صفقة المعادن قد تزعزع استقرار الأمن الهش في أوكرانيا

تقرير: ترامب يفرض «حصاراً مزدوجاً» على زيلينسكي

تقرير: ترامب يفرض «حصاراً مزدوجاً» على زيلينسكي

سلطت الكاتبة الصحفية شانون كينغستون الضوء على أحدث تحول في سياسة إدارة الرئيس الأمريكي دونالد ترامب تجاه أوكرانيا، متناولة الضغوط المكثفة التي يفرضها على الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي.
وقالت الكاتبة في تقرير بموقع شبكة «آيه بي سي نيوز» الإخبارية الأمريكية، إن هذا النهج أثار قلق الحلفاء الأوروبيين، وأثار المخاوف بشأن قدرة أوكرانيا على الصمود في وجه روسيا.
ومع ذلك، تضيف الكاتبة، وبعيداً عن التوترات الدبلوماسية المرئية، يبدو أن استراتيجية ترامب مدفوعة بمصالح اقتصادية، وتحديداً، تأمين وصول الولايات المتحدة إلى احتياطيات أوكرانيا الكبيرة من المعادن النادرة. وقالت إن ترامب كان صريحاً بشأن رغبته في الحصول على صفقة تمنح الشركات الأمريكية حصة في هذه الموارد القيّمة، وهو الاقتراح الذي يقاومه زيلينسكي حتى الآن.

تقارب وشيك
ومع ذلك، يبدو من الإشارات الأخيرة من كلا الزعيمين أن هناك تقارباً وشيكاً، حسب تصريح أخير لترامب.
وقالت الكاتبة إن صفقة المعادن المنتظرة لها عواقب جيوسياسية أوسع نطاقاً، مما قد يؤثر في العلاقات بين الولايات المتحدة وأوكرانيا، والأمن الأوروبي، وموقف أمريكا من روسيا. ورأت الكاتبة أن التحول المفاجئ في سياسة إدارة ترامب تجاه أوكرانيا يمثل انحرافاً كبيراً عن المواقف الأمريكية السابقة. صاغ ترامب بشكل متزايد تورط أمريكا في أوكرانيا كعبء مالي، ويرى أنه يجب تعويض الدعم الأمريكي بثروة أوكرانيا المعدنية كشكل من أشكال السداد.
ومن خلال ربط المساعدات المالية الأمريكية بالمعادن النادرة الأوكرانية، يعيد ترامب تشكيل السياسة الخارجية الأمريكية في إطار معاملاتي، وهو التحول الذي تشير كينغستون إلى أنه قد يكون له آثاراً دائمة في العلاقات بين أمريكا والدول الأخرى.
وكان ترامب أعرب عن إحباطه من تردد زيلينسكي في صفقة المعادن. ففي مقابلة إذاعية حديثة، انتقد ترامب الرئيس الأوكراني، قائلاً: «لقد سئمت الأمر.. ليس لديه أي أوراق. وأنت تشعر بالملل من ذلك».
وتعكس هذه التصريحات أسلوب التفاوض المميز لترامب،  وفق التقرير، حيث يعمل النقد العام كتكتيك ضغط لدفع القادة الأجانب إلى التنازلات.
كان هذا النهج واضحاً عندما رفض ترامب زيارة وزير الخزانة سكوت بيسنت الأخيرة إلى أوكرانيا، باعتبارها «رحلة ضائعة».
وأوضح التقرير أن هذا النوع من الخطاب ليس جديداً، لكنه متسق مع استراتيجية السياسة الخارجية الأوسع لترامب؛ وهي تطبيق أقصى قدر من الضغط من خلال الانفجار على الملأ لكسب النفوذ في المفاوضات.
في حين أن أساليب ترامب قد تكون استراتيجية، تثير كينغستون المخاوف من أن هذا النهج قد يقوض استقرار أوكرانيا، ويعزز التصورات بأن الدعم الأمريكي مشروط اقتصادياً.

 المخاطر الجيوسياسية
وفي حين ينظر البعض في واشنطن إلى صفقة ترامب المعدنية باعتبارها خطوة اقتصادية عملية، يحذر آخرون من أنها قد تزعزع استقرار الأمن الهش في أوكرانيا.
وانتقد جون هاردي، من مؤسسة الدفاع عن الديمقراطيات الأمريكية، بشدة هذا النهج، ويجادل بأن المساعدات الأمنية الأمريكية لا ينبغي أن تكون مرتبطة بالصفقات الاقتصادية، وحذر من أن «مساعداتنا الأمنية ليست صدقة. بل هي استثمار في أمننا. وربطها بصفقة المعادن أمر غير حكيم». ووفق معدة التقرير، فإن مثل هذه الأمور تعكس مخاوف أوسع نطاقاً من أن سياسات ترامب قد تضعف أوكرانيا في لحظة حرجة.
ويشار أن الحلفاء الأوروبيين شعروا بالقلق إزاء خطاب ترامب. وتخشى دول مثل ألمانيا وفرنسا، التي دعمت أوكرانيا دبلوماسياً واقتصادياً، أن تؤدي تكتيكات ترامب القاسية إلى تقويض وحدة حلف شمال الأطلسي. والواقع أن تصور أن الدعم الأمريكي مشروط من شأنه أن يشجع روسيا، ويضعف الموقف الجماعي للغرب ضد غزو موسكو.
وبعيداً عن صفقة المعادن، يرى التقرير احتمالية أن تكون سياسة ترامب تجاه أوكرانيا جزءاً من استراتيجية جيوسياسية أكبر. فقد اقترح الرئيس مراراً وتكراراً أنه يريد التفاوض على صفقة كبرى مع روسيا والصين، بما في ذلك اتفاقيات ضبط الأسلحة والصفقات التجارية.
ووصف بنيامين جينسن، من مركز الدراسات الاستراتيجية والدولية الأمريكية، هذا الأمر بأنه «مسار جريء لكنه محفوف بالمخاطر»، مما يشير إلى أن ترامب ربما يحاول إعادة تنظيم هياكل القوة العالمية.
وحسب التقرير، فإن هذه النظرية تتصور استخدام أوكرانيا كورقة مساومة لتأمين المصالح الاقتصادية والاستراتيجية الأمريكية عبر مجالات متعددة، من الطاقة إلى الأمن السيبراني.
ومع ذلك، تقول معدة التقرير إن هذا النهج ينطوي على مخاطر كبيرة. ولكي تنجح استراتيجية ترامب الكبرى، فإنها تتطلب الثقة في الرئيس الروسي فلاديمير بوتين للتصرف بحسن نية؛ وهو افتراض يعده العديد من المحللين مشكوكا ًفيه للغاية. وإذا ضغط ترمب على أوكرانيا لإبرام صفقة معدنية دون ضمان ضمانات أمنية طويلة الأجل، فقد يستغل بوتن الموقف ويعيد تسليح نفسه لشن هجمات مستقبلية.