«الشد العصبي وتأثيره على الإنسان»

داء ينهي الحياة العملية ويدمر العلاقات الاجتماعية

داء ينهي الحياة العملية ويدمر العلاقات الاجتماعية

-- سامر محمد : 90 % من أسباب العصبية عائد إلى عوامل وراثية وأخرى اقتصادية
-- صادق يوسف : عصبية الأطفال ناتجة من الوسط الاجتماعي الذي يعيش فيه الطفل داخل الأسرة
-- أحمد بكري : حذارِ من العصبية التي تضيع على الإنسان أجمل لحظات العمر
-- هدى علي: العصبية أفقدته محبة من حوله واشتهر بأنه إنسان صعب
-- بهاء الدين عامر: خسرت أحد أصدقائي المقربين بسبب الانفعال
-- هند علي : أعاني من العصبيّة الزائدة وبمجرّد أن يحاوَل أحد الحديث معي أجهش بالبكاء
-- فيصل أبو مانع : يفضل تناول المشروبات المنزوعة الكافيين من أجل التخفيف من حدة التوتر


(( باتت العصبية هي بيت الداء ومرض مزمن يطارد الإنسان منذ نعومة أظفاره حتى شيخوخته ، وهناك الكثير والكثير تضرروا من هذه العصبية كفقدان وظائفهم أو فشل علاقاتهم العاطفية أو فقد أحد أصدقائهم ويمكن تصل تداعياتها إلى التورط في القتل في لحظة عصبية .. والفجر تطرح أسئلة على المختصين هل تستطيع أن تسيطر على عصبيتك وهل تضررت منها أم أنك إنسان قوي تستطيع أن تكظم غيظك عند الغضب )) .

وفي البداية يقول سامر محمد:
العصبية باتت سمة من سمات هذا العصر الذى نعيشه نظرا لضغوطات الحياة وتسارعها الى جانب خطورتها الصحية فهي تجعل الإنسان غير مرغوب فيه اجتماعيا بل وأحيانا تجعله شخصا فاشلا فى حياته سواء مع أبنائه أو زوجته مثلا . وأضاف سامر العصبية نوع من الغضب المضاعف، أو غضب مضاف إليه أشياء أخرى تجعله يظهر بهذا الحجم الكبير.
 أضاف سامر90  في المائة من أسباب العصبية عائد إلى عوامل وراثية وأخرى اقتصادية واجتماعية و منها ما يعود الى الضغوطات المعيشية المتراكمة والمتلاحقة، وأسبابها تختلف من شخص الى آخر كل حسب استعداده النفسي، وعلى التغييرات التي تحدث في توازن بعض المواد الكيماوية الموجودة في الدماغ والتي تخضع أيضاً لتأثير تلك العوامل بشكل مستمر،

والمنبهات  من الممكن أن تزيد من حدتها خاصة إذا ما تم تناولها بإفراط، ويمكنها أن تُصعِّد من وتيرة العصبية التي قد تتحول الى مرض دائم لدى الأشخاص الذين يفتقرون إلى قوة التحمل ومواجهة مصاعب الحياة وبالتالي يكونون مُعرضين أكثر من غيرهم إلى الإصابة بالاكتئاب .
وعن تجربتها مع العصبية قالت"هدى علي" ربة منزل: إن زوجها يشتاط غيظا وغضبا دائما بدون سبب وهذه العصبية أفقدته محبة من حوله واشتهر بأنه إنسان صعب ، والكثير من الناس خصوصا أقربائي يقولون لي "الله يكون في عونك" وأشعر بعد هذه المواساة  بغصة في صدرى وأنني أقل من أصدقائي الذين يعددون بطريقة غير مباشرة مزايا أزواجهن وأنهن لا ينقصهن شيئا على الإطلاق.

وأضافت هدى: الحمد لله على كل شيء فأنا عندي ثلاث أطفال أحاول أن أبعد عنهم عصبية أبيهم و ألا يتعلموا تلك العصبية من قريب أو من بعيد لأنها تنتشر كالنار في الهشيم .

