دراسة جديدة لـ «تريندز» تستعرض كيف تأثر الإخوان بمكيافيلي وجوستاف لوبون

دراسة جديدة لـ «تريندز» تستعرض كيف تأثر الإخوان بمكيافيلي وجوستاف لوبون

ضمن البرامج البحثية لمركز تريندز للبحوث والاستشارات حول دراسات الإسلام السياسي، أصدر المركز دراسة جديدة تحت عنوان “جماعة الإخوان المسلمين والعلوم الاجتماعية والإنسانية: هل قرأ البنا جوستاف لوبون ومكيافيلي؟”، وهي دراسة تحلل مضمون وثيقتين رئيسيتين للإجابة عن سؤالها البحثي الرئيسي وهو “هل قرأ البنا جوستاف لوبون ومكيافيلي؟”. والوثيقتان هما: مقال “على من تجب الدعوة؟” الذي نشره حسن البنا في مجلة الفتح (العدد 103، 5 يوليو 1928)، وفيه يتضح للقارئ كيف قرأ البنا ميكافيلي.

والوثيقة الثانية هي اللائحة العامة للمنهاج الثقافي للإخوان (المنشورة في مجلة التعارف، العدد 23، 6 مارس 1940)، وفيها نجد كتب العلوم الاجتماعية والإنسانية، ومن بينها كتب الفيلسوف والمؤرخ الفرنسي جوستاف لوبون، التي فُرضت قراءتُها على متدربي الإخوان في الدورات التدريبية لإعداد القادة والدعاة. وبيّن معد الدراسة الدكتور وائل صالح، الخبير بالإسلام السياسي في مركز تريندز، أن جماعة الإخوان المسلمين عادة ما تروّج لنفسها، مثلما يروج لها بعض الباحثين، بأن تدينهم قائم بالكلية على فهمهم للإسلام وتمامية ذلك الفهم؛ ليكون مصدرًا وحيدًا لإعداد شبابهم ولرؤيتهم للعالم ولسلوكياتهم في الشأن العام وحكمهم على الآخرين.
 
وقال إنه برغم أن الإخوان عادة ما ينتقدون الإنتاج المعرفي الغربي خصوصًا في العلوم الاجتماعية والإنسانية، بوصفها ثقافة خارجة عن الإطار المعرفي الإسلامي، فقد لفت نظرَه منذ سنوات طويلة أن بعض من يعرفهم من الإخوان من المسلمين معرفة شخصية خصوصًا في الفترة السابقة لما يسمى “الربيع العربي”، يقرؤون - بعكس الفكرة النمطية السائدة - بعض الإنتاج المعرفي الغربي، خصوصًا في مجال التنمية البشرية وعلم النفس؛ وذلك بهدف التمكن من أدوات الإقناع والتجييش لأيديولوجيتهم ونوع تدينهم. 

وأوضح الباحث أنه من هنا أتت فكرة اختبار مدى جدّة تلك الظاهرة أو تأصلها في جماعة الإخوان. بالإضافة إلى أن البحث في إصدارات جماعة الإخوان المتعددة من صحف ومجلات ورسائل، في الفترة السابقة على مقتل مرشدها الأول ومؤسسها حسن البنّا، يُبين لنا تأصل تلك الظاهرة عند جماعة الإخوان المسلمين، مشيرًا إلى  أن هذه الدراسة قدمت مثالين على قراءة الإخوان المسلمين لبعض الإنتاج المعرفي الغربي الذي يمكن تطويعه لخدمة أيديولوجيتهم أو الذي يمكن استخدام محتواه للتجييش والتمكن من العقول والقلوب. وذكر الدكتور صالح أن الوثائق السابقة تبين المدى الذي من الممكن أن تكون جماعة الإخوان المسلمين قد تأثرت به من الإنتاج المعرفي الغربي في مجالي العلوم الإنسانية والاجتماعية في التنظير وفي هيكلة أيديولوجيتها. وكيف قرأ البنّا وجماعة الإخوان مفكرين غربيين مثل ميكافيلي (صاحب مقولات يُفهم منها “الغاية تبرر الوسيلة” وأن “السياسة ليس لها أي علاقة بالأخلاق”)، وجوستاف لوبون صاحب كتاب “سيكولوجية الجماهير».
 
وأضاف أنه يتبين لنا مما سبق كيف أنه لم يكن لدى جماعة الإخوان في مراحلها الأولى أي حساسية من اللجوء إلى العلوم الإنسانية والاجتماعية، بشكل علني لإعداد دعاتهم بالاستفادة من تلك الأفكار، لتحقيق أهداف الجماعة.
وقال الباحث إنه من المهم أن نختبر في دراسات مقبلة فرضية استمرار لجوء الإخوان إلى تلك العلوم في المراحل اللاحقة من تاريخهم وحتى اليوم، وكيف حدثت القطيعة الظاهرية على الأقل بين الإخوان وتلك العلوم، وفي أي سياق، ولأي أهداف.