حصار ترامب على فنزويلا يُربك خبراء القانون الدولي
أثار إعلان الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، عبر منصته «تروث سوشيال» فرض حصار حول فنزويلا، حالة من الارتباك بين خبراء القانون الدولي، الذين سارعوا إلى تقييم كيفية تنفيذ الخطوة، وما إذا كانت ترقى إلى مستوى «عمل حربي» بموجب القانون الدولي.
ويُعرَّف الحصار البحري التقليدي، بأنه إجراء عسكري تقطَع فيه القوات المسلحة الوصول إلى السواحل، وهو ما يُعد وفق القانون الدولي عملاً من أعمال الحرب. غير أن ترامب أوضح أنه يسعى فقط إلى وقف ناقلات النفط الخاضعة للعقوبات الأمريكية، ما ترك الغموض قائماً بشأن ما إذا كان يقصد حصاراً عسكرياً فعلياً، أم تشديداً لإجراءات إنفاذ القانون.
وحسب موقع «أكسيوس» الإخباري، يرى أساتذة قانون دولي وخبراء في مراكز أبحاث واقتصاديون، أن الإعلان، رغم ما يكتنفه من أسئلة، يمثل تصعيداً حاداً في سياسة الضغط التي ينتهجها ترامب، ضد الرئيس الفنزويلي نيكولاس مادورو.
أكبر سرقة
وكان ترامب قد أعلن، الثلاثاء الماضي، عن «حصار كامل وشامل لجميع ناقلات النفط الخاضعة للعقوبات الداخلة إلى فنزويلا والخارجة منها»، مدعياً أن فنزويلا تدين للولايات المتحدة بـ»النفط والأراضي وأصول أخرى».
وكرر نائب رئيس موظفي البيت الأبيض، ستيفن ميلر، هذا الموقف في منشور على منصة إكس، واصفاً ما قامت به كاراكاس بأنه «أكبر سرقة مسجلة للثروة والممتلكات الأمريكية».
وقال رايان غودمان، أستاذ القانون في جامعة نيويورك والمحرر المشارك في موقع «جاست سيكيوريتي»، لأكسيوس: إن «لا يوجد أي مبرر قانوني لفرض حصار عسكري استناداً إلى المظالم التي عددها الرئيس ترامب».
وبحسب القانون الدولي، يُعد الحصار عملية عسكرية تمنع السفن، سواء كانت تابعة لدول معادية أو محايدة، من الوصول إلى الموانئ أو السواحل.
ويؤكد ديلان ويليامز، من مركز السياسة الدولية، أن الحصار «يختلف عن مجرد الادعاء بحق اعتراض ســـفن يُشتبه في خضوعها للعقوبات»، محذراً من أن تنفيذه كحصار فعلي «سيُعتبر عملًا حربياً بموجب القانون الدولي».
ويعكس هذا الجدل التعقيدات التي تنشأ، عندما تُعلن قرارات السياسة الخارجية الحساسة عبر وسائل التواصل الاجتماعي، بدل القنوات الدبلوماسية الرسمية.
وكانت الولايات المتحدة قد صادرت ناقلة النفط «سكيبر» في وقت سابق من الشهر الجاري بموجب مذكرة قانونية، بعدما اعتُبرت «عديمة الجنسية» ولها سجل في نقل النفط الإيراني، ما وفّر أساساً قانونياً للإجراء الأمريكي.
تصعيد ومخاوف
وفي المقابل، أفادت صحيفة «نيويورك تايمز» بأن مادورو أمر البحرية الفنزويلية بمرافقة سفن غير خاضعة للعقوبات تحمل منتجات نفطية باتجاه آسيا، ما زاد المخاوف من احتمال وقوع مواجهة مع القوات الأمريكية.
وفي ما يتعلق بادعاءات الأصول المسروقة، قال ديفيد غولدواين، الرئيس التنفيذي لشركة «غولدواين غلوبال ستراتيجيز» والمسؤول السابق في وزارة الخارجية الأمريكية: إن «لا أساس تاريخياً للقول إن الموارد الطبيعية الفنزويلية كانت يوماً ملكاً للولايات المتحدة».
وأوضح أن فنزويلا أُمرت بدفع مليارات الدولارات على خلفية قضايا مصادرة أمام هيئات تحكيم دولية، وأن هذه المطالبات دخلت مرحلة تحصيل الديون، مؤكداً أنه «لا يوجد أي مبرر لغزو أو حصار فنزويلا لتحصيل تلك الديون».
فقد المصداقية
وعلى الصعيد السياسي، وصف النائب الديمقراطي خواكين كاسترو الحصار البحري بأنه «عمل حربي بلا شك»، وهو ما أيّده النائب آدم سميث، كبير الديمقراطيين في لجنة القوات المسلحة بمجلس النواب. وحذّر غودمان من أن الولايات المتحدة «تفقد مصداقيتها إذا أُطلقت مثل هذه التصريحات دون تنفيذ».
وفي المقابل، قال غولدواين إنه تعامل مع إعلان ترامب «بحذر» في انتظار توضيحات من وزارتي الخارجية والخزانة. وأحال البنتاغون الاستفسارات إلى البيت الأبيض، فيما امتنعت وزارتا الخارجية والخزانة عن التعليق.
ويرى خبراء أن ترامب، رغم تصويره العملية في منطقة الكاريبي على أنها مرتبطة بمكافحة المخدرات، يبدو أنه يتجه بشكل متزايد نحو هدف «تغيير النظام». ونقلت مجلة «فانيتي فير» عن كبيرة موظفي البيت الأبيض سوزي وايلز، قولها إن «ترامب يريد الاستمرار في تفجير القوارب إلى أن يرضخ مادورو».
ومن جانبها، نددت الحكومة الفنزويلية بالحصار في بيان رسمي، واصفة إياه بأنه «تهديد استعراضي وانتهاك جسيم للقانون الدولي».