رئيس الدولة يتلقى اتصالاً هاتفياً من الرئيس الســوري تبـادلا خلالـه التهانـي بعيـد الأضحى
تقرير: إيران تتحول من القنبلة النووية إلى المرونة التفاوضية
تناول الكاتب والمحلل السياسي سيث فرانتزمان التحوّلات المتسارعة في السياسة الخارجية الإيرانية، متسائلاً ما إذا كانت هذه التوجهات الجديدة تعكس تغيّراً فعلياً في موقف طهران من ملفها النووي.
وقال الكاتب في مقاله بموقع «1945» الأمريكي إن المفاوضات غير المباشرة الجارية بين إيران والولايات المتحدة، بوساطة سلطنة عمان، تكشف عن سياق دبلوماسي أوسع يتجاوز الطموحات النووية التقنية إلى إعادة تموضع استراتيجي على الساحة الدولية.
ورأى الكاتب أن تصريحات وزير الخارجية الإيراني، عباس عراقجي، التي شدد فيها على أن إيران لن توافق على أي اتفاق لا يسمح لها بمواصلة تخصيب اليورانيوم، تعكس تمسكاً بمبدأ سيادي أكثر منه مطلباً تقنياً. فالبرنامج النووي بالنسبة لطهران ليس فقط وسيلة دفاع، بل رمزاً للهيبة الوطنية، وورقة تفاوضية ذات أبعاد إقليمية ودولية.
وأشار الكاتب إلى خطاب علي أكبر أحمديان، أمين المجلس الأعلى للأمن القومي الإيراني، الذي ألقاه في موسكو مؤخراً، وتحدث فيه عن «فرص جديدة لبناء نظام عالمي جديد».
هذا الطرح، يضيف الكاتب، ليس جديداً، بل يتقاطع مع تصريحات سابقة للرئيس الروسي فلاديمير بوتين والرئيس الإيراني الراحل إبراهيم رئيسي، خاصة في ظل توسع إيران في الانخراط بتحالفات غير غربية مثل البريكس، منظمة شنغهاي للتعاون، ومنظمة معاهدة الأمن الجماعي التي تقودها موسكو.
ويُظهر هذا التوجه، بحسب فرانتزمان، أن طهران تعيد صياغة أولوياتها الدبلوماسية، من التفاوض مع الغرب على الاتفاق النووي، إلى بناء شراكات استراتيجية مع قوى شرقية مثل روسيا والصين وتركيا والهند وباكستان.
رغم هذا الصعود على الساحة الدولية، يرى فرانتزمان أن نفوذ إيران في الشرق الأوسط آخذ في التراجع. فبعد اندلاع حرب غزة في 7 أكتوبر -تشرين الأول 2023، والتي دفعت إيران إلى تحفيز أذرعها مثل حزب الله والحوثيين لضرب إسرائيل، جاءت النتائج عكسية.
ولفت الكاتب النظر إلى أن إسرائيل تمكنت من فرض تفوق ميداني، وأُجبر حزب الله على وقف إطلاق النار في نوفمبر -تشرين الثاني 2024، بينما سقط نظام بشار الأسد - الحليف الأبرز لطهران - في ديسمبر -كانون الأول من العام نفسه. ورغم استمرار الحوثيين في الهجمات، يشي اتفاق أمريكي إيراني في مايو -أيار 2025 بإمكانية التهدئة في البحر الأحمر.
وأوضح الكاتب أن إيران لم تعد قادرة على الاعتماد على وكلائها المسلحين لتحقيق مكاسب استراتيجية، مما يدفعها إلى مراجعة أدوات نفوذها، والبحث عن بدائل دبلوماسية واقتصادية أوسع.
وأشار فرانتزمان إلى أن طهران بدأت توسيع دوائرها الدبلوماسية بعيداً عن محورها التقليدي، حيث زار وزير خارجيتها مؤخراً القاهرة لتعزيز العلاقات مع مصر، كما قام رئيس البرلمان الإيراني محمد باقر قاليباف بجولة في أمريكا اللاتينية شملت فنزويلا وكوبا، ناقش خلالها مشاريع اقتصادية مشتركة.
وتتناول وسائل الإعلام الإيرانية هذه التحركات بكثافة، ما يعكس رهاناً متزايداً على العلاقات الثنائية المباشرة بدلاً من الاستثمار في وكلاء غير رسميين.
وأوضح الكاتب أن إيران، وبعد تقوية علاقاتها الدولية وتوسيع شبكاتها الاقتصادية، قد تكون باتت أكثر استعداداً لإبداء مرونة في ملفها النووي. صحيح أن نفوذها الإقليمي تراجع، لكن علاقاتها مع روسيا والصين والهند والخليج ومصر تمنحها هامش مناورة أوسع، وربما شعوراً بأنها لم تعد مضطرة للاعتماد على خيار التصعيد.
في ضوء ذلك، يمكن القول إن إيران تسعى إلى استغلال التغيرات الجيوسياسية لإعادة تموضعها كفاعل دولي، سواء تم التوصل إلى اتفاق نووي جديد أم لا.
فالمهم الآن، وفق الكاتب، هو أن طهران لم تعد تنظر إلى برنامجها النووي بمعزل عن طموحاتها الكبرى في النظام العالمي المتعدد الأقطاب الآخذ في التبلور.