بطرح «قضية عدم الشرعية»:

سباق الإليزيه: المعارضة تقرّ ضمنًا بانتصار ماكرون...!

سباق الإليزيه: المعارضة تقرّ ضمنًا بانتصار ماكرون...!

-- لم تحدث أبدًا قبل الجولة الأولى مناظرة مع مستأجر الإليزيه المنتهية ولايته والمرشح لإعادة انتخابه
-- التفسير أو الذريعة المقدمة هو رفض الرئيس الفرنسي إجراء مناظرات مع منافسيه
-- الغرض الرئيسي من الدعوة هو تحويل النقاش إلى عرض متلفز
-- لتصريح رئيس مجلس الشيوخ أبعـاد تتجـاوز شــخص ماكرون
-- ليست خدمة رائعة تقدم لمرشحة اليمين، فاليري بيكريس، وليست ومضة سياسية من الدرجة الأولى


    قام الرئيس الجمهوري لمجلس الشيوخ الفرنسي، جيرار لاريشر، بتحديث الجدل الذي بدأ عام 2017. ولكن في تلك السنة، كان قد انطلق بعد الجولة الثانية.    «إذا لم تكن هناك حملة، فسوف تبرز مسألة شرعية الفائز. دولتنا المنقسمة والمثقلة بالديون والمتعددة المشاكل، تحتاج إلى هذا النقاش”. كانت هذه كلمات رئيس الجمهوريين في مجلس الشيوخ في مقابلة مع لوفيغارو في 14 مارس.
   وتابع جيرار لاريشر قائلا: إن “رئيس الجمهورية يريد إعادة انتخابه دون أن يكون مرشحًا حقيقيًا، ودون حملة انتخابية، ودون نقاش ومواجهة بين الأفكار، كل المرشحين يتجادلون باستثنائه... إنها مفارقة! «
    وهكذا، في بضع جمل، وبينما كانت حرب أوكرانيا هي المهيمنة على الأخبار العالمية، ألقى الرجل الثاني في الدولة (في حال شغور منصب رئاسة الجمهورية حسب المادة 7 من الدستور) أو الثالث (بترتيب البروتوكول، بموجب المرسوم رقم 89-655 المؤرخ 13 سبتمبر 1989) ألقى بظلال من الارباك، إن لم يكن من الشك، في شرعية المستأجر المستقبلي للإليزيه.
ويُظهر الجزء الثاني من بيانه أنه كان يستهدف أساسا شخصية: إيمانويل ماكرون، الرئيس المنتهية ولايته ولا يزال في منصبه، والمرشح لإعادة انتخابه.

«المحاكمة” سبق أن
 أقيمت بعد رئاسية 2017
   «محاكمة عدم شرعية” ماكرون، سبق إطلاقها عام 2017.
يسار اليسار، حركة فرنسا المتمردة بزعامة جان لوك ميلينشون وأنصارها الإعلاميون، تحركوا حينها.
 وقد انتظروا الجولة الثانية لطرح التحقيق في المحاكمة المذكورة. كان العنصر الأساسي هو مقارنة النتيجة التي حصل عليها الفائز في الاستشارة في الدورتين... مقارنة بالسكان المسجلين في القوائم الانتخابية، وليس، كما كان الحال دائمًا، مقارنة بعدد الأصوات المدلى بها.
    جرت المرحلة الأولى من العملية بين جولتي الانتخابات الرئاسية.
 احتلّ المركز الرابع في الجولة الأولى بفارق 618،540 صوتًا عن مارين لوبان، التي جاءت الثانية خلف إيمانويل ماكرون، تبنّى جان لوك ميلينشون، الذي “آمن بشدة بخوضه الجولة الثانية”، بحسب أحد مؤيديه السابقين، تبنّى موقفًا ملتبسا: انه يرفض إعطاء تعليمات للتصويت، كما قال، حفاظًا على “وحدة” المتمردين.

 لذلك فهو لا يدعو للتصويت لماكرون، ويؤكد أنه لن يصوّت لوبان.
   كان واضحا أنّ زعيم حزب فرنسا المتمردة يقترح على مؤيديه الامتناع عن التصويت أو التصويت الابيض أو الملغى. الهدف من المناورة، هو ضمان حصول ماكرون، الذي لا يشك في فوزه، على أقل درجة ممكنة ضد اليمين المتطرف.
منطق يتعارض تمامًا مع ذلك الذي طوره عام 2002 من خلال الدعوة إلى التصويت لجاك شيراك ضد لوبان الاب من أجل السماح لممثل اليمين بالحصول على أعلى درجة ممكنــــــة ضــــــــد اليمين المتطرف... زمن آخر، أخلاق أخرى!

لم يتم إجراء مناظرة عامة قبل الجولة الأولى
   بعد الانتخابات الرئاسية لعام 2017، سيكون الموضوع الرئيسي لهؤلاء المعارضين اليساريين هو شرعية رئيس الجمهورية الجديد المشكوك فيها، أو حتى عدم شرعيته بالكاد أكثر من 18 بالمائـة من الأصوات في الجولة الأولى مقارنــــــة بالمسـجلين، و43 فاصل 6 بالمائة “فقط” في الثانية.
 وسيدور هذا الأنتيفون بلا انقطاع عدة أشهر.
   وها ان ذات المعزوفة تعود عام 2022 في نهاية ولاية ماكرون الرئاسية.
 لكن هذه المرة، حتى قبل الجولة الأولى.

