ناقشتها الحكومة، استراتيجيةٌ لمواجهة تَغلغُل الإسلام السياسي في المجتمع الفرنسي :
تُوازِنُ بين الحذر من رؤية مُتجَذرة للإسلام و بين إرضاء المواطنين المسلمين الذين يحترمون قواعد الجمهورية احتراما كاملا
أعلن إيمانويل ماكرون، يوم الاثنين 7 يوليو-تموز، عن إجراءات ردًا على «تغلغل « جماعة الإخوان المسلمين الإرهابية. ما وزن هذه الحركة في فرنسا اليوم؟ وهل تُمثل تهديدًا؟ في حين أن جمعية «مسلمي فرنسا»، التي تُعتبر الفرع الفرنسي لهذه الحركة، كانت لسنواتٍ فاعلةً رئيسيةً في الشأن الإسلامي في فرنسا، إلا أنها الآن تبدو وكأنها تفقد زخمها. قبل أسبوع من يوم الباستيل، عقد الرئيس ماكرون اجتماعًا لمجلس الدفاع والأمن الوطني يوم الاثنين 7 يوليو لمناقشة استراتيجية الدولة في مواجهة تهديد الحركات الإسلامية.
في يوم الأربعاء 21 مايو، وخلال اجتماع سابق لمجلس الدفاع، أصدرت السلطة التنفيذية تقريرًا عن نشاط جماعة الإخوان المسلمين، أحد التيارات الرئيسية في الإسلام السياسي.
ومع ذلك، وبعد استياءه من تسريب الوثيقة قبل ساعات قليلة لصحيفة «لوفيغارو»، وبخ رئيس الدولة وزير الداخلية برونو ريتيلو بشدة، مشيرًا إلى أن الإجراءات التي كانت قيد الدراسة آنذاك لا تتناسب مع جدية تشخيص التقرير. لذلك، كان من المتوقع أن يدرس عدد من الوزراء المحيطين بالرئيس خطة تعبئة جديدة للدولة وعقب هذا الاجتماع، أعلن قصر الإليزيه عن استحداث أدوات جديدة للعقوبات المالية كجزء من «تدابير أكثر فعالية للحد من تسلل الإسلاميين». وفيما يتعلق بالتعديلات التشريعية، دعا رئيس الدولة إلى إصدار مشروع قانون «بحلول نهاية الصيف» و»أن يكون ساري المفعول بحلول نهاية العام». كان تقرير «الإخوان المسلمون والإسلام السياسي في فرنسا» مُقلقًا بشكل خاص بشأن ظاهرة السيطرة المحلية. ففي بعض المدن، يجري إنشاء «نظام بيئي للإخوان المسلمين» يتألف من جمعيات تعليمية واجتماعية وثقافية لفرض «توازن قوى انتخابي» على المسؤولين المنتخبين محليًا.
واستشرافًا للمستقبل، قدّر التقرير أنه في حال عدم اتخاذ أي إجراء، ستُظهر بعض البلديات «خصائص البلديات المُصادرة، حيث يمارس الإسلاميون سيطرة اجتماعية ستكون «شبه مكتملة». خلال عرض هذه الوثيقة، بيّن وزير الداخلية المسارات التي تعمل عليها السلطة التنفيذية. على المستوى الوقائي، يشمل ذلك إعادة تنظيم جهاز الدولة، من خلال إنشاء مكتب مدعٍ عام وطني متخصص، لتحقيق العدالة، على غرار المكتب المخصص للإرهاب، وإعادة تنظيم الاستخبارات الفرنسية بإسناد دور «قيادي» للمديرية الوطنية للاستخبارات الإقليمية. على المستوى القمعي، أشار برونو ريتيلو إلى خيار إنشاء أساس قانوني جديد لحل الجمعيات أو سنّ تشريعات لحظر الرموز الدينية في المسابقات الرياضية. في حين تُعزز العديد من الدول الأوروبية سيطرتها على الحركات الأصولية الإسلامية، قد تُمثّل خطة الدولة خطوة أمنية جديدة بعد أربع سنوات من اعتماد قانون مكافحة الانفصالية في أغسطس-آب 2021 . ووفقًا لأرقام نشرتها وزارة الداخلية في مايو-أيار، أُغلقت 741 مؤسسة منها أماكن عبادة ومدارس وأندية رياضية وشركات مؤقتًا أو بشكل دائم منذ ذلك الحين.
تم حل خمس جمعيات أو جماعات إسلامية بحكم الأمر الواقع. وبعيدًا عن قضايا النظام العام، لا تزال هذه القضية تُشكل مؤشرًا سياسيًا متزايد الأهمية في النقاش العام. حتى أن وزير الداخلية لا يُخفي استخدامه لها كأداة لتسليط الضوء على «علامة ريتيللو»، دون تردد في المبالغة. على سبيل المثال، في مايو، ندد بخطة الإخوان المسلمين لفرض الشريعة الإسلامية في فرنسا، مُناقضًا بذلك استنتاجات مُعدّي التقرير. كما حاولت الوثيقة تحقيق التوازن من خلال التأكيد على استياء شريحة مُهمّشة من المسلمين. ودعا التقرير إلى «الحذر من رؤية مُتجذرة للإسلام». كما دعا إلى تسهيل بعض الممارسات الدينية مثل الدفن في المقابر وفقًا للشعائر الإسلامية أو توسيع نطاق تعليم اللغة العربية في المدارس. ودعا الرئيس إلى «خطاب استرضاء تجاه جميع مواطنينا الذين يعتنقون الإسلام» و»الذين يحترمون قواعد الجمهورية احترامًا كاملًا». وأعلن أنه سيجمع «في الخريف» ممثلين عن المنتدى التمثيلي للإسلام في فرنسا.