خطوات أساسية ضرورية قبل التفكير بإحياء الاتفاق النووي

خطوات أساسية ضرورية قبل التفكير بإحياء الاتفاق النووي


دعا المحللان البارزان في معهد طوني بلير للتغيير الدولي سعيد غولكار وكسرى أعرابي إدارة بايدن إلى إجراء حسابات صحيحة قبل رفع العقوبات عن إيران.
فبعد محاولة طهران خطف معارِضة إيرانية على الأراضي الأمريكية وبعد الخلاف على موقع تويتر بين الديبلوماسيين الإيرانيين والأمريكيين بشأن تبادل للسجناء، بات جلياً وجود توترات كبيرة بين الطرفين. وتوقع الكاتبان في مجلة “نيوزويك” أن تتفاقم هذه الخلافات مع وصول ابراهيم رئيسي إلى الرئاسة الإيرانية.

بالنسبة إلى العالم الخارجي، يُعرف رئيسي الموالي الوفي لخامنئي بوجهات نظره المتشددة وبسجله المليء بانتهاكات فظيعة لحقوق الإنسان. لقد كان عضواً في لجنة الموت التي أشرفت على الإعدامات الجماعية والتي طالت بين 5 آلاف و 30 ألف يساري إيراني. أكسبه هذا الدور لقب “جزار طهران”. مع ذلك، وعلى الرغم من الأحداث الأخيرة والسيرة الذاتية لرئيسي، لا تزال واشنطن ملتزمة بالعودة إلى الاتفاق النووي الذي سيفرج عما يقارب 90 مليار دولار من الأموال المجمدة. توقفت المحادثات النووية حالياً بانتظار انتهاء مرحلة نقل السلطة من روحاني إلى رئيسي. طالب الكاتبان الإدارة الحالية بانتهاز الفرصة لإعادة تقييم طبيعة الحكومة الإيرانية المقبلة وأولوياتها المحتملة قبل اتخاذ أي قرار بشأن الاتفاق النووي.

التلميذ سيبرهن عن الولاء لمعلمه
تبدو النقاشات الأساسية في دوائر السياسة الخارجية متمحورة حول موقف النظام بقيادة رئيسي. تحدث فريق بايدن عن طموحه بالتوصل إلى اتفاق “أطول وأقوى”. لذلك، يجب أن يدور جزء أساسي من حسابات واشنطن حول ما إذا كانت إيران تنوي زيادة أو تخفيف نشاطاتها المزعزعة للاستقرار في المنطقة أو نشاطاتها الصاروخية، بعد رفع العقوبات عنها وانسحاب واشنطن من الشرق الأوسط. تعتمد الإجابة على طبيعة حكومة رئيسي ومسؤوليها الأساسيين.
إن المرشد الأعلى علي خامنئي هو صانع القرار الأخير في سياسات النظام. مع ذلك، يبرهن واقع ذهاب خامنئي المتقدم في السن إلى خطوات غير مسبوقة لضمان نجاح رئيسي عن حجم الثقة التي أولاها المرشد لتلميذه. سيحرص رئيسي على إثبات مؤهلاته وتعزيز قاعدة الدعم الأساسية للنظام خلال ولايته. لذلك، من الجوهري أن يفهم الغرب لا رئيسي وحده بل القوى والأفراد الذين يدعمونه.

الإصرار على التحليل الخاطئ
بحسب الكاتبين، ثمة مشكلة كبيرة في التحليل الغربي للنظام الإيراني وهي فشله المستمر في فهم طبيعته الحقيقية طوال 42 عاماً. لقد استند الغرب غالباً إلى ثنائية متشدد-إصلاحي التي كان النظام هو من روج لها أساساً من أجل التأثير على السياسة الغربية وجعلها تصب في صالحه، وهي ثنائية تضمر أكثر مما تكشف. ومع ذلك، يقترح العديد من المحللين والمعلقين الأمريكيين أن خلفية رئيسي المتشددة تجعله أفضل شريك لاتفاق نووي ناجح مقارنين إياه بالرئيس الأمريكي الأسبق ريتشارد نيكسون الذي سمح له تشدده بالانفتاح على الصين. لكن عبر الانغماس في هذه المقارنات المريحة، يفشل الغرب في تقدير الطبيعة الحقيقية لرئيسي ولما يمثل.

أولاً وقبل كل شيء، على العالم فهم دور الحرس الثوري. سيؤمن الحرس أساس حكومة رئيسي والذي دعاها خامنئي كي تكون “شابة وحزب اللهية”. سيسيطر الحرس على الأدوار الوزارية الرئيسية والعديد من المناصب البارزة التي تعينها الحكومة والبالغة 874 منصباً. الحرس الثوري ملتزم تماماً برؤية خامنئي الإسلاموية المتشددة، لكن الحرس نفسه ليس أحادي الأبعاد. الأفراد الذين سيشكلون إدارة رئيسي ينقسمون إلى فصائل ومجموعات مختلفة داخل الحرس الثوري.

لا شك في أن تعقب من يقوم بماذا سيؤمن معلومات استخبارية قيمة عن تحديد نوع الأولويات السياسية لرئيسي وخامنئي وفهماً أعمق لما سيساعد الغرب في صياغة قرار صحيح حول العودة أو عدم العودة إلى الاتفاق النووي. باختصار إن فهم النظام يمر بفهم الحرس الثوري. أشار المحللان إلى بحثهما الأخير الذي كشف ثلاثة مراكز قوى في نخب الحرس الثوري: المركز الأمني-الاستخباري، والمركز السياسي، والمركز الاقتصادي. يوفر البحث هويات الأفراد الأساسيين في الحرس الثوري والذين يجهلهم الغرب لأنهم يعملون في الظل ويجلسون عند تقاطع هذه المراكز. يقدم البحث أيضاً التحالفات والتنافسات داخل الحرس الثوري.

من بين الأفراد البارزين، رئيس مكافحة التجسس في مكتب المرشد غلام حسين رمضاني وهو أهم عضو في المركز الاستخباري-الأمني، ومرتضى رضائي القائد الغامض الذي يتبوأ منصباً قيادياً في المركزين الاستخباري والاقتصادي داخل الحرس الثوري. إن معرفة وتعقب الأفراد الأساسيين في الحرس الثوري يمكّن صناع القرار من معاقبتهم حين يقمع الحرس مستقبلاً أي تظاهرات مناهضة للنظام بعنف. وهذا ما يلجأ إليه النظام في التعامل مع التظاهرات الحالية في خوزستان.

بعد اطلاع الإدارة على الأعمال الداخلية للحرس وأولوياته المتنافسة، سيبقى عليها التساؤل عما إذا كان من الحكمة إعطاء هذه النخبة 90 مليار دولار عبر رفع العقوبات وعما إذا كانت العودة إلى الاتفاق النووي لا تزال في مصلحتها ومصلحة حلفائها الذين شكلوا أهدافاً لسياسات النظام الإيراني المزعزعة للاستقرار. فالحساب الخطأ بحسب المحللين قد ينتهي بزيادة التهديد الذي يواجهه الأمن القومي الأمريكي واستقرار الشرق الأوسط.