الحل السياسي يزداد تعقيدا:

تونس: المشيشي يختار المواجهة... ولن يستقيل...!

تونس: المشيشي يختار المواجهة... ولن يستقيل...!

-- نجيب الشابي: قيس سعيّد هُزم سياسيا وليس من حقه تعطيل البلاد

   مسلسل أزمة التحوير الوزاري مستمر وتستمر مع حلقاته القطيعة بين القصرين أي بين رئاسة الحكومة ورئاسة الجمهورية، وأمام هذا المأزق الدستوري يبدو أن رئيس الحكومة هشام المشيشي اختار المواجهة حيث أعلن  أمس الأول الجمعة 12 شباط- فبراير أنه لن يستقيل.
   موقف صرح به المشيشي أمام حزامه السياسي وأعلنه لعموم التونسيين وقال في تصريح اعلامي “لن أستقيل أنا جندي في خدمة البلاد”، ومؤكدا ان عدم دعوة الوزراء الجدد إلى أداء اليمين، تسبب في تعطيل كبير للمرفق العمومي ولمصالح الدولة التونسية.

وقال المشيشي “ أنا جندي في خدمة البلاد وعلي واجب تجاه الدولة ومؤسساتها والجندي لا يفرّ من الميدان وهناك واجب تجاه هذه البلاد ومؤسسات الدولة” مشددا على أن الأزمة السياسية التي تمر بها البلاد، وعدم دعوة الوزراء الجدد لأداء اليمين الدستورية تسببت في تعطيل كبير للمرفق العمومي ومصالح الدولة وأن الأمر لم يعد يحتمل الانتظار.
 وأضاف المشيشي أنه تمّ التوجه إلى المحكمة الإدارية التي أكدت في ردها على مسألتين، الأولى عدم الاختصاص وهذه المسألة كانت منتظرة ومعروفة والثانية أن الاختصاص المطلق والحصري لفض مثل هذه الإشكاليات بيد المحكمة الدستورية.

استشارة جديدة
    وبعد ثلاث مراسلات لرئاسة الجمهورية واجتماع مع أستاذة القانون الدستوري، وردّ المحكمة الادارية بعدم الاختصاص، وأن النقاط الواردة في الاستشارة هي اختصاص حصري للمحكمة الدستورية، توّجه رئيس الحكومة هشام الميشيش في خطوة أخرى لحلّ أزمة التحوير الوزاري، الى الهيئة الوقتية لمراقبة دستورية مشاريع القوانين.

    واكد المشيشي في مراسلته أن هذه الأزمة الدستورية غير مسبوقة، وأنه يجب على الهيئة أن تبدي رأيها بغاية ضمان استمرارية الدولة والحفاظ على ديمومتها.
   كما اكّد رئيس الحكومة هشام المشيشي، في تصريح اذاعي أنّ باب الحوار ما يزال مفتوحا للوصول إلى حلول لأزمة التحوير الوزاري وأداء اليمين الدستورية.
   وشـــــدّد رئيس الحكومــــة على أنّه يعمل على ايجاد جميع الحلول الممكنــــــة لحلحلـــــة الأزمــــــة، بما في ذلك المضـــــي في العمــــــل بحكومة مصغرة من 16 وزيرا لضمان تسيير شؤون البلاد.

   وعبّر المشيشي عن أمله في أن يتفاعل الرئيس قيس سعيد في أسرع وقت ممكن مع طلب الحكومة بالكشف عن أسماء الوزراء المقترحين محلّ التحفظ.
   نشير الى أن الرئيس قيس سعيد قد منح المشيشي خيارين، اما أن يستقيل أو أن يقوم بتنحية الوزراء الأربع الذين تحوم حولهم شبهات فساد.
   ويقول حزب قلب تونس الطرف في الائتلاف الحاكم، أن رئيس الحكومة يتحوز على كلّ الإثباتات لنظافة وزرائه المقترحين.

الجلوس على
 طاولة الحوار
   وفي ظل غياب المحكمة الدستورية وفي مواجهة تفسيرات دستورية متعددة، يرى كثيرون أنه لا بد من إيجاد حل سياسي.
   وفي هذا السياق دعا الأمين العام للاتحاد العام التونسي للشغل نور الدين الطبوبي، في تصريح إعلامي، إلى ضرورة الجلوس على طاولة الحوار من أجل تقريب وجهات النظر بين الفرقاء السياسيين وإيجاد حلّ للأزمة السياسية والدستورية الحاصلة.
   كما دعا الطبوبي إلى عدم المغالبة في حلّ الأزمة السياسية، مطالبا الوزراء المقترحين، محلّ تحفظ رئيس الدولة، بالانسحاب من التركيبة الحكومية وعدم ترك رئيس الحكومة في إحراج، وفق تعبيره.

