في سلسلة من التحليلات قبل شهرين من التصويت
حُكم المتنبّئين بالرئاسية: الأسبقية للعم جو بايدن...!
في سلسلة من التحليلات التي تم إنتاجها قبل شهرين من التصويت، توقع علماء السياسة الذين يتكهنون بالانتخابات أن ترامب سيهزم.
كل أربع سنوات، يجتمع المتكهنون بالانتخابات في مؤتمر جمعية العلوم السياسية الأمريكية، لتقديم توقعاتهم للانتخابات الرئاسية في نوفمبر. هذا العام، كان يجب الاكتفاء باجتماع افتراضي، إلا أن العرّافين مع ذلك أصدروا قراءتهم. وقد تم نشر نتائج هذا العمل في الأيام الأخيرة في ندوة لمجلة السياسة والمجتمعات. هذه التوقعات سيّئة للرئيس ترامب. تم تقديم اثني عشر نموذجًا، سبعة منها تتعلق بنتيجة المجمّع الانتخابي، و10 تتنبأ بتوزيع الأصوات الشعبية (خمسة تفعل كلا الأمرين).
من بين الذين توقعوا المجمّع الانتخابي، يرى خمسة انتصارًا لبايدن واثنان يمنحان السعفة لترامب. وبخصوص التصويت الشعبي، تتوقع ثمانية نماذج أغلبية لبايدن واثنان لترامب. في المعدل، تعطي النماذج ترامب 47 فاصل 8 بالمائة من أصوات الحزبين، بفارق 4 فاصل 4 من النقاط المئوية لصالح بايدن (52 فاصل 3 بالمائة).
تتنوع الأساليب، لكن معظمها يركز على الظروف الموضوعية التي كانت سائدة قبل فترة وجيزة من الانتخابات (مؤشرات النمو الاقتصادي والتوظيف) على المستوى الوطني ومستوى كل ولاية، بالإضافة إلى المقاييس القائمة على استطلاعات الرأي العام (معدل الرضا على الرئيس، التوقعات الاقتصادية، من بين أشياء أخرى). وتتميّز بعض النماذج بمنح النجومية لنتائج الانتخابات التمهيدية (نوربوت)، أو انتظارات المواطنين وتطلعاتهم (المر ولويس بيك).
وكقاعدة عامة، يتجاهل باحثو جمعية العلوم السياسية الأمريكية، نوايا التصويت ويقومون بتوقع واحد، بهامش خطأ واحتمال. لا شيء مؤكد، لكن لا مجال للتسويف ايضا. وبعض النماذج تستحق الدراسة.
النماذج التي
تتوقع فوز ترامب
نموذج هيلموت نوربوت، هو أبسط نموذج ويقدم توقعاته مبكرا. يعتقد نوربوت أن قياس الحماس الذي يولده المرشح في معسكره أثناء الانتخابات التمهيدية يساعد في عرض نتائج الانتخابات العامة.
عام 2016، توقع نوربوت بشكل صحيح فوز دونالد ترامب (كان أقليّا بين زملائه)، لأن ترامب سيطر على الانتخابات التمهيدية للجمهوريين بينما فازت هيلاري كلينتون بصعوبة ضد بيرني ساندرز. وكان توقعه لـ 236 صوتًا من أعضاء المجمّع الانتخابي لصالح ترامب قريبًا جدًا من النتيجة النهائية البالغة 232. وبالنظر الى الماضي، وصل نموذجه إلى التوقع الصحيح لـ 25 من الانتخابات الـ 27 الأخيرة (منذ عام 1912). لعام 2020، يتوقع نوربوت أن لدونالد ترامب 91 بالمائة من فرص الفوز بما يقدر بـ 256 صوتًا من أصوات المجمّع الانتخابي. ولا غرابة في أن يتسبب نموذجه في الكثير من الثرثرة.
إذا نظرنا إلى الاتجاه الحالي لنوايا التصويت، فإن توقعاته تبدو محفوفة بالمخاطر. فللوصول إلى 356 من كبار الناخبين، سيتعين على ترامب الفوز بالولايات التي يتأخر فيها حاليًا بأكثر من اثنتي عشرة نقطة، غير أن نوربوت يصرّ ويؤكد أن ترامب سيفوز.
انه ليس الشخص الوحيد. أشارت استطلاعات الرأي التي أجرتها دراسة الانتخابات الوطنية الأمريكية، خلال الصيف، إلى أن الغالبية توقعت فوز ترامب.
