كان لدى بوش فرصة ذهبية ليأمر بإنهاء المهمة العسكرية
تقرير أمريكي: غطرسة واشنطن سبب رئيسي لكارثة أفغانستان
أصدر المفتش العام لإعادة إعمار أفغانستان تقريراً أوضح فيه العديد من أسباب الانهيار المذهل في أغسطس (آب) 2021 للحرب الأمريكية التي دامت 20 عاماً في أفغانستان.
وقال دانيال ديفيس، عقيد متقاعد في الجيش الأمريكي، خدم في عدة جولات في أفغانستان. وهو زميل أول في مؤسسة أبحاث “ أولويات الدفاع” الأمريكي، في تعليق بموقع “1945”: “يمثل التقرير المكون من 148 صفحة دليلاً شاملاً على الأسباب المتعددة والمعقدة لفشلنا، ولكن هناك سبب واحد لم يتم ذكره على الرغم من احتمال أن يكون أكثرها انتقاداً، ألا وهو غطرسة الحكومة في واشنطن».
وأبرز التقرير “أهمية فهم أن كارثة أغسطس 2021، عندما تم حل الحكومة الأفغانية والجيش قبل تقدم طالبان - وتحولت حربنا المليئة بالإحباط التي استمرت عقدين إلى فشل هائل - لم تأت فقط نتيجة لفشل الرئيس الأمريكي جو بايدن في تنفيذ عملية الانسحاب. بدأت كارثتنا في غضون أشهر من اندلاع الحرب واستمرت حتى الخروج النهائي منها».
ويواصل التقرير الجديد للمفتش العام لإعادة إعمار أفغانستان، الذي أعده المفتش العام جون سوبكو، تحليل الحقائق الاستثنائية من أرض الواقع في أفغانستان التي بدأها مكتب المفتش العام مع تقريره الأول في أكتوبر (تشرين الأول) 2008. وحذر الميجور جنرال أرنولد فيلدز، المفتش العام الأول لمكتب المفتش العام الدولي في ذلك التقرير، بشكل يدعو للقلق من أن “مهمة إعادة الإعمار في أفغانستان أصبحت قضية صعبة ومعقدة للغاية.»
وأوضح الكاتب أن هذه الرسالة، التي أقل ما يُقال عنها أنها تقليل من شأن الواقع، قد أسيء تقديرها إلى حد كبير من قبل جميع الإدارات بدءاً من جورج دبليو بوش إلى بايدن.
وأشار إلى أن هناك قلة عارضت قرار بوش باستخدام القوة العسكرية في المقام الأول في أكتوبر (تشرين الأول) 2001 ، بعدما قدمت طالبان عن طيب خاطر المساعدة لأسامة بن لادن، الذي أقر بوقوفه وراء هجمات الحادي عشر من سبتمبر الإرهابية ضد الولايات المتحدة. كانت مهمة بوش العسكرية الأولية مناسبة ومدروسة وقابلة للتحقيق:
وتم إنجاز هذه المهمة بشكل فعال بحلول ربيع عام 2002 ، عندما تم تدمير طالبان ككيان سياسي وتعرضت القاعدة لأضرار بالغة لدرجة أنها لم تستعد قوتها التي كانت تمتلكها قبل الحرب.
كان لدى بوش فرصة ذهبية في صيف 2002 ليأمر بإنهاء المهمة العسكرية، وسحب القوات، والانتقال إلى مهمة دبلوماسية وإنسانية. ولم تكن هناك معارضة مسلحة أو منظمة. وكان بإمكان الشعب الأفغاني نفسه تشكيل حكومة جديدة من اختياره، بما يتماشى مع أعرافه التاريخية والثقافية.
ولم تتوافر مطلقاً في أفغانستان مجموعة أفضل من الظروف أو أكثر أماناً أو مثالية لبلد يتمتع بالوقت والدعم الدولي لتشكيل حكومة جديدة مما كان عليه ذلك الصيف. ولكن هنا دخلت غطرسة واشنطن الصورة. فبدلاً من الوثوق بالشعب الأفغاني لبذل الجهد الضروري لحكم نفسه بنفسه، “قررنا أنهم غير قادرين ويحتاجون إلى مساعدتنا لتحقيق ذلك».
أول فشل كبير
في بادئ الامر، أبقت واشنطن قواتها العسكرية على الأرض ووجهت كل جانب من جوانب تشكيل الحكومة في كابول. وأخذ الأمريكيون زمام المبادرة في وضع دستور البلاد - الذي يتماشى مع الثقافة الأمريكية أكثر من الثقافة الأفغانية، مما ساعد على ضمان فشلها في نهاية المطاف. ولسوء الحظ، كان هذا أول فشل كبير، ثم توالت حالات الفشل تباعاً.
أراد الكثيرون في العالم الغربي إثبات أن الديمقراطية - بما يتماشى مع المثل والقيم الغربية - يمكن أن تُبنى في أي مكان وكانت تستند في الواقع إلى “القيم العالمية”، وكانوا متحمسين لإثبات نظرياتهم في أفغانستان.
وقال الكاتب: “خدمت في أفغانستان للمرة الأولى في 2005-2006. خلال ذلك الوقت، لاحظت أن المهمة العسكرية التي تقودها الولايات المتحدة يُشارك فيها العديد من الوكالات المدنية، ووكالة التنمية الدولية الأمريكية، ومنظمات المعونة الدولية - لكن تركيزهم كان منصباً على مساعدة الحكومة الأفغانية، والجيش، والمجتمع المدني على التصرف مثل الديمقراطية الغربية».
وأضاف: على ما يبدو أدرك بوش أن جهود الولايات المتحدة كانت في طريقها للانهيار، فقام بتغيير المهمة في 15 فبراير (شباط) 2007، فخاطب بوش الأمة وألقى خطاباً مثيراً، يقطعه الكثير من التصفيق ، حول مستقبل أفغانستان.
أعلن بوش أنه كان يطلب من الكونغرس 11.8 مليار دولار “لمساعدة هذه الديمقراطية الفتية على البقاء”. ثم اتخذ القرار المصيري: “لقد أمرت بزيادة القوات الأمريكية في أفغانستان. لقد قمنا بتمديد بقاء 3200 جندي الآن في البلاد ، لمدة أربعة أشهر، وسننشر قوة بديلة ستحافظ على هذه الزيادة في المستقبل المنظور «.
وتابع الكاتب: “عندما عدت للعمليات القتالية للمرة الثانية في أفغانستان في 2010-2011 ، صدمت بمدى تدهور البلاد منذ الانتشار السابق. وكان من الواضح بشكل مؤلم أن سياساتنا لم تفشل فقط في تحسين الوضع، بل جعلت الأمور أسوأ».
وخلص: “لاحظت بعد ذلك أن قادتنا العسكريين والمدنيين كانوا غير أمناء بشأن الظروف، ووعدوا دائماً أنه مع وجود استراتيجية جديدة أو نهج جديد، ستكون الأمور مختلفة، لكنها لم تكن كذلك. لقد منعت الغطرسة قادتنا من الاعتراف بالواقع، وبذلك وضعوا الأساس بشكل مباشر لفشلنا العسكري».