رئيس الدولة ونائباه يهنئون أمير قطر بذكرى اليوم الوطني لبلاده
في معجمه الجيوسياسي
دروس هوبير فيدرين الدبلوماسية ...!
- يحذر فيدرين من الخداع البصري الذي يمنعنا من فهم ما يريد أن يقوله التاريخ لنا
- لماذا لا يكون ما كان ممكنًا مع الاتحاد السوفياتي ممكنًا مع روسيا بوتين؟، يتساءل فيدرين
- إذا لم يتحد العالم لاحتوائها، لن تكون هناك حدود خارجية للقوة الصينية في القرن الحادي والعشرين
- ستبقى أوروبا منظمة تقريبا كما هي اليوم، ولن تصادق الدول السبع والعشرون على معاهدة مغايرة
أربعة عشر عامًا في الإليزيه مع فرانسوا ميتران، تلتها خمس سنوات على رأس كاي دورسيه، منحتا هوبير فيدرين خبرة واسعة في الشؤون العالمية. في قاموسه المحب للجغرافيا السياسية، يقدم رؤيته الخاصة للدبلوماسية، القائمة على الواقعية وأخلاقيات المسؤولية. يتم انتقاده في بعض الأحيان بسبب دفاعه عن المقاربة المكيافيلية، وحتى المتبجحة، لكنه يجيب أن مقاربته هي، أولاً وقبل كل شيء، ممارسة “حريته في الفكر والتعبير».
إذا كان المثالي هو الرجل الذي لا يرى الأشياء كما هي ولكن كما ينبغي أن تكون، ويعطي مساحة أكبر لليوتوبيا أكثر من الواقع، والأولوية لأخلاقيات القناعات على أخلاقيات المسؤولية، فإن هوبير فيدرين هو النقيض بالتمام ولا يتنصّل من ذلك. في “معجم العاشق للجغرافيا السياسية” (بلون فايارد، 26 يورو)، يتبنى المتعاون السابق لفرانسوا ميتران، والذي كان أيضًا وزيرًا للشؤون الخارجية في حكومة جوسبان، الواقعية في السياسة وترجمتها الدبلوماسية، “ريال بوليتيك” (السياسة الواقعية).
ومن هذا المنطلق، يعتبر فيدرين الدفاع عن حقوق الإنسان، الشعار الرئيسي للمثاليين، ليس التزامًا مطلقًا، ولكن باعتباره “مكونًا” من مكونات السياسات الخارجية، “نفعّله عندما تسمح الظروف بذلك”، و”يجب أن يكون مقترنا بأهداف أخرى”، مثل الأمن. كما يعتبر أخلاقيات المسؤولية “أكثر صدقًا وأقل خطورة” من أخلاق القناعة. موقف ينعت في بعض الأحيان، باللاأخلاقية واللامبالاة تجاه المعاناة الإنسانية... معنى معاكس، يرد... فعند قدماء الإغريق: “الفضيلة والحكمة، بفضل حرية الفكر والتعبير، حتى لو تطلب الامر الاصطدام بالرأي السائد في تلك اللحظة».
هذه الحرية، هي التي تضفي على أقوال المؤلف، بعيدًا عن الأفكار والادعاءات المسبقة، جوًا من الصراحة وقول الحقيقة، فالرجل لا يقبض ثمن الكلمات، على عكس العديد من معاصريه، والقارئ الذي سئم اللغة الخشبية والمشاعر الطيبة، يقدّر هذه اللغة المباشرة التي لا توهم نفسها. إنه يؤيد رأي سائق التاكسي المثقف بدرجة كافية جعلته يقتبس من ثوسيديديس، كما يروي فيدرين، قال له ذات مرة: “كل ما تقوله واضح وجلي».
الشخصيات العظيمة في مجمّعه، هم الذين رفضوا ما يسميه “السياسة غير الواقعية”، من مكيافيلي إلى كيسنجر، ومنهم ريشيليو وتاليران وميترنيخ. “لكي تجد أوروبا طريق الخلاص، قال له أحد الجيوسياسيين السنغافوريين، كيشور محبوباني، يجب أن تصبح مكيافيلية “... هذه الرغبة هي أيضًا رغبة فيدرين.