التفسير أو الذريعة المطروحة، هو رفض رئيس الدولة تنظيم مناظرات مباشرة مع منافسيه وخصومه، فرادى أو مع جميع المترشحين في السباق.
بالنسبة لهذا الموسم الجديد من مسلسل “الشرعية عندما تمسكنا”، المروجون في الغالب على اليمين بدعم قوي من رئيس مجلس الشيوخ، وهذا ليس هيّنا.
   مشروع أن يستنكر المعارضون امتناع المرشح-الرئيس، متناسين بالمناســـــبة أن مثـــــــل هذا النوع من المناظرات، فردية أو جماعية، لم تحدث قط قبل الجولة الأولى مع ساكن الإليزيه المنتهية ولايته والمرشح لإعادة انتخابه منذ بدايات الجمهورية الخامسة.
 لا مع الجنرال ديغول (1965) ولا مع فاليري جيسكار ديستان (1981) ولا مع فرانسوا ميتران (1988) ولا مع جاك شيراك (2002) ولا مع نيكولا ساركوزي (2012). ودافع ماكرون خلال رحلته الأولى في حملته الانتخابية في 7 مارس: “لا أفهم لماذا عليّ أن أفعل بشكل مختلف».

مباراة “مشروع ضدّ مشروع” تسبق الجولة الثانية
   أكثر من ذلك، رفض شيراك حتى خوض المناظرة بين الجولتين مع خصمه اليميني المتطرف، لوبان الأب، بعد زلزال 21 أبريل 2002.
وهذا من شأنه أن يُظهر أن المجتمع السياسي الفرنسي قد تغير بشكل عميق، بما انه عام 2017 جرت مناظرة بين ماكرون ولوبان قبل الجولة الثانية. عام 2012، أوضح ساركوزي رفضه للمناظرة قبل الجولة الأولى، مستخدمًا استعارة رياضية:
 “لا يمكن المشاركة في النهائي وانت لم تفز بالدور نصف النهائي، فهذه هي القاعدة في الرياضة!»
   ويؤكد المدافعون عن هذا النوع من المواجهة قبل فترة الإحماء، أنها ستكون لحظة ديمقراطية للغاية تسمح بمناقشة “مشروع ضد مشروع”.
ولكن اثبتت تجربة المبارزات المتلفزة التي تم تنظيمها في هذه الحملة الانتخابية، بين اثنين أو أكثر، أن الأمر ليس كذلك.
 لأنها تحوّلت، في أحسن الأحوال، إلى مونولوجات، وفي أسوأ الأحوال، إلى معارك لفظية بعيدة كل البعد عن مستوى مناقشة بلد الوليد.
   وبصرف النظر عن حقيقة أن هذا النوع من الاجتماعات غالبًا ما يكون غير مسموع، فإن الغرض الرئيسي منه هو تحويل النقاش إلى عرض متلفز، يهدف أساسًا إلى الحصول على نسب مشاهدة، بدلاً من مسابقة سياسية جيدة.
 وإذا كان الأمر يتعلق بإجراء مناظرة “مشروع ضدّ مشروع” (وليس “عملية التقييم” التي يقوم بها جميع معارضي المنتهية ولايته، يوميًا من خلال جميع قنوات الاتصال، وهذا أمر منطقي)، فان أفضل لحظة هي قبل الجولة الثانية عندما، فعلا، تكون المواجهة بين مشروعين سيخضعان لاختيار الناخبين.

اطلالة متهورة
 لرئيس مجلس الشيوخ
   فهل من المعقول حقًا، كما فعل لاريشر، أن تبدأ محاكمة عدم الشرعية قبـــــــل الجولـــــــة الأولى؟
في هـــــذا الصدد، نلاحظ أن ميلينشــــون أخذ إعلان رئيس مجلس الشيوخ بملاقط. “أنا أحترم جيرار لاريشر، أنه لا يتكلم ليقول لا شيء، أعلن المرشــــــــح المتمرد في صحيفة “لو باريزيان” يوم 19 مارس، لكنني أعتقد أنه ذهب بعيدًا بعض الشــــيء. في الديمقراطية، تأتي الشرعية من الانتخابات، أيّ شخص يتم انتخابه سيكون شرعيًا لأنه تم انتخابه”.
 من الواضح، في ذهن السناتور السابق عن الحزب الاشتراكي، أن شرعية المسؤول المنتخب ستكون لا جدال فيها إذا حدثت المباراة النهائية ... معه، وأنه سيخرج منتصرا. ان توقّعا متفائلا ليس عديم الفائدة ابدا!
   هذه المسافة الأخوية المفترضة لميلينشون، تسلّط الضوء على المجازفة المتهورة التي اتخذها لاريشر، الذي قبض عليه ماكرون بنفسه:
 “بكل صدق، أعلن المرشح الرئاسي أثناء تقديم برنامجه يوم 17 مارس، أن أي شخص يفترض أنه يحمل اقتراعًا عامًا وتأتي شرعيته من المسؤولين المنتخبين، يجب ألا يمزح بالتشكيك في شرعية أي منتخب كان، بما في ذلك من هم من الذين لا يحبّهم».
     في كل الاحوال، إن خروج رئيس مجلس الشيوخ يتجاوز مداه مجرد شخص ماكرون. لأن الأمر بمثل هذه المحاكمة، حتى قبل نتيجة الانتخابات، يلقي بريبة مسبقة على شرعية الفائز أو الفائزة في الانتخابات الرئاسية أيا كان أو أيا كانت. وهنا يكمن الخطر الأكبر على الديمقراطية.
   وإذا أضفنا أن هذه الاطلالة الســـناتورية كانت موجهة صراحةً ضد رئيس الدولة المنتهية ولايته، فإنها تؤكد ضمنيًا، وبالنتيجة، إعادة انتخابه.
 وهذه، لنعترف، ليست خدمة رائعة تقدم لمرشحة اليمين، فاليري بيكريس، وليست ومضة سياسية من الدرجة الأولى... هل حقاً كان ذلك حصيفاً؟