الحرب كبدت قطاع الزراعة خسائر بـ 6.4 مليار دولار

حوار تريندز يناقش آثار الصراع الروسي - الأوكراني على أمن الشرق الأوسط الغذائي

حوار تريندز يناقش آثار الصراع الروسي - الأوكراني على أمن الشرق الأوسط الغذائي


ضمن سلسلة الحوارات العلمية والمعرفية الدورية التي ينظمها مركز تريندز للبحوث والاستشارات، استضاف مكتب «تريندز - دبي»، الحوار السابع الذي ناقش آثار الصراع الروسي - الأوكراني على الأمن الغذائي في الشرق الأوسط، وتحدثت خلال الحوار الدكتورة منى مصطفى الشلقامي الأستاذ المساعد في كلية محمد بن راشد للإدارة الحكومية بدبي.
واستهل الجلسة الحوارية، التي جاءت تحت عنوان: «الأمن الغذائي .. أوكرانيا والتأثير على الشرق الأوسط»، سلطان العلي نائب رئيس قطاع الباروميتر العالمي في «تريندز»، الذي أدار الحوار، قائلًا إن الثقافة عامل له أثره على الأمن الغذائي بأبعاده كافة، كما يشكل النمو السكاني أحد التحديات الرئيسية التي يواجهها متخذو القرار في توفير الغذاء، مبينًا أن مشاركة القطاع الخاص في تحقيق الأمن الغذائي والتنمية الزراعية وتطوير البنى التحتية لها أهمية حاسمة.

مساعدات غذائية
وقالت الدكتورة منى الشلقامي الأستاذة المساعدة في كلية محمد بن راشد للإدارة الحكومية بدبي، إنه في الوقت الذي لا يزال فيه الوضع في أوكرانيا دائم التغير وغير قابل للتنبؤ به، ثمة قرائن متزايدة على أن فقدان الدخل، وانقطاع سلاسل الإمداد، وارتفاع الأسعار، وزيادة الاعتماد على المساعدات الغذائية - كلها تحديات أثرت بدرجة كبيرة على سبل الحصول على الغذاء وميسورية تكلفته بالنسبة إلى العديد من البلدان المعتمدة على الواردات.
وذكرت أن أسعار السلع الأساسية، بما فيها الغذاء، شهدت ارتفاعًا كبيرًا في جميع أنحاء العالم، وبحلول أبريل من العام الجاري 2022، كانت الزيادات الأكبر في أسعار المواد الغذائية وفقًا لمؤتمر الأمم المتحدة للتجارة والتنمية (الأونكتاد)، وهي تلك الفترة التي شهد فيها سعر دقيق القمح ارتفاعًا بنسبة 17%، والحنطة السوداء 27%، كما لوحظت زيادات كبيرة أخرى في الحليب والزبدة والسكر وزيت الطهي بنسب تراوحت بين 7% و13%، مبينة أن هناك تقديرات أولية صدرت بعد أشهر معدودة من اندلاع الصراع بين روسيا وأوكرانيا (يونيو 2022) تشير إلى أن الخسائر الأولية التي لحقت بقطاع الزراعة تراوحت ما بين 4.3 مليار دولار و6.4 مليار دولار، بما في ذلك الخسائر التي لحقت بالبنى التحتية، مثل: شبكات الري، ومنشآت التخزين، والآلات والمعدات، والبنى التحتية للشحن، والبيوت الزجاجية، والمحاصيل، والماشية، ووحدات المعالجة.

انقطاع الخدمات اللوجستية
وأشارت الدكتورة منى الشلقامي إلى أن التوقف المفاجئ للصادرات البحرية من أوكرانيا في فبراير 2022، وتباطؤ وتيرة الصادرات المشحونة عبر الدروب البرية والنهرية، أدى إلى تراجع كميات المحاصيل المتاحة للتخزين في الفترة المقبلة. وفي مايو 2022 كان ما نسبته 14% من منشآت تخزين الحبوب في أوكرانيا إما قد تضرر أو دُمِّر بحسب منظمة الأغذية والزراعة، ولا تزال الكميات المتاحة من المدخلات الزراعية - بما فيها البذور والأسمدة ومبيدات الآفات والمعدات والوقود ومستلزمات الماشية - وسبل الحصول عليها محل قلق بالغ إلى اليوم. وأرجعت خطورة الموقف الراهن إلى النقص الحاد الناتج عن انقطاع الخدمات اللوجستية والمشاكل المالية التي يواجهها المنتجون الزراعيون، حيث شهدت أسعار الوقود وبذور الحبوب ومنتجات حماية النبات والأسمدة زيادات كبيرة على نطاق العالم، كما يفاقم الموقفَ عملياتُ إغلاق موانئ ودروب ذات أهمية استراتيجية مثل الموانئ المطلة على البحر الأسود؛ ما نتج عنه اختناقات حادة وعدم موثوقية بسلاسل الإمداد.

أزمة غذاء حتمية
وبينت الأستاذ المساعد في كلية محمد بن راشد للإدارة الحكومية بدبي أن العالم يواجه أزمة غذائية حتمية؛ فقد ارتفع عدد من يعانون درجة حادة من انعدام الأمن الغذائي أو مَن هم معرَّضون لذلك بشدة، من 200 مليون نسمة، من 135 مليون نسمة في 53 بلدًا قبل جائحة «كوفيد-19»، بينما وصل العدد اليوم إلى 345 مليون نسمة في 82 بلدًان ووفقًا لبيانات برنامج الغذاء العالمي. وعليه، فإن الأزمة تتعمق بسبب الصراعات والصدمات المناخية وانقطاع حركة التجارة وبقايا جائحة كورونا.

حلول تنموية استراتيجية
وأوضحت منى الشلقامي أن الأمن الغذائي أصبح شاغلًا جليًا بالنسبة إلى العديد من البلدان، وليس أمام المنظمات الدولية سوى التنسيق وحشد الموارد في شراكة مع الحكومات من أجل اتخاذ التدابير الكفيلة بتلبية الحاجات الإنسانية، وتيسير تجارة الغذاء الدولية والاستثمار في الحلول التنموية الاستراتيجية، حيث بدأت تتخذ الحكومات، بالتعاون مع المنظمات الدولية، تدابير على مستوى السياسات من شأنها الحد من الاعتماد المفرط على مصدِّرين وحيدين للغذاء، وتشجيع المشتريات الغذائية المحلية، والدعوة إلى تطبيق الإعفاءات الإنسانية والتصديرية والتفاوض بشأنها، كما يسعى مقررو السياسات أيضًا إلى وضع تدخلات جيدة التوقيت ومحددة الأهداف للحماية الاجتماعية، من أجل تخفيف الأعباء التي تسببت فيها الصراعات على السكان المحليين ودعم التعافي من هذه المحنة.