وهذا الأسلوب الذي يقوم على الثقة في “الحكمة الشعبية”، كما عبرت عنها توقعات المواطنين التي تم جمعها من خلال الاستطلاعات قبل عدة أشهر، سبق ان نجح بشكل جيد في الماضي. وتجدر الإشارة أيضًا الى أنه حتى وأن تمنح استطلاعات الرأي الحالية لنوايا التصويت الأفضلية بوضوح لفوز بايدن، فليست كل استطلاعات الرأي تطلب من المستجوبين توقّع نتيجة السباق. لكن بالنسبة لمنظمي حملة بايدن، فإن هذا الوضع غير العادي قد يتحول لصالحهم. في الواقع، لا يمكن لتصوّر الجمهور، باحتمال مرتفع، لانتصار ترامب، إلا أن يساعدهم في محاربة ألد الأعداء في جميع الحملات الانتخابية: التراخي القائم على الثقة المفرطة في الفوز. ويمكن للمنظمين الديمقراطيين الذين فشــــلوا في كشف تصويت عام 2016، لأن فوز هيلاري كلينتون كـــان يبــــدو مؤكدًا للغاية، أن يشهدوا على ذلك.
النماذج الاقتصادية: الأفضلية بايدن
إن الأساليب الإحصائية للمتنبئين معقدة، لكن المبدأ بسيط: على أساس مقارنة إحصائية لجميع الانتخابات السابقة، وعلى افتراض أن الناخبين يتفاعلون مع الظروف الاقتصادية السائدة في السنة الانتخابية، بالإضافة إلى تدابير أخرى متاحة قبل بضعة أشهر من الانتخابات، منها نسبة الرضا على الرئيس الحالي.
حتى وإن كان ترامب يستفيد من معطى أن الرؤساء المباشرين بعد فترة ولاية واحدة لحزبهم يتمتعون بأسبقية، فإن نسبة الرضا عنه المنخفضة، والوضع الاقتصادي المزري الذي تجد الولايات المتحدة نفسها فيه في سياق الوباء، يميل إلى دفع الإبرة في الاتجاه المعاكس.
يستوقفني مثال من بين التحليلات الممتازة في هذا العدد الخاص، يتعلق بالمساهمة التي قدمها زميلي ريتشارد نادو مع مرشح الدكتوراة في جامعة مونتريال فيليب مونجراين واثنين من زملائي الفرنسيين، برونو وفيرونيك جيروم.
آخذين في الاعتبار المتغيرات السياسية والاقتصادية ذات الصلة على مستوى كل ولاية من الولايات التي سيتم فيها اختيار المجمّع الانتخابي، استنتج المؤلفون أن جو بايدن حقق فوزًا ضيقًا نسبيًا وفقًا لتوزيع جغرافي مشابه تمامًا لتوزيع عام 2016. لكن المؤلفين ذكروا أن هذا النموذج نفسه لم يجعل من الممكن توقع فوز دونالد ترامب في اللحظة الأخيرة عام 2016 (يذكر أن أغلبيته في المجمّع الانتخابي اعتمدت على حوالي 80 ألف صوت موزعة على ثلاث ولايات، ويسكونسن وميشيغان وبنسلفانيا).
استخدمت المساهمات الأخرى طرقًا مختلفة للوصول إلى نفس النتيجة تقريبًا. فكما تشير استطلاعات الرأي بوضوح، فإن لدى جو بايدن فرصة جيدة للفوز بالتصويت الشعبي، ربما بهامش أكبر من فوز هيلاري كلينتون عام 2016. بالطبع، لا يزال هناك قدر من عدم اليقين، ولكن، مع الاستقطاب الأيديولوجي والحزبي الذي ميز العقود الماضية، أصبح الناخبون الأمريكيون مثل مركب ثقيل لا يغيّر الاتجاه بسهولة شديدة.
يبقى أن نرى ما إذا كانت جهود دونالد ترامب لتعبئة ناخبيه المستهدفين في الولايات القليلة التي ستقرر النتيجة ستؤتي ثمارها. ويبدو الرئيس نفسه واثقًا من أن سحره سينجح في الأمتار الأخيرة من الحملة الانتخابية، ولكن حتى الآن لا شيء يبدو من ذلك.
في الواقع، شهدت كل الفعاليات البارزة في الحملة خلال الأسابيع القليلة الماضية انخفاضًا بطيئًا، ولكنه صلب في داعميه. ويؤكد نموذجان للتوقع، وهما الأكثر شمولاً ويتابعان الحملة يومًا بيوم: حاليًا، أن النماذج التي تراهن على بايدن محقّة. ويقدر فريق المتكهنين التابع لـ “فايف ثرتي ايت” احتمال فوز بايدن بنسبة 87 بالمائة، وتقدر مجلة الإيكونيميست، أنّ هذا الاحتمال يبلغ 91 بالمائة.
17 يومًا أخرى وسنرى أي من المتكهنين سيفتخر ويتباهى بأنه وجد صيغة التنبؤ الصحيحة، في انتظار الانتخابات القادمة.