    وشدّد على ضرورة احترام الدستور ومؤسسات الدولة في التعاطي مع أزمة أداء اليمين الدستورية، معتبرا أنّ استقالة المشيشي أو سحب الثقة منه بأغلبية برلمانية حلاّن نصّ عليها الدستور.
   كمّا نوّه الطبوبي بأهمية الجلوس على طاولة الحوار وإقرار الحلول التي تخدم مصلحة الشعب والوطن، قائلا إنّ “التنازل للدولة من شيم الكبار».
   في المقابل، صرّح رئيس الهيئة السياسية لحزب أمل، نجيب الشابي في حوار لـ “ الشروق” في عددها الصادر أمس السبت، أنّ الرئيس قيس سعيّد قد ساهم في تعطيل الدستور برفضه قبول أداء الوزراء اليمين الدستورية، مضيفــــــا أنّ تشكيل الحكومة ليس من صلاحياته حسب تعبيره.

   ومن ناحية أخرى، قال الشّابي إنّ الرئيس هُزم سياسيا وليس من حقه تعطيل البلاد وليس من صلاحياته تأويل الدستور كما يدّعي محمّلا إيّاه كامل المسؤوليّة عن الأزمة الحاصلة، مؤكّدا أنّه لم يتصرف كرئيس جمهورية كما حدث سابقا في عهد الرئيس الرّاحل الباجي قائد السبسي وأنّ الدستور لم يمنحه رفع “الفيتو” على التحوير الوزاري حسب تصريحه.

قطع الطريق
   وتداولت وسائل إعلام محلية نقلا عن مصادر سياسية وصفتها بالمطلعة، أن بعض الأحزاب الداعمة لحكومة هشام مشيشي تداولت فيما بينها مقترحا دستوريا لحل الأزمة الراهنة لتقطع الطريق أمام الرئيس قيس سعيد.
   ومن المقترحات التي تم التداول فيها قيام أحزاب النهضة وحلفائها بسحب الثقة من الحكومة في مجلس نواب الشعب لتستبق إمكانية استقالة مشيشي من الحكومة في حال تواصل تعطل الحكم.

   كما تم التداول بشأن امكانية تكليف هشام مشيشي بتكوين حكومـــــة جديــدة بعد سحب الثقة منه طبقا للفصل 89 وفرض الأمر الواقع على قيس سعيد وإجباره دستوريا على قبول أداء اليمين الدستورية في حال قـام مشـيشي بتكوين حكومة أخرى ومنحها البرلمان الثقة.
   وتناقشت بعض قيادات أحزاب الحزام البرلماني في مدى أحقية هذا المقترح دستوريا في إعادة تكليف هشام مشيشي بتكوين حكومة بعد سحب الثقة منه.
    ويهدف هذا المقترح، إلى استعادة الآلية الدستورية المتعلقة بتكليف شخصية لتكوين حكومة، وتصبح حركة النهضة، باعتبارها أول حزب في البرلمان، هي المكلفة دستوريا باختيار شخصية لترأس الحكومة وتشكيلها في حال سحب البرلمان الثقة من الحكومة..

 وفي المقابل تبقى آلية اختيار شخصية لتكوين الحكومة لدى رئيس الجمهوريـــــة في حـــــال تقدم رئيس الحكومة باستقالته له.
   جدير بالذكر ان هشام المشيشي قدم منذ أكثر من أسبوع، تعديلا وزاريا شمل 11 حقيبة، وصادق البرلمان في 26 يناير 2021، على منح الثقة للوزراء الجدد بأغلبية مريحة.
   في المقابل رفضت رئاسة الجمهورية التعديل الوزاري واداء اليمين الدستورية للوزراء الجدد وذلك لوجود أسماء تلاحقها قضايا في شبهة فساد وتضارب مصالح، وعدم دستورية التحوير بحد ذاته وهو ما خلق تجاذبات بين رئاسة الجمهورية ورئاسة الحكومة.

التشاؤم في ذروته
   في الأثناء، وبعيدا عن مسرحيات السياسة، اظهرت نتائج سبر آراء مؤسسة “سيغما كونساي” للشهر الجاري ارتفاعا كبيرا في نسبة التشاؤم لدى التونسيين وتنامي الخوف من المستقبل.
   وابرزت نتائج سبر الآراء ان 89 فاصل 8 بالمائة من التونسيين يرون ان تونس تسير في الطريق الخطأ وان 70 فاصل 9 بالمائة منهم يعتبرون ان الوضع المالي الحالي للعائلات أسوأ من السنة الماضية.
   وحول مدى رضا التونسيين عن اداء الرئاسات الثلاث اظهرت نتائج سبر الآراء ان التونسيين ليسوا راضين عن اداء السلطة السياسية بصفة عامة وانهم يميزون بقوة بين مختلف مكوناتها واجنحتها وان انعدام الرضا عن رئيس البرلمان راشد الغنوشي شبه كلي اذ بلغ لدى التونسيين 85 فاصل 8 بالمائة منهم 77 فاصل 2 غير راضين تماما.
   اما رئيس الحكومة هشام المشيشي فقد خسر في شهر واحد حسب سبر الآراء 16 نقطة كاملة مقابل ربح الرئيس قيس سعيد 8 نقاط.