جلسة الثلاثاء.. هل يتخذ لبنان القرار الجريء بنزع سلاح «حزب الله»؟
كشف خبراء أن جلسة مجلس الوزراء اللبناني المقرر عقدها يوم غد الثلاثاء لبحث موضوع نزع سلاح ميليشيا حزب الله ستُشكل محطة جديدة في المسار السياسي المتعثر، لكنها لن تقود إلى تغييرات جذرية في الواقع القائم. وأوضحوا أن هذه الجلسة تأتي في سياق الضغوط الدولية المتزايدة، خاصة من الولايات المتحدة، والتي تصطدم بموقف «حزب الله» الرافض لأي مساس بملف سلاحه.
وأشاروا إلى أن رئيس الجمهورية اللبناني جوزيف عون يحاول إيجاد صيغة توافقية تخفف حدة التوتر، من خلال تأكيد مبدأ حصر السلاح بيد الدولة، دون الدخول في تفاصيل عملية قد تثير أزمة داخلية.
أهمية الجلسة
وقال الكاتب والمحلل السياسي اللبناني، سامي سماحة، إن أمرين جعلا جلسة مجلس الوزراء غدا الثلاثاء تتخذ أهمية خاصة، الأول هو وضع سلاح ميليشيا حزب الله بندًا أوّلًا للمناقشة، وهذا ما شجع بعض الأطراف المشاركة في الحكومة اللبنانية على تداول الموضوع وكأنه أمر سيحصل، لأنه مطلب أمريكي، ولا تستطيع الحكومة التهرب منه، ويتعاملون مع الموضوع كأنه مسألة رياضية تحتمل طريقة حل واحدة وتحتمل إجابتين لا ثالث لهما نعم أو لا.
وأضاف لـ»إرم نيوز»، أن المسألة التي أعطت أهمية للموضوع هي كلام أمين عام ميليشيا حزب الله الشيخ نعيم قاسم الذي أكد فيه، أن الحزب لا يمكن له تسليم السلاح في ظل الأجواء الحاصلة في لبنان والمنطقة، وما صرّحت به بعض المصادر القريبة من الحزب التي أكدت أيضًا أنه من الصعب جدًّا تسليم السلاح، وهذا ما وسع هوة الخلاف بين الفريقين.
مواقف ثابتة
الخبير أشار إلى أن المواقف لم تتغير، فالأطراف التي تطالب بنزع السلاح ما زالت على مواقفها كذلك موقف الثنائي الشيعي ومن معهم على حاله، وحده وليد جنبلاط يطالب «حزب الله» بتسليم السلاح صباحًا ويعود ويطالبه بالاحتفاظ بالسلاح في التصريح المسائي، ولا شك أن الجلسة تكتسب أهمية خاصة لكنها لن تكون مفصلية، وكلام رئيس الجمهورية في عيد الجيش شكَّل مخرجًا للحوار.
وأوضح أن المتداول حتى اللحظة أن موضوع السلاح لن يطرح على التصويت وهذا ما يخفف التوترات والنقاشات الحامية؛ لأن الجميع يعلم أنه لا يمكن نزع السلاح إلا بالتوافق والتفاهم وأن استعمال القوة سيشكل ويلًا كبيرًا للبلد. وحول الأمر الثاني الذي أعطى الجلسة أهمية خاصة، رأى سماحة أنه خطاب عون بمناسبة عيد الجيش حيث أطلق مجموعة من المواقف شغلت بال جميع الأطراف؛ ما دفع حزب الله للتحرك باتجاه الحكومة اللبنانية، فزار رئيس الكتلة محمد رعد رئيس الجمهورية اللبنانية مرَّتين وزار وفيق صفا قائد الجيش، وفي الزيارة الثانية أبدى النائب رعد ارتياحه للمحادثات وهذا مؤشر على أن الجلسة لن تكون صاخبة.
جلسة صاخبة
وأكد أن رئيس الجمهورية شدد على حصر السلاح بالدولة بعد أن وجَّه التحية للمقاتلين وطالبهم بأن لا يكونوا سببًا لإحراق لبنان، وهذا ما شغل بال «حزب الله» وأقلق المطالبين بتسليم السلاح.
ولفت إلى أن عون استطاع طمأنة الثنائي الشيعي وحلفائه وهو لن يقْدِم على خطوة تؤدي إلى انقسامٍ في البلد، وأقنع الطرف الآخر المصر على تسليم السلاح بضرورة التخلي عن الضغط والتصويت لأن الظرف ليس مناسبًا، بالتالي قد تشهد الجلسة حوارًا حاميًا مضبوطًا لا يؤدي إلى انقسامٍ في الحكومة؛ لأنه لا نيَّةَ لأحد بالاستقالة من الحكومة، وأيضًا لا نيَّةَ لأحد بتفجير الوضع في لبنان، وبشكل عام الجلسة ستكون حامية لكنها لن تؤدي إلى انقسامٍ يُسقِط الحكومة.
وبيّن سماحة أن الوضع سيبقى على حاله ولن تَحدث تغييراتٌ جوهرية، وما حصل في الشام فرْمَل طلب بعض الفرقاء تسليم السلاح، ومع هذا نحن في زمنٍ لا يَقبلُ التوقعات المبنية على مقدمات حسية وعملية، ويحدث دائمًا ما لم يتوقعه أحدٌ، لذلك من الآن إلى يوم الثلاثاء قد يحدث ما لم نتوقعه، أما اذا لم تحدُث واقعةٌ خطرةٌ فإننا سنبقى على ما نحن عليه.
محطة مفصلية
من جهته رأى المحلل السياسي اللبناني طوني بولوس، أن جلسة الثلاثاء جلسة مفصلية على اعتبار إمّا أن تتخذ الحكومة اللبنانية القرار الجريء الذي ينتظره الشعب اللبناني والذي هو أيضًا يتقاطع مع المطالب العربية والدولية ونزع السلاح، وإمّا تسليم نفسها لقرار ميليشيا حزب الله وتكون مجرد جناح لوجستي لديه.
وأضاف لـ»إرم نيوز» أنه وفق معلومات حصل عليها أن جلسة الثلاثاء سيكون فيها تصويت على حصر سلاح الميليشيات بيد الدولة اللبنانية، ومبدئيًّا سيأخذ 19 نائبًا من أصل 30 هذا القرار، إلا إذا حدثت متغيرات كانسحاب الثنائي الشيعي من الجلسة؛ ما يُفقدها الميثاقية وتُلغى.
وأوضح الخبير اللبناني أن العنوان العريض يركز على حصر سلاح الميليشيات بيد الدولة اللبنانية هو عنـــــوان مهـم لكنه ليس بجديد، فقد ورد بخطاب القسم وفي البيان الوزاري للحكومة، وسبق وأن تم التصويت عليه، بالتالي تجديد هذا الطلب اليوم ليس أكثـــــر من عمليــــة شكلية وإعطــــــاء بُعد معنوي فقط للأمر.