تساؤلات بشأن المشكلة في السياسة الأمريكية المحافظة

تلغراف: ترامب انتهى.. من هو النجم الصاعد للحزب الجمهوري؟

تلغراف: ترامب انتهى.. من هو النجم الصاعد للحزب الجمهوري؟


عنوان “انتهى ترامب، مستقبل الحزب الجمهوري مع ديسانتيس”، تساءل الكاتب ألستير هيث: ما هي المشكلة في السياسة الأمريكية المحافظة؟
وكتب في صحيفة “تلغراف” البريطانية إن الجمهوريين في الولايات المتحدة يعانون من نكسة كبيرة، إذ كانوا يأملون في تحقيق نصر تاريخي في الانتخابات النصفية، مستفيدين من قبضة جو بايدن الهشة بشكل متزايد على البلاد، وميله اليساري المتشدد والتأثير المدمر للتضخم على مستويات المعيشة .

ويقول الكاتب إن “الموجة الحمراء” للجمهوريين التي تم الترويج لها كثيراً لم تتحقق، وعلى الحزب الآن مواجهة حقيقة أن ترامب يشكل تهديداً وجودياً لرؤيته المحافظة لأمريكا.
ويرى الكاتب أن هذه الانتخابات تمثل نهاية حقبة ترامب، معتبراً أن ترامب انتهى، حتى لو كان مغروراً جداً بحيث لا يعترف بذلك، وسيأخذ الجمهوريين معه إذا سمحوا له بذلك.

ولكن على الرغم من نهاية حقبة ترامب، يقول الكاتب إن الجمهوريين لم يخسروا كل شيء.
ويقول إنه يوجد الآن مرشح بديل من اليمين يعرف كيف يبني أغلبية ويحدث التغيير، وهو حاكم فلوريدا رون ديسانتيس، المعروف بمواجهته لشركة ديزني ومعارضة عمليات الإغلاق العام في وقت الوباء.

ويعد ديسانتيس وافدًا جديداً نسبياً على الساحة السياسية، لكنه ارتقى إلى الصدارة بسرعة بعد أن أصبح حاكم ولاية فلوريدا في عام 2019.
وقبل ساعات فقط من انتخابات يوم الثلاثاء، حذر ترامب ديسانتيس من الترشح للرئاسة في عام 2024، قائلاً إن ذلك سيلحق الضرر بالحزب الجمهوري.
ويبدو أن المواقف الحاسمة لديسانتيس حول القضايا المثيرة للجدل مثل الجنس، وتعليم القضايا العرقية في المدارس، والإجهاض، كان لها صدى لدى ناخبيه، حيث يُعتقد أنه زاد من قاعدة ناخبيه بشكل كبير في كافة أنحاء الولاية على تنوعها الديموغرافي.

من ييل إلى مكتب الحاكم
ديسانتيس البالغ من العمر 44 عاماً يعد وجهاً جديداً، إذ انتخب لأول مرة ليشغل مقعداً في مجلس النواب في عام 2012. وبعد ست سنوات فقط في عام 2018، بعد محاولة قصيرة الأمد ليصبح عضواً في مجلس الشيوخ، أصبح حاكماً لولاية فلوريدا.
ولد ديسانتيس في جاكسونفيل بولاية فلوريدا عام 1978، والتحق بجامعة ييل لدراسة التاريخ - حيث كان قائد فريق البيسبول - وبعد فترة وجيزة التحق بكلية الحقوق بجامعة هارفارد.

خلال سنته الثانية في جامعة هارفارد، تم تكليفه كضابط في البحرية الأمريكية ليلتحق بفرعها القانوني، فيلق الضباط القضاة العام (JAG). وتضمنت مهام خدمته كضابط في الفيلق العمل مع المعتقلين المحتجزين في خليج غوانتانامو، بالإضافة إلى تعيينه مستشاراً قانونياً لنخبة قوات البحرية الأمريكية المنتشرة في العراق.
وخرج ديسانتيس من الخدمة العسكرية مع مرتبة شرف في عام 2010، لكنه لا يزال على قيود الخدمة في احتياطي البحرية الأمريكية. في هذا الوقت أيضاً، التقى بزوجته، كايسي، وهي مراسلة إخبارية تلفزيونية محلية وناجية من مرض السرطان، وقد ساعدت في جمع التبرعات في أعقاب إعصار إيان عام 2022.

وصفت صحيفة “نيويوركر” الزوجين وأطفالهما لاحقاً بأنهم “جاهزون ليكونوا على الكتيب الدعائي للحملة الانتخابية”، ونقلت عن أحد زملاء ديسانتيس قوله إنهم “يبدون وكأنهم خلقوا لهذا الدور».
بعد انتهاء خدمته الفعلية أصبح ديسانتيس مدعياً عاماً فيدراليا، ثم في عام 2012 دخل في سباق للحصول على مقعد عن الدائرة السادسة لكونغرس ولاية فلوريدا، وهي واحدة من أكثر المناطق محافظة في الولاية.