الجغرافيا السياسية، أي “دراسة التفاعلات بين الجغرافيا والتاريخ والسياسة الدولية”، والتي يقول إنه ليس “مغرمًا بها”، رغم عنوان الكتاب، ولكنه شغوف، تفترض مسبقًا تحليلًا واضحًا بقدر ما هو ممكن، لتوازن القوى. المثالية الكانطية لها أيدي نظيفة، لكن لا أيدي لها، كما يقول سارتر، و”العالم الذي نفكر فيه ليس هو العالم الذي نعيش فيه”، كتب المؤلف.
خداع بصري
فيما يتعلق بأوروبا، يساوي وزير الخارجية الفرنسي الاسبق، بين الأوروبيين المتحمسين، الذين يحلمون بالفيدرالية، والمناهضون لأوروبا، الذين يخشون تدهور الدولة-الامة. ويرى أنه نقاش عديم الجدوى، لأن التوازن المؤسسي بين بروكسل، من ناحية، والحكومات السبع والعشرين في الاتحاد الأوروبي، من ناحية أخرى، يبدو أنه وصل إلى مرحلة النضج. وستبقى أوروبا منظمة “تقريبا كما هي اليوم”، و “لن تصادق الدول السبع والعشرون على معاهدة مغايرة”. وعلى هذا النحو، سيتعين على الاتحاد الأوروبي، من وجهة نظره، أن يواجه تحديًا كبيرًا: “إعطاء مضمون ملموس للهدف الجميل، السيادة الأوروبية”، وهي السيادة التي يُنظر إليها على أنها “مكمّلة للسيادة الوطنية”. لكن ماذا تعني السيادة في عالم معولم ومترابط؟ سؤال شاسع، لم يحسمه المؤلف، تاركًا لنا هواجسنا وشكوكنا.
يحذرنا فيدرين من “الخداع البصري” الذي يمنعنا من فهم ما يريد ان يقوله لنا التاريخ. فـ “إرثه المحتدم” يمكن فعلا أن “ينيرنا كما يسجننا”. لهذا لنتجنب “التعويذات” من أجل “فك رموز عالمنا” بشكل أفضل، و “الاستعداد للعالم الآتي”، ولنعد تعريف علاقاتنا مع القوى الرئيسية في العالم، الولايات المتحدة وروسيا والصين.
ورغم أن الولايات المتحدة لم تعد “القوة العظمى” التي كانت في التسعينات، حسب فيدرين، إلا أنها لا تزال القوة الأولى، وهي تبتعد “ببطء ولكن بثبات” عن أوروبا. وقد يكون هذا النأي “فرصة” لهذه الأخيرة إذا ما كان الأوروبيون مستعدين لتقرير مصيرهم. أما بالنسبة لروسيا، فمن الممكن إقامة “علاقات أكثر براغماتية” معها. فهل بوتين أقسى من ستالين؟ “لماذا لا يكون ما كان ممكنًا مع الاتحاد السوفياتي، ممكنًا مع روسيا؟ «.
تبقى الصين. إلى أي مدى ستذهب؟ “هل تريد، او هل تستطيع أن تحكم العالم؟”، هذا هو السؤال الكبير. “لقد بدأت حرب باردة جديدة يمكن أن تذهب بعيداً!”، يكتب المؤلف، وإذا لم يتحد العالم لاحتوائها، “فلن تكون هناك حدود خارجية للقوة الصينية في القرن الحادي والعشرين”. فكيف نتفادى “الفوضى” التي يتحدث عنها الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش؟ “الخوف الإيكولوجي والترابط العام فقط، هما اللذان سينتهي بهما الأمر -ربما -لإعادة إنشاء أسس منظمة عامة”، يخلص فيدرين... نكتشف أنه لا يعتقد ذلك مطلقا.
