روسيا والصين والهند.. تحالف جديد يهدد الهيمنة الغربية

روسيا والصين والهند.. تحالف جديد يهدد الهيمنة الغربية


رصد ستيفن بلانك، زميل أول غير مقيم في برنامج أوراسيا التابع لمعهد أبحاث السياسة الخارجية الأمريكي، التحول الجيوسياسي اللافت الذي يشهده النظام العالمي مع صعود تحالف ثلاثي غير رسمي بين روسيا والصين والهند، يُشار إليه اصطلاحاً بـ»الترويكا».  وأوضح الكاتب في مقاله بموقع مجلة «ناشونال سيكيورتي جورنال» أن هذا المحور الجديد يُظهر أنه لا يقوم على أيديولوجيا موحدة أو عداء مباشر للولايات المتحدة، بل ينبع من تقاطع مصالح ثلاث قوى آسيوية كبرى.  ورغم التحديات التاريخية التي واجهت هذه العلاقات، فإن تنامي التفاهم بينها قد يفضي إلى إعادة رسم موازين القوى في آسيا والعالم. وأوضج الكاتب أن روسيا تشكل القلب النابض لهذا التحالف، إذ تسعى إلى تجاوز عزلتها الدولية والعقوبات الغربية المفروضة عليها جراء حرب أوكرانيا، من خلال بناء تحالفات مع قوى كبرى،  وتجد في الصين شريكاً استراتيجياً يوفر لها دعماً سياسياً واقتصادياً، إلى جانب التنسيق العسكري المتزايد.
تدرك الصين أن سقوط روسيا سيعني مواجهتها منفردة للهيمنة الغربية. لذلك فهي تدعم موسكو ضمن حدود لا تُلزمها بحرب مباشرة، مستفيدة من التكتل كوسيلة لتحييد خصومها، خصوصاً في جنوب شرق آسيا. 
ولا ترى الصين في روسيا حليفاً أيديولوجياً، بل شريكاً مؤقتاً في مشروع إعادة تشكيل النظام الدولي.
وقال الكاتب: رغم علاقاتها القوية مع واشنطن وطوكيو وكانبيرا، تواصل الهند تبني سياسة «الاستقلال الاستراتيجي»، متجنبة الانحياز الكامل لأي طرف. وقد أدى تفاهم حدودي نسبي مع الصين عام 2024 إلى تخفيف التوتر بين البلدين، دون إلغاء الحذر المتبادل.
وتنظر نيودلهي إلى التعاون مع بكين وموسكو كخطوة لتعظيم مصالحها دون الدخول في تحالفات ملزمة.
وأضاف الكاتب أنه رغم التوترات التاريخية بين الصين والهند، وغياب الثقة المتبادلة، إلا أن كلاً من الأطراف الثلاثة يرى في التحالف وسيلة لتعزيز مواقعه في مواجهة التحديات الدولية.
فالصين تسعى لتحييد الهند، والهند تبحث عن التوازن، وروسيا تحاول الخروج من عزلتها الغربية.
وأشار الكاتب إلى أن جذور فكرة «الترويكا» تعود إلى تسعينات القرن الماضي، حين اقترح يفغيني بريماكوف تشكيل محور يضم موسكو وبكين ونيودلهي.
واليوم، تعود هذه الرؤية إلى الواجهة بوصفها واقعاً جيوسياسياً، يسمح لروسيا بتعزيز موقعها كقوة آسيوية والتخلص من ضغوط الغرب.
حاولت الولايات المتحدة خلال العقد المنصرم تفكيك التقارب الروسي–الصيني، معوّلة على تقوية تحالفها مع الهند. إلا أن السياسات الأمريكية الصدامية مع بكين وموسكو، والتذبذب في علاقاتها مع نيودلهي، أدّت إلى نتائج عكسية، وساهمت في تقوية المحور الثلاثي بدلاً من تقويضه.
واختتم الكاتب مقاله بالقول: أصبح تحالف الترويكا حقيقة قائمة، وليس مجرد طرح نظري، وقد يشكّل أبرز تحول استراتيجي في موازين القوى خلال هذا العقد، وإذا لم تُراجع واشنطن استراتيجيتها في آسيا، فقد تجد نفسها خارج الترتيبات الجديدة التي تُعاد صياغتها بهدوء.