وعن ضحية العصبية يتحدث أحمد بكري مهندس قائلا :
فقدت وظيفتي وفقدت أعز الناس على قلبي وهي أمى التي ماتت وهي غاضبة مني ، فأنا مثال حي لضحايا العصبية التى غيرت من حياتي ، وجعلتني إنسانا بائسا وكنت معروفا بالانفعال الزائد رغم أنني في البداية لم أكن عصبياً، لكن مع تقدم العمر وتزايد الضغوط أصبحت انفعالياً في كثير من الأمور حتى في العمل.
وقال بكري أحاول أن أعوض ما حدث في أولادي الصغار وأرجو من الله وأدعو له ،  ألا يبقي ما فعلته في حياتي لأبنائي فحذارِ من العصبية التى تضيع على الإنسان أجمل اللحظات وتكسبه السيئات .

وفي السياق نفسه عبر عن رأيه "بهاء الدين عامر" مدير شركة قائلا:
أحب أن أبتعد عن العصبية بما أتانى الله من قوة فأنا ضحية جينات وراثية اكتسبتها من والدي العصبي ، وكنت أرث بعضا من تلك العصبية التى أحاول ألا أفقد بها أعز ما أملك وأنا أحاول أن أفرغ طاقتي باستمرار بممارسة الرياضة فهي تخفف عني شحنة كبيرة وتكسبني سعادة دائما ، والإنسان القوي هو من يستطيع السيطرة على عصبيته التي تفقده أجمل الأشياء .
وعن مواقف سابقة تأذى منها قال عامر فقد خسرت من قبل أحد أصدقائي المقربين بسبب الانفعال، وقمت بسبه أكثر من مرة ما جعله يقاطعني منذ فترة طويلة .

وقالت هند علي  معلمة أطفال :
على المحيطين بالمرأة من أهلها أو زوجها أو أبنائِها معرفة الأسباب الواقعة وراء عصبيّة المرأة ومحاولة امتصاص هذه العصبيّة وعدم لومها أو محاولة معاقبتها ، بل مساعدتها للتخلّص منها ، أو محاولة تذكيرها بما بدَر منها أثناء العصبيّة.
وعن عصبيتها أشارت هند أنها تعاني من العصبيّة الزائدة وبمجرّد أن يحاوَل أحد الحديث معها تجهش بالبكاء.
وتنصح هند قائلة يجب على المرأة عند الشعور بالعصبيّة محاولة التزام الصمت والتأنّي قبل التفوّه بأي كلام أو القِيام بأية تصرّفات، واللجوء إلى الصلاة وذكر الله تعالى.

وقال رجل الطب الدكتور فيصل أبو مانع:
إن العصبية هي عدم القدرة على التصرف في بعض المواقف، والقيام بسلوكات يطغى عليها طابع العدوانية، سواء داخل البيت أو خارجه، ويحاول دائماً الهروب من أسرته أو من الأشخاص المقربين له، وقد يذهب الأمر  بالأب أو الأم  إلى إفراغ جام عصبيته على الأطفال ، سواء بالضرب أو بقلة الرعاية والاهتمام بهم وبالطبع يفقد العصبي علاقته الاجتماعية ومحبة الكثير من الناس ويصبح شخصا منبوذا في عالم منعزل .
وأضاف أبو مانع : التوتر العصبي الذي يمر بالإنسان بصورة يومية يمكن أن يسبب له الشعور بالصداع في الرأس والإرهاق في عضلات الجسم، كما يتسبب التوتر العصبي في ارتفاع ضغط الدم، وهذا التوتر أو الضغط العصبي يضعف مناعة الإنسان ويجعل جسمه مجالا خصباً للإصابة بالعديد من الأمراض.

وأشار أبو مانع عندما يمارس الإنسان الرياضة يفرز جسمه هرمونات طبيعية اسمها «بيتا اندروفين» تحارب هرمونات التوتر والإجهاد التي تعصف بحالة الجسم الصحية، وهذه الهرمونات الطبيعية التي يفرزها الجسم أثناء ممارسته الرياضة هى التي تشعرنا بالاسترخاء بعد الانتهاء مباشرة من أداء التمرينات الرياضية أو ممارسة مختلف أنواع الرياضات.

