بايدن قاد العالم الحر إلى فعل... لا شيء

تقرير: سياسة الغرب تجاه إيران تُنذر بحرب في الشرق الأوسط

تقرير: سياسة الغرب تجاه إيران تُنذر بحرب في الشرق الأوسط

حذّرت نائبة مدير برنامج منع الانتشار والدفاع البيولوجي في مؤسسة الدفاع عن الديمقراطيات، أندريا ستريكر، والمدير الأول للبرنامج في المؤسسة نفسها أنتوني روجييرو، الغرب وإدارة بايدن من تداعيات مواصلة الوقوف مكتوفي الأيدي تجاه البرنامج النووي الإيراني. وكتبا في مجلة “واشنطن إكزامينر” أن الرئيس الأمريكي جو بايدن قال أمام الجمعية العامة للأمم المتحدة الخريف الماضي “إننا لن نسمح لإيران بالحصول على سلاح نووي”، وهو موقف كرره مرات عدة خلال رئاسته. لكن هل يعني ما يقول؟.
 
هذه وجهة العالم الحر بقيادة بايدن
يقارن الباحثان موقف بايدن بنهج واشنطن هذا الشهر خلال اجتماع للوكالة الدولية للطاقة الذرية. اختار الغرب عدم توجيه اللوم لإيران حتى مع تحذير الوكالة في فبراير (شباط) من أن إيران خصبت اليورانيوم إلى نسب قريبة من التسليح النووي. انتقدت واشنطن طهران واصفة تصرفاتها بأنها “مقلقة” وأعلنت أنه يجب على النظام الديني “ضمان ألا يتكرر حادث كهذا مجدداً”. ووصفت فرنسا والمملكة المتحدة وألمانيا سلوك إيران بأنه “تصعيد غير مسبوق وخطير للغاية”. كان بإمكان مجلس المحافظين في الوكالة أن يفرض جدولاً زمنياً للتعاون الإيراني. وكان بإمكانه تحويل قضية طهران إلى مجلس الأمن لفرض العقوبات. لكن بايدن قاد العالم الحر إلى فعل... لا شيء.
 
عودة إلى اتهام ترامب.. هذا هو الواقع
أضاف الباحثان أنه من خلال الفشل في معاقبة النظام الإيراني ستشجع أمريكا وحلفاؤها الأوروبيون إيران على اتخاذ خطوات نووية إضافية الأمر الذي يزيد مخاطر تورط الغرب في حرب شرق أوسطية أخرى. ينبغي عليهم التحول سريعاً إلى فرض الضغط على إيران واحتوائها وردعها كي لا يواجه الغرب قريباً نظاماً يندفع في خطوات نهائية نحو قنابل ذرية.
طوال أكثر من عامين، قامت إيران بسلسلة من التقدم النووي بينما شاركت في مفاوضات غير مثمرة مع الغرب. لقد راكم النظام القدرة على إنتاج يورانيوم مخصب بنسب مخصصة لسلاح نووي خلال 12 يوماً على اتخاذ قرار بذلك، وقد يصنع المزيد لأربعة أسلحة خلال شهر. تلوم الإدارة مع داعمي الاتفاق النووي الرئيس السابق دونالد ترامب للانسحاب منه. لكن إيران اتخذت العديد من الإجراءات النووية الفظيعة بعد انتخاب بايدن ومحاولاته إعادة إحياء الاتفاق. في 2021 و2022، حدت طهران من مراقبة الوكالة الدولية للطاقة الذرية وعززت قدراتها النووية تحت الجبال، ووضعت آلافاً من أجهزة الطرد المركزي السريعة التشغيل وخصبت اليورانيوم أولاً إلى نسبة 20 في المئة ثم إلى 60 في المئة، وأنتجت مواد مستخدمة في صلب الأسلحة النووية. في يناير (كانون الثاني)، رصدت الوكالة الدولية للطاقة الذرية تخصيب النظام اليورانيوم إلى نسبة 84 في المئة والقريبة جداً من نسبة 90 في المئة المخصصة لأغراض التسليح النووي، وفقط بعد اكتشاف أن إيران انتهكت اتفاق الضمانات مع الوكالة عبر تغيير الربط بين أجهزة الطرد المركزي.
 
