خريطة جديدة للميليشيات في العاصمة الليبية
بعد الاشتباكات التي شهدتها العاصمة الليبية طرابلس خلال الأيام الماضية، تغيرت خريطة انتشار الميليشيات المتناحرة على السلطة في البلاد، وأعادت تمركزها من أجل السيطرة على المواقع الاستراتيجية.
وتخضع طرابلس لسيطرة حكومة الدبيبة، المدعومة من عدة مليشيات مسلحة على غرار “ جهاز دعم الاستقرار” و”قوات الردع”، وهما من أقوى المليشيات، إلى جانب قوة “دعم الدستور والانتخابات” و كتيبة “فرسان جنزور” التي تتمركز غرب العاصمة وكتيبة “رحبة الدروع” بمنطقة تاجوراء. في المقابل، تحظى حكومة فتحي باشاغا بدعم كتيبة 777 التي يقودها هيثم التاجوري و كتيبة “النواصي».
تغير خريطة الميليشيات
رغم عدم مشاركتها بقوة في الاشتباكات الأخيرة، لكن أصبحت مليشيا “الردع” الفائز الأكبر في الأحداث الأخيرة، وذلك بعد سيطرتها على مواقع كان ينتشر فيها خصومها في كتيبة النواصي وكتيبة التاغورري المدعومتين من حكومة فتحي باشاغا. وامتد نفوذ مليشيا الردع إلى ما أبعد من مطار معتيقة الدولي ومحيطه وأصبحت تمتد إلى كامل حي الأندلس وما يحتويه من مناطق ومؤسسات حيوية مثل رئاسة الوزراء ومقر المؤسسة الوطنية للنفط. أما مليشيات “دعم الاستقرار”، لم يتغير انتشارها الجغرافي بشكل كبير، ولكنها عززت مواقفها في منطقة الهضبة الخضراء وحي أبو سليم، واكتفت هذه الميليشيا بما تلقته من دعم مالي كبير، وبحجم أكبر من “الردع”، مما جعلها القوة الضاربة التي يُعول عليها بين القوات المؤيدة لحكومة عبد الحميد الدبيبة منتهية الولاية، والتي تستقوي بعدد من الميليشيات في استمرارها في السلطة وعدم تسليمها إلى حكومة فتحي باشاغا المنتخبة من البرلمان.
وظهرت مليشيا جديدة من مدينة الزاوية الليبية وتضم آلاف المسلحين الذين هربوا من شرقي ليبيا إلى غربها قبل سنوات بعد نجاح الجيش الوطني الليبي في القضاء على التنظيمات الإرهابية عام 2014، وتؤكد مصادر لموقع “أخبار ليبيا” أن هذه المليشيا على علاقة وثيقة بتنظيم الإخوان الإرهابي وشديدة التطرف أيديولوجياً. ويرى مراقبون أن تغيير خريطة الميلشيات في ليبيا سيعزز من موقف عبد الحميد الديبية، وربما يصبح رجل ليبيا القوي بعد فوزه أتباعه في معركة طرابلس الأخيرة.
تغيير موازين القوى
ورأى عضو مجلس النواب الليبي علي التكبالي حدوث تغيير واضح بموازين قوى تلك الميليشيات المتمركزة بالعاصمة، وقال في تغريدة له “إن كل من مليشيا “النواصي” و”التاغوري” أصبحا خارج المعادلة كونهما مطاردين حالياً، فيما تزايدت أسهم دعم الاستقرار والردع، وخاصة بعد الحصول من غنائم من المتوقع أن تزيد من تغول قوتيهما». فيما توقع رئيس مؤسسة سليفوم للدراسات والأبحاث الليبي جمال شلوف تزايد أسهم قوات “الردع الخاصة”، والتي شكل انخراطها بالقتال إلى جانب الدبيبة مفاجأة غيّرت من موازين قوى المعركة، في ظل حرص تلك القوات ورئيسها عبد الرؤوف كاره بالوقوف على الحياد في خضم كل الصراعات التي نشبت مؤخراً، مرجحاً إمكانية قيامها مستقبلياً بخوض معارك لتثبيت سلطتها المنفردة على العاصمة، في ظل ما يردد عن دعمها من دول غربية كبرى».
وأوضح شلوف في تصريحات لـ”الشرق الأوسط” أن تلك السلوكيات تظهر أن الهدف الرئيسي لهؤلاء هو الارتزاق والحصول على الغنائم بما يشابه سلوك قطاع الطرق، بما في ذلك التنكيل المعنوي بالخصوم، وهو ما ترجم في وضع سيارة التاغوري الشخصية أمام حديقة الحيوان بطرابلس.
وتكثر شكاوى المنظمات الحقوقية الليبية من تزايد حالات القبض على مواطنين من قبل مجموعات مسلحة لا يعرف على وجه الدقة تبعيتها لأي جهاز أمني مما يعوق جهود مباشرة القضية ومعرفة التهم الموجهة للمواطن ومتي سيتم عرضه على النيابة، أو متابعة أوضاعه ومعرفة مكان احتجازه لعدة أشهر.
وكان رئيس حكومة الوحدة الوطنية عبد الحميد الدبيبة طالب في خطاب وجهه إلى وزير الداخلية والمدعي العام العسكري والأجهزة الأمنية، باتخاذ الإجراءات الفورية بالقبض على جميع المشاركين فيما وصفه بـ”العدوان على العاصمة من عسكريين ومدنيين».