رئيس الدولة ونائباه يعزون خادم الحرمين بوفاة والدة الأمير مشعل بن بدر
أُطلقت على هامش فعاليات قمة «بريدج» العالمية
دراسة مشتركة لـ«تريندز» و«ديجيتال وورلد» تستعرض المسار الاستراتيجي للعلاقات الروسية-الشرق أوسطية
أكدت دراسة حديثة بعنوان «العلاقات الروسية-الشرق أوسطية.. ديناميكيات التقارب، الفرص والتحديات»، أعدها مركز تريندز للبحوث والاستشارات، والمنظمة الروسية «ديجيتال وورلد»، أن دولة الإمارات العربية المتحدة لعبت دوراً محورياً في تعزيز علاقات دول الشرق الأوسط مع الاتحاد الروسي، وأسهم ذلك في خلق فرص تعاون مزدهرة وتقوية الروابط القائمة على الاحترام المتبادل، ودعم المصالح المشتركة، والاستراتيجيات الموحدة لمواجهة التحديات المستقبلية. وتهدف الدراسة، التي أطلقت على هامش المشاركة في فعاليات قمة «بريدج» العالمية بأبوظبي، إلى تقديم رؤية أكثر شمولية لفرص التعاون الروسي-الشرق أوسطي، وسبل تجاوز التحديات، والآفاق المستقبلية بين روسيا الاتحادية من جهة، ومنطقة الشرق الأوسط من جهة أخرى. كما تستعرض المسار الاستراتيجي للعلاقات الإماراتية-الروسية، وتصفها بأنها نموذج فريد لـ«الدبلوماسية الهجينة» التي تتميز بالمرونة وتعدد الأبعاد، ضمن إطار يجمع بين البراغماتية الاقتصادية والتأثير الثقافي والاستراتيجية التكيفية.
الروابط الاقتصادية والمالية
أشارت الدراسة المشتركة إلى أن الروابط الاقتصادية والمالية تشكل حجر الزاوية في الشراكة الإماراتية-الروسية، فقد تجاوز حجم التبادل التجاري بين البلدين 12.2 مليار دولار في عام 2024، مما يعزز مكانة دولة الإمارات كأكبر شريك تجاري لروسيا بين دول مجلس التعاون الخليجي، في حين تجاوزت الاستثمارات الإماراتية حاجز 16 مليار دولار في القطاعات الروسية للتصنيع والنقل والتمويل.
وارتفعت حصة الدرهم الإماراتي في التسويات التجارية الثنائية إلى حوالي 45% في النصف الأول من عام 2025، مما يشير إلى تراجع تدريجي في الاعتماد على الدولار وزيادة في السيادة المالية، كما تعززت الشراكة الإماراتية-الروسية بتوقيع اتفاقية الشراكة الاقتصادية الشاملة بين الاتحاد الاقتصادي الأوراسي ودولة الإمارات في يونيو من هذا العام، بالإضافة إلى اتفاقية التجارة في الخدمات والاستثمار الموقعة في أغسطس من العام الماضي.
منهجية علمية دقيقة
وقال الدكتور محمد عبدالله العلي، الرئيس التنفيذي لمركز تريندز للبحوث والاستشارات، إن إعداد هذه الدراسة المشتركة تم وفق منهجية علمية دقيقة، تناول خلالها فريق البحث مسار تطوّر العلاقات بين روسيا ودول الشرق الأوسط، لاسيما دولة الإمارات، عبر تحليل شامل لأبعادها السياسية والاقتصادية والثقافية والتكنولوجية، كما تسلّط الدراسة الضوء على الفرص المتاحة لتعميق التعاون في مجالات الطاقة والابتكار والتقنيات المتقدمة، إضافة إلى الروابط الإنسانية والثقافية التي تُسهم في ترسيخ التفاهم وتعزيز التواصل بين المجتمعات.
وذكر أن مركز «تريندز» يؤكد في هذا السياق أن الشراكات البحثية المؤسسية تُعد ركيزة أساسية في إنتاج المعرفة ذات القيمة المضافة، فالتعاون بين مراكز الفكر والمؤسسات البحثية الدولية، مثل الشراكة القائمة مع «ديجيتال وورلد»، يمكّن من توسيع زوايا الرؤية، ويسهم في بناء قاعدة معرفية أعمق وأكثر قدرة على تفسير التطوّرات الجيوسياسية المتسارعة.
