تقرير بايدن عن كارثة أفغانستان.. خرافة

تقرير بايدن عن كارثة أفغانستان.. خرافة

يتحدث الزميل البارز غير المقيم في أتلانتيك كاونسيل مارك بوليمروبولوس، عن خدمته في أفغانستان رئيساً لقاعدة استخبارية على الحدود مع باكستان، منذ ثلاثين عاماً. كان المكتب الأفغاني أولى مهامه ضمن مجتمع الاستخبارات في 1993، لقد عمل في المنطقة وحولها أعواماً، في الميدان، وفي مهام ضمن مقرها الرئيسي. ويعرب بوليمروبولوس في مجلة "واشنطن إكزامينر" عن أمله في أن يحمل انتقاده للوثيقة التي أصدرها مجلس الأمن القومي عن الانسحاب الأمريكي من أفغانستان بعض المصداقية. لقد كانت الوثيقة فوضى مؤسفة وحكاية خيالية أغضبت كل من يعرفهم الكاتب من الذين خدموا في أفغانستان.
 
كارثة
أضاف بوليمروبولوس أنه داعم قوي لسياسة إدارة بايدن الخارجية، لكن مع ذلك، فإنه رأى أن الانسحاب كان ببساطة عبارة عن كارثة. ما حدث كان مفجعاً حتى لأشد المحاربين الأمريكيين. على الإدارة الأمريكية والبيت الأبيض بالتحديد تحمل مسؤولية ما حصل. يبدو أن فريق بايدن وجد توازنه بعد أفغانستان مع نجاحه العظيم في أوكرانيا. لكن الانسحاب من أفغانستان كان أسوأ فترة في هذه الرئاسة. الوثيقة السياسية المؤلفة من 12 صفحة هي نقاط سياسية ترويجية مكررة، وهي دفاعية بطبيعتها ومصصمة على الأرجح تحسباً لجلسات استماع شاقة في ا الكونغرس في الأشهر المقبلة.
 
لا أحد
تفتقر الوثيقة إلى الحديث عن رغبة العديد من كبار المسؤولين العسكريين والاستخباريين في الإبقاء على 2500 عنصر من العمليات الخاصة والاستخبارات في أفغانستان لضمان قوة ضرورية لمكافحة الإرهاب.
هذه القوة كانت كافية لمنح قوات الأمن الأفغانية الثقة لمواصلة القتال على الجبهات الأمامية. لا أحد عرفه الكاتب في الحكومة كان يعتقد أن الانسحاب الكامل فكرة سديدة. لا أحد. وأشار بوليمروبولوس إلى أن الأمريكيين باتوا الآن بلا سفارة في كابول.
 
ما معنى ذلك؟
يعني هذا الأمر أن عدداً قليلاً جداً من رجال الاستخبارات على الأرض، إن وُجدوا . ومن الواضح الآن افتقار الولايات المتحدة لأفغان يتولون العمليات الخاصة من أجل دعم القوات الأمريكية. وعوض ذلك، فإن ما تملكه الولايات المتحدة الآن، هو طائرات بلا طيار تستطيع أن تكون فعالة في غارات منفردة مثل العملية التي قتلت الزعيم السابق لتنظيم القاعدة أيمن الظواهري. لكن ذلك لا يكفي لحملة طويلة المدى من الضربات المتكررة على المقاتلين الإرهابيين. ثمة حاجة إلى قطع رأس الأفعى وإلى "جز العشب" كما يقول الإسرائيلون.
 
غير منطقية
لفت بوليمروبولوس إلى التعليقات الأخيرة لقائد القيادة المركزية الأمريكية الجنرال مايكل كوريلا الذي قال إن تنظيم داعش في أفغانستان سيتمكن من شن هجوم خارجي في أوروبا وآسيا خلال ستة أشهر. الملاذات الآمنة للإرهابيين في مناطق غير خاضعة للحكم ليست مشكلة، حتى تصبح كذلك، وعندها يكون الأوان قد فات.
صحيح أن إدارة ترامب فاوضت على اتفاق الدوحة وهو أحد أسوأ الاتفاقات في تاريخ الديبلوماسية الأمريكية حسب الكاتب. وصحيح أن طالبان انتهكت مراراً الاتفاق بعدما وقعته. لكن لماذا لم تتخل إدارة بايدن عنه؟ إن ارتباط إدارة بايدن بطريقة ما بحماقة الرئيس السابق دونالد ترامب، فكرة غير منطقية.
 
لن ينجح التعتيم
هذه الكارثة مهمة لأرواح الأفغان ولأرواح الأمريكيين. لا يجب نسيان الحلفاء الأفغان بعد التخلي عن الآلاف منهم حسب بوليمروبولوس. فوضى الأيام الأخيرة التي أكدتها صور مطار كابول المؤثرة تشهد على الإخفاق الأخلاقي الكارثي للحكومة يالأمريكية. لا يمكن ببساطة التعتّم على الأمر. إن الفشل في التخطيط طويل المدى لإجلاء الحلفاء الأفغان رغم مناشدات قدماء المحاربين، والمنظمات غير الحكومي،ة الإدارة لفعل المزيد، لا يمكن ولا يجب أن يُمحى من الذاكرة.
 
خطوة ذكية
تعني القيادة تحمل المرء مسؤولية أخطائه. وضع بوليمروبولوس كتاباً عن ذلك ويعلم هذا المبدأ في مناطق مختلفة من البلاد. يستجيب الجمهور عادة بشكل إيجابي للذين يتحملون مسؤولية إخفاقاتهم. أما تحويل اللوم إلى الآخرين والبحث عن كبش فداء فلا يلبيان التطلعات.
إن لوم إدارة ترامب في وثيقة الأمن القومي، خطأ، فترامب لم يكن في السلطة. ولم تكن إدارة بايدن مضطرة لتعزيز أخطاء سياسة ترامب الخارجية. وفي نهاية المطاف، انتخب بايدن ليصحح تلك الأخطاء.
فعل بايدن ذلك بشكل مذهل في بعض الأحيان كما عندما نشّط الناتو أو حشد الدعم لأوكرانيا. لكن هنا، سيتعرض الرئيس عن حق لانتقادات الجمهوريين وبعض الديموقراطيين، كما يتوقع الكاتب، ولو سراً. ورأى بوليمروبولوس في الختام أن إدارة بايدن ستتصرف بذكاء لو سحبت هذه الوثيقة وبسرعة.