تفاؤل دولي.. ومخاوف من التأثير التركي على الحكومة الليبية

 تفاؤل دولي.. ومخاوف من التأثير التركي على الحكومة الليبية


أثمرت المحادثات التي أجريت في ليبيا أمس الأول الجمعة برعاية الأمم المتحدة، عن تشكيل حكومة مؤقتة جديدة للبلاد بهدف إيجاد حل لحالة الفوضى والعنف والانقسام فيها.
ووفقاً لصحف عربية صادرة أمس السبت، أثار حجز المحور التركي موطئ قدم في قيادة المرحلة الانتقالية جدلاً واسعاً بين الأوساط الليبية، فيما يسود التفاؤل في دول المنطقة حول إنجاح المرحلة السياسية المقبلة.

ليبيا مستقرة
اعتبرت صحيفة الاتحاد الإماراتية، أن تشكيل حكومة مؤقتة في ليبيا يعد خطوة تاريخية، في طريق إحلال الأمن والاستقرار في البلاد.
وأشارت الصحيفة في افتتاحيتها، إلى أن الإمارات كانت من أول الدول التي سارعت للترحيب بتشكيل السلطة التنفيذية الليبية الجديدة، مترجمة لنهجها الداعم للجهود المبذولة لإحلال الاستقرار والسلام، وتأكيداً لموقفها الثابت في الدعوة إلى الحوار كأفضل طريق لحل الصراعات، واستعدادها الدائم للتعاون من أجل أن ينعم الشعب الليبي بالتنمية والازدهار بعد سنوات من المعاناة والتدمير والقتل.
وقالت الصحيفة “الأهم في المرحلة المقبلة هو البناء على هذا الإنجاز السياسي، والتقدم في مختلف المسارات التفاوضية برعاية الأمم المتحدة، خاصة في ظل وجود أطراف إقليمية متضررة دوماً من مساعي السلام، ومستفيدة من إشاعة الخراب وزرع الفتن بين أبناء الشعب الواحد، طمعاً في تحقيق أهدافها التوسعية عبر إيجاد حواضن للإرهاب والإرهابيين والمرتزقة».
وأضافت “لا بد من وجود تحديات في طريق تحقيق السلم والأمن في ليبيا، لكن صدق النيات والتعاون والتوافق، قد ظهرت جلياً لدى جميع الأطراف خلال محادثات لجنة الحوار السيـاسـي في جنيف، وانسحابها مستقبلاً على كامل المسارات التفاوضية، كفيل بتبديد أي تحدٍّ أو نياتٍ إقليمية لا تريد لليبيا أن تعود لعافيتها وحضنها العربي».
صراع النفوذ
وذكرت صحيفة النهار اللبنانية، أنه بعد الاتفاق على تشكيل السلطة التنفيذية في ليبيا، فُتحت مساحة واسعة من الجدل والتساؤلات في شأن توازنات القوى، ومستقبل علاقة السلطة الجديدة بالميليشيات المتمركزة في الغرب.
وقالت “أثيرت تساؤلات حول مستقبل علاقة السـلطة الجديدة بالميليشيات المتصارعة على النفوذ، فوفقــــــاً لقــــــــرار كــــــان قــــــد أصــــــدره الســـــراج مطلــــــع العـــــــام، ومنــــــح بمقتضـاه ميليشـــــيات العاصمــــــة طرابلس ســــــــلطات أمنية واسـتخباراتية، ستخضع تلك الميليشــــــيات لســـــيطرة المجلــس الرئاسي الجديد».
وأشارت إلى أن ميليشيات مدينة مصراتة (الغرب الليبي) التي كانت تمنّي نفسها بالسيطرة على السلطة عبر رجلها وزير الداخلية الحالي فتحي باشاغا، يتوقع ألا تسمح على الأقــــــل بسحب البساط من مناطــــــق نفوذهــــــا، كما لا يتوقع أن يبتعد باشاغا عن المشـــــــهد الســياسي الليبي خــــــلال الفترة المقبلة.
وأضافت الصحيفة “رغم التفاؤل الدولي بأن تضع خطوة انتخاب سلطة انتقالية تمهّد للانتخابات حداً للصراع الليبي، لكن على ما يظهر فإن الملف سيظل مفتوحاً على كل الاحتمالات في ظل الصراعات على النفوذ».
امتحان السلطة الجديدة
وبدورها، كشفت صحيفة الشرق الأوسط أن الليبيين يأملون في إنجاح المسار السياسي وما يسفر عنه من سلطة تنفيذية جديدة، إلا أنهم يتخوفون من حسابات قوى داخلية وخارجية، يرونها تسببت في إشعال جبهات الاقتتال واستغلت عملية خرق حظر السلاح الذي تفرضه الأمم المتحدة على بلادهم.
وقالت الصحيفة إن جانباً من هذه المخاوف يتمثل في تكرار سيناريوهات الماضي، إذا ما رفض الفريق الخاسر النتائج، وانقلب على عملية الانتقال السلمي للسلطة وارتكب أعمال عنف، أو أن يأبى (القادة الانتقاليون) التخلي عن مناصبهم عند حلول موعد الانتخابات، أو قد تعمد قوى أجنبية إلى تخريب العملية السياسية للدفاع عن مصالحها الشخصية.
وقال الناشط السياسي أحمد التواتي للصحيفة “اليوم نجحت البعثة الأممية، والشعب سينتظر اختيارات الـ75، ولن ينتصر إلا إذا نجح في منع الأطراف الخاسرة من إفساد الاستحقاق الانتخابي، ودافع عن حقه في اختيار من يمثله».
ولفت المحلل السياسي الليبي عبد العظيم البشتي، إلى أنه رغم أهمية الكثير من النقاط التي يحتاج الوضع الليبي راهناً إلى إنجازها، لكن ما لم تكن الأولوية للحديث على تفكيك الميليشيات، وأن يكون السلاح في ليبيا حكراً على مؤسستي الجيش والشرطة، بالإضافة إلى محاربة الفساد، فإن كل وعود المرشحين لن يكون لها قيمة أو معنى.
ويتوقع الراصدون لأوضاع المجموعات المسلحة بالعاصمة، أن تؤثر التجاذبات والتحرشات الدائمة بين الميليشيات هناك على نتيجة الاتفاق، خصوصاً التابعة منها للمجلس الرئاسي، والموالية لباشاغا رجل مصراتة القوي؛ إذ لكل منهما حسابات ومصالح شخصية تريد إبقاء الوضع على ما هو عليه، إن لم تكن مجريات الأوضاع لصالحها.

