دراسة حديثة لـ «تريندز» تستشرف الأهمية والتداعيات لتحالفي «كواد» و «أوكوس»

دراسة حديثة لـ «تريندز» تستشرف الأهمية والتداعيات لتحالفي «كواد» و «أوكوس»


أكدت دراسة بحثية حديثة لـ "مركز تريندز للبحوث والاستشارات" أن منطقة "الإندوباسيفيك" مقبلة على مرحلة جديدة من التنافس الدولي، حيث يتزايد القلق الغربي عموماً والأمريكي خصوصاً من تنامي النفوذ الصيني، ليس في منطقتي المحيط الهادي والهندي فقط، ولكن في مناطق أخرى من العالم أيضاً. وبيّنت الدراسة التي أتت تحت عنوان: ("كواد" و "أوكوس".. الأهمية الاستراتيجية والتداعيات الإقليمية والدولية)، وأعدها كل من الدكتور محمد أبو غزلة، الباحث الرئيسي في المركز، والأستاذة ريم محسن الكندي، مساعدة باحث ضمن وحدة الدراسات الاستراتيجية في "تريندز"، أن التحالفات تبدو إحدى أهم الأدوات التي تلجأ إليها الولايات المتحدة الأمريكية لمواجهة هذا النفوذ، إذ جاءت مساعيها في هذا الإطار لإحياء التحالف الرباعي "كواد" الذي يضم إلى جانبها اليابان وأستراليا والهند أيضاً، وإعلانها عن التحالف الثلاثي "أوكوس" الذي يضم إلى جانبها بريطانيا وأستراليا.

وأوضحت الدراسة التي جاءت ضمن سلسلة دراسات "اتجاهات استراتيجية" التي يضطلع بها "تريندز"، أنه على الرغم من اختلاف السياق الذي ظهر فيه هذان التحالفان، وحتى الأعضاء الذين انضووا تحتهما، فإن القاسم المشترك الواضح وغير المعلَن، الذي يمثل الهدف الرئيسي، هو مواجهة الصين واحتواؤها.

 مبينة أنه مع ذلك، فإن أهمية هذين التحالفين تتعدى هذا الهدف؛ لتشمل تعزيز التعاون بين الدول الأعضاء في مجالات أخرى مهمة اقتصادية وتجارية. وأشارت الدراسة إلى أن السؤال الرئيسي يتمحور حول مدى فاعلية التحالفين؛ موضحة أنه رغم التداعيات المتوقعة إقليمياً ودولياً، التي بدأت بعض مظاهرها تبرز فعلاً، فإن هناك شكوكاً ليس بالضرورة أن تحوم حول الاستمرارية، وإنما تحوم حول القدرة على إحداث توازن كبير في مواجهة الصين أيضاً، وذلك بالنظر إلى تباين رؤى الأعضاء حول الأسلوب الأمثل للتعامل مع صعود الصين، وكذلك تشابك مصالح هذه الدول مع بكين، ولاسيما دول المنطقة (أستراليا والهند واليابان)؛ مؤكدة أن المضي قُدُماً في مواجهة الصين ستكون له عواقب على هذه المصالح، بالإضافة إلى الولايات المتحدة نفسها، حيث تبدو أنها بحاجة إلى الصين في قضايا إقليمية ودولية تماماً، كما أن بكين بحاجة إلى التعاون مع واشنطن لخدمة العديد من المصالح المشتركة، سواء في الاقتصاد، أو البيئة، أو القضايا الإقليمية والدولية الأخرى.

وذكرت الدراسة أن هذا الأمر ربما يفسر ما يؤكده الطرفان باستمرار من رغبتهما في التعاون لا الصدام، واتفاقهما في القمة الافتراضية التي انعقدت بين الرئيسين، الأمريكي جو بايدن، والصيني شي جين بينغ، يوم 16 نوفمبر 2021، على تجنب الصراع المفتوح.

ومع ذلك، لا تستبعد الدراسة في نتيجتها، وفي ظـل الحالـة الضبابيـة التي تسود النظام الدولي لا سيما مع التطورات الأخيرة، أن يكـون لهـذه التحالفـات تداعيـات طويلـة المـدى عـلى الوضـع الاسـتراتيجي، ليـس في منطقـة الإندوباسـيفيك فقـط، بـل في العـالم كلـه ايضـاً؛ تماماً كما حدث عند إنشاء التحالف الثلاثي بين "ألمانيا" و"الإمبراطوريـة النمسـاوية المجريـة" و"إيطاليا" في أواخر القـرن التاسـع عـشر لاحتواء فرنسـا، دون أن يفكر أحد، آنذاك، في العواقـب المحتملـة لذلـك عـلى المـدى الطويـل، حيـث اندلعـت بعـد ثلاثة عقـود تقريبـاً حـرب عالمية اتـت عـلى الأخـضر واليابـس وتسـببت في قتـلٍ ودمـارٍ غيـر مسبوقين في التاريـخ البـشري.