 ما هو أكثر إثارة للقلق
لقد كسبت إيران على الأرجح معرفة قيمة في تصنيع اليورانيوم المخصب بنسب قريبة من نسب التسليح. لكن ما يثير القلق أكثر ربما هو ملاحظتها عدم رغبة المجتمع الدولي بالرد على هذه الخطوات. طوال 4 أعوام، رفضت طهران التعاون مع تحقيق منفصل للوكالة في انتهاكاتها الأخرى لمعاهدة الحد من انتشار الأسلحة النووية وتشمل استخداماً غير معلن لمواد نووية وأعمال مرتبطة بأسلحة ذرية. من خلال اتباع نهج خال من الضغوط مع إيران، ضيّق الغرب خياراته بشكل بارز في الرد عليها إذا قررت التحرك نحو صناعة الأسلحة النووية، بالتوازي مع زيادة مخاطر الحرب. بإمكان إيران تأخير أو عرقلة وصول المفتشين الأمميين إلى منشأة فوردو الواقعة تحت الأرض، و”تتسلل” خارج التزاماتها بالحد من انتشار الأسلحة النووية فتنتج اليورانيوم المخصب للتسليح على مرأى من الجميع.
وبما أن الولايات المتحدة وأوروبا لم تفعلا الشيء الكثير للرد على تقليص طهران رقابة الوكالة الدولية للطاقة الذرية على منشآت للطرد المركزي في 2021، سيكون بإمكان النظام تخزين بضع مئات من أجهزة الطرد السريعة التشغيل بسهولة في منشأة تخصيب سرية، ثم تهريب مخزوناتها من اليورانيوم إلى منشأة كهذه لمزيد من التحسين لغايات التسليح. في كلتا الحالتين، قد تبني طهران ترسانتها النووية في منشأة سرية أخرى كما هي الحال مع العديد من المنشآت المدفونة تحت الجبال والمحصنة ضد الغارات العسكرية.
 
خياران غير مرغوب بهما
قد يواجه بايدن أو خلفه فترة قصيرة ومعلومات محدودة كي يتحرك بناء عليها من أجل وقف إيران عن اختبار جهاز نووي. ربما يتوفر خياران غير مرغوب بهما: هجمات عسكرية درامية على منشآت إيرانية أو الرضوخ لطهران مسلحة نووياً. في الوقت نفسه، إن احتمال تقاعس الغرب عن التحرك يزيد من خطر ضرب إسرائيل منشآت إيران النووية. وحذر رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو من أنه “كلما طال انتظاركم، أصبح التحرك العسكري أصعب. لقد انتظرنا طويلاً».
ويستبعد الباحثان أن يكون الهجوم الإسرائيلي عبارة عن حدث واحد، مرجحين حملة محفوفة بمخاطر التصعيد تمتد على أشهر من أجل تقويض قدرات إيران. ومن المتوقع أن توجه إيران ووكلاؤها قصفاً غير مسبوق ضد الإسرائيليين. في النهاية، من المرجح أن تُجر واشنطن إلى النزاع لوقف إراقة الدماء. مع ذلك ثمة طريق وسطى بين الخيارات العسكرية وإيران نووية، بشرط التحرك سريعاً.
 
طرق لتفادي الأسوأ
على إدارة بايدن وشركائها فرض ضغط مالي واقتصادي شامل على طهران. ينبغي على حملة كهذه أن تشمل عقوبات على كيانات تستورد وتسهّل تصدير نفط إيران ومنع الشحنات إلى الصين وسوريا ودول أخرى.
ينهار الريال الإيراني ويخضع النظام للضغط في الداخل مما يعني أن للعقوبات الغربية فرصة جيدة لردع إيران عن المزيد من الخطوات النووية. وعلى الغرب حسب الباحثين تفعيل آلية الزناد لإعادة عقوبات مجلس الأمن التي لا تزال مرفوعة بفعل القرار الأممي المتعلق باتفاق 2015 النووي.
 
يتمتع تفعيل آلية الزناد بفوائد إضافية تتمثل في حظر مساعدة إيران بالصواريخ والمسيرات إلى روسيا وتوفير قاعدة أساسية لدول أخرى من أجل عرقلة نشاطات طهران. علاوة على ذلك، إذا أظهر الغرب تهديداً ذا صدقية أكبر لجهة استخدام القوة ضد برنامج إيران النووي، فقد ترتدع إيران عن الاختراق النووي.
يقلق نظام الملالي من قصف القوات العسكرية الغربية أصوله الذرية، ما يعني أن على أمريكا وإسرائيل مواصلة تعميق هذه المخاوف عبر إظهار قدرات الهجوم المشترك بشكل متكرر. ويجب على الولايات المتحدة أيضاً إعطاء إسرائيل جميع ما يلزم للتهديد بإمكانية شن هجوم ناجح.
 
وأضاف الباحثان أن على بايدن التحدث بشكل أكثر إقناعاً عن احتمال استخدام القوة لوقف الخرق النووي الإيراني. بما أن استراتيجية الإدارة كانت تركيز الانتباه على الموارد في أوروبا لمواجهة غزو روسيا لأوكرانيا وفي منطقة الإندو-باسيفيك لمواجهة صعود الصين، لدى أعداء الولايات المتحدة مثل طهران نقص في الخوف من الإرادة الأمريكية لاستخدام القوة ضد الأعداء الأضعف. إن الفشل في مواجهة إيران قبل أن تضيق خيارات بايدن يعني أن أمريكا ستُجر إلى حرب أخرى في الشرق الأوسط بلا أي داعٍ.