بصمات روسية تركية
ومن جهتها، قالت صحيفة العرب اللندنية إن نتائج التصويت على انتخاب رأسي السلطة التنفيذية الجديدة جاءت بشخصيات معروفة بولائها لتركيا؛ في إشارة إلى رئيس الحكومة الجديد رجل الأعمال المصراتي عبدالحميد الدبيبة، ورئيس المجلس الرئاسي محمد المنفي.
وأضافت أن الكثير من الليبيون رحبوا بانتخاب سلطة جديدة، معتبرين أن هذه الصيغة تبدد المخاوف من اندلاع حرب جديدة باعتبارها جاءت مرضية لأنقرة، في حين وجه نشطاء انتقادات حادة لهذه الصيغة التي قالوا إنها لم تراع التوازنات السياسية والجغرافية باعتبار أن المنفي من مهجري برقة ومعروف بمعارضته للسلطات شرق البلاد.
وقال الناشط السياسي سليمان البيوضي تعليقاً على انتخاب السلطة الجديدة “لن تكون السلطة الجديدة من أدوات الحرب أو سبباً فيها، بل ستكون أساساً لاستقرار وطني شامل”، وأضاف “لا أتوقع انفجار الوضع باتجاه عودة الحرب، مع توقعات بفورة عنف قصيرة بسبب غضب سياسي».
وأوضحت الصحيفة أنه من غير المستبعد أن يكون سبب سقوط مقترح عقيلة – باشاغا غياب الدعم الروسي، وهو ما يشير إلى استمرار تمسك روسيا بحفتر رغم الحديث خلال الفترة الماضية عن فتور في العلاقات بينهما بعد أن أجبرت تفاهمات تركية – روسية الجيش على الانسحاب من طرابلس.
ولفتت إلى أن سبب رفض روسيا لهذه الصيغة هو فتحي باشاغا، الذي راجت الأنباء نهاية العام الماضي بشأن استعداده لزيارة موسكو، وهو الأمر الذي لم يحدث ما يشير إلى موقف روسي قوي ضده.