مدير تحرير صحيفة لوموند سابقا، متخصص في الاتحاد الأوروبي وكرس له العديد من الكتب، من مؤلفاته “روسو”، “الصحافة” و”لماذا أوروبا؟».
- لماذا لا يكون ما كان ممكنًا مع الاتحاد السوفياتي ممكنًا مع روسيا بوتين؟، يتساءل فيدرين
- إذا لم يتحد العالم لاحتوائها، لن تكون هناك حدود خارجية للقوة الصينية في القرن الحادي والعشرين
- ستبقى أوروبا منظمة تقريبا كما هي اليوم، ولن تصادق الدول السبع والعشرون على معاهدة مغايرة
أربعة عشر عامًا في الإليزيه مع فرانسوا ميتران، تلتها خمس سنوات على رأس كاي دورسيه، منحتا هوبير فيدرين خبرة واسعة في الشؤون العالمية. في قاموسه المحب للجغرافيا السياسية، يقدم رؤيته الخاصة للدبلوماسية، القائمة على الواقعية وأخلاقيات المسؤولية. يتم انتقاده في بعض الأحيان بسبب دفاعه عن المقاربة المكيافيلية، وحتى المتبجحة، لكنه يجيب أن مقاربته هي، أولاً وقبل كل شيء، ممارسة “حريته في الفكر والتعبير».
إذا كان المثالي هو الرجل الذي لا يرى الأشياء كما هي ولكن كما ينبغي أن تكون، ويعطي مساحة أكبر لليوتوبيا أكثر من الواقع، والأولوية لأخلاقيات القناعات على أخلاقيات المسؤولية، فإن هوبير فيدرين هو النقيض بالتمام ولا يتنصّل من ذلك. في “معجم العاشق للجغرافيا السياسية” (بلون فايارد، 26 يورو)، يتبنى المتعاون السابق لفرانسوا ميتران، والذي كان أيضًا وزيرًا للشؤون الخارجية في حكومة جوسبان، الواقعية في السياسة وترجمتها الدبلوماسية، “ريال بوليتيك” (السياسة الواقعية).
ومن هذا المنطلق، يعتبر فيدرين الدفاع عن حقوق الإنسان، الشعار الرئيسي للمثاليين، ليس التزامًا مطلقًا، ولكن باعتباره “مكونًا” من مكونات السياسات الخارجية، “نفعّله عندما تسمح الظروف بذلك”، و”يجب أن يكون مقترنا بأهداف أخرى”، مثل الأمن. كما يعتبر أخلاقيات المسؤولية “أكثر صدقًا وأقل خطورة” من أخلاق القناعة. موقف ينعت في بعض الأحيان، باللاأخلاقية واللامبالاة تجاه المعاناة الإنسانية... معنى معاكس، يرد... فعند قدماء الإغريق: “الفضيلة والحكمة، بفضل حرية الفكر والتعبير، حتى لو تطلب الامر الاصطدام بالرأي السائد في تلك اللحظة».
هذه الحرية، هي التي تضفي على أقوال المؤلف، بعيدًا عن الأفكار والادعاءات المسبقة، جوًا من الصراحة وقول الحقيقة، فالرجل لا يقبض ثمن الكلمات، على عكس العديد من معاصريه، والقارئ الذي سئم اللغة الخشبية والمشاعر الطيبة، يقدّر هذه اللغة المباشرة التي لا توهم نفسها. إنه يؤيد رأي سائق التاكسي المثقف بدرجة كافية جعلته يقتبس من ثوسيديديس، كما يروي فيدرين، قال له ذات مرة: “كل ما تقوله واضح وجلي».
الشخصيات العظيمة في مجمّعه، هم الذين رفضوا ما يسميه “السياسة غير الواقعية”، من مكيافيلي إلى كيسنجر، ومنهم ريشيليو وتاليران وميترنيخ. “لكي تجد أوروبا طريق الخلاص، قال له أحد الجيوسياسيين السنغافوريين، كيشور محبوباني، يجب أن تصبح مكيافيلية “... هذه الرغبة هي أيضًا رغبة فيدرين.