أستاذ العلوم السياسية في جامعة مونتريال ومدير كرسي الدراسات السياسية والاقتصادية الأمريكية في مركز الدراسات والبحوث الدولية بجامعة مونتريال.
كل أربع سنوات، يجتمع المتكهنون بالانتخابات في مؤتمر جمعية العلوم السياسية الأمريكية، لتقديم توقعاتهم للانتخابات الرئاسية في نوفمبر. هذا العام، كان يجب الاكتفاء باجتماع افتراضي، إلا أن العرّافين مع ذلك أصدروا قراءتهم. وقد تم نشر نتائج هذا العمل في الأيام الأخيرة في ندوة لمجلة السياسة والمجتمعات. هذه التوقعات سيّئة للرئيس ترامب. تم تقديم اثني عشر نموذجًا، سبعة منها تتعلق بنتيجة المجمّع الانتخابي، و10 تتنبأ بتوزيع الأصوات الشعبية (خمسة تفعل كلا الأمرين).
من بين الذين توقعوا المجمّع الانتخابي، يرى خمسة انتصارًا لبايدن واثنان يمنحان السعفة لترامب. وبخصوص التصويت الشعبي، تتوقع ثمانية نماذج أغلبية لبايدن واثنان لترامب. في المعدل، تعطي النماذج ترامب 47 فاصل 8 بالمائة من أصوات الحزبين، بفارق 4 فاصل 4 من النقاط المئوية لصالح بايدن (52 فاصل 3 بالمائة).
تتنوع الأساليب، لكن معظمها يركز على الظروف الموضوعية التي كانت سائدة قبل فترة وجيزة من الانتخابات (مؤشرات النمو الاقتصادي والتوظيف) على المستوى الوطني ومستوى كل ولاية، بالإضافة إلى المقاييس القائمة على استطلاعات الرأي العام (معدل الرضا على الرئيس، التوقعات الاقتصادية، من بين أشياء أخرى). وتتميّز بعض النماذج بمنح النجومية لنتائج الانتخابات التمهيدية (نوربوت)، أو انتظارات المواطنين وتطلعاتهم (المر ولويس بيك).
وكقاعدة عامة، يتجاهل باحثو جمعية العلوم السياسية الأمريكية، نوايا التصويت ويقومون بتوقع واحد، بهامش خطأ واحتمال. لا شيء مؤكد، لكن لا مجال للتسويف ايضا. وبعض النماذج تستحق الدراسة.
النماذج التي
تتوقع فوز ترامب
نموذج هيلموت نوربوت، هو أبسط نموذج ويقدم توقعاته مبكرا. يعتقد نوربوت أن قياس الحماس الذي يولده المرشح في معسكره أثناء الانتخابات التمهيدية يساعد في عرض نتائج الانتخابات العامة.
عام 2016، توقع نوربوت بشكل صحيح فوز دونالد ترامب (كان أقليّا بين زملائه)، لأن ترامب سيطر على الانتخابات التمهيدية للجمهوريين بينما فازت هيلاري كلينتون بصعوبة ضد بيرني ساندرز. وكان توقعه لـ 236 صوتًا من أعضاء المجمّع الانتخابي لصالح ترامب قريبًا جدًا من النتيجة النهائية البالغة 232. وبالنظر الى الماضي، وصل نموذجه إلى التوقع الصحيح لـ 25 من الانتخابات الـ 27 الأخيرة (منذ عام 1912). لعام 2020، يتوقع نوربوت أن لدونالد ترامب 91 بالمائة من فرص الفوز بما يقدر بـ 256 صوتًا من أصوات المجمّع الانتخابي. ولا غرابة في أن يتسبب نموذجه في الكثير من الثرثرة.
إذا نظرنا إلى الاتجاه الحالي لنوايا التصويت، فإن توقعاته تبدو محفوفة بالمخاطر. فللوصول إلى 356 من كبار الناخبين، سيتعين على ترامب الفوز بالولايات التي يتأخر فيها حاليًا بأكثر من اثنتي عشرة نقطة، غير أن نوربوت يصرّ ويؤكد أن ترامب سيفوز.
انه ليس الشخص الوحيد. أشارت استطلاعات الرأي التي أجرتها دراسة الانتخابات الوطنية الأمريكية، خلال الصيف، إلى أن الغالبية توقعت فوز ترامب.
