفادة في أن تقدم للحكومات والشركاء نموذجًا للتخفيف من تهديد الإسلام السياسي.
مفهوم متنازَع عليه
واختُتمت أعمال المنتدى في يومه الثاني بمداخلة لجيليان كينيدي المحاضرة في السياسة والعلاقات الدولية بجامعة ساوث هامبتون البريطانية، حيث تناولت رؤية الأكاديميين غير العرب للإسلام مشيرة إلى أن الإسلاموية كانت في الماضي مفهومًا متنازعًا عليه، داخليًا بين الحركة الإسلامية، وخارجيًا بين اللاعبين السياسيين غير العرب الرئيسيين الذين استخدموا المفهوم كمحور لأغراض بلاغية وسياسية. وقالت هناك العديد من الاختلافات داخل الحركات الإسلامية؛ ما يقودنا - بوصفنا أكاديميين غير عرب - للبحث عن طريقة دقيقة للتعامل مع موضوع الإسلاموية.
وبينت أن بعض الحركات الإسلاموية قد يتم تصنيفها باعتبارها حركات غير عنيفة، مثل حزب النهضة في تونس، إلا أنهم لايزالون يحملون وجهات نظر غير ديمقراطية حول دور المرأة في المجتمع وحقوق المواطنة لغير المسلمين في الدول ذات الأغلبية المسلمة، في ظل الرؤى الإسلامية التي تتطور بشكل مثير.