خامنئي غير مهتمّ بالتفاوض...كيف يردّ بايدن؟

خامنئي غير مهتمّ بالتفاوض...كيف يردّ بايدن؟


على الرغم من توقعهما عودة الرئيس الأمريكي جو بايدن إلى الاتفاق النووي، حث المدير التنفيذي لمؤسسة الدفاع عن الديموقراطيات مارك دوبوفيتز والمحلل البارز في المؤسسة نفسها رويل مارك غيريكت الإدارة الحالية على عدم اتخاذ هذه المبادرة. وأوضحا في مجلة “ناشونال ريفيو” أن إيران ستبقى منتهكة للاتفاق النووي ولمعاهدة الحد من انتشار الأسلحة النووية، لكن بايدن سيعطي الضوء الأخضر لرفع العقوبات عنها للسبب نفسه الذي دفع أوباما إلى التنازل: الخوف من الحرب أو تقديم سلاح نووي لنظام الملالي بشكل علني.

«لسنا مستعجلين»
زادت طهران كمية ونوعية اليورانيوم المخصب وبدأت ببناء ونشر أجهزة طرد مركزي متطورة وأسرع مما سمح به الاتفاق النووي. يمنع نظام الملالي أيضاً الوكالة الدولية للطاقة الذرية من الوصول إلى منشآته النووية وهو خرق آخر لمعاهدة الحد من انتشار الأسلحة النووية. وللمرة الرابعة خلال ولاية بايدن، قصفت ميليشيا شيعية مدعومة من إيران قاعدة عسكرية أمريكية في العراق. رد بايدن على واحد من هذه الهجمات بغارة محدودة في سوريا.
وكان المرشد الإيراني الأعلى علي خامنئي واضحاً، كما هي العادة حين يريد منح نفسه مساحة مناورة، حين قال: “ليس لدينا أي شعور بالإلحاح، لسنا على عجلة لرؤية الولايات المتحدة تعود إلى خطة العمل الشاملة المشتركة. لم يكن ذلك مصدر قلق لنا على الإطلاق... مطلبنا المنطقي بشكل كامل هو رفع العقوبات، هذا هو حق الأمة الإيرانية المنتهك».

تساؤل بايدن
بالرغم من أن كبار المسؤولين في الإدارة يكرهون قول ذلك علناً، هم بحاجة إلى تهديد ذي صدقية منبثق من القوة العسكرية الأمريكية وألم العقوبات لدفع المرشد إلى التفاوض. بحلول 2020، وبعد استخدامه رشاشات ضد الفقراء الإيرانيين، تخطى المرشد الأعلى ثلاث سنوات من التظاهرات المضطربة بازدياد. في ذهنه أنه سيتخطى الاستفزازات الأمريكية.
بما أن بايدن مدمن على معاهدات حظر الأسلحة، وبالتوازي مع خوفه من اندلاع نزاع آخر مع إيران أو من شنها هجوماً آخر ضد القوات الأمريكية، من المرجح أن يكون الرئيس الحالي في طور التأمل بالتالي: كيف بإمكان الإدارة الحالية تصوير الخضوع للابتزاز النووي على أنه تنازل متبادل يظهر طهران كأنها قدمت ما هو جوهري في مقابل مليارات الدولارات التي سيفرج عنها البيت الأبيض؟

موقع بايدن أسوأ
يعتقد دوبوفيتز وغيريكت أن بايدن في موقع أسوأ من موقع أوباما. كان الأخير معارضاً بشدة لاستخدام الإكراه العسكري والاقتصادي ومناصراً لفكرة أن التواصل مع الإيرانيين سيحفز نظام الملالي على الاعتدال. لا يبدو بايدن ساذجاً إلى هذا الحد. منذ الانفتاح الأمريكي على الديبلوماسية النووية مع خامنئي سنة 2012، شاهد العالم مبعوثين رسميين لإيران يتولون قيادة ذبح مئات الآلاف من السوريين السنّة ويشنون حملة اغتيال ضد المعارضين الإيرانيين المنفيين في الخارج.
وحاول هؤلاء أيضاً تفجير مؤتمر إيراني معارض بالقرب من باريس حيث حضره أمريكيون عدة. كذلك، سحق النظام بوحشية مواطنين إيرانيين عاديين يشاركون في التظاهرات. الليبيراليون الدوليون الذين قد تشكل إدارة بايدن آخر نفس لهم، يتمتعون بالضمير. لا يتعامى هؤلاء عن الطبيعة الإشكالية لنظرية أن النظام الإيراني هو على حافة التحول إلى نظام معتدل لولا “المتشددين” في الولايات المتحدة.

تمويه؟
اعترف وزير الخارجية الأمريكي أنطوني بلينكن بأن الاتفاق النووي كان بعيداً عن تعريف جون كيري بأنه سيقفل إلى الأبد كل الطرق التي توصل إيران إلى القنبلة النووية. إذا نجحت الإدارة بالترويج لنسخة مطورة من الاتفاق النووي فسيكسب الرئيس دعم ديموقراطيي الكونغرس الذين عارضوا الاتفاق سنة 2015 وقد يشق الإجماع الجمهوري الذي بقي صلباً ضد أي عودة أمريكية إلى الاتفاق النووي.
لكن كيفية اتخاذ بايدن خطوة أخرى تجاه طهران غير واضحة، إلا إذا كانت الإدارة تنوي تلبية مطالب إيران كرفع العقوبات المرتبطة بالإرهاب والانتشار الصاروخي وسلوك الحرس الثوري، بالتوازي مع استخدام خطاب قاس لتمويه التنازلات. وأضاف المحللان أن المرشد الأعلى لن يقبل بالمزيد من القيود على طموحاته النووية بعد رفع العقوبات. لم تشكل الإمبريالية الشيعية الإيرانية وبرنامج الأسلحة النووية أي معنى على المستوى المالي. إنهما يمنحان الأمن ويرضيان الثوريين الدينيين الذين لا يزالون يعتنقون قضية. بلينكن الذي لا يتمتع بغطرسة كيري قد يدرك هذا الأمر.

رد بايدن المنطقي
لم يحاول الرئيس السابق دونالد ترامب تنفيذ سياسة احتواء ضد إيران وقد بنى نظام عقوباته بشكل غير حكيم على أساس دفع إيران إلى التوقيع على اتفاق جديد أشمل ويمنع إيران من الحصول على قنبلة نووية. وهذا مجرد وهم طالما أن النظام الحالي لا يزال مسيطراً على إيران بحسب المحللين.
وذكرا أن سياسة الاحتواء كانت سترسم خطوطاً حمراء: منع تحويل مليارات الدولارات إلى النظام لتوقيعه على اتفاق نووي ضيق وضعيف وقصير الأمد، وعدم مكافأة الإرهاب والمذابح الجماعية. وأمكنها أيضاً أن تدفع الرئيس الأمريكي إلى الرد على المرشد الأعلى بالقول: “أنا أيضاً لست بحاجة للعودة إلى خطة العمل الشاملة المشتركة”. في تنافسات القوى الصلبة التي لا تنتهي في الشرق الأوسط، سيكون ذلك البيان خطوة بالغة الأهمية.