رئيس الدولة والرئيس الأميركي يبحثان العلاقات الاستراتيجية بين البلدين والتطورات الإقليمية
مشاركون أكدوا على ضرورة انتهاج سياسات عالمية جديدة للتنمية الخضراء وتحييد أثر الكربون
تريندز يناقش في ندوة عن بُعد آثار التغيرات المناخية على استدامة النمو الاقتصادي العالمي
في إطار سلسلة الندوات والمحاضرات العلمية والمعرفية التي يحرص مركز تريندز للبحوث والاستشارات على تنظيمها بشكل دوري، عقد المركز أمس ندوة عن بُعد تحت عنوان: “التغيرات المناخية واستدامة النمو الاقتصادي”، ناقشت آثار التغير المناخي على استدامة النمو الاقتصادي العالمي، والجدوى الفعلية للسياسات الحالية وتأثيرها في مولدات النمو الاقتصادي العالمي، ومدى فاعلية التدابير الإقليمية والدولية لمكافحة التغير المناخي.
وشارك في الندوة الدكتور وين وانغ العميد التنفيذي لمعهد تشونغيانغ للدراسات المالية بجامعة رينمين الصينية، والدكتور شيغيرو كوندو باحث أول في المعهد الياباني لاقتصادات الشرق الأوسط، والدكتور فينكاتاتشالام أنبوموزي مدير استراتيجية البحوث والابتكار بمعهد البحوث الاقتصادية لرابطة أمم جنوب شرق آسيا وشرق آسيا في إندونيسيا، والدكتورة أناستيزيا نيفسكايا رئيس قسم دراسات الاتحاد الأوربي في معهد الاقتصاد العالمي والعلاقات الدولية بروسيا، والدكتور بوريس فرامكين زميل وباحث أول بمعهد الاقتصاد العالمي والعلاقات الدولية، والسيدة ليا بيريكريستس نائبة مديرة العمليات في معهد الاقتصاد والسلام ببلجيكا.
وأكد المشاركون في الندوة التي أدارها الدكتور عمر العبيدلي، مدير إدارة الدراسات والبحوث ومدير دراسات الاقتصاد والطاقة في مركز البحرين للدراسات الاستراتيجية والدولية والطاقة “دراسات”، على ضرورة انتهاج سياسات عالمية جديدة تقدم حزم تحفيز اقتصادية طموحة، إضافة إلى وضع سياسات التنمية الخضراء ومنخفضة الكربون على قدم المساواة مع النمو الاقتصادي الوطني.
وتحدث في المحور الأول “تكلفة التغير المناخي وعلاقتها بالنمو الاقتصادي” الدكتور وين وانغ العميد التنفيذي لمعهد تشونغيانغ للدراسات المالية بجامعة رينمين الصينية، والأمين العام للجنة التمويل الأخضر التابعة للجمعية الصينية للتمويل والأعمال المصرفية، وقال إن الصين أصدرت سياسات مهمة بشأن تحييد أثر انبعاثات الكربون، وبدأت المحافظات والبلديات في جميع أنحاء الصين إدراج ذروة انبعاثات ثاني أكسيد الكربون وتحييد أثر الكربون ضمن خططها الخمسية الرابعة عشرة، وأصبح النظام المالي مفتوحاً بالكامل على التنمية الخضراء.
وأضاف وين وانغ: “أصبح من واجب جميع الدول ومسؤوليتها المشتركة أن تحد من انبعاثات الغازات الدفيئة وتستجيب للتغير المناخي، فقد رفعت هذه الفكرة قضية التغير المناخي من حماية البيئة واستغلال الموارد إلى مستوى نماذج التنمية الاقتصادية الأعلى جودة».
وشدد على أنه ينبغي على الصين توسيع رؤيتها لذروة الانبعاثات وتحييد أثر الكربون من منظور دولي، وللقيام بذلك، يجب أن تعمل باستمرار على استكشاف الأنظمة المالية المستدامة ونماذج الخدمات التي تتسق مع هدفها الطويل الأجل المتمثل في تحييد أثر الكربون، كما يجب عليها إعطاء أهمية لانخفاضات الانبعاثات المحتملة في قطاع تكنولوجيا المعلومات، بالإضافة إلى وضع سياسات التنمية الخضراء ومنخفضة الكربون على قدم المساواة مع النمو الاقتصادي الوطني.