الجغرافيا السياسية، أي “دراسة التفاعلات بين الجغرافيا والتاريخ والسياسة الدولية”، والتي يقول إنه ليس “مغرمًا بها”، رغم عنوان الكتاب، ولكنه شغوف، تفترض مسبقًا تحليلًا واضحًا بقدر ما هو ممكن، لتوازن القوى. المثالية الكانطية لها أيدي نظيفة، لكن لا أيدي لها، كما يقول سارتر، و”العالم الذي نفكر فيه ليس هو العالم الذي نعيش فيه”، كتب المؤلف.
خداع بصري
فيما يتعلق بأوروبا، يساوي وزير الخارجية الفرنسي الاسبق، بين الأوروبيين المتحمسين، الذين يحلمون بالفيدرالية، والمناهضون لأوروبا، الذين يخشون تدهور الدولة-الامة. ويرى أنه نقاش عديم الجدوى، لأن التوازن المؤسسي بين بروكسل، من ناحية، والحكومات السبع والعشرين في الاتحاد الأوروبي، من ناحية أخرى، يبدو أنه وصل إلى مرحلة النضج. وستبقى أوروبا منظمة “تقريبا كما هي اليوم”، و “لن تصادق الدول السبع والعشرون على معاهدة مغايرة”. وعلى هذا النحو، سيتعين على الاتحاد الأوروبي، من وجهة نظره، أن يواجه تحديًا كبيرًا: “إعطاء مضمون ملموس للهدف الجميل، السيادة الأوروبية”، وهي السيادة التي يُنظر إليها على أنها “مكمّلة للسيادة الوطنية”. لكن ماذا تعني السيادة في عالم معولم ومترابط؟ سؤال شاسع، لم يحسمه المؤلف، تاركًا لنا هواجسنا وشكوكنا.
يحذرنا فيدرين من “الخداع البصري” الذي يمنعنا من فهم ما يريد ان يقوله لنا التاريخ. فـ “إرثه المحتدم” يمكن فعلا أن “ينيرنا كما يسجننا”. لهذا لنتجنب “التعويذات” من أجل “فك رموز عالمنا” بشكل أفضل، و “الاستعداد للعالم الآتي”، ولنعد تعريف علاقاتنا مع القوى الرئيسية في العالم، الولايات المتحدة وروسيا والصين.
ورغم أن الولايات المتحدة لم تعد “القوة العظمى” التي كانت في التسعينات، حسب فيدرين، إلا أنها لا تزال القوة الأولى، وهي تبتعد “ببطء ولكن بثبات” عن أوروبا. وقد يكون هذا النأي “فرصة” لهذه الأخيرة إذا ما كان الأوروبيون مستعدين لتقرير مصيرهم. أما بالنسبة لروسيا، فمن الممكن إقامة “علاقات أكثر براغماتية” معها. فهل بوتين أقسى من ستالين؟ “لماذا لا يكون ما كان ممكنًا مع الاتحاد السوفياتي، ممكنًا مع روسيا؟ «.
تبقى الصين. إلى أي مدى ستذهب؟ “هل تريد، او هل تستطيع أن تحكم العالم؟”، هذا هو السؤال الكبير. “لقد بدأت حرب باردة جديدة يمكن أن تذهب بعيداً!”، يكتب المؤلف، وإذا لم يتحد العالم لاحتوائها، “فلن تكون هناك حدود خارجية للقوة الصينية في القرن الحادي والعشرين”. فكيف نتفادى “الفوضى” التي يتحدث عنها الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش؟ “الخوف الإيكولوجي والترابط العام فقط، هما اللذان سينتهي بهما الأمر -ربما -لإعادة إنشاء أسس منظمة عامة”، يخلص فيدرين... نكتشف أنه لا يعتقد ذلك مطلقا.
مدير تحرير صحيفة لوموند سابقا، متخصص في الاتحاد الأوروبي وكرس له العديد من الكتب، من مؤلفاته “روسو”، “الصحافة” و”لماذا أوروبا؟».