حقوق الطفل في دولة الإمارات... أولويةٌ وطنية وضماناتٌ تشريعية

حقوق الطفل في دولة الإمارات... أولويةٌ وطنية وضماناتٌ تشريعية


تحتل دولة الإمارات العربية المتحدة مكانة بارزة على مستوى العالم في حماية حقوق الأطفال وضمان عيشهم الكريم، من خلال منظومة تشريعية وقانونية متكاملة، تُعزّز من خلالها حقوق الطفل وتحميه من كل أشكال العنف والاستغلال والإهمال، وفي هذا الإطار، أكد سعادة القاضي محمد عبد الباقي، قاضٍ بمحكمة الأحوال الشخصية بدبي، أن القانون الاتحادي رقم (3) لسنة 2016، المعروف بـ “وديمة"، يُعد من أهم القوانين التي تشكل إطاراً شاملاً لحماية الطفل في الدولة.
وقال القاضي عبد الباقي في تصريح خاص لـمحاكم دبي: "يمثل قانون 'وديمة' خطوة نوعية ومهمة في ضمان الحقوق الأساسية للأطفال، حيث يكفل لهم الحق في الحياة والأمان على أنفسهم، والحق في النمو والتطور السليم، والرعاية الصحية والتعليمية، فضلاً عن حقهم في الجنسية والنسب والحصول على الأوراق الثبوتية كافة."
وأضاف أن القانون يُعزز من حماية الطفل من العنف البدني والنفسي، ويعمل على منع وقوع الأطفال ضحايا لأي شكل من أشكال الإهمال والاستغلال وسوء المعاملة. وبيّن القاضي أن القانون يفرض عقوبات صارمة على أي تجاوزات، منها تشغيل الأطفال قبل بلوغهم سن الخامسة عشرة، أو تعريضهم لأي تدخل تعسفي أو إجراء غير قانوني، وكذلك الاستغلال الاقتصادي أو تشغيلهم في أعمال تعرض سلامتهم للخطر.
وأشار عبد الباقي إلى أن القانون يؤكد على الدور الأساسي للأسرة في تنشئة الطفل، حيث تنص المادة الثانية على أن "الأسرة الطبيعية هي البيئة الفضلى لتنشئة الطفل، وتتكفل الدولة بصونها وحمايتها ورعايتها بما يحقق حقوق الطفل ومصالحه الفضلى، ويستعاض عنها عند الاقتضاء بالأسرة البديلة." وأوضح أن هذا النص يعكس رؤية الدولة في تعزيز التكافل الأسري والحرص على توفير بيئة آمنة ومستقرة للطفل.
ولم يقتصر القانون على الأسرة فقط، بل سلط الضوء أيضاً على المسؤولية المجتمعية في حماية الطفل، حيث تنص المادة (43) على أن "كل شخص بلغ سن الرشد عليه مساعدة أي طفل يطلب منه إبلاغ السلطات المختصة أو الجهات المعنية بمعاناته أو معاناة أي طفل آخر." وأكد سعادته، على أن هذه المادة تشكل دعوة صريحة للمجتمع للوقوف إلى جانب الأطفال ودعمهم، مع ضمان سرية هوية المُبلغ حماية لهم.
وحث القاضي الجميع على تحمل مسؤولياتهم القانونية والأخلاقية تجاه حماية الأطفال، مشدداً على ضرورة الإبلاغ الفوري عن أي حالات للعنف أو الإهمال أو الإساءة التي يتعرض لها الأطفال، سواء من قبل الأسرة أو من أي طرف آخر. وقال: "القانون هو الحائط الأول الذي يحمي حقوق الطفل ويعمل كرادع قوي لكل من يحاول التعدي على هذه الحقوق، إلا أن المسؤولية الكبرى تقع على عاتق الأسرة والمجتمع ككل لضمان توفير بيئة آمنة ومستقرة لأطفالنا."
وختم القاضي حديثه بالدعوة إلى زيادة الوعي المجتمعي وتعزيز ثقافة المسؤولية القانونية، داعياً الجميع للالتزام بشعار: "خلك مسؤول، خلّك قانوني"، لما فيه مصلحة الأطفال ومستقبل المجتمع بأسره.