دراسة لمركز تريندز ... تحلية المياه.. حل ذو حدين في مواجهة أزمة المياه العالمية

دراسة لمركز تريندز ... تحلية المياه.. حل ذو حدين في مواجهة أزمة المياه العالمية


أوضحت دراسة بحثية صادرة عن مركز تريندز للبحوث والاستشارات، أن تحلية المياه تُمثل أداة حيوية لمواجهة أزمة ندرة المياه المتفاقمة حول العالم، لكنها في الوقت ذاته تفرض تحديات بيئية واقتصادية جسيمة لا بد من التصدي لها لضمان استدامة هذه التقنية على المدى الطويل.
ووفقاً للدراسة، التي أعدها قسم الدراسات الاقتصادية في "تريندز" تحت عنوان "مستقبل تحلية المياه: بين التمويل والتحديات المناخية"، فإن العالم يواجه عجزاً متوقعاً في المياه بنسبة تصل إلى 40% بحلول عام 2030، ورغم أن 70% من سطح الأرض مغطى بالمياه، فإن 0.5% فقط منها متاحة وصالحة للشرب. في هذا السياق، تنمو صناعة تحلية المياه بسرعة، مع وجود أكثر من 21,000 محطة تحلية نشطة في العالم بحلول عام 2022، وبمعدل نمو سنوي يتراوح بين 6% و12%.
وحذّرت الدراسة من أن 99% من محطات التحلية تعتمد على الوقود الأحفوري، ما يجعلها مسؤولة عن انبعاثات ضخمة من غازات الدفيئة – تُقدّر بـ76 مليون طن من ثاني أكسيد الكربون في 2014، وقد تصل إلى 400 مليون طن بحلول 2050.
وأبرزت الدراسة جملة من التحديات الجوهرية، من بينها، التكلفة الاقتصادية المرتفعة، حيث تُعد المياه المحلاة أكثر كلفة بـ1.5 إلى 4 أضعاف من مصادر المياه التقليدية. وتتراوح تكلفة المتر المكعب من مياه البحر المحلاة بين 0.50 و2.50 دولار أمريكي، مما يجعلها خياراً محدوداً في العديد من الدول النامية، والاستهلاك الكثيف للطاقة، والتأثير البيئي للمحلول الملحي، وتعطيل النظام البيئي البحري.
ودعت الدراسة إلى تبني "تحلية خضراء" تجمع بين الابتكار التكنولوجي والطاقة المتجددة، لا سيما الطاقة الشمسية، لتقليل التكاليف والانبعاثات. كما تقترح عدداً من الحلول، منها تصميم أنظمة سحب وتصريف صديقة للبيئة للحد من الضرر البحري، ورفع كفاءة المحطات من خلال مضخات وتقنيات متطورة تستهلك طاقة أقل، وإدارة ذكية للمحلول الملحي باستخدام تقنيات التبخير والاستعادة، ودمج الطاقة المتجددة في تشغيل المحطات لتقليل الاعتماد على الوقود الأحفوري.
وتشدد الدراسة على ضرورة إيجاد آليات تمويلية مستدامة لدعم انتشار التحلية، ومنها، التمويل العام المدعوم بالمشاركة المجتمعية لزيادة الوعي والمساهمة الشعبية، واستخدام السندات الخضراء لجذب الاستثمارات الخاصة إلى مشاريع التحلية، وتعزيز الشراكات بين القطاعين العام والخاص (PPPs)  لتقاسم المخاطر وتوفير الخبرة ورأس المال.
وتؤكد دراسة "تريندز" أن تحلية المياه يمكن أن تكون مفتاحاً لحل أزمة المياه العالمية، لكنها لن تحقق الاستدامة إلا إذا تم تجاوز عقباتها البيئية والاقتصادية من خلال الابتكار، واعتماد الطاقة المتجددة، وتطوير نماذج تمويلية فعالة. وخلصت الدراسة، الى أن تحلية المياه تقدم وعداً كبيراً، لكن نجاحها المستدام مرهون بتقليل تكلفتها وأثرها البيئي، عبر التكنولوجيا الخضراء والشراكات الذكية.