رئيس الدولة ونائباه يهنئون الرئيس الأمريكي بذكرى استقلال بلاده
جوتا الابن الذي عرف معنى تضحيات الأهل لأجل أحلام أولادهم
بان جليا منذ اللحظة الأولى لإعلان وفاته وشقيقه الأصغر أندريا سيلفا في حادث سير مروع على الحدود البرتغالية-الإسبانية، مكانة المهاجم البرتغالي ديوغا جوتا كلاعب وإنسان، ليس فقط عند جماهير فريقه ليفربول وأبناء بلده بل بالنسبة للعالم بأجمعه.
حقق جوتا الشهرة من دون أن يفقد تواضعه وهذا نابع من نشأته ومشاهدته لأبيه وأمه يضحيان من أجل أن يحقق حلمه كلاعب كرة قدم، وهو شيء بقي عالقا في ذهنه حتى مصرعه المأساوي الخميس.
بعد نصف ساعة على منتصف ليل الأربعاء-الخميس، حصلت الفاجعة ووقع الحادث على طريق سريع في بلدة سيرناديا الواقعة في مقاطعة سامورا على مقربة من الحدود الإسبانية-البرتغالية.
وانحرفت السيارة "عن المسار" قبل أن تندلع فيها النيران، بحسب ما أوضحت وكالة الحرس المدني (غارديا سيفيل)، موضحة أن الراكبين، ديوغو (28 عاما) وشقيقه الأصغر أندريه (25 عاما)، وهو أيضا لاعب كرة قدم محترف مع نادي بينافييل في دوري الدرجة الثانية في البرتغال، كانا قد لقيا حتفهما عند وصول خدمات الطوارئ. وأظهرت وسائل إعلام محلية مقاطع فيديو تظهر حطام سيارة قالت انها من نوع لامبورغيني يملكها جوتا.
وكان جوتا الذي أحرز الموسم الماضي لقب دوري الأمم الأوروبية مع منتخب بلاده للمرة الثانية، أعلن عن زواجه من خطيبته روتي كاردوسو في 22 حزيران-يونيو الماضي ولهما ثلاثة أطفال. نشر قبل ساعات من الحداث مقطع فيديو عن حفل زفافه علق عليه "يوم لن ننساه أبدا". كان جوتا في طريق العودة إلى ليفربول على متن عبارة من أجل الالتحاق بالتدريبات الاستعدادية للموسم الجديد مع بطل الدوري الممتاز عندما حصلت الفاجعة وفق ما أفادت شبكة "بي بي سي".
وخضع المهاجم البرتغالي لعملية جراحية بسيطة، ولهذا السبب نصحه الأطباء بعدم السفر جوا.
ونتيجة لذلك، كان يخطط للعودة إلى ليفربول لبدء فترة ما قبل الموسم على متن عبارة، ما يعني أنه كان مسافرا بالسيارة من بورتو لركوب عبارة من سانتاندر في شمال إسبانيا توصله إما إلى بليموث أو بورتسموث في جنوب إنكلترا.
يُعتقد أن جوتا سافر أيضا برا وبحرا للوصول إلى بورتو من أجل حفل حفل زفافه قبل 11 يوما من الفاجعة التي حرمت روتي من زوجها وعشقها وأولاده الثلاثة من حنان الأب وأبويه من الابن اللذين كافحا طيلة حياتهما من أجل أن يحقق حلما قاده إلى أحد أهم الأندية في العالم وللدفاع عن ألوان المنتخب الوطني. في مقابلة مع "بي بي سي" أجريت مؤخرا، تحدث جوتا عن التضحيات التي قدمها والداه لضمان تحقيق حلمه بأن يكون من بين أفضل اللاعبين في العالم، كاشفا أنه حتى عندما كان في السادسة عشرة من عمره، كانا مضطرين لدفع المال كي يمارس كرة القدم بدلا من الانضمام إلى أكاديمية ناد محترف.
عندما سُئل عما سيقوله لنفسه كفتى في السادسة عشرة من عمره، أجاب "الأمر صعب، لاسيما أني لم أكن من يدفع، بل كان والداي من يدفعان. أتذكر أن ذلك كان أصعب شيء بالنسبة لي لأني كنت أرى معاناتهما في الحصول على المال من أجل النادي، وأعتقد أن ذلك جعلني مدينا لهما مهما حاولت أن أعوض عليهما، وقد حاولت بكل تأكيد". بدأ ابن بورتو مسيرته الاحترافية في نادي باسوس دي فيريرا في ضواحي بورتو مسقط رأسه، قبل أن يتم اكتشافه من قبل أتلتيكو مدريد الاسباني. لم يلعب أبدا مع النادي الإسباني الذي أعاره ثم باعه إلى نادي بورتو. انتقل الجناح الأيسر إلى ولفرهامبتون الإنكليزي وتوج معه بلقب بطولة "تشامبيونشيب" "المستوى الثاني" عام 2018، ثم اكتشف الدوري الإنكليزي الممتاز. في عام 2020، تعاقد ليفربول ومدربه الألماني آنذاك يورغن كلوب مع هذا المهاجم الذي لم يتأخر في تبرير قيمة الصفقة التي انتقل بها من ولفرهامبتون "نحو 50 مليون يورو" والتي اعتبرها البعض مرتفعة جدا داخل النادي الغني بالنجوم في خطه الهجومي "المصري محمد صلاح، البرازيلي روبرتو فيرمينو والسنغالي ساديو مانيه"، بسرعة كبيرة.
مع الـ"ريدز"، وصل إلى المباراة النهائية لدوري أبطال أوروبا (2022) وفاز بأربعة ألقاب: كأس الرابطة "2022، 2024"، كأس الاتحاد الإنكليزي (2022) والدوري الإنكليزي الممتاز في نهاية نيسان/أبريل، وهو اللقب الـ20 في تاريخ النادي.
مع البرتغال، خاض جوتا 49 مباراة دولية، سجل خلالها 14 هدفا، وتوج بلقبين في دوري الأمم الأوروبية "2019، 2025"، وكان في خدمة النجم كريستيانو رونالدو.
كل ذلك تحقق بفضل تضحيات الوالدين و"في النهاية، كل موقف يمر به المرء... يشكل تجربة يجب أن نتعلم منها، وعندما نواجه مثل هذه الصعوبات، أعتقد أن ذلك يجعلنا أشخاصا أفضل في النهاية".
وقال جوتا أيضا إن والديه غرسا فيه روح المثابرة، بغض النظر عما سيحدث في مسيرته الكروية، مضيفا أنهما علماه "عدم الاستسلام بشكل رئيسي، حتى خلال اللعب في الدوريات الدنيا". ورأى أن ذلك لا ينطبق عليه فقط بل على الجميع و"الوصول إلى القمة ممكن دائما. أعتقد أن عدم الاستسلام هو الفكرة الأساسية".
الجمعة، سيصلى على جثمان جوتا وشقيقه في كنيسة صغيرة مجاورة لكنيسة غوندومار حيث تقام السبت مراسم الجنازة وحيث سيودع العالم لاعبا وإنسانا ترك أثره أينما حل، إن كان على الصعيد الرياضي أو على الصعيد الإنساني.