أما المحور الثاني “التحول في مصادر الطاقة وتأثيره المحتمل في التغير المناخي والنمو الاقتصادي في دول منظمة أوبك”، فتطرق خلاله الدكتور شيغيرو كوندو باحث أول في المعهد الياباني لاقتصادات الشرق الأوسط، إلى التحولات المتزايدة التي يشهدها العالم للاعتماد على مصادر الطاقة النظيفة، بهدف الحد من التغير المناخي. وأوضح أن التحول إلى مصادر الطاقة النظيفة يؤدي إلى حالة من عدم اليقين بشأن النمو الاقتصادي المستقبلي في الدول الأعضاء بمنظمة أوبك، التي تعتمد اقتصاداتها على الوقود الأحفوري، بل إن العديد من التوقعات تقول إن ذروة الطلب على النفط ستكون في السنوات الأولى من العقد الحالي.
وأفاد شيغيرو كوندو بأن العديد من شركات الطاقة الدولية غير قادرة الآن على زيادة الاستثمارات في الوقود الأحفوري بسبب الضغوط المتزايدة من المساهمين المهتمين بالبيئة، ولكن شركات النفط الوطنية في دول منظمة أوبك لا تواجه مثل هذه الضغوط، وهي حرة في استثمارها، وهذا يمنحها ميزة نسبية على شركات الطاقة الدولية. ونوه بأنه من المرجح أن تكون الدول الأعضاء في منظمة أوبك مستعدة لظروف ما بعد عام 2030، حيث إن التوقعات المستقبلية للدول الأعضاء في “أوبك” في العقود المقبلة ليست سيئة للغاية كما يتوقع الكثيرون. وجاء المحور الثالث تحت عنوان “جدوى السياسات الحالية وتأثيرها في مولدات النمو الاقتصادي العالمي”، وتناول خلاله الدكتور فينكاتاتشالام أنبوموزي مدير استراتيجية البحوث والابتكار بمعهد البحوث الاقتصادية لرابطة أمم جنوب شرق آسيا وشرق آسيا في إندونيسيا، التحديات السياسية التي تحول دون التخفيف من التغير المناخي والفرص المستقبلية للنمو الأخضر منخفض الكربون في عصر ما بعد كوفيد-19.
وذكر أن الجائحة تؤكد على الضرورة الملحّة لبناء اقتصادات قادرة على الصمود، ليس فقط أمام الأوبئة بل أيضاً أمام مخاطر التغير المناخي النظامية وضرورة إزالة الكربون، مبيناً أن وباء كورونا أتاح فرصاً لإعادة البناء على نحو أفضل، بحيث يجب أن تركز مسارات التنمية المستدامة على أجندة فصل المجموعة الاقتصادية عن انبعاثات الكربون، وإعادة ربط الانتعاش الاقتصادي من خلال إيجاد المزيد من فرص العمل وبناء القدرة على الصمود.
وأشار الدكتور فينكاتاتشالام أنبوموزي إلى أن وباء كورونا جاء ليقدم فرصة نادرة لدمج أهداف النمو الأخضر منخفض الكربون في التخطيط الاقتصادي الكلي والميزانيات الوطنية والقطاع المالي.
وشدد على ضرورة انتهاج سياسات جديدة تعكس عناصر تحويلية في حزم تحفيز اقتصادية طموحة، يمكن أن تساعد في تنشيط الاقتصادات المحلية وتوجِد فرص عمل خضراء وتبني مستقبلاً مستداماً أفضل.
«التأثير السببي بين التحولات القطاعية والتغير المناخي»
أما المحور الرابع الذي جاء تحت عنوان “التأثير السببي بين التحولات القطاعية والتغير المناخي”، فتحدثت خلاله الدكتورة أناستيزيا نيفسكايا رئيسة قسم دراسات الاتحاد الأوربي في معهد الاقتصاد العالمي والعلاقات الدولية بروسيا، حول الارتباط بين التغير المناخي والتصنيع العالمي.
وذكرت أن العلاقة بين التحولات القطاعية والتغير المناخي معقدة، حيث إن الانبعاثات الكربونية لا تحتاج إلى إذن لكي تحدث، وهناك سياسات عالمية عديدة للحد من الانبعاثات الكربونية، ولكنها غير كافية.