التنسيق السياسي والدبلوماسي
وأشار الدكتور العلي إلى أن الدراسة المشتركة أظهرت أن العلاقات السياسية والدبلوماسية «الروسية-الشرق أوسطية-الإماراتية» تتميز بدرجة عالية من التنسيق وتستهدف في المقام الأول تعزيز الاستقرار الإقليمي والدولي، وتجلى ذلك في الموقف المحايد لدولة الإمارات تجاه العقوبات الغربية ضد روسيا والحفاظ على الحوار في المنظمات الدولية، مثل الأمم المتحدة وأوبك+.
وبيَّن أن دولة الإمارات لعبت دور الوسيط في مفاوضات اليمن والسودان في 2024-2025، وحظيت مبادراتها بدعم روسي على مستوى مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة، مما يؤكد الصيغة الجديدة لدبلوماسية القوة الوسطى.
التعاون التجاري والاستثماري
من جانبه، أكد ديمتري جيناديفيتش جوسيف، النائب الأول لرئيس لجنة الرقابة في مجلس الدوما الروسي، ورئيس منظمة «ديجيتال وورلد»، أن دراسة «العلاقات الروسية-الشرق أوسطية.. ديناميكيات التقارب، الفرص والتحديات»، هدفت إلى تقييم مستوى التعاون التجاري والاستثماري بين الشركات الأعضاء في غرفة التجارة والصناعة بموسكو والدول العربية، وقد تم ذلك من خلال استبيان سعى إلى تحديد مدى اهتمام هذه الشركات بتوسيع العلاقات الاقتصادية مع الدول المذكورة، وكذلك تقييم مستوى الوعي بالفرص المتاحة، وتصورهم لمناخ الأعمال والتوافق الثقافي بين مجتمعات الأعمال والسكان من الجانبين.
وأظهر الاستبيان أن 91% من الشركات المشاركة في الاستبيان من غرفة التجارة والصناعة بموسكو ترغب في العمل مع دولة الإمارات وتصنفها كبيئة الأعمال المفضلة للأعمال الروسية، و36% منها لديها بالفعل تجارة أو استثمارات مع دول العالم العربي، ويغلب عليها العمل مع دولة الإمارات.
المصالح الوطنية المشتركة
وذكر جوسيف أن الدراسة المشتركة خلصت إلى أن الشراكة الإماراتية-الروسية تشكل نموذجاً للتعاون التكيفي القادر على الصمود أمام عدم الاستقرار العالمي، ومن خلال توحيد الموارد والطاقة واللوجستيات والدبلوماسية الثقافية، يسعى البلدان إلى بناء جسور للاستقرار والتنمية تخدم المصالح الوطنية المشتركة، وتسهم في تشكيل نظام عالمي أكثر توازناً وتعددية الأقطاب.
تطور العلاقات الروسية-العربية
من جانبه، أكد الدكتور فاليري كورنييف، رئيس اتحاد مستخدمي المنصات الرقمية «العالم الرقمي»، أن العلاقات بين روسيا والعالم العربي تتطور بديناميكية كبيرة، حيث أكدت نتائج الاستطلاع أن الشركات الروسية أظهرت اهتماماً متزايداً بالتفاعل مع الدول العربية ودول منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا، وهناك شركات تعمل بالفعل في مجالات التجارة والاستثمار، كما أن هناك عدداً أكبر يرغب في تطوير التعاون، مضيفاً أنه في عام 2024، نما التبادل التجاري بين روسيا ودولة الإمارات بنسبة 30% مقارنة بالعام الماضي، وتجاوز 12.2 مليار دولار، وفي عام 2025، يستمر النمو بفضل تنشيط صادرات البتروكيماويات، وكذلك توسيع نطاق تسوية المعاملات التجارية بالعملات الوطنية.
التواصل بين الثقافات
أما الدكتورة آنا بالاغينا، رئيسة المعهد المؤسسي لغرفة التجارة والصناعة الروسية «MIMOP»، فترى أنه لا يزال الوعي المتبادل بين الشركات الروسية والعربية منخفضاً، مرجعة ذلك إلى خصوصيات التواصل بين الثقافات وآداب العمل ومنطق وسرعة اتخاذ القرارات، كما تظل خصوصيات التسويات المتبادلة والمكون المالي نقطة صعبة، ولهذا السبب تحديداً، يولي نظام غرفة التجارة والصناعة وغرفة روسيا، اهتماماً كبيراً للعمل مع مجالس الأعمال التي تضم قادة الأعمال من روسيا والدول العربية، وكذلك تطوير وتنفيذ برامج تعليمية خاصة، تأخذ في الاعتبار خصوصية الاتصالات التجارية والشخصية.