وهذا الأسلوب الذي يقوم على الثقة في “الحكمة الشعبية”، كما عبرت عنها توقعات المواطنين التي تم جمعها من خلال الاستطلاعات قبل عدة أشهر، سبق ان نجح بشكل جيد في الماضي. وتجدر الإشارة أيضًا الى أنه حتى وأن تمنح استطلاعات الرأي الحالية لنوايا التصويت الأفضلية بوضوح لفوز بايدن، فليست كل استطلاعات الرأي تطلب من المستجوبين توقّع نتيجة السباق. لكن بالنسبة لمنظمي حملة بايدن، فإن هذا الوضع غير العادي قد يتحول لصالحهم. في الواقع، لا يمكن لتصوّر الجمهور، باحتمال مرتفع، لانتصار ترامب، إلا أن يساعدهم في محاربة ألد الأعداء في جميع الحملات الانتخابية: التراخي القائم على الثقة المفرطة في الفوز. ويمكن للمنظمين الديمقراطيين الذين فشــــلوا في كشف تصويت عام 2016، لأن فوز هيلاري كلينتون كـــان يبــــدو مؤكدًا للغاية، أن يشهدوا على ذلك.
النماذج الاقتصادية: الأفضلية بايدن
إن الأساليب الإحصائية للمتنبئين معقدة، لكن المبدأ بسيط: على أساس مقارنة إحصائية لجميع الانتخابات السابقة، وعلى افتراض أن الناخبين يتفاعلون مع الظروف الاقتصادية السائدة في السنة الانتخابية، بالإضافة إلى تدابير أخرى متاحة قبل بضعة أشهر من الانتخابات، منها نسبة الرضا على الرئيس الحالي.
حتى وإن كان ترامب يستفيد من معطى أن الرؤساء المباشرين بعد فترة ولاية واحدة لحزبهم يتمتعون بأسبقية، فإن نسبة الرضا عنه المنخفضة، والوضع الاقتصادي المزري الذي تجد الولايات المتحدة نفسها فيه في سياق الوباء، يميل إلى دفع الإبرة في الاتجاه المعاكس.
يستوقفني مثال من بين التحليلات الممتازة في هذا العدد الخاص، يتعلق بالمساهمة التي قدمها زميلي ريتشارد نادو مع مرشح الدكتوراة في جامعة مونتريال فيليب مونجراين واثنين من زملائي الفرنسيين، برونو وفيرونيك جيروم.
آخذين في الاعتبار المتغيرات السياسية والاقتصادية ذات الصلة على مستوى كل ولاية من الولايات التي سيتم فيها اختيار المجمّع الانتخابي، استنتج المؤلفون أن جو بايدن حقق فوزًا ضيقًا نسبيًا وفقًا لتوزيع جغرافي مشابه تمامًا لتوزيع عام 2016. لكن المؤلفين ذكروا أن هذا النموذج نفسه لم يجعل من الممكن توقع فوز دونالد ترامب في اللحظة الأخيرة عام 2016 (يذكر أن أغلبيته في المجمّع الانتخابي اعتمدت على حوالي 80 ألف صوت موزعة على ثلاث ولايات، ويسكونسن وميشيغان وبنسلفانيا).
استخدمت المساهمات الأخرى طرقًا مختلفة للوصول إلى نفس النتيجة تقريبًا. فكما تشير استطلاعات الرأي بوضوح، فإن لدى جو بايدن فرصة جيدة للفوز بالتصويت الشعبي، ربما بهامش أكبر من فوز هيلاري كلينتون عام 2016. بالطبع، لا يزال هناك قدر من عدم اليقين، ولكن، مع الاستقطاب الأيديولوجي والحزبي الذي ميز العقود الماضية، أصبح الناخبون الأمريكيون مثل مركب ثقيل لا يغيّر الاتجاه بسهولة شديدة.
يبقى أن نرى ما إذا كانت جهود دونالد ترامب لتعبئة ناخبيه المستهدفين في الولايات القليلة التي ستقرر النتيجة ستؤتي ثمارها. ويبدو الرئيس نفسه واثقًا من أن سحره سينجح في الأمتار الأخيرة من الحملة الانتخابية، ولكن حتى الآن لا شيء يبدو من ذلك.
في الواقع، شهدت كل الفعاليات البارزة في الحملة خلال الأسابيع القليلة الماضية انخفاضًا بطيئًا، ولكنه صلب في داعميه. ويؤكد نموذجان للتوقع، وهما الأكثر شمولاً ويتابعان الحملة يومًا بيوم: حاليًا، أن النماذج التي تراهن على بايدن محقّة. ويقدر فريق المتكهنين التابع لـ “فايف ثرتي ايت” احتمال فوز بايدن بنسبة 87 بالمائة، وتقدر مجلة الإيكونيميست، أنّ هذا الاحتمال يبلغ 91 بالمائة.
17 يومًا أخرى وسنرى أي من المتكهنين سيفتخر ويتباهى بأنه وجد صيغة التنبؤ الصحيحة، في انتظار الانتخابات القادمة.
أستاذ العلوم السياسية في جامعة مونتريال ومدير كرسي الدراسات السياسية والاقتصادية الأمريكية في مركز الدراسات والبحوث الدولية بجامعة مونتريال.