وأوضحت أن بعض الدول المتقدمة تفرض تدابير متنوعة للحد من الانبعاثات الكربونية، ولكن باقي دول العالم تحتاج إلى انتهاج مثل هذه السياسات للمحافظة على الوضع البيئي العالمي، مبينة أن الآليات المعتمدة في الاتحاد الأوروبي للحد من الانبعاثات الكربونية تعتمد فرض ضرائب على مصادر الانبعاثات الكربونية، متمنية أن تنتهج الدول الأخرى مثل هذه التجربة.
وشددت الدكتورة أناستيزيا نيفسكايا على ضرورة توسيع التعاون العالمي بين الشركات والدول للتقليل من الانبعاثات الكربونية، فضلاً عن الحاجة إلى تحديث خطوط الإنتاج وإدخال الطاقة النظيفة في مجال الصناعات والتكنولوجيا والصناعات الثقيلة والتقليل من بصمة الكربون في مختلف مجالات النقل.
من جهته، تطرق الدكتور بوريس فرامكين زميل وباحث أول في معهد الاقتصاد العالمي والعلاقات الدولية، إلى آثار التغير المناخي وضرورة التحول إلى الزراعة الحديثة.
وذكر أن تقارير التغيرات المناخية تتعامل مع تفاعلات أنظمة الغذاء والمناخ العالمية وتحولها من شكل فضفاض إلى تنسيق مربح للجانبين، حيث يتم النظر في ثلاثة جوانب رئيسية لمثل هذا التحول، وهي: “توافر الغذاء والقدرة على تحمل التكاليف في سياق تحقيق القضاء التام على الجوع بحلول عام 2030، وتخفيف وتكييف الزراعة مع تغير المناخ، ودعم المزارعين».
وأشار الدكتور بوريس فرامكين إلى أن استراتيجية الأغذية الزراعية الجديدة للاتحاد الأوروبي تعتبر أول خيار سياسي عملي لتشكيل نظام غذائي موجه نحو المناخ.
ونوه بأن مكافحة التغير المناخي تتطلب المزيد من تكاتف الجهود العالمية، ووضع سياسات ناجعة للحد من آثار التغير المناخي، إلى جانب الحاجة الملحة إلى تعديل آليات الأنظمة الغذائية للحد من الانبعاثات الكربونية، وتكييف أنظمة الغذاء ورفدها بحلول اقتصادية وسياسات لتنويع البنى التحتية والمحاصيل ودعم المزارعين للاعتماد على مصادر طاقة نظيفة في الزراعة والابتعاد عن الأسمدة الضارة؛ ما سينعكس إيجابياً على تخفيف معدلات الفقر.
«التدابير الإقليمية والدولية لمكافحة التغير المناخي»
وجاء المحور الخامس والأخير بعنوان “التدابير الإقليمية والدولية لمكافحة التغير المناخي”، وأكدت خلاله ليا بيريكريستس نائبة مديرة العمليات لأوروبا ومنطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا في معهد الاقتصاد والسلام ببلجيكا، أن سِجِل التهديدات البيئية الصادر عن معهد الاقتصاد والسلام في بلجيكا يعتبر منتَجاً بحثياً جديداً ملائماً يُظهر كلاً من التعرُّض للمخاطر، وقدرة الدول على التعامل مع التأثيرات الكبرى والصمود أمامها.
وذكرت أن سجل التهديدات البيئية يسلط الضوء على النقاط الساخنة العالمية المعرّضة لمخاطر بيئية أعلى، مضيفة أن 141 دولة تتعرض على الأقل لتهديد إيكولوجي واحد، ومنطقتي الساحل الإفريقي والشرق الأوسط من أكثر المناطق تعرضاً لتهديدات إيكولوجية.
وأشارت إلى أنه من خلال إطار “السلام الإيجابي”، يستطيع معهد الاقتصاد والسلام في بلجيكا تقديم رؤى بشأن التأثير الذي قد تُحدثه هذه الصدمات في السلام والنزاعات، وباستخدام هذه المقاربة الثنائية لتحليل النقاط الساخنة، يمكن التوصل إلى تقييم أفضل للمكان الذي ينبغي تقديم المساعدات المناخية له.