حزب الله وحرب سوريا مكوّنان أساسيان لأزمة لبنان

حزب الله وحرب سوريا مكوّنان أساسيان لأزمة لبنان


كتبت الصحافية سيبيل رزق في صحيفة “لوفيغارو” الفرنسية أن الحرب السورية المستمرة منذ عشر سنوات أدت إلى تعريض لبنان لخطر كبير، ووضعته أمام تحدي مقاومة زوبعة العنف التي اجتاحت الدولة التي كانت وصية عليها سابقاً.
وبعد عقد من الزمان، يمكن للبنان أن يدعي أنه نجح في الحفاظ على السلم الأهلي. لكنه، مثل جارته، وإن كان لأسباب مختلفة، يواجه انهياراً اجتماعياً لا سابق له. ولا يزال مصير البلدين مرتبطاً ارتباطاً وثيقاً بالجغرافيا والتاريخ الطويل. ويعد لبنان أحد مراكز الاستقبال الرئيسية للاجئين السوريين، الذين يمثلون ما يقرب من ربع سكانه ويشكلون عبئاً ثقيلاً على الاقتصاد اللبناني المفلس.

ويعود هذا المصير المشترك بين الجارتين أيضاً وقبل كل شيء إلى تداخلهما المشترك في المواجهة بين القوى الإقليمية والدولية في الشرق الأوسط، مع معادلة جديدة، تتمثل هذه المرة في أن سوريا هي ساحة المواجهة أكثر من لبنان.

«حزب الله»
واستمر التأثير السوري على لبنان على الرغم من انسحاب القوات السورية عام 2005 من لبنان بعد 15 عاماً من الوصاية بموجب الترتيبات العربية الغربية التي أنهت حرب 1975-1990. بل إن العكس قد حدث، وخصوصاً أن “حزب الله” الأداة الرئيسية لسياسة القوة الإقليمية الإيرانية، انخرط في النزاع السورية.
وتلفت الصحافية إلى أن تدخل الحزب في سوريا كلفه مئات الرجال (عدد القتلى أكثر من قتلاه أثناء الاحتلال الإسرائيلي لجنوب لبنان) بهدف حماية خطوط إمدادهم مع طهران.

وتضيف أن انخراط “حزب الله” في سوريا وانتماءه الاستراتيجي إلى إيران هو أحد مكونات الأزمة اللبنانية. وعلى الرغم من وصفها بأنها حرب ضد الحركات الإسلامية “التكفيرية”داخل “القاعدة” و”داعش”، إلا أنها ساعدت في تأجيج التوترات الطائفية بين السنة والشيعة اللبنانيين، والتي يمكن أن تندلع شرارتها.
وكانت التوترات قوية بالفعل منذ اغتيال رئيس الوزراء الأسبق رفيق الحريري في هجوم 2005، حيث حكمت المحكمة الخاصة بلبنان بالسجن المؤبد (غيابيًا) على عضو في “حزب الله”. وهذا لا يمنع الحزب الشيعي من أن يكون أحد المؤيدين الرئيسيين لسعد الحريري كرئيس للوزراء (منصب ورثه عن والده).

التوزيع الطائفي
ويفسر هذا التناقض الواضح التعقيد الذي يضرب به المثل في الشؤون اللبنانية. وحرص “حزب الله” على الحفاظ على نظام السلطة القائم في لبنان، والذي يقوم على التوزيع الطائفي لوظائف الدولة. فلطالما كانت هذه الواجهة المؤسسية مناسبة للحزب الشيعي، الذي يستمد قوته الحقيقية، مثل قادة المجتمع الآخرين، من غياب الدولة لفترة طويلة جدًا. إلا أن اندلاع الأزمة الاقتصادية والمالية في خريف 2019، والتي تشكل تهديداً خطيراً له، أمر غير مرحب به من قبل “حزب الله” في ظل إعادة فتح المفاوضات مع الولايات المتحدة.
ولفتت الصحيفة إلى أن الفراغ المؤسساتي مستمر على مستوى هرم الدولة اللبنانية منذ أكثر من سبعة أشهر، ورئيس الوزراء المكلف سعد الحريري لا يزال عاجزاً عن تشكيل حكومته، وقد عقد الاجتماع السابع عشر يوم الخميس مع رئيس الجمهورية ميشال عون في محاولة لكسر الجمود.
 
نفاد الصبر الدولي
وفي خضم ذلك، يتزايد نفاد الصبر الدولي مع زيادة التأثير المدمر للعجز السياسي. وتخطط فرنسا، التي لم تثمر مبادرتها الدبلوماسية في أعقاب انفجار مرفأ بيروت، لزيادة الضغط، بما في ذلك من خلال العقوبات، واتهام السلطات بـ”عدم مساعدة البلد المعرض للخطر”، على حد تعبير جان- إيف لو دريان وزير خارجيتها.
وزار وفد رفيع المستوى من “حزب الله” لأول مرة منذ 2011 موسكو. وتقول الصحيفة إن روسيا مهتمة فقط بلبنان بقدر ارتباط استقراره بسوريا، مضيفة إن هذه الزيارة لمسؤولي الحزب تدل على دعم موسكو لهذا اللاعب على الساحة السياسية اللبنانية.