خلال اقتحامه الأولي هذا للمعترك السياسي لولاية فلوريدا، اعتمد ديسانتيس إلى حد كبير على برنامج “الحكومة الصغيرة” (وهو مبدأ تلتزم فيه أنظمة الحكم بالحد الأدنى من التدخل في حياة المواطنين)، وخفض الضرائب، بالإضافة إلى معارضة واضحة لإدارة أوباما.
وقد كان ديسانتيس يأخذ على إدارة أوباما ما اعتبره ميل حكومته للتدخل في “كل وأي قضية تقريباً، من محيط خصر الأطفال إلى درجة حرارة الأرض».

ويتذكر خلال خطاب ألقاه في فبراير-شباط الماضي في مؤتمر للمحافظين في تكساس قائلاً :”كانت مهمتي إلى حد كبير تتمثل في كبح جماح باراك أوباما..كانت تلك معارك جيدة ومهمة للغاية».
في عام 2018 وبعد أن أمضى خمس سنوات في الكونغرس، حيث ساعد في تأسيس “كتلة الحرية” للمحافظين اليمينيين المتشددين، أعلن ديسانتيس عن نيته الترشح لمنصب الحاكم لولاية فلوريدا، مدعوما بتأييد كامل من الرئيس آنذاك دونالد ترامب.
وبالفعل تمكن من تحقيق هدفه وأدى اليمين الدستورية حاكما لولاية فلوريدا في يناير-كانون الثاني 2019.
 
حاكم فلوريدا والوباء
جاء التحدي الرئيسي الأول لديسانتيس كحاكم لفلوريدا في عام 2020، وسط انتشار وباء كورونا. بحلول أبريل -نيسان من ذلك العام، كان ديسانتس قد أمر بتطبيق إجراءات الإغلاق العام في جميع أنحاء الولاية، وأقام المئات من مراكز الاختبار وطلب ملايين الكمامات، والتي قال حينها إنها “يمكن أن تمنع انتقال العدوى للفئات المعرضة للخطر والضعيفة».
بحلول أبريل 2021، كان ديسانتيس قد بدأ في رفع القيود وبحلول يوليو-تموز - على الرغم من ارتفاع الحالات والانتقادات اللاذعة التي وجهت له - أمر بإعادة فتح المدارس.

كوفيد وإرث ديسانتيس
وقالت سارة لونغويل، الخبيرة الاستراتيجية الجمهورية ومؤسسة حركة الناخبين الجمهوريين ضد ترامب، لبي بي سي إن “أزمة كوفيد هي التي أسست إرث ديسانتيس، إذ كان يخالف نوعاً ما التوجهات في عموم البلاد في ذلك الوقت..إن الكثير من سكان الولاية يقدرون موقفه».
في الوقت نفسه كانت قناة “فوكس نيوز” تبث خطابات ومقابلات ديسانتيس على مستوى البلاد كافة وليس فلوريدا وحدها، والتي استهدف فيها الرئيس جو بايدن بعد أن أدى الأخير اليمين الدستورية في البيت الأبيض في يناير-كانون الثاني 2021.
دفعته الأشياء التي “أنجزها” منذ ذلك الحين إلى موقع الصدارة في صفوف أكثر الشخصيات الجمهورية شهرة في البلاد. في مارس -آذار 2022، على سبيل المثال، وقع على مشروع قانون - أطلق عليه النشطاء لقب “لا تقل مثلي” - يحظر المناقشات حول التوجه الجنسي أو الهوية الجنسية في المدارس الابتدائية.

كما أنشــأ “مكتب جرائم الانتخابات والأمن” في عام 2022 للنظر في جرائم التصويت المزعومة.
وعبر ذلك المكتب أُلقي القبض على بعض الأشخاص الذين صدرت بحقهم إدانات جنائية في الماضي بتهمة التزوير وانتحال صفة ناخبين، لكنهم أعربوا عن استغرابهم وقالوا إنهم تلقوا رسائل متضاربة، إذ قيل لهم إنهم مؤهلون للتصويت وأُرسلت لهم بطاقات تسجيل من قبل المسؤولين المحليين.

وبعد أن ألغت المحكمة العليا الأمريكية الحق الدستوري في الإجهاض، أعلن ديسانتيس أن “صلوات الملايين” قد لاقت استجابة، لكن منذ ذلك الحين، بدا أكثر تحفظاً بشأن هذه القضية، الأمر الذي فسره البعض على أنه حسابات سياسية تهدف إلى الموازنة بين الضغط من العناصر المحافظة في الحزب الجمهوري، وآراء الناخبين في فلوريدا، الذين يؤيد معظمهم حق الاختيار في مسألة الإجهاض.