وقال أبو مانع ، من المهم جدا أيضاً للتخلص من التوتر العصبي والضغط النفسي تقليل كمية الكافيين التي تدخل جسم الإنسان ويطول تأثيرها في الجسم لساعات بعد تناولها، لأن الكافيين يرفع من ضغط الدم ويزيد من إفراز هرمون «الأدرنيالين» الذي هو هرمون التوتر العصبي. والكافيين يجعل الجسم يبالغ في رد فعله تجاه التوتر العصبي كما أنه المسؤول عن بعض أمراض القلب، ولذلك يفضل تناول المشروبات المنزوعة الكافيين من أجل التخفيف من حدة التوتر التي تصيبنا في حياتنا اليومية.

وأخذ فترة استراحة قصيرة مع العمل قد لا تطول عن 10 دقائق يساعد على تخفيف حدة التوتر وعلى حل المشكلات التي قد يقابلها الإنسان في عمله، كما أن تركيز انتباهنا إلى أشياء قد تكون مضحكة يساعدنا كثيراً في التخفيف من حالات التوتر التي تصيبنا لأن الضحك يحفز إفراز هرمون «بيتا أندروفين» المسؤول عن الاسترخاء والهدوء، كما أن الضحك أيضاً يساعد الإنسان على التفكير بإيجابية شريطة أن يعرف المرء بعض الطرق للحصول على المرح وأن يسعى إليها.

وعن رأي الطب النفسي قال الدكتور صادق يوسف :
هناك اختلاف بين عصبية الرجل والمرأة والطفل ، نعم ، الطفل أصبح ضحية للعصبية و يوجد نوعان من العصبية لدى الأطفال، النوع الأول الاستجابة لضغوط وظروف يعيش فيها الطفل، كالضغط عليه من أجل القيام بأمر ما، أما النوع الثاني فهو إصابة الطفل فعلاً بأحد الأمراض النفسية كنقص الانتباه وفرط الحركة، بالإضافة إلى نوبات الاندفاع وكذلك مرض القلق المزمن، ومن أعراضه التوتر الشديد والقلق والعناد وكثرة البكاء، وأيضًا أمراض اكتئاب الطفل، حيث إن الطفل المكتئب يعبر عن اكتئابه بالعصبية والصراخ والبكاء الشديد والقلق  أثناء النوم ومزاجه السيئ.
وأرجع  الدكتور يوسف أسباب عصبية الأطفال إلى أن جزءًا منها وراثي من الآباء إلى الأبناء، فعصبية الأطفال ناتجة من الوسط الاجتماعي الذي يعيش فيه الطفل داخل الأسرة العصبية، فالطفل يتعلمها عندما يرى الأم والأب، يتصرفان بعصبية.

أما عن كيفية التغلب على هذه الظاهرة فقال أستاذ الطب النفسي إن على الآباء أن يتعاملوا مع الطفل العصبي بصدر واسع وبحنان ويستوعبوا أن للطفل قدرة معينة على الاستيعاب،  ولابد من التعامل معه بهدوء للتقليل من حدة العصبية لديه، لأن العصبية تؤثر في قدرة الطفل على الاستيعاب والتفوق الدراسي. وعن النوع الثاني من العصبية قال  الدكتور يوسف : إن الزوجة العصبية تنتج عن ظروف أسرية معينة فقد تكون قد تعرضت لنوع من العدوان السلبي وهو أسوأ أنواع العدوان فهي تنفعل وهو لا يرد عليها ليبدو أمام الآخرين بأنه الطيب الهادئ المستكين المفترى عليه من قبل زوجته.

ومن أهم صفات المرأة العصبية التي كشفت عنها الدراسة : هي عدم القدرة على التصرف في بعض المواقف، بالإضافة إلى وجود بعض السلوكات لديها تحمل مزيداً من العدوانية، سواء داخل البيت أو خارجه، وهي دائماً تحاول الهروب من الجو المحيط بها، سواء الأسرة أو الأشخاص المقربين إليها، فكثيرا ما تلجأ إلى الخروج من البيت بمفردها إلى مكان خال بعيد عن زيارة الأقارب والاجتماع مع الأصحاب مما يؤثر على علاقاتها الاجتماعية في محيط الأسرة والأصدقاء.